* يقول صاحب ماتسمى (فتوى شرعية) : [c1] ان الله يجعل الاستهزاء بأوليائه وأحبائه استهزاءا وكفرا به [/c]عبدالمجيد الريميمن فتوى تكفير الصحفيين وتخييرهم بين الاستتابة او القتل * ويقول الله الواحد الأحد في القرآن الكريم [c1]وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ[/c] (18 المائدة )صدق الله العظيم____________________لا يصح للمسلم أن يكفر غيره أو أن يقيم له محاكم تفتيش . فقد منح الله تعالى البشر كامل الحرية فى الإيمان به أو الكفر بذاته العلية، والدليل على ذلك واضح فى حياة البشر وفى أقوالهم وأفعالهم فى تاريخهم الماضى والحاضر..والقرآن- كلام الله العزيز- فيه الإثبات على حرية البشر المطلقة فى الإيمان والكفر، يتضح ذلك فى قصص القرآن عن المشركين كما يتضح أيضاً فى حوار القرآن مع المشركين لإقناعهم بالعقل والمنطق، ولو لم يسمح الله لهم بالحرية ما كان ذلك الحوار وما كانت محاولة الإقناع، بل أن القرآن يؤكد على حرية البشر فى أن يؤمنوا أو أن يكفروا، وفى المقابل فإن مسئوليتهم تجاه هذه الحرية تتجلى يوم الحساب حيث سيحاسبهم رب العزة على اختيارهم، يقول تعالى: (وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف 29).بل إن القرآن الكريم لم يصادر أقوال المشركين فى العيب فى ذات الله، فاليهود قالوا (إن الله فقير ونحن أغنياء)، وقالوا (يد الله مغلولة) وقال مشركو مكة وهم يرفضون إعطاء الصدقة (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمّا رِزَقَكُمُ الله قَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِلّذِينَ آمَنُوَاْ أَنُطْعِمُ مَن لّوْ يَشَآءُ اللّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ) (يس 47).أثبت القرآن هذه الأقوال ولم يصادرها، فصارت مع الرد القرآنى عليها ضمن آيات القرآن التى يتعبد المسلم بتلاوتها.ومن الطبيعى أن يرد القرآن- كلام الله العزيز- على الأقوال التى تخالف دين الله تعالى، وهذا حق الله تعالى، وليس فقط لأن تعالى هو رب البشر وخالقهم وصاحب الدين الحق ولكن لأنه أيضاً تعامل مع البشر بمنطق العدل، فقد أعطاهم حرية الإيمان والكفر، وحرية إعلان الكفر وحرية العيب فى ذاته الإلهية العلية والتقول على الله تعالى، وفى مقابل ذلك فإن من حقه أن يصفهم بالكفر والعصيان وأن يرد على افتراءاتهم وأقاويلهم وينفى عن ذاته العلية اتخاذ الولد والشريك، وتلك قضايا تخصه جل وعلا، ومن حقه الرد عليها..إلا أن عدل الله تعالى تجلى فى التعامل مع طوائف البشر. فحين يحكم بالكفر فإنه تعالى يضح حيثيات الاتهام وأسباب الوصف فيقول مثلاً (لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) (المائدة 72، 73).فالحكم من الله ليس عاماً وإنما هو خاص بمن يقول ذلك القول، وفى نفس الوقت فإن الذى يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحاً من المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين فهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يقول تعالى: (إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالنّصَارَىَ وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة 62).ويقول تعالى: (إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالصّابِئُونَ وَالنّصَارَىَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (المائدة 69).أى أن الله تعالى ليس منحازاً لأحد، فمن يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر فهو من أولياء الله أصحاب الجنة، ومن يجعل لله ولداً أو يجعل إلهاً مع الله فإن الله تعالى يحكم عليه بالكفر..وذلك هو ما يخص الله تعالى، فهو صاحب الدين وهو صاحب ومالك يوم الدين وهو الذى يرد على البشر إن أحسنوا فى العقيدة أو أساؤوا فيها.إلا أن الله تعالى لم يعط أحداً من البشر الحكم على الآخرين الأحياء بالكفر، بل أمر الله تعالى المؤمنين بأن يكون حوارهم بالحكمة والموعظة الحسنة مع معاصريهم ومع تأجيل الحكم إلى الله تعالى يوم القيامة ، وذلك ما كان مأموراً به خاتم النبيين عليهم الصلاة والسلام...