المشاريع المتعثرة ..قضية لا تحظى بالاهتمام الجاد والمساءلة الوطنية (2 - 2)
تحقيق / سلطان قطرانأمامنا قضية كبيرة وهامة تنعكس مضامينها على التنمية الشاملة في وطننا الغالي وهي توقف العمل في مشاريع تنموية وحيوية وتعثرها وضياع أموالها، وإدراجها سنوياً ضمن خطط استثمارية، ولكن دون جدوى...، فالاتهامات تنطلق هنا وهناك ، يتبادلها المختصون والمعنيون في الوزارة ذات العلاقة والسلطات المحلية والمقاولين ، ونحن بدورنا طرحنا هذه القضية للنقاش مع المختصين في وزارة الإشغال العامة والطرق على أمل بأن نجد أسباب هذه الثغرات المتراكمة ومعرفة المتسببين فيها والخروج بالحلول المناسبة والمعالجات لها ... وخرجنا في هذا التحقيق بالحصيلة التالية :[c1]ميزانيات واعتمادات متضاربة [/c]بينما أفاد الشيخ عبدربه العمري مدير عام شركة اليمن لإنشاء الطرق المحدودة بأن الخلل في تعثر المشاريع متمثل في وزارة الأشغال نفسها لأنها لم تبادر في تأهيل المقاولين ،والمفروض من الوزارة عندما تتعاقد مع مقاولين أن تتعاقد مع مقاولين عندهم استعداد لتنفيذ المشاريع في أوقاتها وبحسب الالتزامات الموقعة مع الوزارة وأشار العمري ألي أن الخلل في هذا التعثر مشترك من المقاول ومن الوزارة لان الوزارة لا تفي بالتزاماتها من حقوق ومستحقات للمقاول . وقال :” المقاول أحياناً يتعطل ويشتغل في المشروع وجاب مستخلص قيمته (200) مليون أو 300 مليون أو 50 مليون ، ونجد المستخلص متوقف في وزارة الإشغال لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنه بدون وجه حق.” ونوه بأن المناقصات تأخذ وقت ولا يبت فيها إلا وقد تضاعفت الأسعار وبدأ المقاول يعمل بخسارة، وما كسبه المقاول في السنة الماضية سوف يبيعه ويبيع معداته لكي يكمل وينجز المشروع.[c1]مسؤولية من؟[/c]أما المقاول محمد حسين الحديقي صاحب مؤسسة الحديقي للتجارة والمقاولات العامة فيشير إلى أن أسباب تعثر المشاريع هو التلاعب في أسعار مواد البناء والمواد المتعلقة بالطرقات والحديد والاسمنت وغيرها من المواد ، وكذا عدم التزام الجهات المعنية بصرف مستحقات المقاولين أولا بأول .مؤكداً أن أي مقاول لا يتمنى تأخير أي عمل أو أي مشروع لان المقاول هو المتضرر الأول وقال « أنه في حال توفر المستخلص المالي لأي مشروع ، وعدم ارتفاع أسعار المواد واستقرار السوق .وقال :»نحن مستعدين لتنفيذ أي مشروع أما الآن فنحن لا نحصل على المستخلصات إلا بعد تأخير كبير تستمر بعضها لأكثر من ستة أشهر ولدينا مستحقات من العام الماضي ولم تصرف إلى اليوم ، كما انه لعدم صرف مستحقات المقاولين فقد خسرت بعض الشركات للمقاولة وبعض المقاولين باعوا معداتهم نتيجة لارتفاع الأسعار التي لم تحدد إلى اليوم وأيضا لتسديد التزاماتهم الكثيرة ،ولدخول المقاولين في فوائد بنكية .وتابع قائلا» المقاولين قد يخسروا كل شيء بسبب الاحباطات والمعاملات ، ومع وجود المجالس المحلية أصبحنا نتعامل مع أكثر من مكتب وأكثر من جهة بينما في السابق كنا نتعامل مع مكتب واحد .وحمل الحديقي مسئولية ارتفاع الأسعار الدولة في عدم ضبط المتلاعبين بالأسعار قائلا» عندما نفتح المضار يف أحيانا تكون الأسعار المقدمة للمناقصة والمشروطة قد ارتفعت ، وما يرسى العطاء إلا وقد زادت الأسعار في الارتفاع نحو أكثر من 20% عن ماهو مقدم .[c1] المقاولون بدلاً عن الوزارة [/c]وأشار عبد القادر محمد سعيد قاسم من المجلس المحلي بمديرية المسراخ محافظة تعز – إلى أن أهم أسباب تعثر المشاريع هو عدم كفاءة المقاولين ، وعدم جدية عملية التنفيذ في المشاريع ،وحدوث تلاعب مالية وفنية ، ونتيجة لسلبيات سابقة ومتراكمة ، كالتوجيه بتكليفات لمقاولين لتنفيذ مشاريع محددة .