سيظل الجميع في وطننا اليمني الحبيب يتذكر الشاعر الرومانسي والأديب والمؤرخ العلامة/ صالح بن علي الحامد أحد رواد حركة البعث والإحياء في اليمن لقد قدم الحامد لليمن كنزاً لا يستهان به في العديد من المجالات الأدبية والتاريخية والدينية..لمع اسم أديبنا الحامد في سماء الفن حتى أعجب الكثير من الفنانين بكلماته العذبة التي دفعتهم إلى أن يغنوها منهم الفنان المعروف أبوبكر سالم بلفقيه الذي غنى له قصيدة : (أيا ثمل الجفون بغير سكر ألا تدري بطرفك ما جناه)سيئون/ أحمد سعيد بزعلوهي من ديوان شاعرنا (نسمات الربيع) غناها بلفقيه في شريط (رسائل مغناة) ومن أغاني الحامد أيضاً هذه الأغنية التي يتذكرها الجميع في محافظة حضرموت وخارجها غناها حسين بن سعيد الكاف وأحمد يسلم زبير وفرقة سيئون يقول فيها :[c1](حولكـــن يا السـويح القبالــي غصن ريـان وأرضــه رخيـــه) [/c]ومثلما كتب الحامد دواوين شعرية عذبة كتب أيضاً مؤلفات تاريخية فذة أهمها كتاب (تاريخ حضرموت) الذي يتكون من جزئين وهو كتاب نفيس لأن الحامد بذل فيه جهوداً جبارة فالمصادر التي استقى منها مادة الكتب لم تأت بالسهل، وقد طبع هذا الكتاب أربع مرات ونفدت كلها لقيمتها التاريخية.الأديب والشاعر/ سالم زين با حميد تحدث عن الحامد في الندوة الثقافية التي أقيمت بمدرسة النهضة بسيئون عام 2000م نظمها آنذاك عدد من الأساتذة والزملاء ومحبي الحامد في ذكرى وفاته الـ (33) وقد قام الأستاذ/ علي عبد القادر السقاف المدير العام السابق لمديرية سيئون مشكوراً بإصدار كتاب خاص حول ما تناولته هذه الندوة من كلمات المحاور وأشعار للتوثيق والتعريف وقد أهداني أبناء الحامد نسخة من هذا الكتاب وهو مرجعي الأول في كتابة هذه المادة فتعالوا نتابع ما قاله الأديب والشاعر با حميد عن أديبنا الحامد :(( في شعر الشاعر صالح بن علي الحامد كثير من الأبيات المفردة ذات الدلالة والعمق مع السلاسة والرقة والبساطة والشاعرية المرهفة، وتكاد أن تجري مجرى الأمثال، ومنها في وصف الإنسان ذي الفطرة السليمة القويمة:[c1]( لم يزل همك التزود للأخرى ولـم تنــس حــــق عاجـــل دارك) [/c]وفي وصف صادق للناس لا يدركه إلا مجرب ذو أعين فاحصة، ونظرة ثاقبة :[c1](وفي الناس لغـــو لا يعــدو وإنما متى تدعهم للتافهات تجمهروا)وفي التعبير عن حالة المحب التي لا يعبر عنها إلا من عاشها وعاناها :( وأوجـــع الوجــــد من خل تظـــل به معذبا ، وهو في نعمانه هاني ) [/c]أما في وصف الأديب الحر الصادق، فيأتي بالعجب العجاب إذ يقول :كذاك الأديب الحق في كل صنعة أديب على الأيام لا يتغيرأما رؤيته للشعر، ودوره في الحياة، ومستقبله، فإليك هذا البيت المنفرد :[c1]( والشعر ما لم يجد ذوقاً وداعية في النـــاس، عد بهـــم ضربـاً من الهذر)[/c]كم تغنى الشعراء برسم الرجل الكامل على مر العصور..وإذا بأستاذنا وشاعرنا الخالد (صالح بن علي الحامد) يرسم لنا الرجل الكامل كما يراه في بيت فريد جامع يكاد يجدد الرجل الكامل من جهاته الأربع: ( جسور، إذا كلت عزائم غيره بصير متى سدت وجوه المذاهب )ويرسلها مدوية بعد تجربة ومعاناة ورصد للواقع بعين شاعر وإحساس أديب :[c1]أصبـح العصـــر خداعـــاً كــلــــه فاحترس من ماكر مهمـــا ألانــاخـــــذ سبـــيــــل الرفـــق آنـــــا أن ترى طيه نفع, وخذ بالعنف آنا [/c]وقد اختتم الأديب والشاعر سالم بن زيد با حميد حديثه بالقول :أنتهز الفرصة هنا لأناشد السلطة المحلية واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في حضرموت وصنعاء للعمل مع وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب على نشر شعر (الحامد) مجموعاً على غرار مجموعات (دار العودة – بيروت) حتى يتسنى نشر هذا التراث الشعري الفخم، وليأخذ مكانه في الأقطار العربية.