فالله تعالى يأمر بأن يكون الجدال مع أهل الكتاب بالتى هى أحسن، يقول تعالى: (وَلاَ تُجَادِلُوَاْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوَاْ آمَنّا بِالّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت 46).فالجدال مع أهل الكتاب ممنوع إلا إذا كان بالتى هى أحسن... أى كان نقاشاً موضوعياً بالحجة دون إساءة، أما «الذين ظلموا» فلا جدال معهم حتى لا يتطور الأمر إلى إساءة متبادلة، والله تعالى نهى عن الجدال الذى ينتهى إلى إساءة ويقول: (وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيّنّا لِكُلّ أُمّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ مّرْجِعُهُمْ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (الأنعام 108). وعن الظالمين- أو بمفهومنا المتعصبين- يقول تعالى للنبى : (وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ. اللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (الحج 68، 69). أى أنه لا مجال للجدال العقيم مع المتعصب، والأفضل الإعراض عنه وذلك شأن المؤمن دائماً، ويقول الله تعالى فى حال المؤمنين مع المتعصبين المتحفزين الظالمين (وَإِذَا سَمِعُواْ اللّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص 55).وبالمناسبة فتلك الآية الكريمة نزلت فى حال مؤمنى أهل الكتاب ونزلت مثلاً لكل مؤمن فى الحوار أو الجدال بالتى هى أحسن وتحاشى الجدل مع المتعصبين.ولذلك فإن الجدال بالتى هى أحسن هو سمة الحوار بين المؤمنين بالقرآن ومؤمنى أهل الكتاب وذلك معنى قوله تعالى (وَلاَ تُجَادِلُوَاْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ).وحتى لا يقع المسلم فى اتهام أهل الكتاب بالكفر فإن القرآن يفرض صيغة محددة للحوار فيقول تعالى (وَقُولُوَاْ آمَنّا بِالّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أى نؤمن معاً بالله الواحد ونؤمن بما أنزل إليكم وما أنزل إلينا، ونحن له مسلمون، ولم يقل مثلاً «وأنتم كافرون» لأنه ممنوع اتهام المسلم لغيره بالكفر...ولم يأت الأمر مثلاً بأن يستشهد المؤمن فى حواره مع أهل الكتاب بما قاله رب العزة عن أولئك الذين قالوا إن الله تعالى ثالث ثلاثة أو أن الله هو المسيح ابن مريم.. لأن ذلك هو قول الله تعالى ذاته فى الرد عليهم، أما نحن فما علينا إلا أن نحاور بالتى هى أحسن ونرجئ الحكم فى العقائد إلى يوم الدين يوم الحساب أمام الله تعالى..وقد تحدثت سورة آل عمران عن ميلاد عيسى عليه السلام وبعثته ثم قالت: (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذّكْرِ الْحَكِيمِ. إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. الْحَقّ مِن رّبّكَ فَلاَ تَكُنْ مّن الْمُمْتَرِينَ) (آل عمران 58: 60).وبعد ذلك التوضيح عن بشرية المسيح عليه السلام ورسالته فماذا يكون موقف النبى إذا جاءه أهل الكتاب يجادلونه؟ هل يتهمهم بالكفر؟ هل يرميهم بالضلال؟ هل يتوعدهم بالجحيم؟..تعالوا بنا نقرأ الآية التالية لنعرف الإجابة فى تلك السورة المدنية التى نزلت فى عصر قوة المسلمين وشوكتهم (فَمَنْ حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران 61).أى من جادلك فى طبيعة المسيح من بعد ما جاءك فيه من العلم أى بالقرآن فادعهم إلى المباهلة، أى الاحتكام إلى الله تعالى فى الدنيا، بأن يخرج الفريقان ومعهم الأبناء والنساء ويبتهلون إلى الله تعالى أن يلعن الكاذب منهما.. لم يقل القرآن للنبى إذا جادلوك فاحكم عليهم بالضلال والكفر ودخول الجحيم.. ولكن ابتهل إلى الله لكى تكون اللعنة من نصيب الكاذب من الفريقين، ومن الطبيعى أن كل فريق يعتقد الصدق فى نفسه..أى أنه تصعيد وتأجيل للحكم إلى رب العزة لأنه وحده هو الذى يحكم بالكفر أو بالإيمان على عباده البشر، أما النبى فلا يملك أن يحكم بكفر أحد.والقرآن فى دعوته لأهل الكتاب يضع أسلوب الحوار الراقى الذى يجب على المسلمين اتباعه، ويقول تعالى للنبى: (قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران 64).