موضحاً أنه يتقدم بعض المقاولين لأي مشروع وهم لا يملكون أجزاء بسيطة من المعدات لتنفيذ المشاريع إلى جانب لجوء المهندسين للمقاولين في نيل بعض الحقوق وأضاف بأن معظم المجالس المحلية شاركت في تعثر المشاريع أما بوجود محسوبيات ووساطات وغيرها من الأسباب التي أكدت أن كل واحد يريد أن يتزعم هذا المشروع أو ذاك ، وهنا تعود المسألة لمصالح شخصية. [c1]الوحدة الفنية [/c]ويؤكد على أحمد حسن العكش عضو المجلس المحلي بمحافظة ريمه أن سبب تعثر المشاريع في ريمه هو عدم وجود الوحدة الفنية لدراسة المشاريع وتنزيلها بصورة واقعية ،وعدم اختيار المقاول الجيد لتنفيذ المشروع ،وعدم المتابعة والإشراف بصورة مستمرة ، خاصة وأن ريمه تعاني من صعوبة الطرق والجبال وتساقط الصخور ، وعبر عن أمله في أن تصل الطريق الإسفلتية إلى عاصمة المحافظة وهذا المشروع متعثر له أربع سنوات ، إلى جانب إيجاد مساحات لبناء المدن السكنية المخططة والتي تترجم عملياً البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية [c1]كفاءة المقاولين [/c] وأكد المهندس حسين القلاضي مستشار وزارة الإشغال أن السبب في تعثر المشاريع يعود لتكليف المقاولين غير مؤهلين كما حدث في الفترات الماضية..، مشيراً إلى أنه يفترض أن ينزل المشروع عبر مناقصة ويتقدم لها مقاولين مؤهلين ولديهم إمكانيات فنية ولديهم القدرة على انجاز المشروع ، بينما في السابق كان يكلف المقاول لانجاز الأعمال والمشاريع المتعددة ولا يستطيع المقاول انجازها لتعددها وقله الإمكانيات المالية والفنية والمعدات موضحاً أن قيادة الوزارة قد قامت بحل هذه المشكلة ووضع المعالجات لها من خلال إعادة النظر في هذه المشاريع ومراجعتها وسحبها من المقاولين الذين تسببوا في تعثرها والعمل على اعادة إعلانها مرة أخرى وإعطائها المقاولين المؤهلين والمتخصصين من ذوي الخبرة والكفاءة .وعن الحلول لمعالجة المشاريع المتعثرة قال :»لابد من ضرورة إعطاء الصلاحيات للمحافظات والمجالس المحلية بحيث لا تظل الوزارة متمركزة على المشاريع ، وان تعطي المشاريع المحلية ومشاريع الطرق الداخلية للمحافظات ومكاتب الإشغال فيها ومكاتب المجالس المحلية ، وتمنح لهم الصلاحيات وفقاً للقانون ويكونوا بعد ذلك هم المسؤولين عن تعثر أي مشروع ، وفي نفس الوقت سيطبق البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح ويترك للوزارة المشاريع المركزية الكبيرة التي هي إستراتيجية والتي تربط بين المحافظات ومراكز المحافظات والمدن .[c1]رأي الوزارة[/c]ويؤكد المهندس عمر عبد الله الكرشمي - وزير الإشغال العامة والطرق أن الخلل في وجود مشاريع متعثرة هو ازدياد عدد المشاريع وعدم توفر المخصصات المالية ووجود مقاولين غير مصنفين ،وبذلك لا تتفق عدد تلك المشاريع من الخطط الاستثمارية المعتمدة والإمكانيات الغير المتاحة ، وهذا أسهم في تعثر المشاريع في بعض محافظات الجمهورية .وشدد على ضرورة قيام السلطات المحلية بدراسة تعثر المشاريع الواقعة في نطاقها الجغرافي عبر مكاتب الإشغال العامة ، واتخاذ القرارات التي تكفل تفعيلها ... مشيراً إلى أهمية خلق شراكة فاعلة مع السلطة المحلية للتخفيف من المركزية ،ومنح السلطة المحلية صلاحيات حقيقية ضمن الأطر السلمية والواضحة التي تخدم أغراض التنمية وتفعيل مضامين القوانين والنظم التي تخدم هذه الاتجاه .موضحاً أن وزارة الإشغال العامة قررت تفويض فروعها في المحافظات صلاحيات تنفيذ مشاريع الطرق الثانوية والشوارع الداخلية في نطاقها الجغرافي تحت إشراف المجالس المحلية ،و بذلك تكون الوزارة قد تخلت عن نسبة كبيرة من أعمالها المقررة لعام 2008م للوحدات الإدارية في المحافظات .