وزير الإعلام في حوار مع مجلة (دبي الثقافية):
[c1]* الداعون إلى إلغاء وزارات الإعلام في الدول النامية يتمتعون بجهل مركب[/c]صنعاء/ سبأ:أجرت مجلة (دبي الثقافية) الشهرية الصادرة عن (دار الصدى) للصحافة بدبي حوارا ثقافيا شاملا مع حسن اللوزي وزير الإعلام نشرته في عددها رقم 17 الصادر في شهر أكتوبر الجاري . تناول الحوار تجربة حسن اللوزي الإبداعية شاعرا وقاصا وكاتبا مسرحيا كما تناول تجربته في وزارة الإعلام ورؤيته لواقع الإعلام اليمني وما سيشهده من تغييرات في الفترة المقبلة بالاضافة الى ما يشهده الإعلام العربي من اعتمالات خطيرة في الفترة الراهنة.. في ما نص الحوار الذي اجراه مراسل المجلة بصنعاء الزميل أحمد الأغبري وقدم له شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح :عمله السياسي والدبلوماسي وجلوسه على كرسي الوزارة في أكثر من حكومة لم ينل من حبه للقصيدة وعشقه للتعبد في فضاءاتها الجديدة ومثل هذا ليس بغريب عليه وهو شاعر تجربة حددت معالمها بقوة منذالبداية وطرحت أسئلتها بوضوح تارة وبقدر من الغموض تارة أخرى .. إنه الشاعر الكبير "حسن اللوزي"وزير الإعلام بالجمهورية اليمنية .. إلى هنا نتوقف و نترك تقديم تجربته شاعراً لصديقه شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيزالمقالح الذي تحدث إلى(دبي الثقافية) قائلا:" الشاعر الكبير حسن اللوزي هو واحدٌ من أهم شعراء اليمن في القرن العشرين .. وليس من المبالغة في شيء القول بان بداياته المدهشة قد شكلت ثورة في الساحة الشعرية اليمنية وكان من قلة قليلة من الشعراء اليمنيين الذين رفدوا حركة التجديد بقوة ، كما كان من أوائل الأسماء الشعرية التي شدت انتباه النقاد والشعراء العرب في وقت كانت فيه القصيدة في اليمن تعاني من عزلة شديدة" . [c1]هناك توجهات لإقامة مدينة إعلامية في المنطقة الحرة بعدن[/c]ولم يقتصر الاهتمام الإبداعي للشاعر الكبير "حسن اللوزي "على كتابة القصيدة بأشكالها المختلفة بل تعداها- والحديث مايزال للشاعر الكبير د.عبدالعزيز المقالح- إلى القصة القصيرة ثم إلى المسرح " وما زالت مجموعته القصصية " المرأة التي ركضت في مهج الشمس" من أجمل و أعذب النصوص القصصية و في بعضها اختزال أو بالأصح بحث فني عن الأقصوصة المضيئة المبهرة في أقل عدد من السطور والكلمات". في هذا الحوار لم نتناول تجربة "حسن اللوزي" شاعراً وقاصاً وكاتباًمسرحياً وحسب بل ووزيراً له مع كرسي الوزارة تجربة ما يزال في خضمها من خلال وزارة الإعلام وهي الوزارة التي ناقشناه في بعض تفصيلاتها فضلاً عمايعيشه الإعلام العربي من اعتمالات خطيرة في الوقت الراهن..حوار بقدر ما تمتعت إجابات أسئلته بجمال أفق الأديب إلا انها لم تبتعد عن دبلوماسية لغة الوزير.. شغل "حسن اللوزي " وزيراً للإعلام والثقافة ( 1980م - 1990) ومن ثم وزيراً للثقافة وبعد مرور عام ضمت وزارة السياحة لوزارة الثقافة وصار وزيراًللثقافة والسياحة ثم وزيرا للإعلام (1993- 1997) ثم عين سفيرا في الأردن ثم عضوا في مجلس الشورى حتى عين وزيرا للإعلام مرة ثالثة في هذا العام.."