فهذا هو الخطاب الراقى لأهل الكتاب أن ندعوهم إلى كلمة سواء نلتزم بها سوياً، أن نعبد الله وحده دون شريك وألا نتخذ كهنوتاً وأرباباً من البشر، فإن رفضوا فلا نتهمهم بالكفر ولا نتحدث بأسمهم أو باسم الله ولكن نتحدث باسمنا فقط، فنقول لهم اشهدوا إذن بأننا أسلمنا لله وحده..لم يقل: فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون وأنتم كافرون، لأنه ليس من حق المسلم اتهام غيره بالكفر، وحسبه أن يعلن خضوعه لله ، وحسبه شرفاً أن يكون فعلاً عند الله كذلك..والخلاصة أن الله تعالى هو وحده صاحب الحق فى أن يقول عن بعض أهل الكتاب (لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ).وهو وحده تعالى صاحب الحق أن يقول عن أهل الكتاب (لَيْسُواْ سَوَآءً مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَآءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـَئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ) (آل عمران 113، 114).الله وحده هو الذى (يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصّدُورُ) وهو الأعلم بحقيقة الإيمان عند الأفراد والطوائف والأمم، والله تعالى يقول (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مّن بَعْضٍ) (النساء 25).أما نحن البشر فإذا كنا ندعى الإيمان حقاً فيجب أن نلتزم بأوامر الله تعالى فى أن نقول للناس حسنا (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة 83).وأن نجادلهم بالتى هى أحسن، وهل هناك أروع من قوله تعالى فى آداب الدعوة والحوار (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمّن دَعَآ إِلَى اللّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ) (فصلت 33، 34).وقد يقول قائل:- إن الله تعالى أمر رسوله أن يقول (قل يا أيها الكافرون) أى اتهمهم بالكفر وقال لرسوله الكريم : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(6-1 الكافرون) .والجواب: إن أعداء النبي فى مكة كانوا يفخرون بكفرهم ولم يعتبروا ذلك الاتهام بالكفر نقيصة بأى حال، بل دأبوا على اتهام النبى بالسحر والجنون والكذب واعتبروا الإيمان بالقرآن جريمة تستوجب الإيذاء والحرب..وإذن فإن قول النبي لهم (يا أيها الكافرون) ليس فيه إساءة لهم بل هو خطاب لهم بما يحبون وبما يفخرون، والمهم إن فحوى الخطاب تقرر حرية العقيدة فى آيات السورة التى تنتهي بقوله تعالى (لكم دينكم ولى دين).والأهم من ذلك هو آداب الحوار مع أولئك الذين كانوا يفخرون بكفرهم ويعتبرون الإيمان بالله ورسوله. هل كان الله تعالى يأمر رسوله فى الحوار معهم أن يتهمهم بالضلال ويحكم عليهم بدخول النار..لنقرأ أسلوب الحوار الذى أمر الله به رسوله الصادق الأمين (قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مّنَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللّهُ وَإِنّآ أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلَىَ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ) (سبأ 24) لم يأمره- وهو رسول الله- أن يقول للمشركين أنا على هدى وأنتم فى ضلال، وإنما أمره أن يقول أحدنا على هدى والآخر فى ضلال.وتقول الآية التالية (قُل لاّ تُسْأَلُونَ عَمّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ) لم يقل: لستم مسئولين عن إجرامنا ولسنا مسئولين عن إجرامكم.بل نسب الجرم لنفسه- وهو النبى- ولم ينسب إلى المجرمين إلا مجرد العمل.. إلى هذا الحد بلغت آداب الحوار مع المشركين المعاندين، وتقول الآية التالية (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبّنَا ثُمّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقّ وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ) (سبأ 26).أى يؤجل الحكم بينهم وبينه إلى لقاء الله تعالى يوم القيامة.وذلك بالنسبة للنبي فى حواره مع المشركين..فلم يكن من خصائص النبى أن يتهم أعداءه الأحياء بالكفر.. وبالتالى فلم يكن من خصائصه أن يتهم مسلماً حيا بالكفر..ومن الطبيعى أن من يتهم غيره بالكفر يضع نفسه فوق النبي، بل ويتقمص الدور الإلهي الذى هو لله وحده..