وذكر الكرشمي أن الشراكة مع السلطات المحلية تؤدي إلى رفع مستوى الجودة وتوفير الموارد المالية والتخلص من مشاكل تعثر المشاريع ، وبالتالي فإن هذا التوجه يصب في تحقيق المصفوفة التنفيذية الواردة في البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح .وقال أن وزارة الإشغال والحكومة تولي مشاريع التنمية أهمية خاصة بما فيها المتعثرة وذلك من خلال رصد المخصصات الكبيرة في موازناتها وخططها التنموية باعتبار الطرق أساس التنمية والمرتكز الذي تقوم عليه خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية .وأشار وزير الإشغال العامة والطرق إلى أن الوزارة قد أنجزت خلال العام الماضي ما يقارب (1150) كيلومتر من الطرقات ، بالإضافة إلى (12) ألف كيلومتر من الطرق تحت الإنشاء ...، حيث أصبح لدينا شبكة طرق إسفلتية تزيد عن (12) ألفا و(700) كيلومتر.وموضحاً بأن الوزارة تطمح خلال العام الجاري 2008م تنفيذ وانجاز (1200) كيلومتر من الطرق وبالفعل تم مباشرة الإجراءات العملية للبدء بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الطريق الاستراتيجي ( عمران – عدن ) بطول (95 كيلومتر مربع والممتد من مدينة صنعاء إلى بيت الكوماني بتمويل من الصدوق السعودي للتنمية .وأضاف أن الوزارة بصدد تنفيذ مشروع ( باتيس - رصد – معربان ) بتمويل من دولة قطر ، وكذا استئناف العمل في طريق ( ذمار – الحسينية ) الممول من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبدء في الإجراءات العملية لتنفيذ مشروع طريق ( مأرب – البيضاء ) والجزء المتبقي من مشروع طريق ( نصاب – مودية) .منوهاً إلى أن الوزارة تطمح أيضا خلال العام الجاري الانتهاء من تنفيذ خط الربط الدولي لطريق ( المخأ – الحديدة ) ومشروع طريق ( التربة – طور الباحة ) ومشروع طريق ( عتق – شبوة القديمة – الخشعة ) ومشروع طريق ( الطفة – عوين ) والبدء بإعداد الدراسات والتصاميم اللازمة لإعادة تأهيل طريق ( صنعاء – الحديدة ) وإضافة إلى عدد من مشاريع الطرق الإستراتيجية والرئيسية والثانوية ،وخاصة مشاريع الإسكان .وعبر وزير الإشغال العامة والطرق عن أمله في أن يتم الإسراع في تشكيل المجلس الأعلى للطرق وبذل المزيد من الجهود لتوفير المخصصات الكافية من قبل وزارة المالية للتمكن من انجاز الأعمال المطلوبة ودعم الوزارة بذل الإشراف طبقاً للأنظمة والقوانين المتبعة .[c1]إجراءات حازمة [/c]ولأهمية هذه القضية نسرد أهم ما جاء في توصيات ورشة العمل المنعقدة حول خلق شراكة فاعلة مع السلطة المحلية للتخفيف من المركزية والتي نظمتها وزارة الإشغال العامة والطرق بمشاركة الوزارات المعنية وممثلين عن السلطات المحلية وذلك خلال الفترة ( 15 -16 مارس 2008م )، حيث أكد (200) مشارك على ضرورة العمل من اجل زيادة مخصصات مشاريع الطرق من الاعتماد الإضافي وحل المشكلات المالية في الموازنات الحالية والقادمة بما يتلاءم مع عدد وحجم هذه المشاريع ، مؤكدين على أهمية اعتماد خطة للسنوات ( 2008-2012م ) لتنفيذ أكبر حجم من المشاريع ورصد اعتماد المشاريع كاملة قبل إنزالها في المنقصات مع توفير الإعتمادات الكافية لأعمال الدراسات والتصاميم .وأكد المشاركين أيضا على أهمية تكامل العلاقة بين مكاتب الإشغال والسلطة المحلية وفقاً للقوانين النافذة وربط الوحدات الإشرافية بمكاتب الإشغال وتحت إشراف السلطة المحلية ، مؤكدين على ضرورة اعتماد الاجرءات اللازمة لضمان تفعيل المشاريع الجاري تنفيذها والمشاريع المتعثرة بما فيها قرار إعادة نتائج التحليل للمناقصات التي تم إنزالها ورفعها للوزارة للتعميد ، وشددوا على ضرورة قيام السلطات المحلية بدراسة أسباب تعثر المشاريع عبر مكاتب الإشغال والعمل على حلها .