قد تتوجه أحياناً لمشاهدة معارض فنية يقيمها الفنانون التشكيليون ، وشيء طبيعي أن يكون للفن مذاهب ومدارس فنية ، مثل الفن الكلاسيكي والتجريبي والتشكيلي .وهناك لوحات فنية تستوحي انتباهك من المناظر الطبيعية ، رسماً أو تشكيلاً وتجسيداً ، ينقلها لنا الفنان التشكيلي بأمانه وصدق ، وكثيراً ما نرتاح إليها ، لأن كل شيء من الطبيعة محبوب وجذاب ،وهذه فطرة الله التي فطر عليها الناس وبعض الفنانين التشكيليين يرسمون مناظر طبيعية كثيراً ما نرتاح إليها رغم الغموض في بعض الأحيان .. غير أن بعض الفنانين التشكيليين يقدمون لنا لوحات من الطبيعة يسودها الغموض بحيث لا تستطيع أن تكون لها صورة ذهنية واضحة ، وكأن الفنان يريدنا أن نفكر وأن نعيش معه في ألوانه وأشكاله وخطوطه التي رسمها في لوحاته الفنية ، وقد لا يصل المشاهد للوحة إلى ما يريد الفنان أن يعبر في لوحته إلا بعد جهد وعناء ، وأحياناً لأنصل إطلاقاً إلى فكرة الفنان .وأنا شخصياً من المعجبين بالفن التشكيلي ولي معرفة قوية بتاريخ الفن والفنانين ، وقد زرت معارض دولية ومحلية في موسكو سوريا والهند ومصر ، إضافة إلى العديد من المعارض الفنية في اليمن ، وبالذات معرض الفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة بعدن ، وبيت الفن التشكيلي بالمعهد ولا أستطيع ذكر اسماً معيناً ، فأنا التقيت بالعشرات من الطلاب والمحاضرين في المعهد وهناك عشرات اللوحات التي نالت إعجابي وتم نشرها في الصفحة الثقافية لصحفية 14 أكتوبر ، ولكن ما يهمنا في هذا الموضوع أن نعرف أن اللوحات جاءت بألوان ملائمة وممتزجة وأستطيع القول بأنها رائعة تعبر عن قدرات فنية ممتازة والبعض منها جاءت غامضة راح الفنان فيها يتفلسف ويبدي رأيه في قضية معينة ، كأنما لم يكن بالإمكان أحسن مما كان ، ففيها رسوم من المناظر الطبيعية وفيها الغموض وأفكار معينة تخص الفنان نفسه ، ربما يكون قد أدخل الفنان فيها قصصاً من الأساطير وقصصاً من الخيال ، ومنها كان الهدف ، فأننا نعتبر أن قسم الفن التشكيلي بمعهد الفنون الجميلة بعدن قدم لنا كوادر فنية تستحق التقدير والإعجاب وهم في أمس الحاجة للاهتمام ورعاية هذه الإبداعات الفنية وتزود القسم بأحداث الوسائل الفنية وإدخال الكمبيوتر في العمل الفني من أجل تقديم رسوم الكرتون وإنتاج رسومات لهذه الأفلام وتسويقها محلياً ودولياً.. فأننا قد رأينا بأم أعيننا طلاباً قادرين على وضع ذلك في هذا المعهد المتواضع الذي يستحق رعاية الدولة له ممثلة بوزارة الثقافة لذا ندعو إلى تأمل ما رسمه الشباب في هذا المعهد الفني المميز في اليمن ، فهذه الإنجازات الفنية من فن تشكيلي هي فنون مجسدة ، أي ليست رسماً يستخدم فيه قلم وورقة ، أو فرشاة ولوحة ، بل هي خامات مشكلة بأنماط مختلفة ولقد تداخلت فيها الألوان بطريقة منمقة..