[c1]بين الجهاد والتكفير :[/c]الجهاد بالقرآن الكريم سلميا من أهم ملامح الجهاد الاسلامى، يقول تعالى(وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا)( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا(الفرقان 52-51 ) أن القرآن هو الرسول القائم بيننا طالما ظل هناك قرآن يتلى، وطالما هو محفوظ بقدرة الله جل وعلا الى قيام الساعة. ومهمة القرآن أن يظل حجة الله تعالى على الناس الى قيام الساعة. النبي بشر مات ولكنه كرسول قام بتبليغ القرآن الذى سيظل رحمة للعالمين من عهده الى آخر دقيقة فى هذه الدنيا. محمد كبشر كان محدودا بالزمان والمكان والقرآن بعده يظل علما للهداية وحكما على الناس - خصوصا المسلمين ـ اذا تلاعب بهم الشيطان . والشيطان لم يقدم استقالته . سيظل يؤدى مهمته فى اضلال الناس الى قيام الساعة. القرآن الكريم شرح مهمة ابليس وهى اضلالهم عن الطريق المستقيم أى وحى الله تعالى الحق، وخداع الناس بالأمنيات الباطلة أى بدخول الجنة مهما عصوا (الأعراف17-16)(النساء 120-118). وهذه المهمة الشيطانية لها وسائل محددة تماثل وسائل الهداية ونقصد بها الوحى. فكما يوحى الله تعالى للأنبياء كذلك يوحى الشيطان لأوليائه. عن القرآن يقول تعالى :(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ)... ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ.).وبعدها يقول تعالى عن الوحي الشيطاني (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ)(الشعراء 192-195،،،210 ـ 212 ،، 221-223.) تختار الشياطين أكثر البشر كذبا واثما (أفاك أثيم) ليتسلط على الناس ببث أكاذيبه يقنعهم أنها من عند الله تعالى أو رسوله. يسميها وحيا أو مناما أو هاتفا فى يقظة أو منام. ويلقى اليه الناس اسماعهم ، وأكثرالمستمعين كاذبون يروى ويحكى عنه مصدقا له ،أو يكتب عنه ما يقول وينسخها أى يكتبها ويشاء الله تعالى أن يسمح بهذا التصرف فتتكاثر كتب الوحي الكاذب ونسخها (الحج 52-55). اولئك هم اعداء الأنبياء أو شياطين الانس بتعبير القرآن الكريم .يقول تعالى عنهم:( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا، ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون). ثم يقول تعالى عن المستمعين المبهورين بهذا الوحى الضال:(وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ.) ثم يجعل الله تعالى القرآن الكريم حكما على هذا الوحى الكاذب فيقول:( أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ؟.) (الأنعام 113-112)وهكذا يكون الجهاد بالقرآن ضد اولئك الذين افتروا على الله تعالى كذبا وكذبوا بآياته، وهم الذين جعلهم الله تعالى اظلم الناس جميعا: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ.) (الاعراف 37) (يونس 17).انهم الذين افتروا على رب العزة وزعموا بأن كتابة ناقص ويحتاج الى إضافة، على الرغم من قوله تعالى : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ )(الانعام38). وهم الذين افتروا على رسول الله بوضع احاديث وروايات ما انزل بها من سلطان ونسبوها اليه، ثم جعلوها شريكاً للقرآن لايقبله الله القائل : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون)َ(المرسلات50). الجهاد هنا فكرى عقلى بالقرآن ليواجه الأكاذيب التى ينسبونها لله تعالى ووحيه ورسوله. ليس موجها للأشخاص مثل الجهاد القتالى ولكنه موجه للوحي الكاذب نفسه يحتكم فيه لكتاب الله تعالى، محذرا الناس منه، وللنصح والتذكير وليس للسب والتكفير. وما نفعله هنا هو ذلك الجهاد القرآنى السلمى للتحذير وليس للتكفير.قبل طرد ابليس من الملأ الأعلى - بسبب عصيانه الأمر الآلهى بالسجود لآدم - قال ابليس متحديا رب العزة جل وعلا عن ذرية آدم ـ أى عنا :(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)(الأعراف17-16) ومع أن الله تعالى كشف الاعيبه وأوضح وسائله الا أنه ينجح دائما فى خداع الأكثرية من البشر حتى الآن والى قيام الساعة ، والسبب انه لا يقدم لهم نفسه كشيطان عدو للرحمن ولكن من خلال اسلام مغشوش يحمل اسم الاسلام زورا وبهتانا عبرأحاديث منسوبة لله تعالى ورسوله الكريم، ولا تخلو من زخرف القول وما تشتهيه النفس وتتمناه. وهنا يكون جهادا واجبا أن نبرىء الاسلام من هذا الزيف باللجوء للقرآن والاحتكام اليه فى هذا الغش والزيف املا فى هداية المخدوعين بزخرف الشيطان وغروره.