أول وكيل للشباب والرياضة في عدن:
عيدروس عبد الرحمن(لم أعد أطيق الاحتمال لفراق هذه المدينة منذ أن وطأت قدماي لها قبل 18 عاماً .. عدن فيها سحر وحالة جاذبية تفرض على ساكنها مبادلتها الحب بالانتساب إليها وعدم الرغبة في تركها مهما تعددت الاغراءات وزادت فرص الرقي الوظيفي .. وحتى عندما انتهت مهامي الوظيفية في عدن .. لم أقوى على تركها لابقى فيها أعواماً إضافية حتى عدت لوظيفة عامة في المحافظة).بهكذا كلمات استهل الأستاذ أحمد بن أحمد الضلاعي أول وكيل وزارة الشباب والرياضة لعدن منذ قيام دولة الوحدة معبراً عن حبه وعشقه لمدينة وجد فيها الصفات والسجايا التي يحلم بها وتتناسب تماماً مع طبيعة وسلوكه اليومي.وأكد حبه وانتسابه لمدينة عدن في ذلك الموقف المشهود في حركة تعيينات جديدة لوزارة الشباب والرياضة وتعيين مديراً عاماً جديداً للرياضة في عدن .. وترتيب وضعه الوظيفي في مكان آخر .. إلا أنه بقي في المدينة التي أحبها وازداد حباً للوحدة اليمنية بحبه لها .. وعمل بوظيفة خاصة سنوات عدة حتى لايتركها ثم جاءته وظيفته الرسمية الجديدة كوكيل مساعد لمحافظ عدن.ومنذ اختياره من طيب الذكر الدكتور/ محمد أحمد الكباب وزير الشباب والرياضة الأسبق أبان إعلان الوحدة اليمنية عام 1990م وحتى الآن وإلى ما شاء الله .. كم حسده الكثير لتلك الوظيفة الهامة، وكم استكثر عليه البعض، إلا أنهم أجمعوا على تلك الخطوة الذكية من ذلك الرجل الفاضل الجالس على كرسي وزارة الشباب والرياضة “آنذاك” ومعرفته أن مقعد عدن الرياضي وظيفة يخطب ودها الجميع .. ويتمناها الجميع .. ويراهن على النجاح فيها الكثير خاصة بعد التخلي الكبير لمدينة عدن وتنازلها حباً للوحدة الوطنية من عاصمة سياسية إلى محافظة أسوة بباقي محافظات الوطن.فاختيار الدكتور الكباب للعزيز الاستاذ/ أحمد الضلاعي كان موفقاً وقاطعاً للطريق على أي من الطامحين في تلك الوظيفة فالأستاذ أحمد الضلاعي كان مديراً لمكتب وزير الشباب والرياضة آنذاك .. وساعده الأيمن .. وعندما يضحي الوزير بساعده الأيمن لمدينة عدن فإن ذلك يعني التقدير والاعتراف بقدر ومكانة هذه المدينة ..[c1] فكيف كانت أيام الوكيل الرياضي الذي صار وكيلاً للمحافظة.؟[/c]تلك الايام لاتنسى، ولحظات تاريخية شرفنا أننا كنا معايشين لها خاصة لحظات رفع علم الوحدة اليمنية وإسدال الستار على آخر فصول التشطير والتشرذم .. وكم سيطرت علينا المشاعر الفياضة ونحن نعيش ونعايش ذلك الحدث التاريخي الأهم في تاريخنا الحديث.أما بالنسبة للوظيفة فكانت أحاسيس متداخلة من التخوف والتهيب لأن المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتق من يتحمل تلك الوظيفة ليست بسهلة ولا هينة .. ومشاعر من الثقة والتفاؤل لأن الأجواء والألفة وتحقيق الوحدة الوطنية وتفاني وتعاون الجميع يساعد على النجاح مهما كانت صعوبته.