صبـاح الخـير
لو لم يبنِ الرئيس علي عبد الله صالح حجراً في اليمن، ولم يُعد تحقيق الوحدة، ولم يؤسس الديمقراطية فإنه يكفي اليمنيين شرفاً أنه أصدق وأشجع الزعماء موقفاً مع قضايا الأمة.. فما بالكم وقد حقق ما لا يحصى من المنجزات!لو جرب اليمنيون يوماً أن يسألوا أي مواطن عربي يصادفونه في طريقهم عن رأيه بالرئيس علي عبد الله صالح لذهلوا كم أن هذا الرجل موضع إعجاب وتقدير الجاليات العربية.. ليس لأنه يهبهم أموالاً أو مصالح معينة، بل لأنه رجل يحمل من الإنسانية والشهامة العربية ما تتسع لكل أبناء الأمة، وبما تعطي لليمن نكهتها الحقيقية كمهد للعروبة.. لذلك كل أبناء الأمة يطمعون بالأمن والسلام والحرية التي تمنحهم إياها اليمن.اليوم آلاف الأسر الفلسطينية والعراقية والصومالية والإثيوبية وغيرها ترفل بالأمن تحت سماء اليمن، وكلهم يجدون في الرئيس علي عبد الله صالح صوتاً شريفاً ناطقاً باسمهم في كل المحافل الدولية، وساعياً لأجلهم في كل وقت سواء من أجل إعادة السلام إلى بلدانهم، أو درء خطر عنها، أو المطالبة بحقوق أبنائها، أو حتى لحث العالم على تقديم الدعم والمساعدة لشعوبها.. وهذا بالتأكيد نابع من ضمير إنساني حي من صميم المثل والقيم الإسلامية التي أرستها مدرسة الحبيب محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن "المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".منذ خمسة عشر عاماً وأنا أعيش في اليمن بأمان واستقرار كما لو أنني ولدت فيها، وهذا شرف لليمنيين أن دولتهم صانت أعراض أخواتهم المسلمات بعد أن دمرت قوات الغزو الأمريكية أوطانهن، وقتلت أهليهن.. منذ خمسة عشر عاماً وأنا أرى مئات آلاف الأسر الصومالية والإثيوبية تتوافد إلى أرض اليمن هرباً من جحيم الحروب والجوع والخوف، وهذا شرف لليمنيين أن بلادهم أصبحت مأمن كل مسلم خائف، ومستقر كل باحث عن سلام.منذ خمسة عشر عاماً وأنا أرى اليمنيين بأم عيني يتبرعون بالغالي والنفيس لأطفال العراق المحاصرين تارة، ولشعب فلسطين المظلوم تارة أخرى، وثالثة لجياع الصومال، أو لإخواننا في البوسنة، ولأطفال الانتفاضة الباسلة، وللمنكوبين في هذا البلد أو ذاك.. وهذا شرف عظيم لليمنيين أن دولتهم تحث على فعل الخير والتكافل وترعى مثل هذه المبادرات التي افتقدناها في كثير من بقاع عالمنا الإسلامي، في وقت ما زالت راسخة في ثقافة شعب تندرج بلاده ضمن قائمة الدول الأشد فقراً في العالم!منذ خمسة عشر عاماً واليمن تكبر، في كل شيء بمدنها، ومؤسساتها، وصناعتها، وتجارتها، وبسياستها، وبالمكانة التي تحتلها لدى العالم الخارجي.. بل إن ديمقراطيتها التي أول ما عرفناها تخيلناها مجرد ديكورات وشعارات سياسية تأكدت أمام عيوننا أنها حقيقة، وأنها عالم يفور بالتفاعلات والحراك الوطني بين مواسم هادئة وأخرى تشتعل سخونة، وبين خلاف وحوار ووفاق، ظلت بالنسبة لنا سراً لا نعرف من أين لليمنيين كل هذه القدرة والخبرات على تفعيل الساحة الوطنية على هذه الشاكلة!اليمن هذه الأيام تعايش هموم الفتنة الطائفية في العراق، وهموم العدوان الصهيوني على غزة ثم لبنان، و رئيس الجمهورية دعا يوم الجمعة في الحوار مع قناة العربية إلى التضامن العربي، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وفتح الحدود للشباب العربي والمسلم لمقاومة الاحتلال الصهيوني؛ وهذه ليست أول مرة يتحدث فيها الرئيس بهذه القضايا، وليست هي موقفاً للمزايدة أو الدعاية الانتخابية المبكرة، لأننا نعرف جميعاً أن اليمن في الاجتياح الصهيوني الأول لبيروت الذي حدث أوائل حكم الرئيس علي عبد الله صالح أرسلت الشباب المتطوعين للدفاع عن بيروت، وأصدر الرئيس قراراً اعتبر فيه الشهيد منهم واحداً من شهداء ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.. وكذلك اليمنيون قاتلوا في العراق في الثمانينيات، ومن قبل ذلك في فلسطين، لذلك المسألة ليست مزايدة وإنما نابعة من صميم العقيدة اليمنية ومن صميم مبادئ وثوابت القيادة السياسية اليمنية.برأيي إن هذه المواقف التي بلورتها قيادة الرئيس علي عبد الله صالح هي لا تجسد أخلاقياته ومبادئه لوحده، وإنما هي أخلاقيات ومبادئ الشعب اليمني بكافة شرائحه، وهي الشعور الإنساني النبيل الذي يتحلى به اليمنيون ونعيشه في كل قرية ومدينة يمنية.. ولا شك أن القيادة التي تصبح مرآة لشعبها وقيمه تستحق من هذا الشعب كل التقدير والاحترام.. وينبغي عليه التمسك بها ـ مثلما فعل في مسيراته المليونية ـ والامتنان لها لأنها رفعت رأسه أمام العالم، وكتبت تاريخه بحروف مشرفة ومضيئة ستفتخر بها الأجيال على مر العصور.