والله تعالى أخبر مقدما فى القرآن الكريم بما سيقوله للبشر الضالين يوم القيامة وقد خدعهم ابليس جيلا بعد جيل بسبب التقليد وعبادة المتوارث والتراث دون فهم او تعقل. سيقول تعالى لهم جميعا يوم القيامة يذكرهم بمانسوه(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (يس -60 63) . وفى جهنم سيجدونه بينهم :( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم..)(ابراهيم23) لم يدعهم بنفسه أو بصوته وانما بلسان اتباعه الذين ينشرون وحيه الكاذب المناقض لكتاب الله تعالى... وحتى ننجو من هذا المصيرلا بد من عرض عقائدنا على كتاب الله لننظف منها الأحاديث المفتراة ، وهذه وظيفة العلماء الذين قال الله تعالى عنهم:(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة 11) وهى أيضا وظيفة الأشهاد الذين يجاهدون بالقرآن سلميا فى هذه الدنيا لأظهار الحق وازهاق الباطل .وقد وعدهم الله تعالى بالنصرفى الدنيا وأن يكونوا شهداء على أقوامهم فى الآخرة (انا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(غافر52-51). والخلاصة هنا أن الجهاد لتوضيح الحق القرآنى وتبرئة الاسلام من مفتريات الشيطان لا صلة له بالتكفير لأنه يواجه العقائد ويسعى لانقاذ الأشخاص من الضلال بالقرآن وليس لتكفيرهم.. أما الكهنوت فله شأن آخر. فمن طبيعة الكهنوت أن يدعى التحدث باسم الله، ولذلك فإنه حيث يوجد الكهنوت يوجد اتهام بالكفر وتوجد محاكم التفتيش، وتوجد صكوك الإيمان و الغفران، وليس فى الإسلام كهنوت، ولنتذكر أن الله تعالى دعا أهل الكتاب لنبذ الكهنوت حين قال (قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران 64).وذلك هو واقع الإسلام.. لا مجال فيه للأرباب والكهنوت والوسائط، أما واقع المسلمين التاريخى فقد عرف تقديس الأولياء والفقهاء والأئمة، بحيث أصبح من المقرر أن انتقادهم يعتبر هجوماً على الإسلام واستهزاً بأوليأ الله واحبائه. وتلك نفس عقيدة رجال الكهنوت الذين يعتبرون أنفسهم وأئمتهم الممثلين للدين والمتكلمين باسم الله.ولذلك فإنه من الإنصاف للإسلام أن نبرئه من أعمال المسلمين التى تخالف كتاب الله العزيز.التبرئة من «اعمال» وصفات وعقليات وليس تكفير اشخاص أحياء،لأن هذا ليس من حقنا حتى وان اختلفنا معهم دفاعاً عن حقوق الله التي يغتصبونها !! ودفاعاً عن رسول الله الذي يفترون عليه.والخطورة فى وجود الكهنوت أنه حين يحكم بكفر إنسان يقيم له المحاكم التفتيشية ويحكم عليه بالقتل.. وتلك مخالفة أخرى لتشريع القرآن فالنبي نفسه لم يحدث أن أقام محاكم تفتيش للمنافقين فى المدينة وقد كان فيها الحاكم المطاع، وكان المنافقون يمثلون المعارضة السياسية والدينية، وكانوا يتآمرون عليه فى أوقات السلم وأوقات الحرب، بما يستوجب فى الدولة الديمقراطية أن يحاكموا بتهم قد تصل إلى درجة الخيانة العظمى.والتاريخ يثبت أن محاكم التفتيش واضطهاد المخالفين فى العقيدة يأتى دائماً فى عصور وأنظمة الاستياد التى يسيطر فيها الكهنوت،وتنتشرفيها براعة وتقديس البشر من الأئمة والأولياء والأحبار والرهبان لارغام الآخرين على الاستسلام لهذا الضلال ، بينما ينعدم ذلك فى عصور التدين الصحيح المرتبط بحرية التدين وعدم الاكراه فى الدين..ففى عصر الرسول والخلفاء الراشدين لم يعرف المسلمين محاكم التفتيش أو حد الردة المزعوم.. مع أن الدولة البيزنطية كانت تضطهد الأقباط المصريين وتقيم لهم محاكم التفتيش بسبب الخلاف فى طبيعة المسيح عليه السلام، لذلك كان ترحيب المصريين بالفتح العربى لأنهم كانوا يتوقون لمن ينقذهم من الاضطهاد الرومانى الدينى..ثم ما لبثت العدوى أن انتقلت للمسلمين فى عصور الاستبداد والخلفاء غير الراشدين فعرف المسلمون محاكم التفتيش وحد الردة وذلك لأسباب خاصة لا شأن للإسلام بها، بل هى فى الدفاع عن مقولات الكهنوت الباطلة من تقديس البشر وتسويغ الاستبداد الدينى والسياسى.