ميسون عدنان الصادقالمتاحف من الاماكن التي لانزورها كثيرا ففي مصر متحف للجيولوجيا ومتحف للعادات والتقاليد يسمى المتحف الاثنوغرافي ومتحف لعربات السكة الحديد ومتحف لطوابع البريد ومتحف لمجوهرات العائلة المالكة المصرية التي كانت تحكم مصر قبل قيام ثورة يوليو 1952م.كل هذه المتاحف نزورها بالصدفة رغم ما تحويه من تواريخ تعيننا على فهم حياتنا الحاضرة والفهم سلاح ماض من اسلحة خوض غمار الحياة اليومية.والمتحف الجيولوجي احتفل العام الماضي بمرور مائة عام على انشائه في مصر كواحد من ادارات هيئة المساحة الجيولوجية التي تأسست بمصر عام 1896م بغرض دراسة انواع الصخور والتربة والرواسب المعدنية مما له قيمة اقتصادية بالاراضي المصرية.فتح المتحف الجيولوجي ابوابه للجمهور في مبناه الاصلي بميدان التحرير عام 1904م ثم انتقل الى مبناه الجديد على نيل المعادي وافتتح عام 1982م.ومنذ عرف الانسان الاول انه يستطيع بيديه ان يصنع ادوات تعينه على الحياة بدأ تاريخا طويلا مع الصناعة بل مع الحضارة وتطورت ادواته البدائية مثل النصل الحجري الذي يصيب بها فريسته كي يوفر طعامه الى الرمح المعدني وتطورت اواني طعامه من قشرة خارجية لثمرة خشبية يفرغها من لبها ليأكل فيها او ليشرب الى آنية حجرية فخارية يشكلها من الطين ثم آنية من معدن كالنحاس ثم البرونز ثم الحديد.ومن المعروف ان بامكان مكونات القشرة الارضية ان تتحول من صحراء او حجر او رمال الى ادوات كانت بداية علم الجيولوجيا فعن طريقه اكتشف الانسان اماكن تجمع خامات المعادن كالنحاس والحديد والذهب ثم اماكن تجمع خامات الطاقة كالفحم الحجري ثم البترول عن طريقه ايضا عرف الخواص الطبيعية للصخور المختلفة من حيث النعومة والصلابة وامكانات التشكيل والتقطيع.
كيف لاتلاحظ مثلا ان مواد البناء كلها من مكونات القشرة الارضية وان صخور الزينة التي تستخدم في تكسية الحوائط والارضيات مثل الجرانيت والرخام هي من الارض والزجاج الذي منه اواني الطعام واواني التحاليل في المعامل الطبية والعلمية ومنه النوافذ والحوائط العازلة ومنه اقراص المكاتب والموائد وشاشات التلفزيونات والحواسب الآلية ومنه لمبات الكهرباء وعدسات النظارات الطبية والشمسية واغطية الساعات وغيرها مما يضيق عنه الحصر فكيف لانلاحظ ان الزجاج الذي لاتكاد تخلو منه اداة من ادوات حياتنا اليومية مصنوع من الرمال وبعض المعادن التي تخدم صناعته كالرصاص والبكريت.والمتحف الجيولوجي بالقاهرة احتفل العام الماضي على مرور مائة عام على انشائه وافتتاحه للجمهور وقد فضل القائمون على انشاء المتحف ألا يكون مجرد قاعات مقفلة فبدأوا عرضهم لمحتوياته من الحديقة التي تضم عينات من الصخور والمعادن والحفريات اضافة لادوات صنعها الانسان الاول من العصر الحدري مثل المطاحن والرحى.يضم المتحف الجيولوجي عددا من صالات العرض التي يمكن اجمالها في صالات عرض المعادن والصخور وصالة عرض الحفريات الفقارية وصالة عرض الحفريات اللافقارية ثم المعامل والمكتبة.ويبدا تجوال الزائر بصالة المعادن التي تزخر بعينات من المعادن والخامات والمقصود بالخامات تلك المعادن التي يمكن ان نستخلص منها قدرا واحدا واكثر وهي ذات نفع اقتصادي عال اذ من بينها خامات الفلزات الثمينة مثل الذهب والفضة وخامات الفلزات غير الحديدية مثل النحاس والرصاص وخامات الفلزات النادرة مثل خامات الزئبق والزرنيخ وهناك ايضا الخامات اللافلزية مثل خامات الوقود كالفحم وخامات الصناعة كالاسبستوس المستخدم في صناعة منتجات التجميل وخامات الخزف المستخدمة في صناعة السيراميك وخامات مواد البناء مثل الحجر الجيري والحصى والجبس وخامات معادن الزينة والمأخوذ منها العقيق والزمرد وخامات التسميد الزراعي مثل الفوسفات والكبريت.
ويلمح الزائر في نوافذ العرض بهذه الصالة معروضات الذهب سيد مملكة المعادن كما يطلقون عليه الذي عرفه المصريون منذ القدم وكثر استخدامه في الاثاث الملكي الذي يعد اثاث الملك توت عنخ امون أشهر صورة عند المصريين القدماء.ومن الصخور المعروضة في هذه الصالة الصخور ذات الشهرة الجغرافية كالتي تنتسب الى الاراضي المقدسة بالحجارة والصخور السماوية التي نعرفها باسم النيازك.والنيازك قطع صخرية سقطت من السماء على سطح الارض باحجام مختلفة وتعد اهمية الاحتفاظ بها تالية لاهمية جمعها ودراستها اذ تمثل مصدرا مهماً للعلماء عن تاريخ المجموعة الشمسية والاحداث المهمة التي مرت بها ومن اهم النيازك المصرية نيزك (النخليت) الذي سقط بالقرب من قرية النخلة البحرية بمحافظة البحيرة عام 1911م ونيزك (أسنا) الذي اكتشف عام 1950م جنوب اسوان ونيازك منطقة بحر الرمال الاعظم المكتشفة عام 1991م وعام 1994م ولعل اغرب ماتحتويه هذه الصالة حفرية حيوان (ارسيتوتيرم) وهو حيوان منقرض اكتشف بمنطقة الفيوم بمصر في رواسب العصر الاليجوسيني (25 – 35 مليون سنة).اما صالة الحفريات اللافقارية فتضم حفريات ونماذج كائنات وحيدة الخيلة مثل (الينموليت) او قروش الملائكة وهي بالفعل قروش صخرية مدورة لايزيد قطرها على (1سم) ثم الجوفمعويات والجلد شوكيات والقشريات ولايفوتنا هنا ان نشير الى الاشجار المتحجرة وآثار الاوراق النباتية على الصخور التي تعد حفريات في حد ذاتها.وينتهي الزوار بمكتبة المتحف تضم مراجع ودوريات عن جيولوجيا مصر والعالم وبعض مراجعها تصل اعماره الى مائتي عام مثل الموسوعة البريطانية وكتاب وصف مصر أبان الحملة الفرنسية ومثل مجلة المساحة الجيولوجية الهندية لعام 1861م ومجلة المعهد البلجيكي لعام 1900م.