الفنان محمد عبده زيدي
يحتشد بغموضات فرائحية ما.. بملكات إبداعية وأحلام شتى.. تبث فيه، وتبث منه ما يشبه الإلتياع الروحي المبارك يبزغ يجئ من غمار الحواري والأزقة (العدنية) يجمع كيانها ووجدانها الروحي النقي بحساسية روحية وحنين ما.. يحولهما إلى حالات توحد جياشة بالردود الدافئات.. واياهما/ يتحول الى حسبة عناء حالمة الحيثيات، يروح ويغدو بطقوسه، سلواه، عذاباته، وعذوبات عتاباته .. يرتق خفقاته ببداهات الحب وفروض الموسيقى.. يخامره خوف مخلص.. فيخلص لاختمارات تحولاته الحالمات.. واجابات التجديد في حركة الفن الغنائي اليمني!!قوللي حاجة.. بداية إعجاب الجماهير بصوته في أتون زمن الستينيات من القرن الماضي.. زمن الصراع والانعتاق الحثيث من ضغوطات شائنات.. زمن الانبهارات الشعبية العاطفية بالتحولات القومية الجارفة وعلى مختلف المستويات التي تربع فيها النموذج العربي المصري.. واثر تأثيراً مباشراً تجلى أكثر في مجال الإبداع الموسيقي الغنائي.في خضم تلكم اللحظة التاريخية العربية الحالمة أسس الفنان (الزيدي) علاقته البكر بجماهيره.. افتتحها بمجالات طيبة للمطرب المصري عبدالحليم حافظ.. حيث أدى أغنيته المعروفة والجميلة الشائعة (قوللي حاجة أي حاجة).منذ تلكم اللقاء ومنذ تلك المحاولة.. لفت واستحوذ الفنان محمد عبده زيدي على اعجاب وتعاطف جماهير عدة تزايدت أعدادها على مر زمن تجربته الإبداعية الغنائية.في ذلكم اللقاء الذي من الصعب تصوره من غير عوامل الرهبة والفرح.. وبمختلف تداعيات الطموح والاحتمال.. في ذلكم اللقاء كشف الفنان محمد عبده زيدي عن صوت غنائي رخيم جداً.. وعن مساحات صوتية تسمح له باستيعاب مفردات وشروط التعاطي مع معظم أزمنة وإيقاعات الموسيقى العربية.. وأشار إلى توفر إمكانيات نغمية تتسم بالبراح وتعدد النبرات الإيقاعية.لا استطيع تلفيق الأسباب لشرح عدم اعتماده منذ البدء على الحان غيره من الملحنين الافذاذ في تلكم الفترة.. ولكني أجد مبررات عميقة اتصورها ساندته في ولوجه إلى مقتضيات التلحين.ففضلاً عن مجاليات صوته ونجاحه في تأسيس علاقة حميمة مع جماهيره، وبالتالي استمرارية الاستحواذ على اعجابها.. الأمر الذي وفر له مبررات طيبة للثقة بإمكانياته الإبداعية.. إلا أن تاريخ تجربته الإبداعية الغنائية تشير إلى توفيقه في تعاطيه الفطري والحساس مع لوازم الموسيقى وشروط التلحين الغنائي .. مما وفر له الهوامش التأسيسية والضرورية لصياغة الحانه.ان استماعاً نقدياً لالحانه الأولى, وتحديداً أغنية (ايام تمر وتدور) يكشف عن حساسية وذائقة موسيقية رائعة.. ويكشف عن مكونات وإمكانيات إبداعية ثرية تميزت كما تدل تجربته الغنائية بالشفافية والنزوع المتنامي إلى حركة التجديد الموسيقي في الغناء اليمني.. خاصة وأنه قد برع في استيعاب التراث الغنائي العربي وخاصة المصري.. كما استوعب بايقاع ما التراث الغنائي اليمني.. حيث تعاطى مع انجازاتها العظيمة بروح حرصت على الاستفادة الإيجابية والتمثل الخلاق لضرورات التطور.. حيث وجد نفسه بدأها مع الجهود الإبداعية الغنائية التجديدية.في العام 1964م التقى الفنان الزيدي طرفه الإبداعي الآخر .. التقى الشاعر الغنائي مصطفى خضر.. ذلكم اللقاء شكل خروجاً إبداعياً رصيناً عن مألوف الزيدي الغنائي.. حيث تجلى في أغنية (أغلى حب) ذلكم اللحن/ الأغنية أرضت البدايات النضج الإبداعي عن نجاحه الرفيع في التعاطي مع مقومات الإبداع الغنائي التجديدي ورسخت قامته الموسيقية على نحو رائع ومدهش.ان تجربة الفنان العذب محمد عبده زيدي الإبداعية الغنائية تستحق جداً العناية النقدية الرصينة .. تستحق أن تقرأ وتناقش بصورة دقيقة وأمينة كما يستخلص منها دلالات التجديد والتطوير في سياقات الغناء اليمني.