حسن اللوزي" بجانب كونه أديباً هو صحافي له تجربة أسهم خلالها في تأسيس ورئاسة تحرير مجلة معين عام 1979م كما أسس ورأس تحرير صحيفة الميثاق عام 1982م وظل رئيساً للتحرير حتى 1992م .. ومن دوواينه : " أشعار للمرأةالصعبة "، "هنا الطقوس وهذا جسد الملكة " ، " فاحشة الحلم " ...الخ.[c1]* [/c]بالمناسبة.. أي لقب أقرب إلى نفسك وتحب أن أناديك و أقدمك به في هذا الحوار الثقافي.. الشاعر أم الوزير؟ - لا هذا ولا ذاك ... أنا أحب أن أدعى بالأخ حسن لأن هذه اللفظة بكل معانيها العاطفية والتواصلية تجمع كل إنسان بأبناء قريته أو وطنه أو أمته فهي تجمعه أيضاً بأبناء الشعوب والأمم الأخرى.. إنها تتسع إلى العلاقة بالإيمان وبالإنسانية .. أدعني بالأخ واسمح لي أن أدعوك بالأخ..[c1]* [/c]بين الشاعر والوزير ..من حسن اللوزي في العام 2006م؟ كيف تقدم ما صارت إليه رؤيتك و مفهمومك تجاه الحياة والسلطة والقصيدة و كل شيء ؟ - الرؤية تجاه الحياة هي رؤية استخلافية دقة تفاصيلها لا تأتي إلا باكتمال العطاء (الربح والخسارة) في الحياة عموماً وهذه الرؤية تشكلها بالنسبة لي الإيمانات : إيمانٌ بالله ، بالإنسان ، بالحرية ، بالعلم، وإيمانٌ بعظمة الخيال..الخيال باعتباره المخزون الذي يثري ويعمق إيمان الإنسان وثقافته.و الخيال بحد ذاته هو الذي يعين في اتخاذ القرارات المستقبلية للسلطة في كل موقع ومكان بينما المعرفة.. والعلم و مقتضيات الإدارة هي التي تتحكم من إدارة السلطة وتحقيق النجاح وجدارة الإنسان بها. أما بالنسبة للقصيدة فقد كتبت القصيدة الكلاسيكية و كتبت قصيدة التفعيلة ووجدت فيها مجالاً واسعا للتشكل وللنمو وكتبت قصيدة النثر وعاقرت في حاناتها التحدي والتمرد.. و بقيت،مع ذلك كله، أسير حيرة عميقة بالنسبة لتقييم محتوى النص ، ولكني أجد راحة في أن أعيش الحياة التي أعجز عن عيشها كما أحب في الحياة الفعلية الخاصة أو العامة وفي الإنتاجية..أعيشها كاملةً في القصيدة وهذه نعمة الشعر لدي،أما الرؤية تجاه كل شيء فهذا لا يمكن أن يحيط به النثر أو الشعر أو الفكر وهو ما يقهره الخيال أيضاً..!![c1]* [/c]لنقترب من تجربتك الشعرية ونسأل: من أي الشعراء أنت؟- من الشعراء الذين يؤرقهم الالتزام ويلهبهم التمرد بالسياط الهوجاء.. من الشعراء الذين يتطلعون للتفرد ويرفضون الانبتات عن الأصول والمنابع برغم بعض الوهدات في مقابل الحرص الفطري أو السليقي على الارتباط بالقيم الفنية السامية .. كيف يمكن أن تجمع ما قلته لك الآن في مفهوم واحد؟! .. ربما يستطيع ناقد أو دارسٌ بخيالٍ لا حدود له وقدراتٍ غير تقليدية أن يجيب على هذا السؤال عن كل شاعر يدرسه فيقول لنا من أي الشعراء هو !!.. أما الشاعر فهو خميرة تتقلب وتنضج في أفق الاحتمالات حتى يكتمل بالموت المادي..[c1]* [/c]تبقى الرؤية واللغة أهم مفاعيل صوغ خصوصية الشاعر ؛ فبينما نجد شاعر يوثق باللغة تصوراته للواقع نجد أخر يفجر بالقصيدة معان التصورات وثالث يجرد تلك التصورات من معانيها بحثاً عن معانٍ لمعانيها و رابع يذهب إلى أبعد من ذلك.