إن الله تعالى لم يضع تشريعاً لمعاقبة الذين يسارعون فى الكفر بعد الإيمان لأنهم كما قال الله تعالى (لن يضروا الله شيئا).أما الكهنوت الدينى والسياسى فهو يلجأ لمعاقبة الخصوم لأن أولئك الخصوم سيضرونهم شيئاً وأشياء..والعادة أن الكهنوت يقوم على أسس خرافية تجافي العقل وتعارض الحق وتنافي دين الله تعالى، وحيث تنعدم الحجة فالسبيل الوحيد هو استعمال القوة.. ولذلك يقيم الكهنوت يوماً للحساب قبل يوم الحساب ويعقد محاكم التفتيش قبل يوم القيامة ويزعمون أنهم يحكمون باسم الله مع أنهم فى الحقيقة يغتصبون حقوق الله..لقد وضعوا تشريعات لمحاكم التفتيش تحت عنوان «استتابة المرتد».وأعطوا أنفسهم حق الاستتابة. مع أن التوبة لا تكون من العبد إلا إلى ربه وحده فالله وحده هو الذى يتوب على التائب ولم يعط الله تعالى حق الاستتابة لغيره.إن الله تعالى يقول للمؤمنين (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسّعَةِ أَن يُؤْتُوَاْ أُوْلِي الْقُرْبَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوَاْ أَلاَ تُحِبّونَ أَن يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ) ويقول (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نّصُوحاً) .والله وحده هو الذى يتوب على النبى والمؤمنين (لَقَدْ تَابَ الله عَلَىَ النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ ثُمّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رّحِيمٌ) (التوبة 117).وليس للنبى نفسه حق الاستتابة أو غفران الذنوب والله تعالى يقول للنبى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذّبَهُمْ فَإِنّهُمْ ظَالِمُونَ. وَللّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ) (آل عمران 128، 129).ولأنه لا إله إلا الله فإنه لا يتوب على البشر ولا يملك الاستتابة إلا الله وحده وبذلك أمر الله رسوله أن يقول (قُلْ هُوَ رَبّي لآ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ) (الرعد 30). أى إليه وحده أتوب..وذلك ما كان النبى يقوله..أما الكهنوت فيرفع نفسه فوق النبى، فإذا كان النبى ليس له فى الأمر شىء فللكهنوت كل شىء، وإذا كانت الاستتابة والتوبة على البشر ومحاكمتهم على عقائدهم لله وحده فإن الكهنوت يجعل نفسه شريكاً مع الله ويعطى لنفسه حق محاكمة خصومه وحق عقابهم على آرائهم وأفكارهم التي تخالف أراء الكهنوت تحت عنوان «استتابة المرتد».[c1]موقف القرآن من الفتوى بقتل النفس خارج القصاص :[/c]أول حرب عالمية فى التاريخ حدثت بين ابني آدم حين قتل أحدهما الآخر.. ولم يكن القتيل قد ارتكب جريمة فى حياته، أي قتله القاتل بدون سبب موجب للقتل..وقد حكى رب العزة قصة تلك الجريمة الأولى فى تاريخ البشر.. ومن سياق القصة نفهم المراد منها..يقول تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقّ إِذْ قَرّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبّلْ مِنَ الاَخَرِ قَالَ لأقْتُلَنّكَ قَالَ إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنّيَ أَخَافُ اللّهَ رَبّ الْعَالَمِينَ) (المائدة 27، 28).كان مفهوم القتل وإزهاق النفس معلوماً لدى الأخوين، وكان مفهوم الخطأ فى القتل للنفس البشرية معلوماً أيضاً، خصوصاً لدى الأخ الضحية الذى آثر عدم الدفاع عن نفسه لأنه يخاف الله رب العالمين وقال لأخيه (إِنّيَ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظّالِمِينَ) (المائدة 29).ولم يكن أثم القتل وذنبه بعيداً عن عقل الأخ المعتدى، لذلك فإنه بعد أن هدد أخاه بالقتل لبث فترة متردداً ثم أصدر فتوى بأن يقتل أخاه،أو استحل قتل أخيه ، أو بتعبير القرآن (فَطَوّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة 30). ولأنها أول جريمة فى التاريخ ولأن آدم أباهما كان لا يزال حياً لم يمت بعد، ولأن جثة القتيل كانت أول جثة فى تاريخ البشر فإن الله تعالى بعث غراباً يعلم القاتل كيف يدفن جثة أخيه القتيل (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ) (المائدة 31).