في ظل مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة .. تونس تحتفل بالذكرى الـ(53) للاستقلال 2-2
عرض / رمزي الحزمي : احتفلت الجمهورية التونسية يوم 20 مارس 2009 بمرور ثلاثة وخمسين سنة على استقلالها، وهي ذكرى خالدة، ومناسبة وطنية مجيدة، تحييها بكامل النخوة والاعتزاز، ذكرى يوم تاريخي عظيم تخلصت فيه تونس من الاستعمار، واستعادت سيادتها، فكان ذلك اليوم تتويجا رائعا لكفاح شعبها الأبي من أجل الحرية والعزة والكرامة إن احتفالات الشعب التونسي بهذه الذكرى المجيدة، تأكيد متجدد لوفاء الأجيال المتلاحقة الدائم لدماء الشهداء وتضحيات المقاومين والمناضلين، وهو احتفال يستحضر فيه التونسيون مآثر الشعب وأمجاده الناصعة، معتزين بتاريخه النضالي وبذاكرته المجيدة، التي تنهل منها الأجيال الحاضرة معاني التعلق بتونس والولاء لها دون سواها.[c1]من مظاهر الإصلاح السياسي[/c]لقد ارتكز الإصلاح السياسي منذ تحول 7 نوفمبر 1987 على إعادة السيادة للشعب ورد الاعتبار للنظام الجمهوري. وتم في هذا الإطار إلغاء الرئاسة مدى الحياة والخلافة الآلية وصولا إلى التعديل الجوهري الأخير للدستور إضافة إلى الإصلاحات التي شملت بالخصوص المجلة الانتخابية وآخرها تعديل 4 أوت 2004 وتوسيع مجال الاستفتاء الذي يتيح لرئيس الجمهورية دعوة الشعب للتعبير عن إرادته في المسائل التي تهم المصلحة العليا للوطن. وقد بادر الرئيس بن علي ولأول مرة في تاريخ تونس بعرض الإصلاح الجوهري للدستور سنة 2002 على الاستفتاء. كما تعززت قيم الجمهورية بترسيخ مبادئ الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وقيم التضامن والتسامح والاعتدال والوسطية ونبذ كل أشكال العنف والتطرف. وتدعمت هذه القيم بإضفاء الصبغة الدستورية على المبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية بما جعل حقوق المرأة جزء أساسيا من حقوق الإنسان. ومثل ترسيخ دولة القانون أبرز خيارات “العهد الجديد” في تونس والمرتبطة أساسا بتكريس حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية وتجسيم الحكم الرشيد والتأكيد على أن جمهورية الغد تقوم على مبادئ دولة القانون وجعل الدستور ينسجم مع منظومة الإصلاح في فكر الرئيس بن علي. ويعكس الدستور التونسي بعد تعديله في غرة جوان 2002 ، بوضوح المبادئ التي يقوم عليها المشروع المجتمعي للتغيير وهي مبادئ دولة القانون التي ارتبطت منظومتها الفكرية بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية. كما يستجيب الدستور للتطور الهام الذي شهدته المنظومة الفكرية الدولية في هذا المجال، فمبادئ دولة القانون والمؤسسات ترتبط اليوم بمفاهيم حقوق الإنسان والشفافية والحكم الرشيد والتي تدعو إليها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية فضلا عن إرساء سلطة قضائية مستقلة. لقد اقترن ترسيخ دولة القانون باستكمال مؤسسات النظام الجمهوري التي كان من أبرزها تدعيم استقلال السلطة القضائية الذي كان في طليعة الإصلاحات السياسية وتجسم خاصة في إلغاء محكمة أمن الدولة وخطة الوكيل العام للجمهورية وكذلك من خلال إحداث مؤسسات جديدة تدعم دولة القانون ومن أبرزها المجلس الدستوري ومجلس المستشارين وخطة الموفق الإداري والهيئة العليا لحقوق الإنسان.