من أنت من هؤلاء ؟ إلى أين صارت علاقتك بالشعر؟ - أنا من الذين يحبون لغتهم.. من الذين اختبروا التعامل غير النمطي وغير العقلاني وغير التقليدي معها بكل الثقة والإحساس بالتفاعل والاستجابة.. فقد وجدت في لغتي إمكانياتٌ هائلة لتفجيرها بمعاني ودلالاتٍ ورؤى وتصورات لوصف الحياة والتعامل مع مواقفها ملايين المرات .. حياة مطلقة في كل واحدة من تفصيلاتها أو مكوناتها أو شواهدها بحيث نكون موضوعاً لقصائد لا تحصى مثل موضوع المرأة في حياة كل شاعر أو حتى أي إنسان حيث نجد أن كل القصائد التي كتبت في هذه الجزئية على امتداد تاريخ البشرية لم تتوقف عند حد معين وقد لا تتشابه النصوص الأصيلة في هذا الموضوع و قد قلت ذات يوم: في كل مرة أكتب فيها حول كينونة العلاقة بيني وبين المرأة أجد فضاءات تتسع لمزيد من القول لا تنتهي . وكل كتابةٍ في لحظتها والموحيات التي فرضتها والمناخ الذي كتبت فيه تجعلها تأتي جديدةً .. لأن اللغة وهي تتطور في داخلها وفي كل أساليب استخدامها تضيف للحياة مفردات جديدة يمكنك أن تستخدمها في مجال من مجالات التعبير لأن غنى النفس وغنى الوجدان يساعدان على تنوع الطرق لهذا الموضوع وتنوع الفيض فيه بما يوحي بتجدد الحياة وتجدد اللغة وتجدد المشاعر فالعالم الذي نعيشه هو مجموعة عوالم مادية ومعنوية قابلة للتصور وللبناء في اللغة كما في الحياة... فالمادة المشاهدة لها آلاف المرات من المقابلات والقرناء في لغة الإنسان أولاً وبالتالي في داخل الإنسان وتجدد الحياة يفرض تجددا في اللغة نتيجة تجدد في المشاعر وبالأساس وكما أشرت تجددٍ في الأخيلة وهذه الملامح الأربعة التي أشرت إليها توضح أن الشعراء في علاقاتهم مع الشعر وعلاقة الشعر بالواقع يجمعها هذا التصور وموقع الشاعر من رؤيته للعالم والتغيير الذي ينشده له وفيه .. لا أحصر نفسي على فرع من فروع التعبير الخلاّق!! وفنونه ولذلك أنتهي إلى أن علاقتي بالقصيدة لا زالت قائمة.. ولن أدعها تضمحل..والقصيدة بعينها وأطيافها ما زالت تطرقني... تطرقني في كثير من اللحظات التي أختلي فيها بنفسي أو أكون في عمق الناس في الخلوة أو المسجد أو ساحة (البرع والرقص).[c1]* [/c]الصورة هل تعي رسمها ساعة ولادة القصيدة؟- هذا السؤال ضيقٌ جدا إنه يسجن الصورة!! توجد القصيدة ولا تعرف أنت أين رأسها من قدميها وهي تخلق أعضاءها وتخلق روحها وتشكل نبضها وكل ذلك تصنعه الصور المتداعية والمتواشجة كالنسيج البدني وبما يحفل به من كوامن الروحوفجأة تكون أمامك بماهية كاملة أو تعتقد أنها كاملة فتدفع بها نحو النشرولكن تكتشف حين تتأملها بأنه يتعين عليك كتابة قصيدة أخرى وهكذا ..[c1]* [/c]كيف تكون القصيدة في حضرتك؟ كيف تتأتى لك؟ وهل تعي ولادتها من أول كلمةإلى آخر بيت؟- أحياناً بل كثيراً ماً أدهش لما يحدث بيني وبين القصيدة وأحتار من أين جاء هذا الاحتشاد الصوري؟؟ من أي بؤرة في كنزٍ لا أعرف ماهيته جاءت هذه القصيدة لا أعتقد ثمة شاعراً يمكن أن يجيب على هذا السؤال.