إن محور القضية يتركز فى قوله تعالى عن القاتل (فَطَوّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وبمعنى آخر، إن التركيز هنا ليس على جريمة القتل فحسب، بل على ما هو أخطر من القتل وهو الإفتاء بالقتل ظلماً،أو استحلال القتل المحرم أو تشريع القتل لنفس لا تستحق القتل.والتعبير القرآنى هنا بالغ الدلالة وهو (فَطَوّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) أى أباحت وشرعت وأصدرت فتوى بقتل أخيه، وبعد ذلك التشريع جاء التنفيذ فقتله.. وبعدها كانت النتيجة (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)!!ولأن محور القضية فى التنبيه على خطورة الإفتاء بالقتل ظلماً فإن الله تعالى بعد أن ذكر القصة انتقل مباشرة إلى الهدف منها فقال (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً..)(المائدة 32).(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ) أى من أجل ما سبق فى القصة من استباحة ابن آدم قتل أخيه الذى لا يستحق القتل.(كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ) أى فرضنا فى التشريع فى التوراة.(أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ) أى من قتل نفساً لم ترتكب جريمة قتل أو قتل نفساً خارج القصاص، وذلك هو المعنى الظاهر..(أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ) والفساد فى الأرض هنا وصف لجريمة قتل النفس غير المستحقة للقتل، لذلك جاءت كلمة فساد مجرورة بالكسر..(فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً) وهنا نقف أمام مشكلة: كيف يكون قتل نفس واحدة مساوياً لقتل الناس جميعاً؟ أو بمعنى آخر لنفرض أن شخصاً قتل رجلاً واحداً، وأن رجلاً آخر قتل مليون رجل فهل يتساوى هذا وذلك فى مقدار الجريمة؟.بالطبع لا...إذن فالقرآن هنا لا يتحدث عن مجرد جريمة القتل، وإنما يتحدث عن الجريمة الأخطر والأفدح وهى الإفتاء بالقتل ظلماً، أو بالتعبير القرآنى الذى هو محور القصة (فَطَوّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) أى فالذى يفتى بقتل نفس لم تقتل نفساً أو غير مستحقة للقتل أو قتل نفس خارج القصاص فكأنما قتل الناس جميعاً، لأنه باختصار أصدر فتوى قابلة للتنفيذ والتطبيق فى كل عصر وفى كل مكان.. أى أصدر فتوى تقتل الناس جميعاً.ذلك أن السبب الوحيد لقتل النفس هو القصاص، أو قتل القاتل قصاصاً، وذلك حكم الله، فإذا تجاوزنا حدود الله وشرع الله وحكمنا بغير ما أنزل الله فقد أصدرنا حكماً بالإعدام على الناس جميعاً، إذن فقوله تعالى مَن (قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ) لا تتحدث عن مجرد القتل ولكن عن جريمة أخطر وهى الإفتاء بقتل من لا يستحق القتل، ولذلك جاء الوصف بالفساد لتلك الجريمة فقال (أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْض) ولذلك فإن تشريع القتل خارج القصاص أشد أنواع الفساد.ثم يوضح القرآن المقصود وإنه الإفتاء الظالم وليس مجرد القتل فيقول تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً) ومن الطبيعي أنه لا يمكن للقاتل أن يعيد القتيل للحياة، إذن فالمراد واضح وهو أن الجرم الأكبر هو الإفتاء بالقتل ظلماً ومن حارب الإفتاء بالقتل وأثبت إنه تشريع ما أنزل الله به من سلطان فإنه ينقذ الناس جميعاً من تلك الفتاوى المدمرة والسامة، أو كأنه أحيا الناس جميعاً..فالذى يصدر تلك الفتاوى الإجرامية يقتل الناس جميعاً، والذى يحاربها ويظهر بطلانها ينقذ من شرها الناس جميعاً.. ذلك معنى قوله تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً..) (المائدة 32).وقد ذكر رب العزة ذلك التشريع الإلهى فى التوراة فقال عن بنى إسرائيل والتوراة (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنّ النّفْسَ بِالنّفْسِ) (المائدة 45).أى ليس هناك مبرر لقتل النفس إلا إذا قتلت النفس نفساً أى فى القصاص..