وجاء إحداث المجلس الدستوري مكرسا لعلوية الدستور ومستجيبا لمتطلبات اكتمال الديمقراطية وسيادة الشعب. وكذلك الشأن بالنسبة لإحداث مجلس المستشارين الذي يهدف إلى ضمان تمثيل أوسع للجهات ولمختلف مكونات المجتمع ومن ضمنها الجالية التونسية المقيمة بالخارج وإلى إثراء الوظيفة التشريعية والحياة السياسية بصفة عامة.وتجلى الإصلاح السياسي بالخصوص من خلال تكريس التعددية في الهيئات المنتخبة حيث تحتل المعارضة حاليا 34 مقعدا داخل البرلمان و243 مقعدا داخل المجالس البلدية. كما تم أيضا إدخال أحكام استثنائية على الفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور بهدف تكريس تعددية الترشحات لرئاسة الجمهورية.وفي هذا الاتجاه تم العمل على تأهيل العمل غير الحكومي وتغيير النظرة إليه باعتباره ليس منافسا للسلطة وإنما مساعدا لها انطلاقا من القناعة بان الديمقراطية تقتضي إطلاق المبادرة في الفضاءات المدنية حتى تنشأ الجمعيات والنوادي وتخلق حركية فكرية واجتماعية تشارك فيها شرائح عديدة من المجتمع وتمارس من خلالها حقها في البناء الوطني. وبالفعل فقد تعددت الإجراءات المشجعة والداعمة التي تم إقرارها منذ التعديل الذي أدخل على قانون الجمعيات في 2 أوت 1992 حيث تم إلغاء شرط الحصول على التأشيرة القانونية لتكوين الجمعيات . وقد بلغ اليوم عدد الجمعيات 9000 جمعية، مقابل حوالي 2000 في سنة 1988. ويؤكد هذا النمو المتصاعد لعدد الجمعيات تنامي الوعي الفردي والجماعي بأهمية النسيج الجمعياتي في عملية التنمية الشاملة للبلاد. وعلى صعيد آخر، تعددت الإصلاحات في مجال تعزيز حقوق الإنسان باعتبارها من أبرز مقومات المشروع المجتمعي في الفكري الإصلاحي للرئيس بن علي وشهدت دفعا جديدا في “جمهورية الغد” التي جاءت لتجعل هذه الحقوق ركيزة أساسية من ركائزها ولتختزل بعمق الفلسفة التي تقوم عليها هذه الحقوق في العهد الجديد بما جعل الدستور التونسي في طليعة الدساتير الضامنة لها. فقد نصت الفقرة الأولى من الفصل الخامس من الدستور في تعديل غرة جوان 2002 على أنه : “تضمن الجمهورية التونسية الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها». وضمانا لهذه الحقوق فقد شملت الإصلاحات السياسية بالخصوص إحداث آليات جديدة تسهر على احترامها، من ذلك تعزيز صلاحيات السلطة القضائية في هذا المجال باعتبارها الضامنة لحقوق الأفراد وإحداث هيئة عليا لحقوق الإنسان بالإضافة إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وتدريسها والتعريف بمبادئها.[c1]رعاية رئاسية بالطفولة[/c]ولكي تعود الثقة إلى النفوس وتسترجع البلاد حيويتها، تولّى الرئيس زين العابدين بن علي تنقية المناخ الاجتماعي بإعادة الاعتبار إلى الاتحاد العام التونسي للشغل وإقامة الحوار بين الأطراف الاجتماعيين واعتبار العمل قيمة جوهرية إيمانا بأنه بدون خلق للثروات وبدون مجهود للإنتاج والإبداع لا يمكن أن تكون هناك لا عدالة اجتماعية ولا تقدّم.ومكّنت الإصلاحات الاقتصادية التي وضعت حيز التنفيذ من تحقيق نسق نمو بمعدل سنوي ب 5 بالمائة على مدى العقدين الماضيين. وتم بفضل إنجاز بنية تحتية عصرية وإرساء إطار تشريعي ملائم استقطاب المستثمرين. وكان للنجاح الاقتصادي الذي حققه الأنموذج التونسي صداه عبر العالم، ووصفه بعض الملاحظين بـ «المعجزة التونسية».