أقواس
يوماً بعد يوم تزداد رقعة الأزمة العالمية الاقتصادية(أزمة الغذاء) حتى ان منظمات إنسانية عاملة هنا وهناك عجزت عن تقديم مساعداتها الإنسانية وبخاصة في القارة السمراء . العالم مهدد بتسونامي جديد ولكنه لن يأتي عن طريق البحر هذه المرة بل عن طريق بوابة الدول الاقتصادية وضمائر رجالات المال والسياسة المسؤولين عن توفير احتياجات الناس.الأزمة تأخذ منحى خطيراً للغاية قد يعمق من جراحات الشعوب والأمم( دول العالم الثالث بخاصة) لأنها اصلاً تعاني من وضع اقتصادي ضعيف ومتخلف وهي في الغالب مجتمعات استهلاكية رغم أن كثيراً من الدول الواقعة في نطاق (العالم الثالث) دول نفطية غنية تستطيع أن تؤسس حياة جديدة على كوكب آخر وتزرع القمح والذرة اليوم قبل الغد.الناس في (حيص بيص) وهم غارقون في بئر الأسعار وهموم قوتهم اليومي بدرجة رئيسية ولا غرابة في ذلك فليس هناك ماهو اسواء من أن لا تجد قطعة خبز تسد بها رمقك والعياذ بالله.الجوع كافر كما قالوا بالأمس البعيد لذلك نجد أنفسنا مع شرائح كثيرة في المجتمع نعيش هذا الهم الكبير فالموظفون تحت الأرض كما تعلمون لا يملكون إلا معاشهم الشهري الذي أصبح يعاني في الفترة الأخيرة من أنفلونزا الطيور وربنا يكتب له الشفاء من عنده.ويبقى الأمل معقوداً برجالات السياسة والاقتصاد في بلادنا لمواجهة هذا الهم الوطني الجديد في حياتنا وأملنا لن يخيب بإذن الله وسنتجاوز هذه الأزمة بحكمة الرجال وعزيمتهم.على الطرف الآخر وفي مساحة أخرى من حياتنا هناك إحساس بالجوع بشكل آخر ومختلف تماماً.. جوع ربما يكون أكثر عمقاً في الإحساس بالألم وصدى الأوجاع اقوى اتساعاً وخوفاً ورهبة من المستقبل المجهول الذي يتطلب ان نواجهه على مختلف الأصعدة والمحاور من حياتنا كدولة ومواطنين.انه الجوع الآخر الذي نعيشه اليوم في زحمة أيامنا المهدر دمها بإيقاع تراجيدي ينقل الروح إلى مساحات الوجع اللامتناهي في عمق الجسد المتهاوي تحت ضربات الزمن الذي لا يرحم ولا يغفر للشعوب أخطاءها الفادحة وجرمها في حق الثقافة والعلم والاطلاع.. النور والأمل بصمات الحقيقة والقلم.. ملامح نهار الوطن الجميل المثقل بهموم الجهل والأمية والسطحية المقيتة.. غياب الحب والود والصداقة الحقيقية بين الناس والكتاب او حتى مع صحيفة تغذي أرواحهم الخاوية.. الفارغة من إسرار الحياة والدين والسياسة والحب والتاريخ ونور الفكر الإنساني المتجدد مع إشراقه فجر جديد في وطن التاريخ والحرية والكفاح وطن الثاني والعشرين من مايو الخالد.هناك أزمة ثقافية حقيقية نعيشها واقعاً انسانياً مؤلماً يدمي القلب والعقل والروح رغم بعض الجهود التي يبذلها كثير من أرباب الثقافة والفكر ولهؤلاء ننحني على كل ماقدموه ويقدموه لخدمة المسيرة الثقافية الثورية الوحدوية الهادفة الى خلق الشخصية الوطنية المعتدلة والقادرة على احداث قفزات نوعية في مختلف مجالات حياتنا اولاً في استنهاض طاقات الأمة والوطن.إننا نعيش أزمة ثقافية عميقة في مدلولاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدليل على ذلك الضرب بعرض الحائط في القوانين والثوابت الوطنية وروح الحركة الإبداعية الوطنية المتشكلة من عمق النسيج الاجتماعي اليمني.إننا نتطلع نحو آفاق العمل الحضاري والإنساني الهادف بلغة عصرية خلاقة تتجاوز الجرائم التي ارتكبت في حق المسرح الوطني والأغنية الوطنية والعاطفية وتحويل دور السينما إلى ضرائب وبيوت للأشباح والغربان والحشرات الزاحفة والطائرة وغيرها من الآفات.. إننا بحاجة إلى علم وحراك ثقافي حقيقي ودائم ومستمر.. غير موسمي أو بالقطعة أو بطريقة( البزنس) والمقاولات.. نريد حركة تجديد ثقافي في مفاصل العقلية اليمنية برؤية واعية بعيدة عن الفقاعات والهوشلية.