.jpg)
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
أعلن الجيش السوداني تصديه لهجوم ليلي جديد على مواقعه في الفاشر، بينما تحدثت قوات "الدعم السريع" عن تقدم قواتها في المدينة المحاصرة، في حين سرت معلومات عن لقاء سري في سويسرا بين قائد الجيش ومبعوث أميركي لبحث وقف الحرب.
ولليوم الثاني على التوالي جددت قوات "الدعم السريع" مساء أمس الثلاثاء، هجومها العنيف على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، مستهدفة اختراق دفاعات الجيش السوداني من المحور الجنوبي للمدينة والوصول إلى مقر الفرقة السادسة مشاة، وسط تضارب في بيانات الطرفين بشأن سيطرة كل منهما على الأوضاع العسكرية وتقدمه الميداني بالمدينة.
وأفادت مصادر ولائية بأن الجيش تصدى مرة أخرى للهجوم، الليلي أمس الثلاثاء، وكبد القوات المهاجمة خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد، محذرة من أن المدينة في طريقها إلى دخول مرحلة قتال الشوارع بكل ما يحمله من مفاقمة الأخطار على المدنيين العالقين بالمدينة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن عمليات القصف المدفعي العنيف المتبادل في محاور عدة بالمدينة، لم تتوقف منذ الهجوم الواسع لقوات "الدعم السريع" على المدينة، أول من أمس الإثنين، مما تسبب بأضرار كبيرة في عدد من الأحياء السكنية وتهدم منازل عدة وسقوط ضحية في الأقل وعشرات الجرحى وسط المدنيين.
في المقابل أعلنت قوات "الدعم السريع" في منشور عبر منصة "تيليغرام"، أن قواتها أحرزت تقدماً ميدانياً في معارك الفاشر عقب تراجع الجيش وحلفائه وإخلائهم الاتجاه الجنوبي من المدينة ووصول طلائع قواتها إلى محيط مـقر لواء المدرعات على مشارف قيادة الفرقة السادسة مشاة، بعد استيلائها على معدات عسكرية متطورة، واقترابها من حسم المعركة.
كما نشرت مقاطع مصورة جديدة تزعم فيها انتشار قواتها داخل معسكر أبوشوك وأحد أحياء المدنية، قالت إنه "حي درجة أولى" المقابل مباشرة لمقر قيادة فرقة الجيش.
وكانت الفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر قد أعلنت تصدى قواتها بدعم من "القوات المشتركة" لحركات سلام دارفور والقوات المساندة الأخرى، لهجوم واسع شنته "الميليشيات الإرهابية" (الدعم السريع) على المدينة من ثلاثة محاور، واستمر أكثر من ست ساعات متواصلة.
وأشارت الفرقة إلى أن هذه المعركة تعد من أقوى المواجهات التي خاضتها، وألحقت بالقوة المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وأجبرتها على التراجع والفرار.
وعد والي شمال دارفور المكلف، الحافظ بخيت، أن "الانتصار في معركة الفاشر التي استمرت أكثر من ست ساعات تعد مدرسة عسكرية عبقرية في فنون القتال، وملحمة وطنية متفردة من أبطال الفرقة السادسة مشاة و'القوات المشتركة' والشرطة والاستخبارات العامة والمقاومة الشعبية، وتوجه رسالة صارمة لكل أعوان الميليشيات في الداخل والخارج بأن الفاشر ستظل عصية للحالمين بسقوطها، وتبقى بوابة تماسك لأمن واستقرار السودان مهما تكالبت عليها المحن والابتلاءات".
وجدد بخيت عزم حكومة شمال دارفور "مواصلة دعم حرب الكرامة حتى تحرير كل شبر من أرض دارفور".
من جانبه تحدث حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، عن "معلومات تؤكد أن الدولة الراعية لقوات الدعم السريع الإرهابية تشترط عليها إسقاط الفاشر لتجد اعترافاً نسبياً بحكومتها من قبل بعض دول في خطوة تؤجج الصراع الدامي في المنطقة".
وأوضح مناوي في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس" أن "هذا الشرط هو ما يحفز القائد الثاني للدعم السريع، عبدالرحيم دقلو، على التحرك الميداني المكثف في الفاشر، محركاً عناصره في معارك دامية بلا هوادة، غير مكترث بالخسائر البشرية الفادحة التي تتكبدها قواته".