وللأستاذ (الحامد) الكثير من المؤلفات في النثر والأدب والنقد وأدب الرحلات وغيرها موجودة لدى أسرته تنتظر من ينتشلها من رقادها لتأخذ مكانها في عالم النشر والتوزيع.. لهذا أجد نفسي مشدوداً لولوج عالم هذا الشاعر الخالد (صالح بن علي الحامد ) على أن أفتح للشباب الذين لم يسعفهم الحظ برؤية هذا الشاعر أو الإطلاع على شعره الطريق إلى شعره الرحيب الواسع.لقد كان الشاعر (صالح بن علي الحامد) كما قال عن نفسه في صدق – إلا من عاين شاعرنا الكبير، وهو يختال بقامته المديدة الفارعة في شوارع مدينة سيئون وساحاتها في أناقة أخاذة مميزة :[c1](فكيف ينكــر في من كــان يعـرفنـــي مك الفؤاد ومك السمع والبصر) الأعلام هم [/c][c1]المرآة العاكسة [/c]الزميل والإعلامي المبدع نبيل سعيد مطبق يقول فالأعلام هم المرآة العاكسة لحضارة الأمم والشعوب المهدية إلى التاريخ موروثاً ثميناً ليحفظه للأجيال القادمة، وهذا ما يوقنه جميعنا بيد أننا قد نتجاهل أو نتغافل ذلك اليقين بعد تقديرنا لأولئك الأعلام وعدم إعطائهم حقهم الذي يليق بهم حتى في ذكرى رحيلهم التي قد تمر علينا مرور الكرام أحياناً الشيء الذي يعكس نفسه على ثقافة أجيالنا، أجيال الغد الذين قد يجهلون حتى اسم أولئك الأعلام وقبل الأجيال نحن قد لا نعرف الشيء الكثير عن أولئك الأعلام، فماذا نعرف مثلاً عن الأديب صالح بن علي الحامد وهذه معضلة كبيرة في ظل ما نواجهه من غزو العولمة الهادفة إلى طمس تراثنا وتاريخنا.. وعن دواوينه يقول الأستاذ الراحل/ عبد القادر محمد الصبان رحمه الله أن الحامد هو أول من وضع لقصائده أسماء ولدواوينه عناوين حديثة متأثراً في ذلك بأدباء الوطن العربي الذين عاصرهم.أما الأستاذ/ صلاح الدين المنجد أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية يقول ( إن كتاب تاريخ حضرموت هو أحسن كتاب كتب حديثاً بأسلوب قديم ).ومن مؤلفات الحامد أيضاً وكلام على لسان زميلنا مطبق كتاب (على شعاع القرآن) و (رحلتي إلى اندونيسيا ) و (التعليقات على الفتح ) و ( من الشعر الشجي ) و (المذكرات اليومية) بالإضافة إلى مجموعة بحوث وهذه المؤلفات كلها لا تزال مخطوطة..[c1]رحلة جاوا الجميلة[/c] الأستاذ القدير/ محمد علي با حميد يتحدث عن كتاب الشاعر والمؤرخ/ صالح بن علي الحامد ( رحلة جاوا الجميلة.. رحلتي إلى اندونيسيا ) المخطوط والمطبوع حالياً على ورق الشمع – الاستنسل – من قبل اتحاد الفنانين اليمنيين شعبة سيئون عام 1995م والذي كتبه الحامد عام (1355هـ - 1936م) قد سجل فيه بعضنا من تاريخ اليمنيين – الحضارمة – في شرق آسيا، أعطى وصفاً أدبياً خلاباً للمدن والمناطق التي زارها في تلك الأًصقاع، كما قدم ترجمة موجزة عن العديد من الشخصيات الأدبية والاجتماعية التي زارها وقابلها هناك.وقد وصف الأستاذ المحقق ( عبداللاه محمد الحبشي ) في كتابه ( الرحالة اليمنيون ) الشاعر والمؤرخ ( الحامد ) بأنه ( الرائد لهذا النوع من الأدب في اليمن، وتكاد هذه الرحالة الوحيدة التي خطها يراع أديب يمني ).كما اعتبره أيضاًً في كتابه ( أوليات يمانية في الأدب والتاريخ ) رائد الشعر الحديث في اليمن.معظمنا يعرف أن (الحامد) لم يبق لصيق وطنه حتى مماته بل جال وساح في جزائر الشرق الأقصى واندونيسيا وزار مصر، كما كان يتردد على سنغافورة ويسافر إليها مرات عديدة، ولاشك أن تلك الأقطار والبلدان كانت مصدر إلهامه ووحيه, بل هي التي جعلت منه شاعراً رومانسياً حتى النخاع حيث اعتمد على قلبه وعاطفته ومزج مشاعره وأحاسيسه بمباهج الطبيعة ومناظرها هناك، كما أن تلك البلاد وأوضاعها وتغير الحياة فيها هيأت له إطلاق أفكاره الحبيسة وأدت إلى تغير الذوق لديه الذي أدى إلى الإبلاغ والتجدد عنده، مع ملاحظة أن تلك الأجواء لم تبعده عن شعبه وما فيه وطبيعته الخاصة.