د/ زينب حزامسيظل اسم عبدالرحمن الفخري مقروناً إلى وصف الشاعر، كما سيبقى موضع التقدير باعتباره أحد مؤسسي اتحاد الكتاب والأدباء في اليمن وهو شاعر من جيل الستينات ومثقف بارز له محاولاته النقدية الجريئة التي تعبر عن حريته ورأيه وجرأته ومغامرته الشعرية الواعية.في هذا الحديث المختصر عن الشاعر عبدالرحمن الفخري، أدرك أمرين: أولاً: إنه شاعر ينتمي إلى جيل المبدعين والمؤسسين لإتحاد الكتاب والأدباء في اليمن.ثانياً: باعتباره شاعراً ومناضلاً له العديد من الأعمال الإبداعية في مجال الشعر والأدب التي كتبها ضد الاستعمار البريطاني في عدن، وضد الحكم ألإمامي في شمال الوطن، وما قدمه هذا الشاعر ليس سبيلاً إلى إعلان موقفه، وإنما ما قدمه من عمل إبداعي في مجال الشعر، يعتبر جوهر فكره والرؤية ودليل العمل وحلم المستقبل فيما تنضوي فيه تجربة الشاعر عبدالرحمن الفخري، فهذا الاستثناء الذي نحاول الاقتراب منه في هذا الموضوع إنما هو التعبير المألوف في الكشف عن أحاسيس الشاعر الذي يملك حس الإيقاع، وقوة التصوير والتصرف بمفردات اللغة، فالرؤية عنده أقرب إلى طبيعة الحلم، ولهذا يقترب من الحدس أما موقفه من القصيدة يصدر عن أديب واع، ويعبر عن الفكر المرتبط بالقدرة الإبداعية على الإنجاز في العمل الإبداعي.وأصدر العديد من الدواوين الشعرية.وهذه مقاطع من قصيدة (بلقيس تبكي بدمعي)يقول فيها:منجرداً، كعصا موسىأشرب البحر، قبلكم كي أغسلالواحكم المحفوظة أفرح، أن أركب العمر إليكمكما انتصرت عليكم سمراء .. أنت ستحمني مثل الشمسفي حقل قمحأتحول مثل (فان جوخ)إلى سنبلة شوقوأود لو أدفنلو أدفنفي المنطقة الحرامبين النور والنارإلى أن يقول:سمراء ... سمراء هل تشربين القهوةفي الأشهر الحراممن ضيق الحالياحبي الأول، ياوطنيمنذ الميلادأفديك تراباً من بدنيوشظايا زادأفديك بما يفدى الحبأفديك بلادأفديك عبادلكن ... لي شرطأن تقفز من فرس القوقازوهو يعدوأن تأخذ بالهرم الأكبروهو يعلوأن تمشي فوق الأقداموالدرب ظلامأن تزرع كل الأعلامفوق الأكتاففوق الأكتاف الذهبية:من يفلح أرضاً، يملكمن يزرع لهباً، يهلكمن يحرث بحراً، يهلكوالملك لكالملك لكوفي أبيات أخرى من قصيدته التي يعالج فيها مواجهة المواطن اليمني المعاصر لتحديات وهموم واقعه من أجل بناء اليمن الجديد، يقول فيها:الأجل كتابوالحق كتابوتدور، دائرة الأنخابالأجل كتابلكني أدور على الأبوابوسؤالي جوابالحق كتابلكني أفتش في الأهدابعن خيط غابالحق الأجل الأجلالحقالحق عذابوخلاصة هذا أن شعر عبدالرحمن الفخري لم يكن تهويماً وخيالات، او صراعات وأمنيات تهرب إلى الأمام في المجهول، خداع للبصيرة، والتغني بالماضي خداع للبصر، وإنما الصواب يتحقق بالقراءة الحاضرة ونقده في ضوء معرفة واعية كلية، لا نخدع احداً، ولا تنخدع بقول أحد، وإنما نستمسك بالوعي والإرادة معاً:لعملتي وجهانياحقيقةأنا عدو الحقأنا صديق(من قصيدة نقوش على حجر)إن هذا المقطع من القصيدة يدل على جهد الشاعر في تحقيق توازن بين الفكر والشعر، ويدل على قدرته التخيلية إذا لم تكن علاقة الفكر بالشعر تهمه يسعى الشاعر إلى تجربة نفسه منها، وذلك لكي يظل الشعر شعراً، وهذا ما يتضح من مطولته الرائعة (نقوش على حجر) إن هذه القدرة الواضحة في شعر عبدالرحمن الفخري التي تصهر أفكاره في مساق شعري واضحة تمامأً.بل أقول إنها الأكثر نباتاً في جميع مراحل شعره.لا أريد أن أكتب أن شاعرنا عبدالرحمن الفخري في آثاره النثرية (القصصية) وأغانيه الشعبية، مع أنها إشارة جديرة بالأهتمام، فقد كتب عنها العديد من المحررين الصحفيين، وفي هذا الموضوع المتواضع الذي أقدمه للصفحة الثقافية نضع مايجب وضعه تحت الضوء من إبداعات الفخري الذي أستطاع من خلال قصائده الشعرية أن يفتح نافذة رحيبة على الثقافة العالمية لتنشر الوعي بالفكر الحر، وتوصل انتماء الثقافة اليمنية بالثقافة العالمية .. لقد أستطاع شاعرنا عبدالرحمن الفخري غرس بذور بشرت بالكثير من الخير، وكانت شعاعاً للأجيال التي جاءت من بعده واستضاءت من تجربته الثقافية والأدبية والسياسية، حيث استطاع ان يحول العمل الروتيني التقليدي إلى إبداع هادف يحمل رسالة وطنية إنسانية فمتى يتم تكريم هذا الرجل المبدع والمناضل ياجهة الاختصاص ؟!!
|
ثقافة
عبدالرحمن الفخري ..الشعر موقف
أخبار متعلقة