وإيمانا بأهمية ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع، وضع الرئيس زين العابدين بن علي حيز التنفيذ تصورا شاملا لحقوق الإنسان موليا الاهتمام نفسه إلى كافة الحقوق السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية.وقد جاء الإصلاح الدستوري الجوهري لربيع 2002 لمزيد دعم هذه الحقوق من خلال تحجير أي شكل من أشكال النيل من ممارسة كل فرد للحقوق الأساسية التي يضمنها القانون وسهر الدولة على النهوض بالإنسان والحفاظ على كرامته.ومن بين تلك الحقوق حقوق الجيل الثاني والثالث والرابع المتمثلة في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية والحقوق المتصلة بالتكنولوجيات الجديدة للاتصال، وهي الحق في التربية (التعليم مجاني وإجباري لجميع الأطفال من 6 إلى 16 عاما)، الحق في الصحة (معدل مؤمل الحياة 74.2 سنة)، الحق في الشغل (إحداث الصندوق الوطني للتشغيل (، الحق في السكن (80 بالمائة من الأسر تملك مسكنها حسب التعداد العام للسكان والسكن)، الحق في الخدمات الاجتماعية (نسبة التغطية الاجتماعية بـ 90.4 بالمائة) ، الحق في الثقافة والحق في مستوى عيش لائق (دخل سنوي للفرد يبلغ 4.900 دينارا سنة 2008).وتم بفضل إصلاح التعليم بلوغ نسبة تمدرس تفوق 99 بالمائة وإشاعة قيم التفتح والتسامح وترسيخ عقلية المساواة بين الرجل والمرأة، هذه المساواة التي دعّمها الرئيس زين العابدين بن علي من خلال عديد الإجراءات الرائدة التي جاءت لتثري مضمون مجلة الأحوال الشخصية وترتقي بتلك المساواة إلى شراكة ناجحة بين الرجل والمرأة.ومن أبرز سمات شخصية الرئيس زين العابدين بن علي، مقاربته الإنسانية للواقع الاجتماعي وهو دائم الإصغاء إلى مشاغل الشعب. وقد كان الشعور المرهف بالتضامن مع المحتاجين والحرص على نبذ الإقصاء وفك العزلة عن مناطق الظل وتكافؤ الفرص، منطلقا للعمل الجبار الذي أنجزه في هذا المجال. وقد قرر الرئيس زين العابدين بن علي في ديسمبر 1992 إحداث صندوق التضامن الوطني.وأفضت الجهود المبذولة من أجل الرقي الاجتماعي إلى التقليص من نسبة الفقر إلى حدود 3.8 بالمائة والتوسيع في الطبقة الوسطى للمجتمع التونسي لتمثل قرابة 80 بالمائة من مجموع السكان.[c1]حقوق الإنسان في تونس[/c] نزّلت تونس، منذ تحوّل السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، حماية حقوق الإنسان والنهوض بها ضمن صدارة اهتماماتها. واتخذت، تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، سلسلة من المبادرات الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان، السياسية منها والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.[c1]1 - حماية الحقوق المدنية :[/c] أولت تونس عناية خاصة لحماية حقوق الإنسان المدنية، حيث أقرت جملة من الإصلاحات من أجل توفير الإطار القانوني لصيانتها وحمايتها.كما صادقت دون تحفّظ سنة 1988 على اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتم في سنة 1995 تعديل المجلة الجنائية بإضافة أحكام تتصل بتعريف جريمة التعذيب.