طقوس الأعياد في الأرياف .. نكهة خاصة تمزجها الفرحة والعادات والتقاليد الشعبية
صنعاء / سبأ :تتميز الأعياد في المناطق الريفية بنكهة خاصة تشكل العادات الغنائية والأدب الشعبي المسمى « التعاويد « والزوامل الشعبية تقليداً شائعاً اعتاد عليه المجتمع اليمني منذ مئات السنين، يصنع البهجة، وينعش مواسم الأعياد.تختلف الطقوس العيدية من منطقة الى أخرى حسب التقاليد المعتادة لكل منطقة وتمتزج ما بين الزيارات وإقامة الولائم والرحلات الترفيهية الى القلاع الأثرية ذات الطابع الفني والمعماري القديم، اضافة الى جلسات السمر الليلية التي تحييها فرق فنية أو إنشادية.ورغم إنحسار عادات وتقاليد العيد القديمة في مناطق مختلفة، ما تزال حاضرة في مناطق أخرى. بل إن مشهد صنعاء الخالي من الناس أثناء العيد قبل عشرين عاما لم يعد كذلك، فقد اعتاد الكثير على طقوس عيدية حسب الظروف المعيشية.الحاج محمد علي عيسى من ابناء مديرية كوكبان يقول « الأرياف ما تزال تحتفظ بخصوصيتها في العادات والتقاليد المتنوعة، وقلما نجدها في امانة العاصمة، لكن الملاحظ أن كثيراً من الناس باتوا يقضون اجازات العيد في المدن وليس في القرى».وبين أنه مع كبر سنه لا يعول كثيرا على زيارة البلاد في الأعياد لاحياء عاداتها الشعبية مع الآخرين لكنه يقضي اوقاته مع اسرته بصنعاء وله اكثر من 30 عاما لا يزورها الا لرؤية اقاربه في العيد او العزاء او مناسبة زواج كما يقول.ويضيف الحاج محمد « أن ظروفنا المعيشية اليوم تختلف عن الماضي وخروجي الى الريف مع اسرتي لقضاء اجازة العيد بحاجة الى تكاليف باهضة ولكن الجيل الجديد ربما يحن اكثر منا الى عادات الريف وتقاليدها « .ويرى استاذ علم النفس التربوي بجامعة الحديدة الدكتور احمد المعمري أن طبيعة الحياة الإنسانية ضرورة حتمية في مختلف المناحي ومنها بث الأفراح والسرور في نفوس الآخرين وانعدامه يعد نوع من المواد الداعية الى الموت. لافت الى التغيرات الحضارية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتي عكست نفسها على تغير العادات والتقاليد والقيم .ويقول المعمري « ان الهجرة الداخلية ادت الى نقل كثير من القيم والعادات الريفية الى المدن الحضرية وهذه جعلت من الحضر ريفا او نقلت التقاليد الريفية الى المدن فأصبحت المدن شبه ريفية أو اجزاء منها شبه ريفية « .ونوه بأن الناس ما يزالون يسافرون الى المناطق الريفية ما يسمى « الهجرة المعكوسة « في المناسبات وينتقلون اليها ليس لقضاء اوقات العيد فحسب ولكن لاسباب الأصول والجذور والعلاقات الاسرية والبعد الديني والفرائحي.وأضاف « لا تزال الأرياف تحتفظ بنكهتها الثقافية وما تزال عادات وتقاليد الطرب والأهازيج وفن مواسم الأعياد موجودة وان خف حدتها بشكل بسيط لكن تظل الأرياف تحتفظ بالمكانة التاريخية لعادات وتقاليد الأفراح والمواسم «.بدوره اعتبر الحاج صالح المرهبي زيارة الأهل والأقارب من أولويات نزوله للريف، وقال : الوقت الحالي تغيرت فيه كثير من الأشياء ولم تعد الفرحة موجودة كما كانت سابقا لدى المجتمع باستثناء قلة قليلة من الناس تحاول تضييع الوقت في مجالس السمر والقات .