غضون
- تنشر معظم الصحف السيارة في بلادنا «تنويه» و«تصويب» وتعقيب» و»تصحيح» وغيرها من الأوصاف التي تعنون بها الردود التي تتلقاها من شخصيات طبيعية أو اعتبارية تكذب فيها ما تنشره هذه الصحف في أعداد سابقة .. وهذا جيد وينم عن احترام حق الآخرين في الرد أو التصحيح.. لكن عندما تزيد هذه الردود عن الحد المقبول فذلك يعني أن هذه الصحف لا تهتم بالدقة والمصداقية.. فصحيفة تنشر في اليوم عشرة ردود تكذب ما نشرته في اليوم السابق مثلاً تضع نفسها في موضع الشك لدى القارئ.. فكيف يثق بصحيفة تنشر اليوم معلومات مغايرة لما نشرته أمس حول الموضوع نفسه، فلولا التصحيح الذي يرسله المعني بالخبر ستبقى المعلومات الخاطئة المنشورة في العدد السابق هي الأصل لدى القارئ، وهذا يعني أن الصحيفة تكون قد خدعته أو زيفت وعيه حول القضية ودفعته لاتخاذ حكم أو موقف غير صحيح.- ظلت أكثر من صحيفة تتداول قضية حدث يدعى «النعماني» وتقول إن طفولته انتهكت وأنه ينقل من سجن إلى سجن وأن قضيته تم التعامل معها خلافاً للقانون.. وإن.. وإن.. وإن المطلوب الإفراج عنه وتعويضه.. بينما الحقيقة هي أن «النعماني» فقأ عين طفل، وثبت للنيابة والمحكمة صحة الجرم الذي أرتكبه.- وذلك الحدث.. ولأن القانون لا يجيز حبس الأطفال قررت المحكمة أن على والد الطفل الجاني دفع تعويض للضحية أو الطفل الذي فقئت عينه.. فلا حبس ولا انتهاك ولا شيء مما قالته تلك الصحف التي راحت تقف إلى جانب الجاني وتثير عواطف الناس نحوه على حساب حقوق الضحية الحقيقي.- لا تفعل الصحف أو أصحابها مثل هذا عمداً في الغالب، ولكنهم يسمحون بهذا التزييف والكيد عندما لا يدققون في القصص الخبرية، وعندما يركنون إلى الذين ينشرون لديهم ولا يتساءلون عن اغراضهم ومصالحهم في النشر.. فكثير من الكتاب والمراسلين يسيئون استخدام سلطة الصحافة، ويستغلون مهنتهم أو مسؤولياتهم في نشر ما هو شخصي أو ما يجلب لهم منفعة حتى ولو كان على حساب الحقيقة.. ومثل هؤلاء هم الذين يوقعون الصحف في مزالق كثرة الردود والتكذيب والوقوع في المحظور والتعرض للمساءلة القضائية.. ولا حظوا أن الصحف التي تصيح بأنها عرضة للقيود والمحاكمة الجائرة حول قضية رفعها ضدها فلان أو علان تنتهي في النهاية بإصدار الصحيفة نفسها، اعتذاراً لفلان هذا بسعة صفحة أو نصف صفحة، بسبب ورطة أوقعها بها خبر مكون من سطرين كتبه محرر مسيء للمهنة وخائن لمسؤوليته.