صباح الخير
نجيب مقبلأمس ومن مدينة عدن الباسلة وجه الصحفيون في محافظات عدن ولحج وأبين رسالة قوية لكل الذين يكرسون بأساليب ملتوية مخططاً لتكريس مأزق نقابة الصحافيين واستمرار الانحرافات القائمة في مجلسه وانقاذ الذين تسببوا في سقوط النقابة إلى هذا المأزق من المحاسبة.أمس وجه الصحفيون رسالة قوية تطالب بتصحيح وضع النقابة وتؤكد أن الصحفيين لن يقبلوا بالمخطط الرامي بتتويج نقيب على رأس مجلس نقابي مهترئ ومأزوم ومشوه.تثبت الأسرة الصحفية على الدوام أنها على قدر عال من الحميمية والالتفاف والتكاتف حينما تلتئم على قاعدة الحوار البناء.. وعلى عكس ما تنتجه قيادة نقابتهم من تأزم ليس أفراد هذه الأسرة في معظمهم على صلة بإنتاج هذه الأزمة.الأسرة الصحفية اليمنية افراداً أو أعضاء في تجمعات أو أحزاب هي في جوهر كينونتها تعبر عن الانتماء الحقيقي للكلمة والانتصار لقضاياها ومهنيتها.لكن هذه الاسرة المتماسكة المعنى والجوهر مثلها مثل أي كائن حي لا تخلو من نتوءات أو نبتات شيطانية ـ هي التي انتجت أزمة النقابة ـ وبالتالي وهي في أزمتها لا تعبر عن الهم العام لهذه الأسرة.ولذلك فان ما رأيناه ـ أمس في الاجتماع الموسع التشاوري لأعضاء النقابة في محافظات عدن ولحج وأبين ـ هو تعبير عن تماسك الأسرة الواحدة والتفافها حول القضايا الجوهرية وتلمسها للجروح التي آلمت جسدها وبالتالي البحث عن حلول لهذا المأزق.الصحفيون في عدن ولحج وأبين أثبتوا من خلال الحوار البناء أنهم على قدر المسؤولية، وأنهم على قدر من تفهم المعاناة المشتركة التي تعيشها نقابتهم.. فالتفوا حول مهنية الكلمة، وشرعية المطالب، طرحوا بجرأة لا نظير لها الموضوع الذي يمثل لب المشكلة ألا وهو تنقية العضوية الصحفية من الدخلاء والمتحزبين والطائشين والمتلاعبين بالبطاقة الصحفية في سوق النخاسة والتجارة والأهداف الحزبية الضيقة والبحث عن البطولات الشخصية في سوق النخاسة والذي انتج مجلساً نقابيا مأزوماً.كانت الآراء على تعددها تتفق في الرؤىة حتى وهي تختلف في الطرح، تتفق على واحدية الرأي بأن وضع النقابة بقيادتها الحالية مأزوم، وأن مؤتمرهم الاستثنائي القادم ملغوم بكذبة كبرى هي (اختزال الأزمة بانتخاب نقيب)، بينما الجلي لأي ناظر في هذه الوضعية هو أن الأزمة بدأت من حيث انتجت عضويات مشوهة أولاً، وقيادة متجاذبة بل متصارعة على هموم هي خارج الهم الرئيسي للنقابة، واستمرت حين دفنت هذه القيادة المأزومة رأسها في التراب كالنعامة وسمحت للأزمة أن تعيد انتاج نفسها من خلال تغيير شكلي في منصب رأس النقابة (النقيب).صحفيو محافظات عدن ولحج وأبين وهم الذين يمثلون قاعدة لا يستهان بها في عضوية النقابة وبالتالي تشكل هذه القاعدة صوتاً مسموعاً في المؤتمر الاستثنائي القادم، هؤلاء الصحفيون من صحف حكومية وأهلية وحزبية مثلوا في الاجتماع التشاوري أمس يداً واحدة على قلب عزيز لهم، فكانوا مثلما تعددوا أو أختلفوا في كيفية الطرح شكلوا صوتاً أو منبراً متجانساً في التطرق للأزمة.وهذا الأمر مثل ـ في نظري ـ تجسيداً لحقائق لا يمكن تجاهلها أو نسيانها ولعل أهمها أن منتسبي العضوية في هذه المحافظات لم تلامسهم تلك الكهربية المفزعة من أزمة الخواء الصحفي في الانتماء لهذه المهنة المقدسة والتي تعاني منها حالياً عضوية النقابة ـ غير المنقاة حتى اشعار آخرـ وثانياً ان التراكم في الخبرة والممارسة والقاعدة المهنية الصحفية في هذه المحافظات قد انبرت من بين ركام السنين فأعلت صوت المهنة على كل صوت، وأبعدت لوثة التجاذبات الحزبية والمراهقة السياسية التي علق بها عدد من منتسبي الصحافة الجدد الطائشين، وربما لأن الصحفيين في هذه المحافظات قد اقصوا من قيادة النقابة فإنهم غير معنيين بما يجري تحت الطاولة من انتاج أزمات في قيادة النقابة، كما أنهم أيضاً بعيدون عن المغرى المادي الذي يسيل لعاب المتخاصمين على قيادة النقابة.