وقال « كنا سابقا نحتفل بالعيد لمدة عشرة ايام يأتي في اليوم الأول عقب صلاة العيد زيارة كافة الاسرة حتى المساء وتبدأ فعاليات العيد من اليوم الثاني حتى العاشر بإقامة الزيارات والرحلات الى مناطق مختلفة فضلا عن بدء فعالية «التعاويد» او الشعر الشعبي من اليوم الخامس وحتى العاشر من ايام العيد بين منطقة واخرى يمتدحون اشخاصا ويذمون آخرين في ابيات شعرية سلسلة الفهم «.وأضاف المرهبي « الحقيقة ان الفرحة لم تعد موجودة لدى كثير من الناس، وهذا يعود لاسباب اجتماعية واقتصادية وصعوبة قضاء اجازة العيد في الأرياف لعدم وجود المالي الكافي لذلك «.. الزميل الصحفي مصطفى نصر يقول « للاسف فإن العادات والتقاليد التي احتفظت بها الأرياف لفترة طويلة وعشناها صغارا بدأت بالتلاشي ، لاسيما الارلعاب النارية، وإشعال النار بالرماد على قمم الجبال والمنازل «.وأوضح أن ذلك التراجع في عادات مميزة كانت صانعة للفرحة لدى الناس ، يعزا إلى اسباب مختلفة، لعل أهمها الاسباب المعيشية، ودخول عادات جديدة إلى حياة الناس، صنعتها الفضائيات.وعبر عن اسفه أن تندثر عادات إجتماعية إيجابية بدعوى التمدن التحضر، داعيا إلى إحياء ما تبقى من عادات مجتمعية ذات طابع حضاري، يصنع الالفة والمحبة بين أفراد المجتمع.من جانبه يقول الزميل الصحفي محمد ثابت « أنه لا يعلم هل ما زال العيد يحتفظ بخصوصيته ونكهته في الأرياف ام جارت عليه صروف الزمان .. لافتا الى انه يعيش بصنعاء منذ اكثر من 20 عاما، وكانت آخر زيارة لبلاده عام 1984م.بدوره يؤكد الشاعر حسن الشرفي أن الأعياد في المدن والأرياف لها ثقافة وعادات وتقاليد تختلف من منطقة الى أخرى، وطقوس العيد في صنعاء تختلف عنها في مدينتي الشاهل والمحابشة بحجة.وقال : الأسر المقيمة في المدن يتجهون إلى المحافظات الساحلية لقضاء اجازة العيد « السياحة العيدية على عكس المقيمين في الأرياف لا يخرجون منها بل يمارسون الطقوس العيدية المعتادة عليها دائما .واكد الشاعر الشرفي ان العلاقات الاجتماعية بالأرياف بدأت تتلاشى شيئا فشيئا عند زيارة المتمدنين الى الأرياف باعتباره عائقا يمل الزائر أثناء قدومه الريف.. مؤكدا ان المناسبات العيدية والفرائحية لها نكهتها الخاصة ولكنها مؤقتة او قصيرة المدى .وقال « ان الأرياف لها طابعها الاجتماعي والثقافي في عيد الأضحى بدءا من ايام العشر والاستعدادات للأضحية والاجتماعات واللقاءات .. منوها بأن مثل هذه المناسبات لا تستدعي القول الشعري بفنيته المطلوبة والعالية ولكن العادة تجري في اكثر المدن لاقامة ما يسمى (( التعاويد )) لاشعار الناس بفرحة العيد . الشاب عبداللطيف مكرم « موظف» يشير الى ان الأعياد فرصة لزرع الفرحة بين الاسرة والأقارب والأصحاب واللقاء والتحدث معهم .. لافتا الى انه يقضي اجازة العيد دوما في الأرياف مع اهله واسرته ويلتقي بأصحابه وزملاءه يتذكرون الايام التي عاشوها سابقا والعادات والتقاليد التي مارسوها خلال مواسم الأعياد.ويقول « كنا نستعد لعيد الأضحى من آخر يوم في شهر ذي القعدة بجمع إطارات السيارات من مختلف الاحياء في المدينة حتى يتم اشعالها ليلة العشر مع اطلاق العاب نارية وتلك كانت خصوصية فريدة لمواسم العيد .. مشيرا الى ان تلك العادات الشعبية اختفت شيئا فشيئا بين الأطفال في المدن والأرياف ولم تعد تمارس الا نادرا .وتمنى مكرم ان تعود تلك اللحظات وتنتقل تلك العادات الى الأطفال الذين حرموا كثيرا ولم يكن لهم نصيب الا القليل منها خصوصا وان الأعياد فرصة لبث الفرحة في نفوسهم .