لوحة للفنان حكيم العاقل
تأمل فيها جيداً ، عزيزي القارئ وقم بزيارة معرض الفن التشكيلي بالمعهد بعدن ، قد نتوصل إلى يقين بأن هذا المعهد قادر على تأهيل العديد من الكوادر الفنية التي تجمع بين فنون كلاسيكية وتجريدية وتشكيلية ، وما قدمت هذه الكوادر في مجال الفن التشكيلي إلا قليلاً من كثير ، ولكن هذا المعهد تعرض لعديد من العراقيل التي أثرت على سير الدراسة فيه والتخصصات الموجودة فيه من دراسة في مجالات فن المسرح والموسيقى والفن التشكيلي ، ونجد أن الدولة ممثلة بوزارة الثقافة بالتعاون مع الأستاذ أحمد محمد الكحلاني محافظ محافظة عدن يعمل جاهدة على تطوير هذا الصرح الفني وتزويده بأحدث الوسائل من الآلات الموسيقية وديكور للمسرح وأدوات للرسم وهذا من أجل إقامة الدراسة الفنية الفكرية الجمالية .حتى تتخرج لنا كوادر مؤهلة تقدم لنا ثروة فنية هائلة في مجال الفنون التي تحفظها متاحف العالم كتشكيلات ولوحات مثيرة .. تتحول إلى قيمة فنية وتاريخية مع مرور الزمن .[c1]متحف غني باللوحات الفنية [/c]الواقع إن معرض الفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة بعدن ، يمكننا أن نحوله إلى متحف للفن التشكيلي اليمني خاصة أن هذا المعهد قد تجاوز عمره الثلاثين عاماً ، وقد تخرجت فيه كوادر فنية لها أعمال مميزه ونالت إعجاب المعارض الدولية ،والمعرض يحتوي على لوحات كثيرة جداً ، وتستحق أن تكون لوحات لمتحف فن تشكيلي ، لقد رأيت لوحات فنية قيمة مهملة في المعرض وهي أعمال فنية قيمة قد تخرج أصحابها في المعهد منذ سنوات طويلة ، ولا أدري لماذا كل هذا الإهمال التي يتعرض له هذا الصرح الفني الرائع ؟! إن الصور الموجودة في هذا المعهد من لوحات فنية رسمها معلمو وطلاب هذا المعهد منهم من تخرج ومنهم من لا يزال يعمل كمحاضر فيه ومنهم من هاجر إلى خارج اليمن وترك أعماله القيمة في المعهد لا يحتاج منا إلى تعليق ، لأنها تبدو كأنها تتحدث عن نفسها ، لتغنينا عن كل ما يمكن أن يقال عن هذه الأعمال الفنية القيمة المهملة التي يكسوها الإهمال المتعمد الذي صاحب هذا الصرح الفني الذي عرقلت سيره أفكار متشددة قللت من العمل الفني ، وحاربت كوادر بشتى الطرق الإرهابية من تفكير للفنون وتكفير المشتغلين بالموسيقى والغناء والرقص والمسرح والفن التشكيلي ومحاربة الكوادر التي تعمل في هذا المجال من قبل التكفيريين وعرقلت سير أعمالهم حتى تنقطع أرجلهم عن هذا المبني وتحويله إلى خراب متعمد ، فينتشر الجهل والإرهاب في اليمن ، وعزلها عن الثقافات الدولية ونشر أعمالها النصب والاحتيال والسحر والشعوذة من قبل المتشددين والتكفيريين .
لوحة للفنان / محمد اليمني
أقول إننا لن نخلق معهداً من عدم ولكننا سنعيد لمعهد الفنون الجميلة بعدن صرحه الفني الذي أهمل لفترة تزيد على عشر سنوات ، وهو لا يحتاج منا إلا إلى العودة من جديد بتشجيع الطلاب للدراسة والعودة إليه وأن الفنون من مسرح وموسيقى وغناء ورقص وفن تشكيلي هي فنون إنسانية تربي الروح وترفع من التذوق الجمالي للمناظر الطبيعية ونشر المحبة والمودة بين الناس وأن الفنون تقوي المشاعر الإنسانية وتزرع السلام والأمان في المجتمع .. إننا في أمس الحاجة إلى أن ننفض عن هذا المعهد الغبار الذي أحاط به وبالفنون الإنسانية وعرقلة تقدم الثقافة والفنون في اليمن .علينا أن نبدأ الآن بالعمل من جديد للعودة إلى النشاط الفني بمعهد الفنون الجميلة وقيام العددي من المهرجانات الفنية والموسيقية والمسرحية ومعارض الفن التشكيلي بشكل مستمر حتى نرفع مستوى التذوق الجمالي لدى المواطن اليمني .والمطلوب من المؤسسات الصحفية النزول الميداني للمواقع الفنية والى معهد الفنون الجميلة بعدن حتى يتم التعرف على المعارض الفنية من خلال الزيارات والندوات والحوارات لتصحيح المفاهيم وإحداث تقارب يساعد على وضع خطة لتحرك مستقبلي يمهد لطريق المتكامل للطلاب والمحاضرين في المعاهد المتخصصة بالثقافة والفنون في اليمن .. وهذه الخطوات الميدانية تحقق للفنون وللثقافة النجاح المستمر ، ويمكن لعدد من الصحف والمجلات أن تدعو الفنانين للمشاركة في الكتابة ونشر أعمالهم الفنية من خلال الصفحات الثقافية والفنية .[c1]يجب أن نؤمن لهذا الجيل صرحاً فنيا جميلاًً [/c]ومع ذلك ، يجب علينا أن ننهل الفن والأدب والفكر من ينابيع التراث اليمني ، وذلك من أجل المحافظة على التراث الفني الأصيل خاصة الموسيقى اليمنية وقراءة التراث اليمني من العصر الجاهلي والإسلامي حتى العصر الحاضر لنستطيع تقديم كل جديد ومفيد للفنون اليمنية والمعاصرة .. لأن المواطن اليمني في الوقت الحاضر أصبح مطلع على الثقافات والفنون العالمية وهو جالس في بيته عبر القنوات الفضائية ، لذا هو في أمس الحاجة إلى كل جديد وأصيل في الفن الموسيقى والغنائي والدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية والفن التشكيلي وأن المواطن اليمني اليوم أًصبح قادراً على تذوق النص الفني والثقافي ويخرج من أسر ثنائية القبح والجمال ليدخل دائرة الجمال وحده ، ويرفع النص الفني الواقع إلى مستوياته الرائعة .