فإن الشاعر الحامد قد أعجب بالجمال وتذوقه في معظم أشعاره ويقول الدكتور/ مبارك حسن خليفة في كتابه صالح الحامد بين التقليد والتجديد ( إن الجمال عند الحامد شيء لا يتجزأ يجده في منظر الغروب وإطلالة الصباح وإشراق الروض والجمال غالباً عند شاعرنا يكون من نصيب المرأة حيث نجده غنى لها في شتى حالاتها)، ويضيف أستاذنا با حميد وعندما استقربه المقام في حضرموت كتب رحلته التي اسماها ( رحلتي إلى ربوع اندونيسيا ) وفيها لخص نظريته في الجمال بعد ( أن استهام بالجمال الإنساني وافتتن به في ألطف مظهر له وهو – المرأة – فهام بسحرها ونظم في تقديسها وتمجيدها أروع الشعر).وقد اعتبر جمال المرأة مظهراً من مظاهر الجمال الكونية وجزءاً من الطبيعة التي يتفق الكل على أن يجدر بالشاعر الملهم أن يسحر بجمالها ويتهالك في الفتنة بها، ولا أقل من أن يعطى الشاعر هذا الكائن الحي البديع نظرة صوفية نزيهة، يشهد بما فيه جلال الخالق المعبود.يقول الحامد في كتاب رحلته عند وصفه لجمال جاوا تلك الجزيرة الخضراء التي كستها الطبيعة الساحرة حلة سندسية موشاة ببدائع باهرة من فنون الطبيعة الرائعة يقول في ذلك ( كأنما قدمها الله لعباده المخلصين نموذجاً مما وعدهم في الفردوس الأعلى مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكأنما كانت لأشقياء العباد الذين أتيح لهم التنعيم بمشاهدتها جنة عجلت لهم في الحياة الدنيا لتكون حظهم مما لدى الله سبحانه من شتى المباهج وافانين النعيم ).يمكنني القول أن شاعرنا ومؤرخنا ( صالح ين علي الحامد) قد أوضح بجلاء كيف يجب على الإنسان المسلم أن يدرك الجمال والاستمتاع به، وأين عليه أن يتلمسه ويتأمله ويسلط عليه نظرة فالحكم الجمالي ذوقي محض ونصل إليه نتيجة شعورنا الذاتي وليس نتيجة قياس عقلي، ومن هنا فإن المتعة التي نحسها تجاه الجمال أساسها حكم ذاتي لابد وأن ينطلق من عقيدة الإنسان وقيمه وتعاليم دينه.[c1]السقاف والحامد ربع قرن في الحضر والسفر[/c]الباحث والمؤرخ الأستاذ/ جعفر محمد السقاف الذي يعتبر الحامد أستاذه يقول إذا كان لكل طالب علم (شيخ فتح) وكما يوصف حالياً في الدراسات الأكاديمية بالموجه للدراسة الخاصة أو المشرف، فإن والدي السيد ( صالح بن علي الحامد ) كما يكتب اسمه هكذا كاملاً حتى في توقيعاته – هو مرشدي وشيخ فتحي – سمه ما شئت من هذه النعوت - فقد قضيت معه أكثر من ربع قرن في الحضر والسفر، وفي العمل بالمحاكم الشرعية ومجلس الدولة، فأصبحت كالظلال له – كما قال لي كثير من الأخوان – ولأنني كتبت عنه كتاباً مستقلاً، فإن ما اكتبه عن أستاذي الحامد هو غيض من فيض، وأنني اعتبر السنوات التي قضيتها معه سفراً وحضراً وعملاً ودراسة وفي الكواليس هي أسعد سنين حياتي الحافلة بما لا يحصى من ذكريات ذلك الجيل الذي له أعمق الأثر في نفسي.. وأحتفظ برسائله إلي التي قدمت نموذجاً منها لأبنائه الذين افتقدوه وهم في مقتبل العمر وبأمس الحاجة إليه كشخصية نموذجية قلما يأتي الزمان بمثلها سعة علم، ورجاحة عقل وذكاء وقادا. وهل يوجد بحضرموت زعيم..؟ طلبنا من الأستاذ/ الحامد رأيه فاعتذر متحفظاً لكنني بصفتي رئيس الجلسة تحدثت وقلت للمستمعين وكلام لا يزال على لسان الباحث جعفر السقاف ( قد تعجبون مني مبدئياً إذا قلت لكم سأبرز رأي الأستاذ/ صالح الحامد جلياً وبدون تنويم مغناطيسي أو ما إلى ذلك )وسر أن يكون أحد تلامذته بهذه الجرأة والقدرة على استخلاص أفكاره.. قلت ( إن أقطاب النقد وعباقرة الأدب قالوا أن الشاعر الحقيقي هو الذي يستطيع الناقد المنقب استنتاج آرائه من أشعاره، وشاعرنا / الحامد كما وصفته الصحف بأنه شاعر حضرموت الأكبر، فكيف لا نستطيع إبراز آرائه من أشعاره وهو بذلك وكذلك).