الدكتورة شادية شقروش لعله من بين الغنائم التي يغتنمها المسافر هو التعرف على وجوه كريمة طيبة كوجه،د.شهاب غانمالتقينا في تونس أيام 30 و31 ماي.1.جوان2008 في لقاء الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب،وعلى هامش اللقاء أقيمت ندوة “منزلة الترجمة في الثقافة العربية،الواقع والرهانات”قدّم الشاعر الدكتور شهاب غانم مداخلة علمية موسومة ب:”تجربة شخصية في ترجمة الشعر من وإلى العربية”،تحدث في البداية عن مشهد الترجمة في الإمارات العربية ، فكانت ورقة مهمة جدا لما أثارته من اهتمام الباحثين التي تابعوا المحاضرة.كنا خلال الأيام التي قضيناها في تونس نستمتع بشعره،ولعله من محاسن الصدف أن يحس المرء ببيئة أندلسية ،خاصة عندما كنا رفقة ابراهيم درغوثي نائب رئيس اتحاد الكتب التونسيين وهدى العطاس ومحمد العولقي من اليمن ،فذهبنا إلى سيدي بوسعيد،ووسط تلك المناظر الخلابة،ونحن نحتسي الشاي التونسي بالبندق،أزداد المكان رونقا عندما وشحه د.شهاب بشعره الرائع،فلك أن تتصور امتزاج البحر والشعر واخضرار الطبيعة والبيوت الأندلسية العتيقة التي مازالت على حالها بل ازدادت جمالا بتلك الورود التي تطل على شرفاتها . لعل مفاجأتي كانت كبيرة عندما علمت أن الشاعر مهندس الكهرباء ودكتوراه في قانون الأعمال وخبير بالاقتصاد، الأمر الذي جعلني أتساءل كيف يجمع المرء بين فنون القول وعلوم الدنيا ،ولقد علمت أنه من بيئة الأدباء والشعراء.عندها فقط عرفت من خلال سماعه ومن خلال قراءتي لديوانه “هو الحب”،أن الشاعر لايملك فقط القدرة في مجال الفيزياء والهندسة الكهربائية ،بل هو خبير في هندسة اللغة الشعرية وفيزياء الصوت والتركيب والدلالة. يكتسب الشاعر شهاب غانم قدرات إدراكية عالية كالتي يمتلكها الصوفي فيتجاوز بذلك مستويات المعرفة الدنيا من حسية وعقلية إلى مستوى روحي متعالي ،هذا ما يترجمه في قصيدة “حلول” وقصيدة “فيض” والعديد من القصائد التي وشحها بالمصطلحات الصوفية التي أحسب أنها خرجت من جوفه بالسليقة والفطرة ليعبّر عن معاني الحب السامي الذي ينزاح عن المعاني الجسدية الحسية وهذا ما يترجمه في قصيدة “معاني الهوى عندي”بقوله:وما كان عندي زائل الشكل مأربــا [c1] *** [/c] ولا استحوذ المحسوس يوما على حسيفما الشكل إلا هيكل الطين ينتهي[c1] *** [/c] على حسنه الخلاّب في طينه الـــرمس.(.........)معاني الهـوى عندي سمــو ورقـة [c1] *** [/c] وصبر على ما خط للمـرء في الطـرس(...)وما الحب إلا البل بالنفس عن رضى[c1] *** [/c] وتضحية عند المكاره والوهسوإنني في هذا المقام تذكرت قصيدة البحتري:صنت نفسي عمـــا يدنّس نفسـي[c1] *** [/c] وترفعت عن جــدا كـــل جبس ولعله من المعاني الصوفية ظاهرة “الحلول”:التي يعبر عنها الشاعر بقوله:[c1]منذ أن أصبحت جزءا من حياتي أصبح الجزء هو الكل......... فقد أصبحت ذاتي لا تخالي أنني أهذي بإحدى شطحاتي[/c] (قصيدة حلول ص61).استطاع الشاعر في ديوان “هو الحب “ أن يمزج بين بردة القصيدة الخليلية وبردة الشعر الحر ،مما ينم عن اقتدار فينظم القريض شعر شهاب غانم يحتاج إلى تأمل كي يقف القارئ على كل تفاصيل قصائده ،لأنها ممتلئة بالمعاني الفياضة شكلا ومضموناهذه كلمة قصيرة أقولها في أحد فرسان الشعر الإماراتي وسوف نوفّيه حقه من القراءة لاحقا إن شاء الله.[c1]* معهد الآداب واللغات ،قسم الأدب واللغة العربية،جامعة العربي التبّسي ، مدينة تبسه ،الجزائر.[/c]