[c1]* [/c]وماذا عن المرجعيات التي أسهمت في تشكيل هذه العلاقة وبلورتها ؟- أستطيع أن أقول بأن القرآن الكريم هو المرجعية الأولى بل أنني وجدت الدافع الأول لكتابة قصيدة النثر كان في تأثري بالبنية اللغوية والصوريةالقرآنية كما في الدلالات الإعجازية التي لن يحيط بها الخلق حتى يرث اللهالأرض ومن عليها!! وبالنسبة للمرجعيات الشعرية تأثرت عميقاً بالعديد من الشعراءعلى مختلف العصور والمدارس وفي مقدمتهم الدكتور عبد العزيز المقالحوالعملاق الراحل عبدالله البردوني وأبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري.لقد رعاني الدكتور عبد العزيز المقالح رعايةً خاصة في المراحل الأولى عندما كنت أدرس ويدرس هو أيضاً الدراسات العليا في القاهرة حيث كنت أعرض عليه نماذج مما كنت أكتب على المنوال الكلاسيكي وبداية قصيدة التفعيلة.. وأصرحهنا بأنني في ذات يوم عام 1973م أتيت إليه وكنا نلتقي في بيته في كل ثلاثاءفي العصر ويأتي إلى ذلك اللقاء شعراء كبار في مصر وقال لي: أنت أكثر قدرةلتبدع ولتكتب شعراً في هذا الشكل.. وليس في الشكل التقليدي . وكنت قد قرأت عليه قصيدة " ثلاثة مقاطع حزينة لأيلول" ومشروع قصيدة بعنوان "عن سر مفتاح الفصول".. وقرأتها بعد ذلك بأسبوع في مهرجان أقامته رابطة الطلاب اليمنيينفي نقابة الصحفيين بالقاهرة في الاحتفال بعيد الثورة وسمعت يومها تصفيقاحارا وتشجيعا لم أتوقعه وأخذت القصائد التي كانت موزونة ومقفاة و أحرقتها واخترت طريق قصيدة التفعيلة .. أيضاً تأثرت بالشعر المترجم عن اللغة الفرنسية والألمانية والانجليزية وبالنص الأدبي الديني (نشيد الإنشاد ) وبكتاب "وهكذا تكلم زرادشت" لنيتشه وصلاح عبد الصبور واد ونيس والسياب والبياتي وإيليا أبو ماضي في جداوله وخمائله والجاحظ .. هل تريدني أن أذكر الكتب المتميزة والمتفردة في الموضوع والنوعية والتي أثرت و شكلت وما زالت تشكل مرجعية .. سيطول الكلام. [c1]* [/c]للشعر اليوم مفهوم جديد .. من هذا المفهوم ما نسبة رضاك عما كتبته سابقاً؟- انظرُ إليه بنسبة رضى عالية خاصةً وأنا لم أكتب على سبيل الاحتراف وإنماالكتابة كانت جهداً في الحياة من أجل تحقيق الذات وتلبية لاحتياجات ماسة لم أدرك سرها وإن كنت أتمتع بها أما لو كانت تلك الكتابة على سبيل الاحتراف فإنها لا تستحق صفرا على صفر. وتحقق الرضا من أول إصدار في ديوان مشترك عام 1972"أوراق اعتماد لدى المقصلة" أنا والشاعر الفلسطيني عبد الرؤوف يوسف ونحن مازلنا ندرس في جامعة الأزهر . [c1]* [/c]وكيف توالت أعمالك الشعرية لاحقاً ؟ هل لا تزال تدرك البدايات المدهشة وخصوصية كل مرحلة من مراحل التجريب في قصيدتك؟