وهناك فصل خاص من حياة ( الحامد ) مع التشريعات القضائية ودستور الدولة ومناقشاته مع القانونيين، وكان هو رئيس لجنة الدستور وكنت سكرتيرها واحتفظ بملف ضخم يمثل هذا الجانب في مسائل قضائية.[c1]حضرموت أمام مجموعة من العبقريات [/c]الأستاذ/ أحمد محمد بن صافي يقول أن السفر اليمني لا يمكن مهما حاول بعضهم أن يعتم على شعر "الحامد" إلاَّ أن يظهر، فقد قال "المقالح" عن "الزبيري" في مجلة العربي العدد "297" أغسطس 1983م وجدت بعض الموتى ـ الأحياء ـ يفرضون أنفسهم على هذه الدراسات ويقفزون لا يشكلون من حضور أدبي إلى الصفحات الأولى.ونحن في حضرموت أمام مجموعة من العبقريات الفذة تملك العديد من الخصائص من أمثال "الحامد ـ عبدالرحمن ـ بن عبداللاه ـ بن شهاب ـ عبدالقادر العيدروس ـ بن عامر".لقد عرفت الأستاذ/ الحامد مؤرخاً حين كنت طالباً وطلب منا أن نكتب ملاحظاته على "تاريخ حضرموت" في شخصيات للمؤرخ "سعيد عوض باوزير" لما قدمت إليه مسدوته بواسطة السيد "علي بن شيخ بلفقيه" وقد طبعت فيما بعد ملاحظات السيد (عبداللاه بن حسن بلفقيه) كما طبع كتاب الحامد أو أشار إليه في تاريخه المكون من جزئين وقد قدم لتاريخه الكاتب والمؤرخ (صلاح الدين منجد) أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية، فقال عنه: (انه أحسن كتاب تاريخ كتب حديثاً بأسلوب قديم) وهي شهادة كبيرة من رجل له مكانته الدولية في البحث التاريخي.لكن ربما من يسمع أنه بأسلوب قديم فربما يشعر بأن الكتاب امتداد للكتب القديمة وأسلوبه سجع والواقع بالعكس، فهو كتاب أسلوبه سهل، وعنده حس المؤرخ الذي يجعله يتشكك في الحوادث ما لم يثبت ما يؤكد صحتها أو نفيها، ولكن الأسلوب القديم فيه هو عنايته بتسلسل الأحداث بعد نهاية كل فصل حسب موقعتها بالسنين.وإذا كان التاريخ في الواقع هو تاريخ منطقة معينة من الوطن العربي هي (منطقة حضرموت) إلا أن من قرأه فلابد أن يطلع على تاريخ الوطن العربي بأكمله على اعتبار أن حضرموت جزء من كل، وهذا ما رايته في كتاب (تاريخ الخليج العربي) لـ (قدري قلعجي) من جزء واحد فقط، بينما (تاريخ حضرموت) من جزئين والثالث لم يكتمل بعد أو لم يتمه المؤلف، فقد توقف عند القرن العاشر.وفي جلسة من جلسات (نادي الشباب) قدم لنا الشاعر الأستاذ/ صالح الحامد معلقاً على محاضرة ألقيت عنه أو عن شعره وقد كان فيها حاضراً قدم ثلاث مقالات لثلاثة كتاب مصريين، علقوا فيها منتقدين بعد نشر ديوانه (نسمات الربيع) لعلها من (الأهرام، السياسة، والمقتطف).والحامد كشاعر ليس غريباً على مجتمع مصر لان إنتاجه دائماً ما ينشر في مجلة (أبو لو) و (المقتطف) و(الرابطة) لامين سعيد، وهذا ما تبلوا في ردود الفعل، بعد صدور ديوانه الأول، وما لقي من حفاوة وإجلال لدرجة أنه قال لنا: (لو جمعت ما كتب عن ديواني "نسمات الربيع" لاجتمع كتاب مستقل بذاته) ومعروف أن أي عمل أدبي لا يحكم له النجاح إلاَّ بما يلقى من نقد وترحيب في الوسط الفني، مهما كان هذا الترحيب فالنقد بمعناه الشامل هو الحكم لك وعليك، وإذا كان النقد الآن قد انتهى في وسطنا فلأننا نريده أن يكون تصفيقاً وإعجاباً، وهو أمر لايقبل به القراء والمتأدبون.