وفى التشريع الخاص بنا نحن المسلمين نزل تخفيف واستثناء ينجو به القاتل من القتل إذا رضى أهل القتيل بالدية فيقول تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرّ بِالْحُرّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُنثَىَ بِالاُنْثَىَ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مّن رّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة 178). فالتخفيف هو الأداء للدية بإحسان بعد عفو أهل القتيل أصحاب الدم.إذن فقاعدة (النّفْسَ بِالنّفْسِ) نزل فيها استثناء هو إعطاء الدية أى أن القاتل لا يقتل في كل الأحوال..ولكن قاعدة القصاص سارية سواء كانت بأن يدفع القاتل نفسه أو ماله، ولذلك يقول تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) (البقرة 179).وحتى فى القتال فى سبيل الله فإن القصاص هو القاعدة الأساسية لأن تشريع الله تعالى حياة للناس وعدل وإحسان.فالله تعالى يمنع الاعتداء ويجعل القتال فى الدفاع عن الدولة فقط ضد من يهاجمها يقول تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة 190).وجاء تشريع القصاص فى القواعد الأصولية للقتال فى قوله تعالى: (الشّهْرُ الْحَرَامُ بِالشّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ) (البقرة 194).أى يحرم الله تعالى على المسلمين مجاوزة القصاص فى حربهم مع المعتدين فإذا قتلوا من المسلمين عشرة فيحرم على المسلمين أن يقتلوا منهم أكثر من عشرة.. وذلك هو تشريع القصاص الذى هو حياة لنا ولغيرنا..وإذا كان ذلك فى تشريع القتال مع العدو الذى يعتدى علينا فالأمر يكون أكثر أهمية فى التعامل مع الإنسان الآدمى الذى لا يرفع سيفاً، إذ لا مبرر لقتله إلا فى حالة واحدة، وهى أن يرتكب هو جريمة قتل ويصمم أهل القتيل على القود منه أى على قتله ويرفضوا أخذ الدية.ومن أفظع الظلم أن نحكم بقتل نفس لسبب آخر خارج القصاص ثم ننسب الفتاوى الظالمة لدين الله تعالى، ودين الله تعالى منها برىء.والله تعالى جعلها قاعدة تشريعية وكررها فى القرآن ثلاث مرات ليتعظ بها كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال فى الوصايا العشر فى سورة الأنعام (وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام 151).وقال فى سورة الإسراء ضمن وصايا أخرى (وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فّي الْقَتْلِ إِنّهُ كَانَ مَنْصُوراً) (الإسراء 33). أى أن الله جعل لأهل القتيل المظلوم سلطاناً يتمكنون به من قتل القاتل وأخذ الدية منه، ويحذر أهل القتيل من الإسراف فى القتل، أى قتل شخص آخر غير القاتل، أو تعذيب القاتل عند قتله أو التمثيل به..ويقول تعالى فى سورة الفرقان فى حديثه عن صفات «عباد الرحمن» (وَالّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلَـَهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان 68).ويلاحظ أن التعبير القرآنى جاء بصيغة واحدة فى تلك القاعدة القرآنية (َلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ)، (وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ).ومعناه أن الله تعالى حرم قتل النفس، وتلك هى القاعدة الأساسية، والاستثناء الوحيد هو القصاص الذى نزل فى كلام الله الحق الذى لا ريب فيه والذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذى هو تنزيل من حكيم حميد..!!يقول تعالى عن القرآن (وَبِالْحَقّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقّ نَزَلَ) (الإسراء 105). فالحق الذى نستطيع به الاستثناء من القاعدة القائلة (وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ) هو كلام الله تعالى الحق فى القرآن الحق الذى نزل بالحق أى هو القصاص، ومن يناقض القرآن فهو باطل وافتراء يبرأ منه الله ورسوله، وإذا تعلق ذلك الافتراء بقتل الناس بدون وجه حق فهو الفساد فى الأرض والله تعالى لا يحب الفساد..وسنة الرسول الحقيقية هى التطبيق العملى لتشريع القرآن ولا يمكن أن تتناقض مع القرآن، وذلك ما طبقه الرسول فى تعامله مع المرتدين من المنافقين وغيرهم..
موقف القرآن من فتوى التكفير والإستتابة
أخبار متعلقة