وتعيش مدينة الفاشر تحت وطأة الجوع الحاد المتصاعد الذي أودى بالعشرات مع تمدد تفشي وباء الكوليرا والأمراض الأخرى، في ظل حصار خانق تفرضه عليها قوات "الدعم السريع" منذ أكثر من عام ونصف العام، والنازحين فيها، وتحت رحمة القصف المدفعي والمواجهات المستمرة يومياً بالمدينة.
وكشف آخر تحديث للمنسقية العامة للنازحين بدارفور، عن تجاوز إجمالي الحالات اليومية منذ تفشي المرض في دارفور 5686 إصابة، بينها 248 حالة وفاة، بينما يستمر الوباء في الانتشار بمعدلات غير مسبوقة إلى مناطق جديدة في دارفور، بخاصة في جبل مرة، وزالنجي، ومعسكرات النازحين، بينما تكافح السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية والمتطوعين وغرف الطوارئ لاحتواء الوباء رغم ندرة الإمدادات الطبية.
في شمال كردفان تابع الطيران الحربي للجيش، أمس الثلاثاء، غاراته الجوية المكثفة على مواقع وتجمعات "الدعم السريع" في منطقة المزروب وأم سيالة، أسفرت عن تحييد عشرات العناصر من الميليشيات بينهم أحد القادة الميدانيين الكبار وتدمير وإعطاب مجموعة كبيرة من العربات القتالية.
وقالت غرفة طوارئ دار حمر بولاية غرب كردفان، إن ميليشيات "الدعم السريع" تواصل ضغوطها وانتهاكاتها في حق المدنيين من السكان المحليين بمختلف أنحاء الولاية وقامت بمصادرة أجهزة الإنترنت الفضائي (ستارلينك) من المواطنين بالريف الشرقي لمحلية النهود.
أما في جنوب كردفان، فتشهد مدينة كادوقلي أوضاعاً كارثية وندرة في سبل العيش ونقص الغذاء والدواء، مما دفع نحو 3070 من المواطنين إلى النزوح من المدينة، بحسب "منظمة الهجرة الدولية".
ولقي ستة أشخاص حتفهم، بينهم ثلاثة أطفال، في مستشفيات كادوقلي بجنوب كردفان، بسبب نقص الأدوية والعلاج.
وأكدت مصادر طبية بمدينة كادوقلي وفاة ثلاثة أطفال بسبب مضاعفات سوء التغذية ونقص الأدوية والغذاء، وثلاثة من مرضى الفشل الكلوي بسبب نقص العلاج وجلسات غسل الكلى في مستشفى المدينة، بينما ينتظر آخرون نفس المصير.
وكشفت "شبكة أطباء السودان" عن وفاة 17 طفلاً جراء سوء التغذية بمدينة الدلنج، نتيجة النقص الحاد في الإمدادات الغذائية والدوائية بالولاية، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة.
وتعيش الولاية أوضاعاً إنسانية بالغة السوء نتيجة إغلاق الطريق القومي الرابط بينها وبين ولاية شمال كردفان في حال حصار على مدينتي كادوقلي (عاصمة الولاية) والدلنج امتد لأكثر من عام، وفاقم بصورة مريعة معاناة السكان خصوصاً الأطفال والنساء وكبار السن.
وحذرت الشبكة، الجهات الصحية والإنسانية من كارثة إنسانية وشيكة إذا لم يتم التدخل العاجل لتوفير الغذاء والدواء، ودعم المرافق الصحية بالإمدادات الأساسية وضمان وصول المساعدات بصورة آمنة ومنتظمة وفك الحصار ولو عبر الإسقاط الجوي.
وطالبت "شبكة أطباء السودان" المنظمات الدولية والإقليمية والجهات المعنية، بالتحرك الفوري لإنقاذ أرواح المدنيين في ولاية جنوب كردفان ورفع المعاناة عن آلاف الأسر التي تواجه خطر المجاعة والمرض جراء الحصار، بخاصة في موسم الخريف الذي تتزايد فيه الوبائيات.
وكشفت فرق التقييم الميداني التابعة لـ"مصفوفة تتبع النزوح" عن فرار نحو 500 شخص أمس الثلاثاء، من مخيم أبوشوك للنازحين في محلية الفاشر بسبب تزايد انعدام الأمن وانتقلوا لمواقع أخرى داخل الفاشر، بينما لا يزال الوضع متوتراً وسريع التغير.
ونوه بيان للمصفوفة بأن الوضع في الفاشر بات يقترب بصورة خطرة من كارثة إنسانية شاملة مع تصاعد نقص الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.