في الذكرى السابعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر
القاهرة/14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية:سبعة أعوام مرت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر تم خلالها إعادة تشكيل موازين القوى ، و خرائط التحالفات ، وسطع خلالها نجم صقور البيت الأبيض و تضاءل إلى أن اختفي وجود الحمائم ، حيث استطاع فيها البيت الأبيض أن يثبت للعالم أن من عارض الولايات المتحدة سياسة إدارة بوش ، فمكانه على قائمة سوداء ، قائمة الإرهاب.لم يكن حدث الحادي عشر من سبتمبر حدثا محليا أو مقتصرا في تأثيره على الولايات المتحدة أو حتى تنظيم القاعدة و زعيمه أسامة بن لادن فحسب ، لكن تأثيرها تجاوز ذلك ليصبح حدثا معلوماً ، مثله مثل حادثة بيرل هاربر ، و حادثة الصواريخ الكوبية ، و إزالة سور برلين ، بل إن تداعيات و تأثيرات الحادي عشر من سبتمبر ما زلنا إلي الآن نذوق ويلاتها ، عبر احتلال أفغانستان ، و من ثم العراق ، و استمرار الحرب التي أطلقتها إدارة بوش ، علي ما يسمي بالإرهاب والأخطر من ذلك أن أحداث 11 سبتمبر الدامية تسببت في إعطاء صورة مشوهة للإسلام استغلتها أجهزة الدعاية والإعلام الصهيونية وغيرها من الأجهزة المعروفة بعدائها للإسلام والمسلمين لترسم وردة قاتمة تقدمها للرأي العام العالمي ليس عن المسلمين فحسب، ولكن عن دين الإسلام الحنيف البريء من الكثير مما يلصق به من تهم ودعايات مغرضة.ورغم المحاولات الكثيرة لتوصيل الصورة الحقيقية للإسلام إلى المواطن الغربي، فإن الدوائر الإعلامية والسياسية الصهيونية النافذة في الغرب استطاعت حتي الآن التغطية علي معظم هذه المحاولات وتمكنت من منح ظاهرة الإرهاب جنسية عربية وجوازاً إسلامياً.وهناك عوامل كثيرة ساهمت في نجاح الدعاية الغربية المغرضة في تشويه صورة الإسلام الحقيقية ومن هذه العوامل مثلاً تورط جماعات متطرفة تتخذ من الإسلام شعاراً لها وهو منها بريء لتقوم بأعمال قتل وتدمير لم تميز بين المواطن الكافر والمسلم وغير المسلم والطفل والشيخ والمرأة والمحارب، بحجة أن ذلك يخدم قضية الإسلام والمسلمين، ومن العوامل المؤثرة أيضاً ضعف الإعلام العربي الذي مازال يخاطب المواطن العربي والمسلم وكأن حل المشكلة يكمن في إقناعه بقضيته فيما ترك الساحة الغربية للإعلام الصهيوني يصول فيها ويجول ويرسم الصورة التي يشاءها عن العرب والمسلمين، كما أن سقوط الاتحاد السوفيتي وحاجة الغرب إلي عدو وهمي لضمان استمراره كتلة واحدة كان له أثر كبير في هذا.[c1]الإرهاب بدأ يهودياً[/c]ولكن العارفين بتاريخ الإرهاب الحديث يعرفون تماماً أن الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط بدأ يهودياً ضد الإنجليز الذين كانوا يحتلون فلسطين في الفترة التي تصاعدت حينها الهجرة اليهودية إلي أرض الميعاد، ومع أن الإنجليز كانوا ـ أصلاً ـ هم الذين وعدوا اليهود بمنحهم وطناً قومياً في فلسطين على لسان وزير خارجيتهم بلفور، وسهلوا هجرتهم من جميع أنحاء العالم وزودوهم بالمال والسلاح، إلا أن رغبة اليهود في أن يعجلوا برحيل الإنجليز عن فلسطين بعد أن قويت شوكتهم جعلتهم يمارسون أعمالاً إرهابية ليس ضد أهل الأرض الأصليين فحسب، ولكن ضد الإنجليز أنفسهم أيضاً، فنشطت جماعات إرهابية شهيرة في الأربعينات من القرن العشرين مثل عصابات شتيرن والأرجون الهاجانا وغيرها من العصابات اليهودية التي مارست أبشع أنواع القتل الجماعي ضد الفلسطينيين الآمنين، وكذلك ضد الإنجليز الذين كانت أشهر الحوادث الإرهابية ضدهم تفجير فندق الملك داود في القدس عام 1969الذي أدي إلى مقتل 100 من بينهم كبار المسئولين الإنجليز في القدس، ولم تتوقف أعمال الصهاينة الإرهابية بعد قيام إسرائيل بل زادت وتحولت إلي إرهاب الدولة الذي مازالت إسرائيل تمارسه حتي الآن ضد الفلسطينيين وغيرهم من العرب والمسلمين ، ولعل من الجدير بالذكر هنا أن بعض كبار مسئولي الكيان الصهيوني مثل رئيس الوزراء مناحيم بيفن ورئيس الوزراء إسحاق شامير كانوا علي رأس قائمة المطلوبين بتهم إرهابية علي لائحة الجيش البريطاني.