والأستاذ الحامد كما قلت سلفاً متفنن فهو فقيه ومحدث، ومؤرخ وكاتب وخطيب وله باع طويل في كل هذه الفنون وكان يسوؤه أن يقيمه أصحابه على أنه أديب فقط دون أن يضيفوا إليه هذه المواهب العظيمة التي يتميز بها وقد تتلمذ على يد السيد (محمد بن هادي) و(عبد الرحمن بن عبداللاه آل السقاف) ولهذا يعزي نفسه من قصيدة قائلاً:[c1](ما ظفــر الحســــاد منــــك بطائـــل سوى أن يقولوا شاعر أو أديب) [/c][c1]الحامد في سطور[/c]ولد الأديب صالح بن علي الحامد في مدينة سيئون عام 1903م من أم اندونيسية الميلاد، حضرمية الأصل، وأبوه هو الثري المحسن المعروف علي بن صالح الحامد فقد تزوج في (سوروبايا) من إحدى بنات عشيرته وأنجبت له هناك من البنات ثلاثا، ولم يمكث أبوه هناك غير فترة قصيرة عاد بعدها إلى مدينة سيئون وبعد سنة تقريباً أنجبت له الزوجة الاندونيسية الحضرمية أبناً أسماه (صالحا) تيمناً باسم أبيه، واستمرت أمه في الإنجاب حتى صار لديه من الأخوة الذكور ثلاثة وهم: عبد القادر، سالم ومحسن ومن الإناث خمس أما أخوانه من الأب فهم متعددون حيث كان رحمه الله ـ مزواجاً وقد يتزوج من أرملة ينتشلها من حياة الفقر والفاقة .. وقد ترعرع وتربى أديبنا في أحضان أبيه بمدينة سيئون وعندما رأى الأب في أبنه سمات النبوغ، زاده حباً وحناناً وعناية ولقد رعاه خير رعاية وكان خير عون له، حيث فتح له أبواب المعرفة وأمده بكل ما يشبع رغباته من الكتب المطبوعة بالطباعة المصرية والنادرة الوجود في ذلك الحين حتى تفجرت مواهبه وتوسعت مداركه، فقد تلقى دراسته الأولية في معهد الأستاذ الكبير (محمد بن هادي السقاف) ولقد أطلق عيه شيخه (ابن هادي) لقب (سيبويه الزاوية) لأنه كان جواداً سباقاً وخاصة في علم القواعد وكانت وفاته عام 1967م حيث لم يتجاوز عقده السابع أي في الثالثة والستين من عمره الزاخر بالعطاءات.تزوج الحامد في التاسعة عشره من عمره، وكانت الزوجة الأولى من أسرة (آل مولى الدويلة) وانجبت له ولدا وبنتين وسافر إلى (سنغافورا) وتزوج هناك الزوجة الثانية من عائلة (آل العيدروس) وأنجبت له بنتاً ـ لا تزال موجودة وربة أسرة كبيرة ـ وعاد إلى حضرموت وتزوج الزوجة الثالثة من أسرة (آل علي بن عبدالله) وقد أنجبت له من البنين خمسة وهم (علي ومحمد وأبوبكر وحسين وغالب وبنتاً واحدة) وقبل إنجابها هذه المجموعة من البنين والبنات، فقد تزوج خفية من فتاة في السادسة عشرة من عمرها، وهي من أسرة (آل باحميد) وهام بها وهامت به، ولكن لم تدم عشرتهم طويلاً حيث اختطفتها يد (المنون) وهي لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها القصير ودليلاً واضحاً على حبه لتلك الزوجة ديوانه (ليالي المصيف) والذي أهداه لها قائلاً : (إلى تلك الروح الخالدة الدارجة إلى عالم الخلود، أهدي ديواني هذا) ـ ويكفينا دليلاً على حزنه العميق على تلك الفتاة، قوله في إحدى مراثيه لها:[c1] قالوا جننت أسى، فقلت رويدكم فالخطب أفدح والخسارة أعظموتزوج الحامد بعد ذلك الزواج الأخير، وأنجبت له هذه الزوجة بنتين. [/c][c1]الحامد والهجرة[/c]لقد تعود "الحامد" على الهجرة منذ نعومة أظفاره وكانت هجرته الأولى في نهاية عقده الثاني وبالتحديد عام 1923م حيث سافر برفقة أبيه إلى (سنغافورا)وعاد إلى (حضرموت) وبقي يتردد على (سنغافورا) وكانت آخر رحلة له إلى تلك الربوع عام 1954م ولقد طاف وجال في جزائر الشرق الأقصى و"اندونيسيا" حيث كانت مصدر وحيه وإلهامه، ولكم تغنى بجمال طبيعتها في كثير من أشعاره، وله فيها كتاب مخطوط اسماه (رحلتي إلى ربوع اندونيسيا) شرح فيه حياة اليمنيين هناك، حيث كان لهم الفضل في نشر العلم والثقافة، إذ لا يختلف اثنان على ذلك. أما (سنغافورا) فقد اعتبرها وطناً ثانياً له، حيث تزوج فيها كما ذكرنا وله فيها صولات وجولات، وكان كثير العطاء في ذلك الحين،إذ لا تخلو مجلة أو صحيفة من عطائه ومشاركته الفعالة سواء أكان شعراً أو نثراً، أي في كل المجالات وعلى كل الأصعدة من الشعر والبحث والنقد والمقالة، حتى أغنى الصحافة العربية في (اندونيسيا) وسال قلمه وانتشرت كتاباته في عالم الفكر والأدب حتى وصلت(مصر العربية) حيث شارك في أمهات صحفها كمجلة(الرسالة) و(السيارة) و(أبو للو) و(المقتطف) و(السياسة) وغيرها من الصحف في