- استطيع أن أقول إن هناك المرحلة الأولى في شعري،هي التي انتهت ضفافها بإصداري ديوان "أشعار للمرأة الصعبة" عام 1975م، وسبقتها قصائد نشرتها في صحيفة الثورة وعدداً من المطبوعات في عامي 74 و75م وفي هذه المرحلة تجلت التجربة في كتابة قصيدة النثر وجاء معطى هذه الفترة في التجريب في قصيدة النثر أكثر وضوحاً في مجموعة "تراتيل حالمة في معبد العشق والثورة". أماالمرحلة الثانية فتتداخل مع ضفاف المرحلة الأولى، ويمكن رصدها في ديوان "هنا الطقوس وهذا جسد الملكة"وهي تمتد إلى نهاية الثمانينات مع إصدار ديوان "فاحشة الحلم".. وبعد ذلك تغلبت الذهنية من جديد في خاصية ما كنت أكتبه ممزوجة بالغنائية، وبلغت هذه المرحلة ذروتها في قصيدة (عيناك تسألني الخضوع لبرزخ العمر الجميل)، واستولت على ما أكتبه من جديد روح قصيدة النثر وهي قصيدة خرجت من الذهنية الخفية إلى نوع من المباشرة مع الإلحاح في الواقع الثقافي والسياسي اليمني، وهذه المرحلة يمكن الاطلاع عليها بإلمام كبير في مجموعة "الكلمات" والقصائدالقصيرة التي فجرتها ثورة الحجارة والانتفاضة الفلسطينية الأولى .أما بداياتي الأولي في كتابة الشعر فيمكن القول إنني تأثرت بوالدي وبعمي القاضي صالح محمد اللوزي - رحمهما الله- .. ومما أتذكره عندما كنت طالباً في المرحلة الإعدادية بصنعاء أن أستاذ اللغة العربية طرح على كل تلميذ من تلاميذ الفصل سؤالاً : ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟؟ فسمعت زملائي يجيبون بثقة و فرح... مهندس، طيار، طبيب، وأذكر أن أحدهم قال: وزير.. وعندما جاء دوري قلت: أريدأن أكون شاعراً فقال الأستاذ: هذه ليست وظيفة وإنما موهبة عليك أن تنميها..ضحك الفصل واندهشت..!! ولم أفق من اندهاشي إلاّ عندما قال: هذه موهبة وعلي كأن تنميها... فلم أتخيل أنني سأكتب قصةًً و لا مسرحاً.[c1]* [/c]وكيف حدث ذلك .. أقصد : كيف اتجهت إلى كتابة القصة والمسرح ؟- لقد وجدت مساحة البوح وأُفق التعبير في المسرح والقصة أوسع مماهو في الشعر..ولهذا اتجهت إليهما ؛ فكتبت القصة في مراحل التجريب الأولى حتى نهاية السبعينات، لكني وجدت فيما بعد أن كتابة القصة أكثر تعقيداً وأكثر حاجة للصنعة وأكثرحاجة للتصوير الدقيق للمشاعر وللحظة الزمنية و للمكان ولنسيج تفاعل الأحداث؛ مما كان يحتاج إلى عناء كبير وصبر لم أقدر عليهما .. فتوقفت عن كتابة القصة.كما أنني أحببت المسرح الشعري و تعلقت به تعلقـــاً شديداً وكنت أحرص على حضور المسرحيات في مصر ، منذ أن خلبني عرض مسرحية (الحلاج) لشاعر العروبة الكبير والمجدد الراحل صلاح عبد الصبور في مسرح الأوبرا عام 1966م ، فقد أحدث ذلك العرض المدهش هزة عميقة في ذاتي ونشأت بعده بيني وبين المسرح علاقة عميقة فأخذت اقرأ النصوص المسرحية وحاولت أن أكتب وكتبت...أتحدث هنا عن مرحلة الستينات والسبعينيات.[c1]* [/c]تجربتك وزيراً .. في تقديرك لماذا ارتبطت كثيراً بوزارة الإعلام ؟ - يصعب علي َّأن أتحدث عن تجربتي مع وزارة الإعلام في هذا الوقت حيث وأنافي خضمها.. لكن تجربتي وزيرا لم ترتبط بوزارة الإعلام فقد تشابكت المسؤولية الإعلامية بالمسؤولية الثقافية والسياحية حيث عملت وزيراً في هذه الوزارات الثلاث لكن النظرة لوزارة الإعلام تبدو أكثر بريقاً ، ربما لالتصاقها بالعمل السياسي ولأنها تلفت الانتباه أكثر من غيرها في الوزارات الخدمية أو السيادية في التعبير الاستراتيجي . و قبل ذلك فإن ثقة القيادة السياسية هي التي تمنح هذا الموقع.