من مسلسل ( الملك فاروق)
القاهرة/ 14أكتوبر/ غادة محمود: مسلسلات السير الذاتية للمشاهير أصبحت خطراً يتوجس منه البعض خيفة بعد أن أثارت هذه المسلسلات عدة أزمات خاصة في مسلسل السندريللا والعندليب ، فقد تعرض القائمون على هذين المسلسلين للمقاضاة من قبل ورثة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وهو ما ينذر بتوقف العديد من المشاريع الفنية الجيدة ، التي تتناول حياة بعض المشاهير وسيرتهم الذاتية ، والتي من أهمها مسلسل روز اليوسف وأسمهان وحسن البنا وإحسان عبد القدوس ومي زيادة وعبد الحليم محمود .. وهؤلاء أثروا الحياة الأدبية والدينية والفنية في مصر ، وتمثل سيرتهم الشخصية نموذجاً يحتذى للأجيال القادمة، وعرقلة مثل هذه الأعمال ليست في صالح الدراما او المشاهد ، فهل من حق ورثة الشخصيات العامة التكتم علي سير ذويهم أوا لتدخل بها أو مقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال .. هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال هذا التحقيقمن أهم الأعمال الفنية الموقوفة بسبب تدخلات الورثة فيلم الإمام حسن البنا، الذي كتبه السيناريست السوري وليد سيف مخرج صلاح الدين الأيوبي وملوك الطوائف ومن إنتاج سيف الإسلام حسن البنا ابن الإمام .ويقوم ببطولة الفيلم الصحفي الإخواني إبراهيم الدراوي بميزانية إنتاجية 24 مليون جنيه ، كذلك مسلسل بليغ حمدي ، الذي توقف بعد إنسحاب منتجه طارق صيام الخلاف ، الذي هددبوقف العمل ككل بين ممدوح عبد العليم والمخرج مجدي أحمد علي والسيناريست محمد رفاعي .كذلك مسلسل محمد فوزي الذي كتبه مصطفى جمعة ورشح لبطولته المطرب محمد عطية والإمام عبد الحليم محمود ، والذي انتهي المؤلف بهاء الدين إبراهيم من كتابة العمل لكنه في انتظار موافقة الأسرة .ومسلسل “ طلعت حرب “ مؤسس الاقتصاد المصري ، والذي ألفه الكاتب محفوظ عبد الرحمن ورشحت لإخراجه المخرجة إنعام محمد علي .كذلك مسلسل أسمهان ، الذي رشحت له الممثلة السورية سلاف فواخرجي من إنتاج سوري مصري وإخراج حاتم علي ، لكنه في إنتظار بطلة أخرى ستكون مطربة من أجل المصداقية .ومسلسل مي زيادة وروز اليوسف ، اللذان توقفا العمل بهما لحين الحصول علي موافقات قانونية من الورثة لضمان عدم توقف العمل.فقد تم عرض مسلسل «الملك فاروق » ، في رمضان الماضي من بطولة الممثل السوري تيم الحسن ووفاء عامر ومنة فضالي وتأليف د. لميس جابر وإخراج المخرج السوري حاتم علي ، والذي تقول مؤلفته .د . لميس جابر أن المسلسل يأتي كنوع من الاعتبار التاريخي لشخصية هذا الملك الذي توفى في سن 45 عاماً، وقد ظلمه التاريخ بتصويره كزير نساء ومدمن وسكير تارة وتارة يقدم وسط تعتيم متعمد لتاريخه الحقيقي ، وقد أوكل الورثة العمل ككل للرقابة لفرض رؤيتها من خلال باحث تاريخي بلاتدخل من الورثة في النص وهو ما قيمه الباحث د. يونان لبيب رزق بشكل حيادي ومنصف بعيداً عن تدخلات الورثة ولغط التاريخ عن هذا الملك [c1]ليسوا ملائكة[/c] ويقول الكاتب والمؤلف محفوظ عبد الرحمن صاحب مسلسل أم كلثوم وناصر 56 بعد ما حدث بمسلسلي العندليب والسندريللا مع كتاب السيناريو والمنتجين لأعماله للسير الذاتية الكثير من مواقفهم تجاه اتخاذ حياة المشاهير كمادة فنية فأعتراض الورثة حق مشروع لكن لا يحق لهم الوقوف على اتخاذ قرار من شأنه إيقاف المسلسل فالشخصيات العامة ملك للشعب مادامت لا علاقة لها بالحياة الشخصية وتتحرى الصدق في المكتوب عن هذه الشخصية مع وجود ضمان قانوني بالاتفاق مع الورثة حتي لا يعترضوا علي المسلسل أو العمل بعد عرضه ومادام العمل الفني يتناوله التاريخ بصدق بإيجابياته وسلبياته ، فما المانع ، لكن يبدو أن المقربين من الشخصيات العامة وذويهم يرخصون لرؤية هذه السلبيات مباشرة على الشاشات ولكن لا يوجد بدون سلبيات ، وإن خضع الكاتب لرغبات الورثة سيطبع الخيال الملائكي على الشخصية وهو ما يسقط الهدف الدرامي ويشوه صورته.