ذلك الوقت،ولقد طلبت هيئة تحرير(أبوللو) صورته ولبى طلبها وصورته موجودة في صدر المجلة التي تصان في (مكتبة الاحقاف) بمدينة تريم ومن زملائه على صفحات الصحافة حينئذ صديقه الأستاذ(علي أحمد باكثير) و(الشابي) و(صالح جودت) و(أحمد رامي) وهو الذي قدم ديوانه الأول(نسمات الربيع) وغيرهم من نجوم الأدب،ولقد طلب منه الأستاذ/ علي أحمد باكثير زيارة مصر ولم يتوان أو يتردد في تلبية طلبة،وهاجر من(سنغافورا) إلى(مصر) عام 1954م وكان في استقباله الأستاذ(باكثير) والأستاذ(علي باعبود) والذي كان مشرفاً على طباعة ديوانه الأول(نسمات الربيع) ولقد أقيمت حفلة استقبال كبيرة دعا إليها(باكثير وباعبود) ولقد كانت هذه الرحلة مطبوعة في ذهنه طوال حياته.[c1]الحامد في سوق عكاظ[/c]الأستاذ/ علي صالح الحامد ابن الأديب الراحل الحامد يقول:(لقد سمعت ولدي مرة يقول:حضرت ندوة أدبية أقيمت في دار الكاتب الكبير كامل الكيلاني وكان المشاركون فيها أكثر من عشرين شاعراً وشاعرة حتى خيل لي أني في(سوق عكاظ) واستفدت الكثير منها حيث تحدثت وتعرفت شخصياً على الكثير من أدباء وعباقرة مصر الأفذاذ أمثال الدكتور/ طه حسين وعباس محمود العقاد والكيلاني وغيرهم ممن كنت أتمنى اللقاء بهم والفضل يعود للأستاذ/ علي أحمد باكثير إذ كان خير عون له في حله وترحاله،وفي مقدمة(باكثير) لديوانه الثالث(على شاطئ الحياة) ما يدلنا على عمق وأصالة صداقتهما القديمة.[c1]الحامد الوطني المخلص[/c]لقد كان الأديب صالح بن علي الحامد وطنياً غيوراً على وطنه،متحمساً إلى حد التعصب – كما يقول الدكتور/ صلاح الدين المنجد في مقدمته لـ (تاريخ حضرموت) الجزء الأول،أما السياسة فقد كانت له وجهة نظر فيها،ترجمها في إحدى منظوماته بديوانه الثاني(ليالي المصيف).[c1]قالوا السياســة لغز لســت تعرفه فقلت ماهي من شاني ولا وطري قد قيل لي هــي حربـــاء سجيتهـــا تلــــون عــابــث بالعقــــل والبصــــر فاستؤلف الكذب حتى صار محمدة وأصبح الصدق ذنبا غير مغتفـر فسوف أبقى بعيدا عن معامعهــا لا يعرف القوم ما شأني ولا خبري[/c]ولكن السياسة فرضت نفسها عليه ولم يدر بنفسه إلا في معمعانها،إذا لعب أدوارا سياسية هي في الحقيقة كانت تخدم مصلحة وطنه في وقت كانت الأفواه مكممه والأقلام مقيده،إذ لا يخفى على أحد أنه قد رشح وانتخب من قبل الشعب رئيسا للحركة الوطنية والتي تعبر عن هموم ومشاكل المواطنين في تلك الحقبة من الزمن،أما الوظيفة التي شغلها لم تكن بدافع رغبته طالما وقد كانت ظروفه المعيشية الشحيحة هي التي أرغمته على قبولها وهو الذي يعيل أفراد أسرة كبيرة،فقد كانت الوظيفة عائقاً وحجر عثرة في طريقه خاصة وأنه بحاجة إلى التفرغ للكتابة في مؤلفاته المخطوطة والتي تحتاج منه إلى مزيد من الوقت،ولولا الوظيفة كما يقول الحامد(لا خرجت لأمتي الجزء الثالث من تاريخ حضرموت) والذي بدأ في إعداده وكأنه يردد قول الشاعر:[c1](ماكل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن) [/c][c1]غذاءه وشرابه الروحي[/c]إن للفن والدان الحضرمي أهمية خاصة في حياة الأديب الحامد حيث كان غذاؤه وشرابه الروحي وللحامد باع طويل في هذا المجال سواء كان على صعيد الشعر الحكمي أو الحميني الشعبي فهو يرى أن الفن والأدب توأمان مكملان لبعضهما البعض ولقد كان الفنان المرحوم(شيخ البار) ملحنه الخاص في ربوع الشرق الأقصى وهو الذي قام بتلحين أغنية(قف معي نشهد جمالا) وهي الأغنية المشهورة والتي غناها الفنان الكبير(محمد جمعه خان)وسجلها ونشرها على نطاق واسع وهناك أغان كثيرة ومتعددة منها ما أشتهر ومنها ما هو على عتبات النشر والذيوع وهناك أغنية عذبة اللحن والإيقاع إرتجلها في جلسة خاصة ولحنها وغناها الفنان(شيخ البار) تقول كلماتها:[c1]قدك