[c1]* [/c]عُدت إلى وزارة الإعلام وقد شهد الإعلام مفهوم ومؤسسة تحولات وظيفية وتقنية.هذه التحولات كيف تراها اليوم؟ وما الذي تُعده لمواكبتها ؟ - بالفعل شهد الإعلام منذ العقد الأخير من القرن الفائت تحولات متسارعة ضاعفت من دوره وأهميته وزادت من اتساع رقعته واستخداماته على صعد مختلفة وزيادة على ذلك شهدت اليمن خلال هذه الفترة تحولات جوهرية حيث تحققت الوحدة اليمنية و تحصنت الوحدة بنظام ديمقراطي وقيام التعددية السياسية وقد عايشت عن قرب كل تفاعلات ومعطيات التغيير الإيجابية ومجالات النهوض العصري في العمل الإعلامي . ما زالت الرؤية لوظيفة الإعلام الرسمي قائمة ومرتبطة بفكرة الإعلام التنموي وفي تكوين الرأي وتدفق المعلومات ونقل الأحداث وخاصةً مع وجود الصحافة الحرة المتعددة وهذه لا ترتبط بنظرة شخص واحد مثل الوزير وإنما هي نظرةالنظام السياسي وفلسفته التي يعبر عنها الدستور والقوانين السارية . وفي المقابل صارت التحديات التي يواجهها الإعلام هي في القدرة على الاستجابة لتلك التحديات ، وهو الهم الكبير الذي يشغلنا اليوم في القيادة والحكومةووزارة الإعلام ، وهو الهم الذي صار يدفع إلى إعادة النظر في السياسة الإعلامية أولاً وفي متطلبات تجديد الخطاب الإعلامي وتنويع رسالة الإعلام في اتجاه المواطن كما بالنسبة للخارج إلى جانب تأكيد النظرية المتصلة بامتلاك الشعب لوسائل الإعلام الرسمية باعتبارها وسيلته للتعبير عن رؤاه وأفكاره وتطلعات هو يأتي هنا تعزيز الاهتمام بالبث الإذاعي والتلفزيوني والفضائي والتوسع في إقامة الإذاعات في كافة المحافظات وإطلاق عدد من القنوات منها القناة الفضائية الثانية والتي صدرت بها توجيهات رئيس الجمهورية لتكون متخصصة بالثقافة والسياحة والاقتصاد والشباب وستنطلق في العام القادم حيث أدرجت اعتماداتها في الموازنة،وهناكمشاريع خاصة بالتطوير البرامجي للقناة الأولى وخاصة مساحة الدراما والإنتاجالدرامي وهناك العديد من النصوص المتوفرة وللأسف لا تتوفر الإمكانيات المالية لتنفيذها وكذلك التوسع في البرامج الثقافية والفنية والتطلع إلى تسجيل أعمال فنية غنائية جديدة بالأساليب المتطورة والعمل على إعادة إنتاج الأعمال التراثية عبر فرق الإنشاد والكورال وإعادة تأسيس الفرقة الموسيقية الأولى للإذاعة والتلفزيون .. هناك مشاريع كثيرة .. حتى على مستوى الصحافة.[c1]* [/c]نفهم أن مرحلة تغيير قادمة سيشهدها الإعلام اليمني وتعدون لها بما في ذلك إطلاق قناة فضائية ثانية وإنهاء احتكار الحكومة للإعلام المرئي والمسموع؟- نعم واعتماداً على الدراسات القائمة وهي الدراسات التي نجريها في اليمن و تلك التي تجرى على مستوى الجامعة العربية أو في مجلس وزراء الإعلام العرب لإطلاق القنوات الخاصة والأهلية بمعايير وتشريعات موحده يتفق عليها .[c1]* [/c]وعلى ماذا ستعتمدون .. هل على الإمكانات والسياسات والقدرات الحالية ؟