وإضافة إلى ذلك، تمّ إلغاء الحكم بالأشغال الشاقة سنة 1989. وفي 1995، ألغيت الأحكام المتعلّقة بالتشغيل الإصلاحي والخدمة المدنية. وتمّ تعديل النظام القانوني للإيقاف التحفّظي والاحتفاظ عبر إصلاحات أدخلت على مجلّة الإجراءات الجزائية (1987 - 1993 - 1999 -2008)، إضافة إلى تعديلات أخرى أحيلت بمقتضاها اختصاصات وزير الداخلية في منح السراح الشرطي إلى وزير العدل (2001)، وكذلك إجراء يتعلق بزجر الاعتداءات على الأخلاق الحميدة (2004).وتوفّرت إمكانية الاستعاضة عن الحكم بالسجن بالخدمة لفائدة المصلحة العامة، وذلك من خلال تنقيحات وتعديلات أدخلت على المجلّة الجنائية سنة 1999 وإقرار عقوبة بديلة أخرى عن السجن تتمثل في التعويض الجزائي.وجاء قانون 14 ماي (أيار) 2001 متضمنا أحكاما جديدة تضمن حقوق المساجين وتحدّد واجباتهم، وفق المقاييس الدولية المتعلقة بمعاملة الموقوفين، بما يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ويؤهلهم للاندماج من جديد في المجتمع بعد قضاء العقوبة.كما اتخّذت مبادرة أخرى هامة تتمثّل في نقل الإشراف وإدارة المؤسسات السجنية من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل (جانفي ـ كانون الثاني ـ 2001) وإلحاق قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل (2002) وتعيين منسق عام لحقوق الإنسان بوزارة العدل (2004).ولأوّل مرّة في تاريخ التشريع التونسي تضمّن قانون أكتوبر (تشرين الأول) 2002، المتعلق بالتعويض للمساجين والمحكوم عليهم الذين تثبت فيما بعد براءتهم، إمكانية مطالبة الدولة بدفع تعويضات لكلّ من يُحكم عليه بالسجن ثم تُبَرِّئُ المحكمة لاحقا ساحته. كما تمّ إرساء خطة قاضي تنفيذ العقوبات بموجب قانون 31 جويلية (تموز) 2000 ليتولى مراقبة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية بالمؤسسات السجنية واقتراح تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي[c1]- الحق في الحرية والديمقراطية :[/c] إضافة إلى الإصلاحات المدعّمة لاستقلالية القضاء، مثل إلغاء محكمة أمن الدّولة وخطة الوكيل العام للجمهورية سنة 1987، تمّ إدخال إصلاحات دستورية وقانونية تهدف إلى النهوض بالحرّيات الأساسية.ومن بين هذه الإصلاحات نذكر القانون الدستوري المؤرخ في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 1997 الذي يحدّد دور الأحزاب السياسيّة في الحياة العامة ويوسّع مجال اللجوء إلى الاستفتاء في ما يتعلّق بالمسائل المصيريّة التي تهمّ مستقبل البلاد.وقد كرّست التعديلات المدخلة على الفصل 40 من الدستور تعدّدية الترشحات لرئاسة الجمهورية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2004 شهدت تونس، انتخابات رئاسيّة تعدّدية تنافس فيها الرئيس المباشر مع ثلاثة مترشحين آخرين لمنصب الرئاسة. وفي إطار الحرص المتواصل للرئيس زين العابدين بن علي على دفع الحياة العامة ودعم إسهام الأحزاب السياسية في التقدم بالمسار الديمقراطي التعدّدي وافق مجلس النواب وبصفة استثنائية في أفريل (نيسان) 2008 على مشروع قانون يتعلق بتنقيح الفقرة الثالثة من الدستور لتمكين المسؤول الأول عن كل حزب من الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة (2009).