الفنان جان عبد الحميد :
د. زينب حزاملم يكن فنه مجرد تعبير عن ذاته الفنية بقدر ما كان يمثل مجتمعه اليمني فهو فنان بدأ انطلاقته الفنية بعد انتصار الثورة اليمنية ثورة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر والاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر وعاصر انتصارات الثورة اليمنية التي توجت بقيام الوحدة اليمنية حيث عبر عن فرحة وجدان شعبه بهذا الإنجاز الوطني العظيم.كان قدراً على حركة الفن اليمني الحديث منذ بداياتها في أوائل القرن الماضي أن تدور في فلك الثقافة الأوروبية بأشكال مختلفة، وقد وصل هذا الفن إلى اليمن وأزدهر بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، حيث استخدم الثوار اليمنيون فن التصوير الفوتوغرافي لتوثيق بطولات الشعب اليمني، وتم بناء صرح لهذا الفن الجميل بعد الاستقلال الوطني في عدن في الثلاثين من نوفمبر 1967م. حيث أولت الدولة اليمنية اهتماماً كبيراً لتطوير الثقافة الوطنية وتأسيس العديد من المرافق الثقافية والإعلامية.. وكان الفنان الفوتوغرافي جان علي عبد الحميد من المهتمين بهذا الفن التصويري، حيث انتقل إلى وزارة الثقافة والسياحة كمصور بحكم هوايته لهذا الفن الرائع وتحصل على دورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر في وزارة الإعلام في قسم التصوير الوثائقي بإشراف ذوي الكفاءة العالية مثل الأستاذ عبد القادر عرجي والأستاذ فيصل نعمي والأستاذ نجيب محمد سالم كما تلقى دورات تدريبية في فن التصوير والأرشفة.يتحدث الفنان الفوتوغرافي جان علي عبد الحميد عن مشواره الفني في ظل بناء المجتمع اليمني الحديث بعد الاستقلال الوطني وقيام الوحدة اليمنية قائلاً :“ بعد انتقالي من سلك التدريس، إلى وزارة الثقافة كمصور في قسم التصوير الفوتوغرافي، وفي 1980م أقمت المعرض الأول في المجال الثقافي والفني والذي شمل مختلف الألوان من المسرح والأغنية اليمنية والرقص الشعبي والفنون التشكيلية.ثم يواصل الفنان الفوتوغرافي جان قوله : في 1981م أقمت المعرض الثاني المتميز من مختلف الفنون في المهرجان الذي قدمته وزارة الثقافة والسياحة مثل مهرجان الرقص الشعبي، ومهرجان الأغنية اليمنية ومهرجان المسرح اليمني المتنوع “.
[c1]الانتماء إلى الواقع[/c]ويعتبر الفنان الفوتوغرافي جان عبد الحميد من رواد فن التصوير اليمني وقد حقق التوفيق قي معظم أعماله الفنية، حيث قدم العديد من الصور التاريخية لإنجازات الثورة اليمنية وإنجازات الوحدة اليمنية المباركة وحقق نوعاً من الامتزاج والتفاعل بينهما، وحرص على المحافظة على التراث اليمني الأصيل، وبالمد الوطني العارم في مناخ حركة التنوير، وعن أبرز تلك الأعمال الفنية يقول الفنان الفوتوغرافي جان علي عبد الحميد : انتقلت من المعرض الأول والثاني بطلب خاص إلى محافظة حضرموت برعاية إدارة الثقافة فرع حضرموت لمدة أسبوع حيث حصلت على تكريم المحافظة، فكان لي شرف كبير لمرافقة كل الوفود الثقافية والسياحية كمرافق إعلامي ثقافي في مجال الآثار والمتاحف والمدن التاريخية في مختلف المحافظات اليمنية. وفي عام 1982م تم توفير معمل يدوي بالألوان في ديوان الوزارة بإشراف الأستاذ حسين السيد والأستاذ علي حميد الشميري والخبير المصري عبد المنعم في جانب فرملة المحاليل ومزج الألوان وتصحيحها.ويواصل الفنان الفوتوغرافي جان عبد الحميد قوله : كان لي مساهمة بالتصوير مع صحيفة 14 أكتوبر في المجال الثقافي حتى تحولت رسمياً في عام 1985م إلى صحيفة 14 أكتوبر في المجال الصحفي المتنوع، حيث قمت بالكثير من التغطيات الخارجية والمحلية في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية إذا لم تكن كلها، والحمد لله.. وكان لي بصمة مشرفة في جانب مجاميع من الطلاب في معهد الإعلام في وزارة الثقافة وكذا صحيفة 14 أكتوبر. ثم عينت رئيس القسم الخاص بالتصوير الصحفي للصحيفة 14 أكتوبر في عام 1987م وحتى 1994م، وبقيت كمصور صحفي بجانب الزملاء المتميزين حتى يومنا هذا.