- طبعا، هذا وارد وخاصة وان قطاعاً كبيراً من الشباب المتعلم من الملتحقين بمؤسسات الإعلام الرسمي ، للأسف الشديد، لم تعط له الفرصة الكاملة ليبدع.. ويأخذ فرصته في تحقيق طموحاته.. بصراحة.. [c1]* [/c]من خلال معايشتك للإعلام اليمني الرسمي في أكثر من حكومة في تقديرك ما مشكلته الرئيسة التي جعلته يتأخر عما وصل إليه الإعلام العربي؟- المشكلة الأولى والكبيرة هي في توفر المال اللازم، و خصوصاً بالنسبة للعمل التلفزيوني لأنه باهظ التكاليف خلاف الإنفاق على الصحافة أو على العمل الإذاعي.[c1]* [/c]لكن هناك من يرى بان مشكلته ليست في المال و إنما في النظم التقليدية التي ماتزال تدار من خلالها مؤسسات هذا الإعلام .. - المال عصب الحياة ،وإذا وجدت الاعتمادات الكافية للإبداع والإنتاج وخاصة بالنسبة للتلفزيون سنبلغ غايتنا وسنوسع مساحة الإنتاج بما فيه الإنتاج الدرامي وكذلك بالنسبة للبرامج النوعية ومثل هذا يقال عن تجويد المادة الصحفية.[c1]* [/c]على ذكر الإعلام التلفزيوني؛ كيف ترى الإعلام العربي اليوم وهذا التكاثر الفضائي التلفزيوني الترفيهي في منافسة التلفزيون العربي الرسمي ؟ هل هي العولمة والتجارة أم أنها مؤامرة الإعلام الموجه ؟- ما يحصل لا يعبر عن حقيقة قدرات وإمكانات الإنسان العربي و تمخضات الواقع الثقافي والسياسي ، وإنما يستولي على جانبٍ كبيرٍ منه النشاط التجاري بمافي ذلك الدراما صار فيها من التسطيح الكثير . ولا تعد هذه القنوات هي المنافس الوحيد للفضائيات الرسمية العربية بل صارت هناك فضائيات عالمية تجد لها حيزاًمن اهتمامات المشاهد العربي ومتابعته لها .. ومن دراستنا لهذا الوضع حقيقةًاستطعنا أن نلتقط قناعاتٍ أولى في اتجاه إقامة مدينة إعلامية في المنطقةالحرة في عدن ولكن ما زلنا ندرس المعايير وننتظر التشريعات التي يجري إعدادها من خبراء الإعلام في الوطن العربي للتوسع في هذا النوع من البث الذي صار يهدده بصورة مباشرة وواضحة أشكالٌ من البث وقنواتٌ تكرس البرامج للغايات التجارية و التعصبات المذهبية والطائفية التي تقود - لا قدر الله - إلى استشراء الفتنة التي بدأت بصورة مريرة في العراق الشقيق. وبرغم أن تجربة الحياة تؤكد لنا بأن المعايير لا يمكن أن تخلق عملاً جاداً وهادفاً مهماكانت راقية ودقيقة بحيث لا تكون تعسفاً أو قيداً على حرية الإبداع و التعبيركما أن أي تمحور وانفلات في المقابل لا يمكن أن يخلق قناة جادة وهادفة..فالذي يوصلنا إلى ذلك هو الثقافة الحية والتطوير للنظام الثقافي العربي . ولا شكأن للعولمة والتجارة دور في جزءٍ كبيرٍ من هذا الإفساد للحياة الإعلامية والثقافية في الفضاء العربي ولعدم السير بخطى حثيثة نحو ترقية الذوق وخدمةاحتياجات الإنسان العربي التي يتطلع اليها.. وبعيداً عن فكرة المؤامرة فإنني أستطيع أن أقول إن كل حضارةٍ تدافع عن كيانها وعن مصالحها... ومن مصلحة الحضارة الغربية ، وهذا ما يعملون من أجله ، أن تصل إلى الإنسان العربي وتؤثر في ثقافته.وهذا يتحقق حين لا تتوفر الحصانة ولا يتوفر الإعلام العربي القادرعلى جذب اهتمام الإنسان العربي وإشباع حاجاته ما يجعله عرضه للاستلاب .