ولعل قطاع الشباب والرياضة هو الأمثل والأفضل والأكثر تلاحماً وحماسة من باقي القطاعات .. ليس فقط لأن الرياضة الوطنية كانت موحدة من سابق .. وسبقت قيام الوحدة أشكال وأنماط رياضية عديدة منذ السبعينات .. وكأس اليمن في الثمانينات .. وكأس الاستقلال في نفس تلك الفترة .. ثم منتخب اليمن الموحد عام 1988م .. ولكن لأن الرياضيين .. يا عزيزي يمتازون بالروح الرياضية .. والنجاح الرياضي لايكون إلا بالتعاون والعمل الجماعي.وحقيقة وجدت تعاوناً وحباً وتفاعلاً منذ الأيام الأولى لتلك الوظيفة التي تشرفت بالقيام بها أكان ذلك من قبل الموظفين والمدراء والكوادر في فرع الوزارة بعدن أو من الأندية الاهلية ومجالس إداراتها وهي التي ساعدتني على التعرف والانخراط والانسجام مع واقع عملي الجديد .. ولو لا ذلك الحب والصدق في النجاح لصعبت المهمة علي لذلك أدين لهم بالشكر والعرفان.[c1] وكيف وجدت عدن رياضياً؟[/c]عدن كانت ومازالت وسوف تظل رائدة وسباقة رياضياً وأهم مركز رياضي يمني .. وحتى يومنا تحتفظ هذه المدينة بكل صفات وسمات التميز .. ومنذ العام الأول فازت هذه المحافظة بأهم الألقاب والبطولات في مختلف الألعاب ومن أبرزها الدوري العام لأول بطولة دوري لليمن في عهده الجديد بحصول فريق التلال على تلك الدرع .. وفي كرة الطائرة والسلة كذلك ..وكان النشاط الرياضي في عدن متواصلاً ومتزاحماً لجميع الألعاب ولا تجد يوماً واحداً فقط لا يوجد فيه نشاط ولمختلف الفئات بما في ذلك الرياضة النسوية.[c1]أبرز الصعاب[/c]الوحدة اليمنية كانت حلماً كبيراً .. فتحقق .. وبداية أي طريق لابد وبالضرورة من بعض الصعاب والعراقيل التي تعطينا حلاوة تجاوزها وتخطيها ولأننا كنا قبل الوحدة المباركة نظامين مختلفين ونمطين اجتماعيين متباينين .. فهذه كانت من أهم وأبرز الصعاب التي واجهت الوطن بأكمله وليس القطاع الشبابي والرياضي حتى نتمكن من أخذ الأفضل من هنا وهناك لتعميمه والعمل به .. فتغير الأنماط كانت معضلة .. والأخرى أن أندية عدن أو ما كانت تسمى بالشطر الجنوبي من الوطن .. كانت تعتمد على الدعم الحكومي والرسمي بنسبة 100% .. ولم تتوفر لها من سابق مصادر دخل خاصة بها .. أو امتلاكها لمنشآت أو مبان تجارية تساعدها وتخفف عليها من ضغوط الصرف المالي المتزايد والمتصاعد الذي تستهلكه الألعاب الرياضية المتنوعة والمختلفة ولجميع الفئات.الجانب الآخر الذي كان سبباً غير مباشر .. في تصاعد الأحداث السياسية في المنطقة وتبعيات ذلك .. في احتلال الكويت وأضرار الوطن اليمني من ذلك النزوح من دول المنطقة لاشقائنا اليمنيين وطردهم لبلادهم .. وكيف واجهنا ذلك وأتذكر انك كنت معنا عندما أقمنا في عدن بطولة للأندية ذهب ريعها كاملاً لصالح أخوتنا المغتربين النازحين من دول الجوار وكانوا بالملايين.تلك المواقف الوطنية والرياضية أكدت أصالة المعدن اليمني وجودة القطاع الرياضي والشبابي وإسهامه لرفع العبء عن أخوانه الذين فقدوا وظائفهم وأموالهم ومنازلهم بسبب أزمة الخليج آنذاك .. وكلها توافقت مع الأشهر الأولى للوحدة المباركة.