لايختلف أثنان أن العين لتعشق الجمال، وأن النفس لتطرب له.. فكثيراً مايعبر لباس المرء وشكله عن ذوقه قدرته، ولهذا ترى كثيراً من الناس يتصرفون بطريقة تبرز القدرات المادية وتشعرهم بالتفوق على الآخرين حيث اخفقوا في غير مجال فيركبون سيارات فارهة شديدة الغلاء تخطف الأبصار ويلبسون مالا طاقة لأحد على منافستهم به.. ونجاح هؤلاء مرهون يرجحان عقل من يتبارون معه، فهم سيربحون مع من كان خفيفا وسيخرون مع راجح العقل المفكر.ولهذا نرى بعض الناس - سعياً وراء المظاهر- ينفقون ويستدينون من أجل المظاهر الخداعة ولو عانوا كثيراً فمعاناتهم تضحبة أمام مذبح الظهور والبروز على شكل كاذب، ولو أردنا طرح الأمثلة لملأت كتباً، وخلاصتها كذب على النفس وربما عل الآخرين وخداع وآلام لاتنتهي.إن من أطرف وأخطر ما قرأته في مجال الشكل والمضمون، تعاطف الناس مع أصحاب الأشكال الجميلة.. فهم يحكمون مباشرة على شكل امرئ ما فيقولون دون أن يعرفوا شيئاً عنه: شكله شكل حرامي أو محتال.. الخ في كتاب "عقل جديد.. عالم جديد" من تأليف روبرت أورنشتاين وبل ايرليش يطرح المؤلفان فكرة الحكم المسبق على أشياء كثيرة.لقد تطوع قرابة خمسمائة فتى وفتاة- كما يقول الكتاب- كي يثبتوا أهمية الشكل فقاموا بسرقة السلع من متاجر مركزية في مدينة كبيرة. وكانت النتيجة أن البائعين أمسكوا بالأشخاص عديمي الهندام وتركووا المهندمين "الحلوين" وبالمثل يستنتج المؤلفان أن كثيراً من السياسيين غير الأكفاء إنما ينتخبون بسبب وسامتهم.وخلاصة ا لأمر، إذا كان حسن الهندام يفتح الأبواب، وإذا كانت العين تعشق الجمال، فإن المغالاة في المظهر لباساً وكلاماً أمر مضنٍ لايستحق كل هذا العناء ، ولا كل هذا الوقت والمال، فالاعتناء بالمظهر مطلوب ومحبوب، لكن ما أحلى أن يكون المرء بسيطاً متواضعاً بعيداً عن التقليد والمغالاة. أما أولئك المقتدرون الذين لاينافسون فلم تدخل في حرب معهم لا نهاية لها. فلنترك لهم عالمهم وليبق لنا عالمنا. لكل عالمه الجميل الحلو.حقاً إن المرء ليؤخذ بالمظاهر ، لكن إلى حين يذوب فيه الثلج، إذ لا دوام إلا لنداء الروح، لاصوت فوق صوت العقل والمنطق، ولا انتصار إلا للحقيقة ولوكره الكارهون.* سلاّل السيد محمد
الانخداع بالمظاهر
أخبار متعلقة