[c1]* [/c]هناك من يرى بأن إلغاء وزارات الإعلام يمثل بداية الحل باعتبار وجودها هو اساس المشكلة؟- أخي العزيز: إن الذين يدعون إلى إلغاء وزارات الإعلام في الدول النامية يتمتعون للأسف الشديد بجهلٍ مركب فطالما أن حاجة المجتمع للتنمية قائمة ويعاني من موروثات التخلف والتأخر وهناك إرادة جهادية في مواجهة ذلك وتلتزم الدول للإعداد والتنفيذ للخطط الإنمائية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة سواءً كانت خمسية أو عشرية فإنها بحاجة ماسة إلى إعلام يواكب إعداد وتنفيذ تلكم الخطط وهناك علم خاص يسمى الإعلام التنموي وهذا الإعلام لا يمكن أن تنفذه إلاّ وسائل الإعلام العامة الموجة والتي تخضع في تسييرها لسياسات مترابطة بسياسات الدولة وباستراتيجيات وأهداف الخطط الإنمائية الشاملة وإلغاء مثلهذه الوزارات لا يمكن أن يتم بقرار في بلدان الحاجة ما زالت ماسة وجوهرية لشراكة العمل الإعلامي في العمل التنموي وفي قضايا التوجيه والإرشاد والتوعية إذا كانت في مرحلةٍ ما فكرة الخصخصة للجوانب الاقتصادية وحتى الخدمية وتخطوفيها الدولة.. أية دولة خطوات شجاعة وجريئة حتى تستطيع أن تتخلص منها الدولةوتسلم أمرها لقيادة الإدارة الخاصة ولا يمكن أن تقدم الإدارة الخاصة على الاستثمار في الخدمات وتمويل المشاريع المتعلقة بالخدمات إلاّ عندما تجدالجدوى منها والأرباح التي توازي أرباحها في النشاط الاقتصادي والتجاري..ففي بلادنا مثلاً من الصعب خصخصة الخدمات الطبية دفعة واحدة ولكن يمكن كخطواتقابلة للتنمية أن يتم البدء في السماح بالاستثمارات بإقامة المنشآت الطبيةوكذلك المنشآت التعليمية ويتم التفكير الآن بإقامة منشآت تشييد الطرق باستثماراتٍ خاصة على أن يترابط في ذلك عملية الدفع من قبل السيارات ووسائل النقل التي تستخدم تلك الطرق في أماكن محددة ليس كخيار يلغي دور الدولة في تشييد الطرق وصيانتها وإنما كبديلٌ متوفر يقدم خدمات إضافية لمن يسلك في هذه الطريق كأن يختصر المسافة ويقلل من استهلاك الطاقة وغير ذلك ومن هنا ينظر إلى الإعلام كطريق مساعد في عملية التنمية في مثل ظروف البلدان النامية.[c1]* [/c]في ظل هذه الهموم التي تحيط بكرسي الوزير هل ثمة متنفس للقصيدة؟ علاقتك بالكتابة كيف صارت؟ وهل تتأثر قصيدة الشاعر حسن اللوزي بكرسي الوزير حسن اللوزي؟- لا يمكن أن تتأثر قصيدة الشاعر الحق بأي أمر من أمور العمل أو الموقع أو المنصب سياسياً كان أو ثقافياً أو حتى دبلوماسياً لكن الذي يحكم مثل هذاالأمر هو النظر إلى ما تمثله القصيدة بالنسبة للشاعر هل هي حاجة أو نزعة وجودية أم قضية احتراف.. وبالنسبة للحالة الأخيرة تحكمها قوانين العلاقة بين الحرف والأعمال والمسئوليات وثمة إضافة تتعلق بوظيفة القصيدة وإمكانية تعطيلها لأي سبب أو تأثرها به إنها تختلف باختلاف الأحوال.. ومع ذلك أناما زلت أكتب القصيدة.. وأراودها عن نفسها.. وتراودني ربما بهيئات تشكلها معطيات الظروف، أما الكتابة فهي تجد لها السبيل في كل حال وحين وقت الحاجة لرسالتها.