[c1]كيف هبطت أندية “عدنية” عديدة يا أستاذ؟[/c]كما هبطت جميع أندية صنعاء وبقية المحافظات ولم يبق غير نادٍ واحد فقط بينما طوال الـ 18 عاماً كل الأندية من الشطرين هبطت فلماذا نجير ذلك ونسحبه على تلك الفترة.وكم تمنيت أن تسأل ماذا حققنا للأندية من مكاسب ملموسة التي هي اليوم ظاهرة للعيان .. وهي أحد أبرز روافد الأندية في عدن.في السابق كانت الأندية في عدن لا تمتلك شيئاً حتى المباني التي هي فيها تابعة للدولة .. وجميع الأندية أممت مبانيها السابقة ومقار الأندية التي دمجت معها .. وتم التصرف بتلك المنشآت. نحن أعدنا للأندية “العدنية” ما كانت تمتلكه .. وملكناها على كل المنشآت التي تستفيد منها وتزاول نشاطها بها .. وفتحنا لكل أندية عدن “في ظل دولة الوحدة” دون استثناء المشاريع التجارية من مخصصات وزارة الشباب والرياضة لتسلم وتساعد في الدفع بالنشاط الرياضي . ولا يوجد ناد في عدن ليست بحوزته منشآت رياضية أو تجارية تسهم في تسيير نشاطه ويكفي أن تعرف أن الأندية في عدن حالياً أفضل من كل أندية الوطن قاطبة باستثناء تلك الأندية التي تبنتها بيوت تجارية أهلية .. وصدقني أنظر كيف كنا نعاني كأندية في محافظة عدن من سابق والأوضاع الحالية .. ولن يمر وقت طويل حتى تكون الأندية في المحافظة الرائدة هي الأهم والأفضل .. وهذا نتاج طبيعي لما تمثله عدن من أهمية اقتصادية ورياضية متميزة.يا عزيزي الكثافة الرياضية في عدن حجمت من الانتشار الرياضي في ظل عدد محدود من الأندية التي تستقطب عدداً محدوداً من اللاعبين وتضطر للاستغناء عن الباقين .. وإنشاء أندية جديدة والاعتراف بها فتح نوافذ لهؤلاء الرياضيين في تجريب حظوظهم مع الأندية الجديدة التي بلغت أربعة أندية بنيت لها مقرات حديثة وحصلت على ما تستحقه من الدعم حسب الإمكانيات.[c1]كيف تنظر اليوم للرياضة بعد 18 عاماً؟[/c]ليس بسر أن الوضع الرياضي اليوم .. لم يعد كما كان عليه عام الوحدة المباركة .. لكنه بالتأكيد أفضل بكثير جداً من الأعوام السابقة .. ومع مرور الوقت يزداد الحال تحسناً ولن يطول كثيراً عودة الوهج الرياضي في ظل دولة الوحدة المباركة إلى ما كان عليه بل وأحسن .. لأن عام 90/91 م كان أفضل المواسم الرياضية أما حالياً فالتطور متواصل إلى ما شاء الله.* لعل أفضل الفعاليات الرياضية عموماً في دولة الوحدة .. إن المنافسات الرياضية لمختلف الألعاب واقامتها هنا أو هناك في هذه المدينة أو تلك على طول وعرض الوطن .. وفرت لنا كرياضيين سياحة داخلية متكاملة في كل بقاع اليمن .. ونحن الرياضيين ربما الأسعد حظاً الذين يمتلكون خاصية التنقل والانتقال في جميع المناطق لإقامة المنافسات والبطولات .. فالكثير من الشرائح الأخرى ليست لديها هذه الصفة.