يا شـــادي ورفقـــــا يا وتــــــر لست فــــولاذا ولا قــــلبي حجــــرلســــت إلا شــــاعـــــرا تهفـــــــو لــــه نوب الشــــــوق وأحــــــلام الذكــــر[/c]ومنها:[c1]رب لحن ناطــــــق مـــــــن وتــــــر خاطب النفس فأشجاها وسر ومغنــى صانـــــع ما لم يطـــــق شاعـــر إن نطق الشعــر سحرلغــــه الـوجـــدان إن لم تدرهـــا فاســأل القلــب بخيــرك الخبر[/c]ولا ننسى أغنية(المناجاة) التي غنت واشتهرت في الأوساط العربية في أندونيسيا:[c1]هل تذكرين وقد ضممتــك ضمــة الصــــب الـــولــــــوع ولو استطعت فتحت مـــن لهف الغرام للك الضلوع هل تذكرين لــــــذاكر هـمـــــــم الـــــــهوى هل تـــذكرين؟أنـــــا والـــــه،أنـــــــا حائــــــــر أنا فــــوق ما تتــصــوريــــن[/c]ومن أغانيه المشهورة والتي لحنها وغناها الفنان(يسلم دحي) وسجلها الفنان(محمد بن شامخ)هي:[c1]أقبلـــت في الحريــــر غصــــنا رطيــبــــا تخجـــــل البـــــدر والغـــــزال الربـيـبـــا منظـــــر يصبـــــح التقـــــــى خليـــــعــــــا منــــــه والبائـــــس الحـــزيـــن طرويــــا لا تـــــقــــــــل لـــــــــــي تفنــــنـــــــــا أم دلالا كــــــل ذا في الحســــــان ليــــــس غريبـــا[/c]أما أشعار الحامد الغنائية(الدان الحضرمي) فله فيها ديوان مخطوط وبكل أسف فإنه قد فقد لكن الأمل لا يزال موجودا في العثور عليه إن شاء الله- وهنا نحب أن نشير إليه نماذج من تلك الأغاني والتي بقيت عالقة في ذاكرتنا فهذه أغنية معروفة ومألوفة وطالما شدا بها الفنان الراحل(محمد سعد عبدالله) وقبله الفنان(محمد جمعه خان) وهي على منوال(بالغواني) تقول:[c1]ارحمونا يا أهل الشنف والمداره سقونا..من طشكم والمطرواطرحونا في حيد عالي،وباشوف خلي والقلب على الزين محنون[/c]أما الغنية الذائعة الصيت وهي التي يقوم بتسجيلها الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه يقول فيها:[c1]يا نسيم الصبا والأنس حيا قبالكوأنت يا قلب شف بحر المحبة صفا لكمجلس الأنس عندي طاب شربهوالعنق والبلابل فوق لغصان سجعت بالتلاحين [/c]ومن الأغاني التراثية،الأغنية المشهورة(عدد طشوش المخيله) اكتفى ببيتين منها [c1]عسى لــــذا القـــــــــلـــــب رده أو للــــــــزمـــ ــــــــان ذاك در والأنــس ربي يعــــــــيـــــــده ولا على الله شـي بعــــيـــــــد أيـــــام مـــــــرت عــــديـــــــــده ولا نقص ذا العشق بل عاده يزيد[/c][c1]شعر الأراجيز[/c]وبنظرة خاطفة على أشعاره الارجوازية نجد مجموعة لا يستهان بها من هذا النوع من الشعر فلقد جمع(الحامد)هذه المجموعة والتي تتناسب مع ذوقه الرفيع فشعر(الفرزدق) مثلا كان من الشعر المفضل لديه فـ(الفرزدق)كنية أو لقب يختفي وراءه الشاعر إذا أراد أن ينتقد أو يهجو شخصاً بعينه وقد يستعمله البعض ليقول رأيه بحرية في موضوع سياسي معين ويترجمه شعرا أو نثرا.ولا أعتقد أن أحدا بلغت به جراءته وشجاعته للرد على هذا الشاعر المجهول واعتقد أن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة خاصة.والشاعر(الحامد)له عدة أراجيز غالبا ما تأتي في المناسبات وخاصة الأعياد.