ولانهم من القاعدة وليسوا من الـ (فوق) جاءت تعبيرات معاناتهم متجانسة وكلمات طموحاتهم متقاربة فاطلقوا كلمتهم التي عبر عنها البيان الصادر عن اجتماعهم من أجل أن تنتصر قيم المهنية في الصحافة: العضوية النقية للمنتسبين في النقابة، ملامسة جوهر المشكلة الذي يكمن في النظام الداخلي الذي اختصر القيادة في تمثيل (شلة) وليس قاعدة عريضة والذي ترك مال النقابة، سائباً من دون رقابة أو تفتيش.الحالمون بربيع قادم من بعد المؤتمر الاستثنائي للنقابة والذي اختزل أزمة قيادته في انتخاب شخص فرد هو (النقيب) سوف يقعون في مواجهة رياح السموم القادمة من أزمة مستمرة قبل وبعد هذا (المؤتمر الاستثنائي القادم) لانها ليست عرضية وانما عمقية، بمعنى أن (الفأر الذي سينتج عن ولادة عسير عن جبل الحقيقة هو انتخاب نقيب جديد على رأس مجلس مأزوم في الأصل وغير معبر عن جمهرة الصحفيين بقدر ما يعبر عن ذاته وعن أزمة بعض شخوصه، بل عن أزمة تكوينه وبالتالي فان الربيع القادم ما هو إلا صيف حار قد يستطيع النقيب المنتظر ان يلطف من حرارته بمكيف توازناته، لكنه لا يمكن ان يغطي عين الشمس التي تنتج هذا اللهيب الحار، فينطبق عليهم المثل القائل : تغطية عين الشمس بمنخل!.ولذلك فلا ربيع قادم ولا نتوقع موسم عناق حار بين (النقيب المنتظر ومجلس النقابة المحتضر) لان المياه من تحت أقدام قيادة النقابة تهز الجميع وتستمر في انتاج دوامات الازامات التي لم تعرفها سوى عبر ملامسة الأعمى لذيل الفيل، فقال هذا هو الفيل..إذاالصحفيون في عدن وابين ولحج انتصروا للقضايا الجوهرية التي نلخصها في التالي:1/ تنقية العضوية من دخلاء المهنة.2/ مهنية الصحافة التي تنتصر للمهنة قبل الولاء.3/ تعديل النظام الداخلي بحيث يلبي احتياجات ممتهني الصحافة.4/ توسيع قاعدة التمثيل القيادي للنقابة بحيث يجمع بين التمثيل الفردي للانتخابات والتمثيل الجغرافي للفروع.5/ وجود عنصر الرقابة والتفتيش على مجرى العمل النقابي وفي مقدمته التصريف المالي.6/ الالتفاف حول قانون صحافة يعبر عن هموم وتطلعات الصحفيين ويساهم في رفع درجة المهنية.مثل هذه الطروحات وغيرها عبرت عن قلق الصحفيين بأن أزمة مرحّلة للمؤتمر لا يمكن بعد اختزالها في نقطة انتخاب النقيب سوى بالتحايل على ما يجري في مجلس نقابتهم، ولن يكون بمقدور أعضاء المؤتمر السكوت على أوضاع كهذه.لذلك نقول ـ ومن دون استباق للحقائق ـ إن المؤتمر الاستثنائي ملغوم بأزمته، ولسوف يتشظى على انفجار غضبة الصحفيين الذين سوف يذهبون إلى المؤتمر على أمل إصلاحه وليس ترقيعه.ولعل صحفيي عدن ولحج وأبين بما تبنوه من بيان يكونون قد فعلوا خيراً بتقديم مشروع عملي ومعقول للمؤتمر يجب أن يناقشه وتغنيه مشروعات أخرى لإصلاح بنية النقابة ولتصحيح اعوجاج قيادته، وإرجاع قطار النقابة الذي يسير بخطى حثيثة نحو الهاوية إلى سكته الصحيحة.لأن ربيع الفرج المنتظر من المؤتمر الاستثنائي بانتخاب نقيب جديد لن يكون إلا صيفاً متشظي الحرارة لن بفعل سوى الإصرار على إعادة إنتاج الأزمة وليس حلها من الجذر.