د.زينب حزاملم تكن الأغنية اليمنية الوطنية طوال تاريخها بعيدة عن محيطها اليمني فقد ارتبطت بتاريخ الثورة اليمنية (26 سبتمبر 1962م و 14 أكتوبر 1963م وقيام الوحدة اليمنية المباركة 1990م وهذه الاحداث التاريخية أعطتها إيقاعات البحر والشواطئ الذهبية وخضرة مدرجات البن اليمني المميز وحضارة اليمن السعيد والزخم للإنسان اليمني .ولمسنا هنا في مجال السرد التاريخي لتلك الأغاني الوطنية أو الموسيقى الشعبية بل نحن في مجال التعرف على آخر المستجدات التي طرأت على الأغنية اليمنية الوطنية والموسيقى الشعبية سواء كانت تأثراً أو تأثيراً وتلك المستجدات وإن كانت قد جاءت بقصد مسايرة التطور الحضاري الذي شهدته نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين فإنها كانت في الوقت ذاته تضاهي ما هو مطروح بالساحة الفنية على مستوى اليمن بشكل عام.بدايات الأغنية الوطنية والموسيقى الشعبية الحديثة لم تأت من فراغ بل كانت هناك عوامل عدة ساعدت على ظهورها في محيط الأداء الشعبي البسيط والصياغة اللحنية الجادة التي تحمل معاناة الشعب اليمني من ظلم واستبداد الاستعمار البريطاني والجهل والفقر الذي نشره حكم الإمامة في شمال الوطن ولقد تطورت الأغنية الوطنية والموسيقى الشعبية بعد قيام ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر وتخطت مراحل التأسيس لأهم فروعها الأساسية البارزة والتي من أهمها رعاية الأغنية الوطنية والشعبية وتطويرهما وتطوير الآلات الموسيقية والمحافظة على التراث الموسيقى اليمنية .أما الدور الذي لعبه الفنان اليمني في تطوير الأغنية الوطنية والموسيقى الشعبية مع الرجوع الى أصول الفنون اليمنية الحديثة في اليمن لنرى من خلالها نوع وسمة الحداثة بها وقبل ذلك يجدر بنا قبل كل شيء معرفة مدى هذه التأثيرات في الفن اليمني وما هي النظريات التي تؤثر على أصول الفنون اليمنية .ولقد تأثرت الأغنية اليمنية الوطنية بالأغنية الوطنية المصرية والجزائرية في عهد الثورة العربية ضد الاستعمار البريطاني والعدوان الاسرائيلي والاستعمار الفرنسي في الجزائر.وكانت الأغنية الوطنية في اليمن تحمل هموم المواطن اليمني وتدعوه الى المقاومة ضد الاستعمار البريطاني وتوطيد الوحدة اليمنية والعربية بشكل عام .وظهرت العديد من الأغاني الوطنية في فترة الستينات الى السبعينات تقريباً وكان من أهم العوامل وأقواها تأثراً هو تشجيع الدولة اليمنية بعد الاستقلال في عدن 1967م بدعم الفنانين اليمنيين وتأهيلهم بالعلوم الاكاديمية الموسيقية وإنشاء مركز لرعاية الفنون الشعبية وبناء معهد للفنون الجميلة بعدن من أجل تأهيل الكادر الموسيقي والمسرحي والفنون التشكيلية وقامت الإذاعة اليمنية والتلفزيون اليمني في صنعاء وعدن ومختلف محافظات الجمهورية اليمنية بتقديم أجمل الأغاني الوطنية وتشجيع الفنانين اليمنيين وتوثيق الأغاني الوطنية والموسيقى الشعبية وتشكيل الفرق الموسيقية الوطنية وتزويدها بأرقى الآلات الموسيقية من أجل الابداع الغنائي حريصاً كل الحرص على أصالة الأغنية وأساسيات وضعها سواء كان من الناحية اللحنية لأن دور الفنان اليمني لا ينحصر في تطوير وتقديم الأغنية الوطنية ولكنه يحمل الرسالة الانسانية بشكل صادق والبناء الذي وضعه أساساً قوياً للأغنية اليمنية الحديثة .وهناك العديد من المحاولات الجادة في رفع مستوى الأغنية اليمنية فكان دور الفنان الحديث بارزاً في كيفية المعالجة الفنية لتلك الأعمال لكي تصل الى مفهوم واضح حول هذه المعالجات لابد لنا أن نحلل بعض الأعمال الفنية اليمنية التي كانت في السابق شعبية الأصل ثم خرجت من تحت هذا المصطلح عندما تدخل الفنان اليمني وحاول معالجتها فنياً بصيغة الحاضر المتجدد فلو أخذنا على سبيل المثال غنائية الصيادين للفنان يوسف أحمد سالم وأغنية حقول البن للفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم وفي السنوات الأخيرة عمل الفنان اليمني الحديث الشديد الحماس للإرتقاء بمستوى الأغنية الشعبية من مستوى الأداء الشعبي البسيط الى مستوى الأداء العالي إلاّ أنه كان حريصاً كل الحرص على أصالة الأغنية وأساسيات وضعها سواء كان من الناحية اللحنية أو الناحية الايقاعية كما قام بمعالجتها وتجميلها موسيقياً بحيث أظهرها لنا بالتالي في ثوب جديد يليق بمستوى الأغنية الوطنية الحديثة مع المحافظة على التراث الموسيقي المستخدم في الأغنية القديمة وتطبيقه على الأغنية الحديثة لقد كانت الأغنية القديمة تعتمد على نوعية الشعر المغنى أما اليوم أعتمد الفنان الحديث على الأغنية التي تلائم المستمع اليوم وحاول إثراء الناحية الموسيقية وعمل على تحسين الأداء الغنائي بشكل عام للأغنية الوطنية والعاطفية معاً .إننا إذا حاولنا تقييم الأغنية الوطنية والموسيقى الشعبية وتقييم المستوى الفني لتلك الأغنية حيث يتبين لنا مدى أصالتها وعمقها الفني علماً بأن هناك الكثير من النماذج تبين لنا مدى جهود الفنانين اليمنيين في تطوير الأغنية اليمنية الى المستوى الذي يتناسب مع التطور الحضاري للإنسان الحديث .
|
ثقافة
الأغنية اليمنية الوطنية
أخبار متعلقة