ووفّرت التنقيحات التي أُدْخلتْ في جويلية (تموز) 2003 على المجلّة الانتخابية مزيدا من الضمانات القانونية للناخبين، كما أرست نظام المراجعة الدائمة للقائمات الانتخابية وعزّزت شفافية العملية الانتخابية في كلّ مراحلها.وتتجلّى التعدّدية الديمقراطية في وجود ستة أحزاب سياسية في مجلس النواب. كما تنشط في الجملة 9 أحزاب سياسية في البلاد، وهي تمارس حقوقها في تنظيم الأنشطة وعقد الاجتماعات والتعبير عن آرائها وإصدار صُحفها الخاصّة بها. ولهذه الأحزاب السياسيّة من يمثّلها بالمجالس المحلّية والجهويّة والوطنية. ولها كذلك الحقّ في الحصول على إعانات مالية من الدولة لتمويل أنشطتها وإصدار صحفها[c1]- حقوق الإنسان والإصلاح الجوهري للدستور :[/c] لقد رسخ الإصلاح الدستوري لسنة 2002 المبادئ الأساسية التي قام عليها تغيير السابع من نوفمبر، ولا سيما شمولية حقوق الإنسان وتكاملها، ومبادئ علوية القانون والتعدديّة، وقيم التضامن والتسامح والحرية.وعززت تعديلات دستورية جديدة حماية الحياة الخاصة للأشخاص، كما كرّست مبدأ عدم انتهاك سرّية الاتصالات وقدسية المعطيات الخاصة.ويؤكّد الفصل الخامس من الدستور على الأهمية التي توليها الجمهورية التونسية لحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها. كما ينزّل كرامة الإنسان منزلة رفيعة.ويتماشى تكريس حرمة الاتصالات وحماية المعطيات الخاصة في نصّ الدستور مع الخطوات الكبيرة التي قطعتها تونس في مجال تأمين الارتباط بشبكة الإنترنت والاستفادة من خدمات التكنولوجيات الحديثة للمعلومات. ويوجد في تونس أكثر من 1.700.000 مستعمل للإنترنت وتمّ ربط المعاهد العليا والجامعات ومراكز البحث العلمي والمؤسسات الطبيّة والبنوك والشركات بشبكة الإنترنت.وينضاف إلى تلك الإصلاحات الجوهرية إحداث المجلس الدستوري الذي كان أول مؤسسة يتمّ بعثها بعد التغيير تكريسا لدولة القانون وعلوية الدستور. ثمّ تمّ الارتقاء به على مراحل لإدراجه في الدستور وتعزيز صلاحياته وجعل آرائه ملزمة لجميع السلط العمومية. وقد جاء قانونه الأساسي ليؤكّد الدور الهام الموكول للمجلس في ضمان علوية الدستور واحترام أحكامه وترسيخ أركان دولة القانون والمؤسسات وتجسيم المبادئ والقيم التي تستند إليها جمهورية الغد.[c1]- حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان :[/c] لقد تمكنّت المرأة التونسية، بفضل صدور مجلّة الأحوال الشخصيّة في 13 أوت (آب) 1956، من التمتّع بالمساواة في الحقوق مع الرجل بما في ذلك الحقّ في حريّة اختيار زوجها والحقّ في طلب الطلاق القانوني أمام محكمة عدليّة (مع إمكانية دفع تعويضات للطرف المتضرّر). وتكريسا للمساواة بين الجنسين خاصة بعد مصادقة تونس على اتفاقية حقوق الطفل، صدر في ماي (أيار) 2007 القانون المنقح لبعض أحكام مجلة الأحوال الشخصية المتعلق بتوحيد السنّ الدّنيا للزواج بين الفتيان والفتيات بثمانية عشر عاما لكلا الجنسين إلى جانب وضع مجلة لحقوق الطفلوأدخلت خلال سنة 1993 تنقيحات قانونية في اتجاه تعزيز المساواة وإرساء علاقات الشراكة بين الزوجين. وتمّ إنشاء صندوق خاصّ بهدف تأمين دفع جراية النفقة للمرأة المطلّقة وأولادها. وانطلاقا من القناعة بأهمية الدور الموكول إلى الأم الحاضنة ومراعاة لمصلحة