ومن بين أهم الحركات المزراحي التي ترتكز معتقداتها علي فكرة “أرض الميعاد” في فلسطين وأن اليهود هم شعب الله المختار وقد تأسست هذه الجماعة أساساً في بولندا علي يد الحاخام كسفي هيرش لكن أبرز قادتها هو يعقوب رانيس الذي شارك هرتزل في تأسيس الدولة اليهودية.أما في بريطانيا فقد نشط الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي يسعي إلى استقلال أيرلندا الشمالية عن بريطانيا وإلي توحيد هذا الإقليم مع جمهورية أيرلندا وقد برز نجم الجيش الجمهوري الأيرلندي بعد أحداث الشغب الدامية بين الكاثوليك الموالين لفكرة الانفصاليين عن بريطانيا والبروتستانت الداعين إلى البقاء ضمن المملكة المتحدة عام 1969، وقد اضطرت بريطانيا إلى نشر قواتها المسلحة في شمال أيرلندا لوقف أعمال الشغب مما جعل الكاثوليك يرون في ذلك انحيازاً إلي البروتستانت.فبدأ الجيش الجمهوري الأيرالندي حرب عصابات ضد الجيش البريطاني، ومن أشهر أحداث العنف التي فاقمت من وتيرة الإرهاب هناك ما يعرف بيوم الأحد الدامي في 30 يناير 1927 ، حيث قتلت الشرطة والجيش البريطاني 31 كاثوليكيا أعزل مما جعل الجيش الجمهوري الأيرلندي يزيد من وتيرة هجماته الانتقامية، وتقول إحصائيات بريطانية رسمية : إن الجيش الجمهوري الأيرلندي قتل منذ الستينات حوالي 1800 شخص بينهم 650 مدنياً.ولم يقتصر الإرهاب الأوروبي علي إيطاليا وبريطانيا فقط، ففي أسبانيا تنشط حركة إيتا المسلحة حيث تدعو إلي إقامة دولة مستقلة في إقليم الباسك في أجزاء من شمال أسبانيا وجنوب غربي فرنسا، ومع أن الدستور الأسباني ضمن الحكم الذاتي لإقليم الباسك عام 8791 فإن أسبانيا تحارب بقوة محاولات إتيا للافصال والاستقلال التام، ويقطن إقليم الباسك حوالي 2 مليون نسمة ويتحدثون لغة خاصة بهم ، وبالإضافة إلي هذه العمليات تقوم إيتا بالكثير من عمليات الإغتيال لمسئولين محليين حتي صحفيين ومدنيين كما تقوم بأعمال تفجير مختلفة في أنحاء البلاد ذهب ضحيتها حتي الآن حوالي 800 شخص منذ الستينات.وأحياناً تتجاوز الأعمال الإرهابية أعمال التفجير والقتل التي تنفذها جماعات منظمة لتشمل أعمال التحريض وإثارة الفتنة التي يقوم بها أشخاص متنفذون في مواقع سياسية أو إعلامية تمكنهم من استغلال مواقعهم لبث روح العنصرية والكراهية، ففي الدانمارك مثلاً كان التحريض ضد المسلمين واضحاً في حديث قاله المذيع كاج ويلهلمسين من راديو هولجر عندما أكد أنه توجد هناك طريقتان فقط لرد الفعل إذا أردتهم أن توقفوا إرهاب التفجيرات إما أن تطردوا كل المسلمين من أوروبا الغربية حتي لا يتمكنوا من زراعة القنابل، أو تقوموا بالقضاء علي جميع المسلمين ومع أن الحكومة الدانماركية عاقبت الإذاعة بسحب ترخيص البرنامج لفترة مؤقتة فإن ويلهلمسين لجأ إلي الإنترنت ليبث من خلالها رسالة الإرهاب الإعلامي ضد مسلمي الدانمارك.وخارج أوروبا أيضاً هناك العديد من الحركات الإرهابية التي لا علاقة لها بالإسلام ولا بالمسلمين ففي الهند مثلاً تأسست جماعة ماركسية يسارية مسلحة في ولاية إندارا في 22 إبريل 1980 تحت اسم جماعة الحرب الشعبية وأسسها حينها كوندابالي سيذا رامايا وهو أحد أكثر القادة نفوذاً في تلك المنطقة وأحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.