فالمفروض في أعمال السير الذاتية تحري الصدق بدون فرض وصايا الورثة وشروطهم على العمل وبدون جنوح الكاتب لخياله ، مما يؤثر على تقديم الحقائق وواقع الشخصية بما يلائم التاريخ الموازي للشخصية وأحداثه وبالطبع يجب على الكاتب أن يتجنب الصبغة الملائكية للشخصيات العامة حتى لا تفقد الدراما مصداقيتها .[c1]هناك اختلاف [/c]ويضيف الكاتب أسامة أنور عكاشة أن الكتابة التاريخية تختلف عن الكتابة عن الشخصيات العامة والسير الذاتية فالشخصيات التاريخية والتي مر عليها أكثر من 100 عام ، فقد حكم عليها التاريخ وقيمها بما يكفي ، ليمنع أي تدخلات أخري من قبل الكتاب عليها مثل : شخصيات صلاح الدين الأيوبي ، والأئمة الأربعة وبعض الشخصيات الحديثة بسيرتها الذاتية ، فهي تخضع لمقاييس أخرى ، حيث أنها شخصية عامة ولها خصوصيتها ولها من عايشوها واستخدامها في الإسقاط على الواقع لن ينصفها .وبالتالي سيغضب ورثة هذه الشخصية من كاتبها وبهذا الشكل يسقط العمل الفني عن أهدافه ، ومن الأفضل للكاتب ألايتحدث عن الشخصية ذاتها لكن عن المرحلة التاريخية الخاصة بها ويستخدم الشخصية كعين تقرأ الأحداث وتسقط عليها من الواقع وهو ما يسمي بالاستخدام الدرامي للشخصيات العامة .وهناك يحق لأحد أن يعترض عليها ، فالتاريخ يحتمل وجهات النظروالتعليق عليه فأنا أراه من زاوية قد لا يراه منها آخرون لذا فالشخصية التاريخية ملك للتاريخ والبشر وليست حكراً على ورثتها ، وإن كان للورثة حق في التدخل فليكن مقروناً بالوثائق والمستندات التي تنفي أو تؤكد حدثاً وليس لمجرد التدخل الذي سيخل بالتأكيد بالبناء الدرامي للعمل ، فإذا أعتمد الكاتب علي وقائع غير حقيقية أو موثقة ، فهنا يجب الاعتراض ومساءلته وليس قبل ذلك[c1]سلاح ذو حدين[/c] أما المخرجة إنعام محمد علي مخرجة مسلسلات أم كلثوم وقاسم أمين ، فتري أن مسلسلات السير الذاتية سلاح ذو حدين فهي رأي مفروض من قبل صناع المسلسل على المشاهدين في شخصية عامة قد يتفق معها البعض، وقد يختلف لذا فنتحرى الدقة والصدق أهم أدوات صناعة مثل هذه الأعمال ولعل الأمن هو عدم فرض وصاية من المؤلف على الشخصية ، التي يكتبها ويترك الأمر كاملاً للتاريخ ، الذي يحكم على هذه الشخصية ويقيمها فمثلاً شخصية تاريخية عرفت بأمجادها وتاريخها النضالي ، مثل شخصيات صلاح الدين الأيوبي أو طلعت حرب أو الحكام أو الشخصيات الدينية ، فلا يصح التدخل بأمورها الشخصية والتركيز عليها عوضاً عن تاريخها العام، فالأمور الشخصية لهذه الشخصيات تحتمل الكثير من اللفظ من كتاب التاريخ سواء اتفقوا مع هذه الشخصية فصوروها كملاك أو العكس اختلفوا معها ، فقالوا عنها الافتراءات مثلما حدث مع شخصية هارون الرشيد مثلاً الذي ظلمه التاريخ وعرفه بالمزواج وزير النساء ووصفه المؤرخون بكونه من أعظم الفاتحين العرب وقائد عصرالنهضة الفكرية العربية ورائد علوم الترجمة إلخ ..لذا فالتاريخ يقول والورثة يقولون والكاتب أيضاً يقول ، ولكن الحكم الأول والأخير يكون لتحرى المراجع التاريخية الصحيحة الموثوق من مصادرها في الكتابة عن هذه الشخصيات مع عرض الملابسات التاريخية المحيطة بها ، والتأكد من مصادرها بالوثائق والحقائق قبل الشروع في الكتابة ، خصوصاً مع الشخصيات ذات البعد التاريخي والشخصي والتي لها مواقف قد أثرت في التاريخ.