المحضون الفضلى تمّ تنقيح بعض أحكام مجلة الأحوال الشخصية في اتجاه تثبيت حق الحاضنة في السكن وإحاطتها بجميع الضمانات القانونية في مرحلتي ما قبل الطلاق وبعده (4 مارس ـ آذار 2008). ويحجّر القانون كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة سواء في العمل أو داخل المجتمع بصفة عامّة. وقد وافقت تونس مؤخرا بمقتضى قانون على الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة. وفي سنة 1998 تمّ إحداث نظام الملكيّة المشتركة بين الزوجين والتنصيص عليها ضمن عقد الزواج. ومكّن اعتماد مجلّة القانون الخاصّ من إرساء قواعد عصريّة لتسوية الخلافات العائلية ذات الطابع الدولي. كما وافقت على سحب البيان الأوّل الدولي والاحترازين الأوّل والثالث الملحقة بقانون 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1991 المتعلق بالمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.وتشارك المرأة في كافة مجالات الحياة، حيث تمثّل قرابة%25 من السكان النشطين و29% من القضاة و31% من المحامين. ويبلغ عدد المؤسسات التي تديرها نساء حوالي 18.000 مؤسسة. ويؤمّ المدارس الابتدائية 99% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ستة أعوام، صبيانا وبناتا. ويمثّل العنصر النسائي 59.1% من مجمل طلاب الجامعات. وعلى صعيد الحياة العامة، تمثّل النساء نسبة 22.7% من أعضاء مجلس النواب و15.2% من أعضاء مجلس المستشارين و27.4% من أعضاء المجالس البلديّة. كما تضطلع عدة نساء بمسؤوليات عليا في الحكومة والسلك الدبلوماسي.[c1]ترتيب تونس من خلال التقارير العالمية[/c] صنّف مرصد «جودة الحياة» في العالم في تقريره السنوي الذي أعدّته مؤسّسة « أنترناشونال ليفينغ»، تونس في المرتبة الأولى عربياً من حيث جودة الحياة، وذلك في شهادة جديدة على نجاح الأنموذج التنموي الذي انتهجته تونس خلال السنوات الأخيرة.وهذا التصنيف الجيّد لبلد ذي موارد طبيعية محدودة، يعكس في واقع الأمر تطوّر مؤشّرات « جودة الحياة» في تونس التي عرفت خلال العقدين الماضيين ديناميكية شملت مختلف المجالات التنموية، التي أضحت تثير اهتمام الهيئات والمنظمات الدولية التي لم تتردّد في الاشادة بها.ولعلّ أبرز هذه الاشادات تلك الصادرة عن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، الذي أعرب عن «إعجابه بآفاق التنمية الاقتصادية في تونس»، التي قال إنها «برهنت على قدرتها على تحقيق تقدّم مطّرد ومنتظم».وتترافق هذه الاشادة مع التصنيفات الأخرى التي احتلّتها تونس إقليمياً وقارّيّاً وعالمياً، إذ صنّف منتدى دافوس الاقتصادي العالمي تونس في تقريره السنوي 2008-2009، في المرتبة الأولى مغاربياً وإفريقيا، والرابعة عربياً، وفي المرتبة 35 عالمياً من أصل 143 دولة. وأشار منتدى دافوس في تقريره السنوي الأخير إلى أن تونس جاءت في المرتبة الثانية في مجال حسن التصرّف في الأموال العامة، والمرتبة 14 في مجال مناخ الثقة في أصحاب القرار، والمرتبة 15 في مجال شفافيّة قرارات الحكومة. كما احتّلت تونس المرتبة 27 في مجال الصحّة والتعليم، والمرتبة 30 على مستوى نجاعة سوق الخدمات.