[c1]سلة واحدة[/c]من جهته أكد محللون سياسيون عرب أن إسرائيل استغلّت هجمات سبتمبر الإرهابية لمصلحتها المباشرة في وضع الفلسطينيين والعرب والمسلمين في سلّة واحدة تساند الإرهاب، ولذلك يتعين علي كل من يتحدّث عن مستقبل العلاقات العربية الأمريكية البحث عن كيفية تغيير تلك الصورة المشوهة التي رسمتها إسرائيل وأحدثت بها شرخا في تلك العلاقات مما جعل الصراع العربي الإسرائيلي في مرحلة اختبار عسير ، فإما أن يقدم العرب بعد وفاة الرئيس عرفات ما يتخطون به العذر الذي طرحته إسرائيل وتبنته الولايات المتحدة بتصوير الرئيس الراحل عرفات وكأنه العقبة في طريق تقدم عملية السلام ، وإما السماح لإسرائيل بتمرير أعذار أخري للمماطلة مثل ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني والتسويف المتلاحق لتحقيق هدف إسرائيل في استبعاد قيام الدولة الفلسطينية والاقتصار بدلا من ذلك علي حكم إداري لا يرقي إلي وضع الدولة المستقلة.في الوقت ذاته أكد المحلل السياسي د. محمد السيد سعيد أن المستفيد الأعظم من أحداث 11سبتمبر هو إسرائيل ، وكان شارون أول من أطلق كلمة الإرهاب الإسلامي واعتبره مسئولاً عن الحدث، ولقد حاول مع اللوبي الصهيوني في أمريكا ومع الأصولية المسيحية المتعصبة فيها، والتي تزيد صهيونية عن الصهاينة أنفسهم، تعميق هذه الفكرة في ذهن الإدارة الأمريكية، والتي لم تكن بحاجة إلى ذلك، لأنها كانت إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين، وهكذا أدخلت إسرائيل الانتفاضة وكل رجالاتها إضافة إلى المقاومة الإسلامية في لبنان في دائرة الإرهاب لتجعل من حربها ضد الانتفاضة في فلسطين وضد لبنان حرباً علي الإرهاب، بحيث تدخل أمريكا في هذه الحرب وتكون حرباً أمريكية ـ إسرائيلية، وفي هذا المجال استطاعت أن تجر أوروبا إلي بعض مواقع هذه الحرب عندما وضعت حماس والجهاد وبعض الفصائل الأخرى التي التحقت بهما مثل كتائب الأقصي والجبهة الشعبية وغيرها في دائرة الإرهاب، مما جعل الحرب الإسرائيلية ضد هذه المنظمات، التي هي الطليعة في المقاومة، تملك “الشرعية” لانخراطها في الحرب ضد الإرهاب في العالم، إلى درجة أننا لاحظنا بعض الدول العربية والإسلامية أصبحت بشكل أو بآخر تتحرك بهذا الاتجاه مع حفظ بعض ماء الوجه عندما تدير للقضية الفلسطينية صفحة وجه وتدير لأمريكا وجهاً آخر.وأضاف : هكذا أصبحت المسألة الفلسطينية مسألة تعيش في هذه الدوامة من الحرب ضد الإرهاب وانعكس ذلك على ما أرادته السياسة الإسرائيلية وخطط له بوش من إبعاد السلطة الفلسطينية عن المسئولية وعن الشرعية، والحديث عن الأمن الفلسطيني والإصلاحات الفلسطينية، بحيث أبعد القضايا الحقيقية وهي مسألة الاحتلال عن وضوح الرؤية، وقد حاولوا أن يستفيدوا من العمليات الاستشهادية باعتبار أنها عملية ضد المدنيين، وهذا ما يجعل الانتفاضة إرهابية في رأيهم دون أن يسمحوا لأحد حتي للأمم المتحدة أن تحقق في العدوان الإسرائيلي علي المدنيين، وهكذا أخذت إسرائيل عندما تقتل الأطفال والمدنيين تكتفي بالأسف على أنها وقعت خطأ، وأمريكا بدورها لا تحرك ساكناً ولا تتكلم عن إرهاب الدولة أو ما إلي ذلك.إن القضية الفلسطينية خسرت الكثير من التعاطف العالمي من جهة ومن قوتها الداخلية المحاطة بالتعاطف العربي والإسلامي من خلال الحرب ضد الإرهاب من جهة أخري أخذت تبتعد أكثر فأكثر عن دائرة الضوء مع إقحام القضية العراقية وانشغال العالم في تفاصيلها، دون الالتفات إلى كل المجازر التي تقوم بها إسرائيل يومياً من تدمير للبنية التحتية بضوء أخضر أمريكي .