[c1]الولاء للوطن[/c]لم يكن جان عبد الحميد مبدعاً تقنياً فحسب، فقد عمل في سلك التدريس مدرساً للغة العربية لسنة ثاني إعدادي في 76- 1978م وهو حاصل على المستوى ثانوية عامة القسم الأدبي.. وجان علي عبد الحميد من مواليد مدينة عدن عام 1954م وحبه الشديد لمدينة عدن جعله ينجز أعظم اللوحات الفوتوغرافية لبحارها وشواطئها بل أنه كان يقدم أعمالاً من ذات المجتمع اليمني ووجدان أمة عريقة، والأهم من ذلك أن الفنان جان علي عبد الحميد صاحب موقف وفكر، ما جعله يقدم صوراً فوتوغرافية للمنجزات الثقافية والفنية التي وقعت في مدينة عدن ومختلف محافظات الجمهورية اليمنية.وظل وقتاً طويلاً يعمل في الوطن اليمني ومازال حتى يومنا هذا يقدم كل ما هو رائع في مجال فن الفوتوغرافي في صحيفة 14 أكتوبر، إنه إنسان مركب من نقائض شتى، صادق مع نفسه، يحمل الولاء للوطن اليمني، ومن يقابله يجده بسيطاً متواضعاً مفعماً بحب الحياة والبهجة.. لذا جاءت أعمالاً رائعة الإنجاز، لقد عرفنا الفنان جان عبد الحميد من خلال عملنا المشترك في صحيفة 14 أكتوبر متميزاً بتفوقه في مجال عمله في التصوير الفوتوغرافي وامتلاكه أدواته الفنية وعالمه التعبيري، لموهبته المتميزة ووعيه المبكر وتجربته الحياتية، فقد كان بالقدر نفسه مديناً لأساتذة عملوا على تطوير تجربته في هذا الميدان الفني الرائع .ولا شك أن الفنان جان عبد الحميد من الرواد الأوائل الذين ساهموا في بناء صرح للفن الفوتوغرافي وتركوا بصماتهم الواضحة في حركة هذا الفن اليمني الحديث وساهموا من خلال عملهم الفني هذا بتقديم العديد من الصور الوثائقية التي تعبر عن إنجازات ثورتي 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر وأهم إنجازات الوحدة اليمنية منذ 22 مايو 1990م، ووضع أساس عميق لفن جديد وعميق الانتماء إلى أرض الواقع، ضارب جذوره في تراث الأمة، بينما يستوعب بنضج وانفتاح رؤى الحداثة في الفن العالمي الحديث.
والفنان الفوتوغرافي جان عبد الحميد فنان متحرر من سطوة جماليات فن الفوتوغرافية متسلح بالعلوم الفنية لهذا المجال الفني الجميل بسلاح الفطرة الشعبية، مما أضاف مبدعاً في هذا المجال الثقافي وساهم في تعميق الهوية اليمنية.. والفنان جان عبد الحميد في رأيي الشخصي من الفنانين الذين يستندوا إلى ظاهر التجربة بمدلولاتها الجمالية أكثر مما يتغلغل في أعماق تلك التجربة ليتقصى دوافعها وانعكاساتها النفسية، ذلك أن تجربته الذاتية شديدة الخصوصية والقلق بجوانبها الشخصية والاجتماعية، فقد قضى معظم شبابه متنقلاً بين التعليم والموهبة الفنية في مجال التصوير الفوتوغرافي وحبه الشديد للرحلات والاكتشافات كي يلتقط أجمل الصور الفوتوغرافية للطبيعة اليمنية والناس في الأحياء الشعبية لمدينة عدن وتصوير وتوثيق أهم إنجازات الثورة اليمنية.ويطيب لي التحدث مع الفنان الفوتوغرافي جان عبد الحميد في موضوع الفنون الشعبية والآثار والفنون التشكيلية التي شغلت بال هذا الفنان منذ عشرين عاماً. وكان همه أن يكشف عن الجذور الحضارية اليمنية أولاً وذلك بالتصوير والتوثيق للقطع الأثرية في المتاحف اليمنية وخاصة في مدينة عدن وتوثيقها، وكذلك تصوير الرقصات الشعبية في المهرجانات الرسمية، والأزياء الشعبية ثانياً.فلقد تبين له أن الحديث عن الفنون الشعبية والحضارة اليمنية يبدأ بالحديث عن الثقافة والتاريخ, وفي حديثي هذا أراني ابتعدت عن الهم الأساسي الذي شغل هذا الفنان الفوتوغرافي وهو هم الإبداع، والحق يقال أن هذا الفنان استطاع تطوير فن التصوير الفوتوغرافي وتوثيق الفنون الشعبية وإنجازات الثورة اليمنية في المجال الثقافي والاقتصادي، وأراد أن يصل ما انقطع من جسر بين الشعب اليمني الواحد الذي توطدت وحدته اليمنية في 22 مايو 1990م ولم يكن بوسعه إلا العمل الجاد والنزول الميداني إلى المواقع التاريخية ومواقع الإنجاز الاقتصادي وتصويرها وتوثيقها وتقدمه في معارض فنية حتى تكون شواهد فنية ويكشف عن طريق خوضه شخصياً غمار العمل الفني الإبداعي تصويراً وتوثيقاً.

قلعة صيرة (بعدسة جان عبدالحميد)

الصهاريج (بعدسة جان عبدالحميد)