ولو جمعنا ما كتبته أقلام الأدباء من مختلف البلدان العربية لصار لدينا مؤلفاً كاملا بمقدماته وحواشيه وخاصة بعد إصداره ديوانه الأول(نسمات الربيع) واكتفى هنا بما كتبه قلم الأديب الكبير(محمد عبد الغني حسن)في مجلة(المقتطف) المصرية عام 1936م حيث قال بالحرف الواحد:نسمات الربيع ديوان شعر لـ صالح الحامد العلوي الحضرمي مطبعة لجنة التأليف والنشر بالقاهرة مؤلف هذا الديوان يستحق منا ومن المقتطف الوقوف أمام ديوانه لأنه يكاد يكون الشاعر الوحيد في جزيرة العرب في عصرنا الحديث الذي أستطاع أن يخرج لقراء العربية شعراً يستحق أن يكون موطن قراءة وبحث وعجيب جدا أن يكون هذه شأن جزيرة العرب معنا أن تخرج لنا من الشعراء الفحول أمثال(امرؤ القيس) و(النابغه) و(زهير) و(طرفة) في الجاهلية و(حسان) و(ابن أبي ربيعه) في الإسلام،وشاعر حضرموت شاب كما يلوح من صورته في الكتاب،وكما يبدو من شعره في قوله:[c1]غالب همومك ما استطعت فإنــمــــــــا الدنيــــــا غــــــــلاب واغنـــم السباب في الحيــاة وما الحياة سوى الشباب[/c]وهو في هذا يحث على اغتنام فرصة الشباب قبل أن يفجا المشيب،ويدعو إلى الفرح ونبذ الاتراح،ومن هذا نستطيع أن نتصوره شاعرا مرحا،فرح النفس مبتسما للحياة:[c1]أستــــفـــــــق وأغنـــــــــــــــم الصبــــــــــا قبل أن يفجاك الشيب مؤذنا برواحكقم تمــــل الحيــــــاة وأمـــــلأ غنــــــــاء جـــــو روض مــــــلاتـــــــه مـن نــــــواحـــك[/c] هناك مهمة تعنينا من هذا الديوان وهي الناحية الشرفية فالشاعر شوقي قبل أن يكون عربيا،لذا نراه نراه دائماً يضرب على هذا الوتر في معظم قصائده،فإذا رثى لا يبكي،لأن البكاء شأن الضعفاء المغلوبين على أمرهم،وإنما يثير في السامعين الحماسة ويذكرها لو نفعت الذكرى بمجد أبائهم وما في أجدادهم ويلومهم ويسرف في لومهم،ويقول:[c1]أفاق الشـــــرق بعد النوم دهرا فقـام الصين وانتقض الهنود وثـــــــارت للعــــــــلا أمــم وهبـــت تجمـــــع شملهـــا حتـــى اليـهود [/c] ولا يبالي في البيت الثاني أن يغضب اليهود،وكان اجتماع الشمل كثير عليهم،وهو شرفي أيضا إلى الحذر من مدينة الغرب الكاذبة وزخرفتها الباطلة.ولشاعرنا أسلوب يبشر بمستقبل عظيم فهو سهل كما يراه القارئ مما عرضناه سابقا،وهو واسع مما جعل معاني الشعراء السابقين تتوارد إلى ذهنه..[c1]سيئون تودع الحامد بألم وحسرة[/c]في اليوم السادس من شهر ربيع الأول من عام 1387هـ الموافق للرابع عشر من يونيو عام 1967م وعلى إثر جلطة دماغية أصابته وهو يتأهب لصلاة العصر في أتم صحة وعافية انتقلت روحه إلى جوار ربه بعد رحله طويلة من التعلم والتعليم والقراءة والتأليف والعبادة والتذكير،فودعت سيؤن فقيدها بألم وحسرة كبيرين،وفي القاهرة احتضنت النيل نسمات الربيع ليحتفظ بشئ من ذكراه،أما في أندونيسيا بلاد الطبيعة الساحرة والجمال الأخاذ فقد ودعته جبالها في شموخ ممتزج بالحزن توارى مع غياب شمس ذلك اليوم الحزين،وكأنها تردد أبياته التي يقول فيها:[c1]سوف تبقى ذكرى الشباب متى شئت وذكــــرى الحيــــــاة بعـــــد حمــامــي وإذا مــا سمــــوت في عالـــم الـــروح ستبقــــى في عــــالـــــــــم الأجســــــــــام[/c][c1]كلمة لا بد منها [/c]نتمنى من قيادة السلطة المحلية على صعيد محافظة حضرموت ممثلة في الأستاذ/ عبد القادر علي هلال محافظ المحافظة في التفكير برفع اسم الحامد على معلم تربوي أو ثقافي في هذه البلده الطيبة حضرموت أحقاقاً له وتقديراً وهو أقل ما يمكن،حيث سبق للسلطة المحلية أن رفعت خلال الأعوام الماضية علمين من أعلام هذه المدينة ووضعتهم في موضعين كريمين وهما الأديبان الشاعر والمسرحي الكبير/علي أحمد باكثير وحملت ثانوية البنات اسمه وكذلك الأديب الراحل والمؤرخ/ عبد القادر محمد الصبان وحملت ثانوية البنين بسيئون اسمه...إننا لمتفائلون جداً بأن الأيام القادمة ستشهد اهتماماً غير عادي بهذه الشخصية الفذة والعبقرية الحقه..وسينال(الحامد) هذه العناية والاهتمام هنا في الطويلة في سيئون مسقط رأسه والتي طالما تغنى فيها ولها..وقدم الحامد للسعيده اليمن كنزاً كبيراً لا يستهان به في العديد من المجالات المختلفة، فإن تكريمه واجب حتى يعرف الآخرون ممن لا يسكنون هذه البلده من هو الحامد وماذا قال وماذا قدم...