الفترات السابقة بالفعل كانت هي الأصعب والأتعب لأنها كانت سنوات توحيد قوى وأنماط رياضية وخلق حالة دمج كامل لآلية العمل الرياضي في عموم الوطن .. وتذويب الفوارق والتباينات المتراكمة من العهد السابق لكلا الشطرين .. وما ينتظرنا حالياً هي الثمار والحصاد التي سوف نحصل عليه مستقبلاً نتيجة ما قدمناه وغرسناه في سنوات دولة الوحدة الوليدة.من لايعمل لايخطئ وأزعم أني أخفقت في بعض الأمور على قلتها وبالمقابل صادفت النجاح والتوفيق الكبير والكثير .. ولا أدعي أنني صنعته لوحدي، على العكس أسهم معي كل من عملت معهم بقسط وبنسب محدودة كل حسب موقعه ودوره .. ولو عاد بنا الزمان لاستفدت كثيراً من فارق الخبرة الحالية وطول تمرسي الحياتي حالياً .. هذه فقط التي سوف تفرق معي في كل ما عملته سابقاً.لستُ نادماً على شيء .. لأن حتى تلك الاخفاقات وأن وجدت، على نذرتها، كانت أخطاء مزاولة عمل وليست غفلة أو تهاون .. لكن بالمقابل كما أنا فخور وسعيد لكل ما قدمته من عمل متواضع للرياضة عموماً وعدن خاصة بحكم موقعي القيادي رياضياً بها.وأحياناً عندما أتذكر بعض الأعمال التي قمت بها يعود بي شريط الذكريات لذلك الماضي الجميل .. وأكرر ليت الزمان يعود يوماً.العمل الرياضي الميداني يكسب الإنسان علاقات عديدة ومتجددة .. تتطور إلى صداقات وصلات إنسانية أقوى من كل عوامل التعرية .. وهذه واحدة من مكاسبي التي خرجت بها من الحياة.*العودة للعمل الرياضي حالياً صعب جداً أولاً لتوفر الكفاءات الرياضية حالياً وقدرتها على إدارة النشاط، ثانياً عامل السن والتقدم في العمر لا يساعدنا على ملاحقة ومتابعة الأنشطة والأندية والاحتياجات الرياضية.لو عاد الزمان بنا إلى الوراء لسارعت بأقصى سرعة في تمليك الأندية الرياضية لجميع منشآتها .. وصرفنا لها أراضياًوعقارات “حكومية” حتى تحافظ على وتيرة تفوقها الرياضي.لو امتلكت سلطة القرار الرياضي في المحافظة لا لزمت بعض المؤسسات الإنتاجية والناجحة في عدن تبني الأندية فيها ودعمها مادياً ومستلزمات ومعدات رياضية.وحاولت قدر الإمكان إقناع الأندية في محافظة عدن بالبدء وتجربة الأندية الرياضية التخصصية التي تعنى ببعض الألعاب وتتميز بها وتصنع الفارق النوعي في تلك الألعاب وتوزيع الرياضات على الأندية .. فاذا ظهرت موهبة رياضية في أحد الأندية نسلم النادي المختص في تلك اللعبة .. ليبرز لنا رتل كبير من المواهب في مختلف الألعاب ولتمت العناية والاهتمام اللازم بهم .. وسوف يرفدون فرقنا الوطنية بمواهب ونجوم ولدوا ليكونوا أبطالاً.-من كان يصدق أن الأمس القريب، مر عليه 18 عاماً، ونحن نتذكره كأنه بالأمس .. واعترف لك وللرياضيين بأن عملي الرياضي عامة وفي هذه المدينة خاصة التي تركت من أجلها كل ما خلفي للعيش بها .. كانت أسعد وأجمل أيام حياتي .. وعلاقاتي مع رياضييها هي الأخرى كانت الأفضل.اعتذر للجميع عن أي تقصير حدث في عملي عن دون قصد أو إضرار .. ولكل من أخطأت في حقه أو من خلال العمل فالروح والاخلاق الرياضية علمتنا التسامح والتصافح والتصالح .. والتناصح ..