«فقدان الذاكرة الأدبية» .. في البيت الثقافي الألماني بعدن
مشهد من المسرحية
المخرج اختر عبدالملك
مشاهدة بعدسة : نادرة عبد القدوسكان عرض مسرحية « فقدان الذاكرة الأدبية» المأخوذة عن قصة الأديب الألماني باتريك زوسكند في البيت الثقافي الألماني يوم الاثنين المنصرم له نكهته الفنية الجميلة التي افتقدناها في مثل هكذا عروض جادة تناقش قضية إنسانية نعيشها كثيراً في حياتنا اليومية . وقد أحسن المخرج أختر عبد الملك في اختيار النص القصصي للكاتب المبدع زوسكند ، الذي يمتلك مفاتيح السرد والثقافة اللازمة والتجارب الكافية ليؤسس نصّه المتماسك والذكيّ والإبداعي ويعرف كيف يجذب القارىء من بداية القصة إلى نهايتها دون أن ينتابه الشعور بالملل ، لأنه أمام أحداث واقعية شاهدها أو شارك في حبكتها الكاتب الذي اشتهر بحكاياته الثلاث «الكونترباص» و «الحمامة» و«العطر» والأخيرة رواية تحولت إلى فيلم سينمائي ناجح. وكانت قصته أو تأملاته التي صور فيها حكايته مع فقدان الذاكرة ونسيانه ما يقرأ ومحاولاته تذكر ما وقعت عليه عيناه في الكتب جعلته يفكر بحل لهذه المشكلة وكان الحل في تغيير رتم حياته وإدخال عنصر التجديد في الحياة والدعوة إلى الاستفادة مما يقرأ المرء بأسلوبه المحبب والساخر.[c1]مخرجات معهد الفنون المبدعة [/c]
الممثل /هديل
هذه التأملات التي يقول فيها زوسكند محدثاً نفسه : « ماذا أرى هنا؟ آه، نعم نعم ، ثلاثة كتب عن سيرة حياة الكسندر الكبير. لقد قرأتها كلها ذات مرة. وماذا أعرف عن الكسندر الكبير؟ لا شيء». كانت هذه التأملات جاءت في بداية القصة التي حولها المخرج المسرحي ، أستاذ فن الإلقاء في معهد جميل غانم للفنون المسرحية أختر عبد الملك إلى مسرحية ذات الممثل الواحد (الميلودراما) ورعاها ودعمها البيت الثقافي الألماني في محافظة عدن. وكلمة حق نقولها عن الممثل الشاب هديل عبد الحكيم ، الطالب في السنة الثالثة قسم المسرح بالمعهد الذي أستطاع أن ينتزع إعجاب جمهور المشاهدين للمسرحية ونجح في شد انتباههم دون تململ . نقطة لصالح هذا الطالب الموعود والفنان الأكاديمي القادم الذي يبدو أنه بذل جهدأ كبيراً للدخول في تحدي أساتذته في قسم المسرح بالمعهد الذين لهم وجهة نظر ، وهي منطقية ، في عدم التمثيل خارج نطاق المعهد ، وكان عليه الصبر قليلاً حتى التخرج من المعهد ليقف على خشبة المسرح أمام الجمهور بكل ثقة . بيد أنه أكد لنا أن المسرح التزام بقواعده وتفانياً في تنفيذ قوانينه وليس كل من وقف على خشبته يُعد فناناً مسرحياً ؛ وأنه استفاد من دراسته التي يتلقاها وزملائه في المعهد على أيدي أساتذة أكاديميين في فن المسرح الذين يصنعون كوادر فنية محترِمة للمسرح ، وليت وزارة الثقافة ومكتبها في عدن تلتفت قليلاً إلى هذا الصرح الذي ما انفك كل وزير ثقافة جديد يزوره ثم يولّي الأدبار دون رد على همومه ومشاكله ، حتى أضحى الشعور بالإحباط يتسرب إلى نفوس المدرسين والطلاب فيه ، والواقع يشي بحال سيئة للغاية خاصة إذا ما علمنا أن باب المعهد الذي تأسس عام 1970م على يد مؤسسه الفنان الراحل جميل غانم سيغلق حتماً. [c1]إبداع في الديكور[/c]بقي أن نشيد بديكور المسرحية الذي ابدع فيه الفنان الرائع ماجد الهتاري ، إذ تمكن من ترجمة تأملات البطل زوسكند الذي تقمص شخصيته الممثل هديل ، وأبدع المخرج في تحريك الممثل في زوايا الخشبة المتواضعة والاستفادة من كل مقتنيات الديكور، كالكتب والمكتب والأريكة والكرسي والسلالم ، كما نجح في اختيار الإضاءة المناسبة المسلطة على الخشبة ، إنه بالفعل عملاً مبدعاً رائعاً يستحق الثناء والمشاهدة في حال عُرض مرة أخرى . وكما علمنا من المخرج أنه سيتم عرضه أثناء معرض الكتاب المزمع قيامه في أكتوبر القادم في صنعاء . ولا ننسى الموسيقى التصويرية للفنان أحمد شيراز التي ، وإن لم ترقَ إلى مواكبة النص الحواري مع الذات ، أدت الغرض بهذا الشكل أو ذاك ، كما أن اختيار الموسيقى الشعبية اليمنية المصاحبة للرقصة في المشهد الأخير من العرض لم يكن ناجحاً.