كما صنف الموقع الاتقليزي “نوبيريك دوت كوم” المتخصص في الاستثمارات العقارية عبر العالم تونس ثالث وجهة إستثمارية عقارية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.وفي الواقع، فإن هذه التصنيفات هي نتيجة نموذج تنموي مبني على تخطيط رشيد انتهجته تونس خلال السنوات الأخيرة حقّق مؤشّرات تنموية مهمّة، حيث تضاعف معدّل الدخل الفردي السنوي أربع مرّات منذ العام 1987، ليناهز إلى خمسة آلاف دينار، وتوسّعت قاعدة الطبقة الوسطى لتشمل 80 ٪ من المجتمع، كما انحسرت نسبة الفقر في حدود 3.8٪.ولا تخفي تونس سعيها من أجل توفير نوعية أفضل لمقوّمات العيش، لتحقيق الرقيّ الاجتماعي للفئات الاجتماعية كافة، حيث رسمت خططاً وبرامج طموحة مكّنتها من تحقيق معدّلات نموّ سنوية لم تنزل تحت عتبة خمسة بالمائة طوال العشريّتين الماضيتين. وساعدت هذه الخطط التنموية الحكومة التونسية على الارتقاء بنوعية الحياة وجودتها، إذ ارتفعت نسبة التحضّر إلى أكثر من 65 ٪، ونسبة التنوير الكهربائي والربط بمياه الشرب إلى 98 ٪، فيما وصلت نسبة التونسيين المالكين مسكنهم الخاص إلى 80 ٪. وفي خصوص التربية، فقد بلغت نسبة تعليم الأطفال من الجنسين 99 ٪، فيما تجاوزت نسبة التغطية الاجتماعية 92 ٪. وبالتوازي مع ذلك، وصل معدّل مؤمّل الحياة عند الولادة إلى أكثر من 74 عاماً. وترافق هذا التطوّر مع ارتفاع عدد المشتركين في شبكة الهاتف الجوّال إلى نحو مليون مشترك جديد في غضون عام، ليصل عددهم إلى 8 ملايين و400 ألف مشترك من مجموع سكان تونس البالغ 10 ملايين نسمة. كما تطوّر عدد مستخدمي شبكة الإنترنت ليصل إلى مليون و765 ألف و 430 مستخدم، أي ما يعادل 32.2 مستخدماً من أصل كل مائة ساكن. ولم تتوقّف النجاحات التي حقّقتها تونس في مجال الرقيّ بجودة الحياة عند هذه المجالات، بل شملت قطاعات أخرى مرتبطة بالبيئة، حيث حرصت البرامج التي رسمتها الحكومة، على توفير بيئة سليمة تؤسس لتنمية مستدامة من خلال بلوغ معدل 15 متراً مربعاً من المساحات الخضراء لكل ساكن مع نهاية العام 2009. إن هذا التصنيف المتقدّم لتونس عربياً وعالمياً، يعكس سلامة المقاربات التنموية ونجاعة السياسات التي تنتهجها، وهي سياسات راهنت على الإنسان باعتباره هدف التنمية وغايتها، قصد إرساء مقوّمات المجتمع المتوازن والمتضامن، وفق أنموذج سياسي وتنموي لا يفاضل بين التقدّم الاقتصادي والرقيّ الاجتماعي.وتعمل تونس على مزيد تحسين ترتيبها في مجالي القدرة التنافسية للاقتصاد ومناخ الأعمال رغم تصنيفها في مراكز متقدمة ضمن تقرير دافوس الأخير حول التنافسية الاقتصادية وتقرير البنك العالمي والمؤسسة المالية العالمية التابعة له حول مناخ الأعمال.وقد تحصلت تونس في السنوات الأخيرة على تقدير دولي أبرزته عديد التقارير الصادرة عن عدد من الهيآت الدولية. وقد أبرزت التقارير العالمية الأخيرة، تطورا في ترتيب تونس في عديد المجالات الاجتماعية والعلمية والقدرة التنافسية الاقتصادية وفي مجال الخدمات. وقد اعتمدت هذه التقارير معلومات مرجعية في مجالات الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال والاجتماع والنظام التربوي لتونس وعناصر أساسية وهي المحيط السياسي والاقتصادي للبلاد ومستوى التطور التكنولوجي ودرجة استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال