أقيم لأول مرة في القاهرة : المؤتمر الأول للقصة القصيرة للارتقاء بها وبكتابها
[c1]* د. مدحت الجيار : هذا الاجتماع كان حلماً ولكنه تحقق أخيراً[/c]
القاهرة / 14 أكتوبر / وكالة الصحافة العربية :أكد مشاركون في المؤتمر الأول للقصة القصيرة، الذي أقامه نادي القصة بالقاهرة مؤخراً علي أن القصة لها مكانتها في مجال الإبداع السردي، فقد استطاعت أن تجتذب معظم الكتاب بداية من عملاق الرواية العربية نجيب محفوظ، ورائد القصة القصيرة في مصر والعالم العربي يوسف إدريس، ومعظم الكتاب والروائيين العرب. وأكدوا أن هذا المؤتمر جاء ليرد الاعتبار لكتاب القصة الذين تم استيعاد أعمالهم من نيل جوائز الدولة التشجيعية وأن هذا المؤتمر جاء ليؤكد دور نادي القصة بالقاهرة للارتقاء بفن القصة وكتابها، حيث أقيم تحت رعاية وزير الثقافة المصري فاروق حسني، وبرئاسة شرفية للكاتب المصري المعروف بهاء طاهر، وحضور عدد كبير من كتاب القصة ونقادها ليشاركوا بأبحاث ومحاضرات ومناقشات جادة وقد حمل المؤتمر، الذي أقيم برئاسة الكاتب عبدالعال الحمامصي رئيس نادي القصة عنوان "القصة القصيرة بمصر" في دورته الأولي التي حملت اسم يوسف السباعي باعتباره مؤسس النادي.ويذكر الكاتب عبدالعال الحمامصي أنه في الوقت الذي استبعدت فيه لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة كل الأعمال القصصية، التي تقدم بها أصحابها لنيل جائزة الدولة التشجيعية، وكأنهم يقررون أن فن القصة القصيرة في مصر لم يعد قادراً علي التواجد أو تقديم أسماء جديدة في مجال إبداعها جاء هذا المؤتمر رداً عفوياً وطبيعياً وغير مرتب للرد علي زعمهم غيرا لصحيح وأن مصر لا تزال زاخرة بكتابها في هذا المجال الصعب والمتميز بمجال الإبداع القصصي، والذي لا يزال أقرب الفنون إلي القراء وأنه لا يزال الفن صاحب القابلية المطلقة لاحتواء كافة التجارب والتيارات والاتجاهات والمتغيرات، حتي إن نجيب محفوظ عملاق الرواية العربية وهو في أوج شهرته الروائية قد رفض التخلي عن القصة، وكان آخر ما كتبه في حياته مجموعة قصص قصيرة تحمل عنوان "أحلام فترة النقاهة".[c1]حلم[/c]ويؤكد د.مدحت الجيار سكرتير عام نادي القصة بأن المؤتمر كان حلماً ظل يراود مجالس الإدارة السابقين الذين عجزوا عن توفير التمويل اللازم له والذي ظل حائلا دون تحقيق هذه الأمنية إلا أن مساندة وزير الثقافة ودعمه للنشاط الثقافي بالنادي وتخصيصه مبلغ مائة ألف جنيه بتمويل من صندوق التنمية الثقافية، وبفضل تضافر جهود مجلس الإدارة الحالي برئاسة الكاتب عبدالعال الحمامصي الذي وضع إقامة المؤتمر علي رأس الأولويات وسعي إلي استقطاع جزء من الميزانية الضئيلة المحدودة للنادي لإقامة هذا المؤتمر وتوفير مصاريف انتقال المشاركين فيه من صعيد مصر وسائر محافظاتها والذين حرصوا علي الحضور للمشاركة في فاعليات المؤتمر سواء بالحضور أو المناقشة أبحاث المؤتمر، التي تبلغ نحو عشرون بحثاً، كما قام النادي بإصدار أول دليل يضم أعضائه ومؤسسيه متضمناً سيرهم الذاتية والأدبية منذ بداية نشأته وحتي آخر استمارة عضوية في أبريل 2007، والذي تصدي لإعداده وتحريره الكاتب فؤاد مرسي والذي سوف يتبعه أشكال أخري من التوثيق لنشاط النادي الثقافي الذي ظل ولا يزال يؤدي دوره كمنارة ثقافية، حيث تقام ندوة أسبوعية يتم فيها مناقشة أعمال كبار الكتاب، كما تساهم الورشة الإبداعية في اكتشاف وتبني المواهب الجديدة من الأجيال المتلاحقة سواء في مجال السرد الروائي أو القصصي أو النقد والذين أصبحوا علي مدار السنوات من كبار الكتاب والنقاد الذين تشهد لهم الساحة الأدبية والثقافية، كما تقام مسابقة سنوية يتسابق جميع المهتمين للاشتراك فيها والفوز بجائزتها المادية والأدبية، كما يصدر عن النادي الكتاب الذهبي والفضي ومجلة نادي القصة، التي اهتمت بالتأريخ لرواد ومؤسس فن القصة القصيرة ثم الرواية الطويلة، كما نشرت للعديد من الأجيال الجديدة الذين أثروا الساحة الأدبية بمقالاتهم وآرائهم![c1]النشأة[/c]ويتحدث الكاتب محمد صبري السيد عن نشأة نادي القصة، فيقول : كانت البداية حين قام إحسان عبدالقدوس بزيارة يوسف السباعي في مكتبه بكوبري القبة عام 1950، وعرض عليه فكرة إنشاء النادي وإصدار كتاب دوري لنشر الرواية والقصة المصرية لأعضائه وتردده في بداية الأمر ولكنه ما لبث أن وافق تحت إلحاح وتحمس كل من عبدالحميد جودة السحار، وصلاح ذهني ومحمد عبدالحليم عبدالله ونجيب محفوظ وأمين يوسف غراب وعلي أحمد باكثير، وقد انضم إليهم محمد فريد أبوحديد، محمود تيمور وهم أول مجلس إدارة للنادي الذي لم يكن يمتلك الأموال اللازمة للمقر أو تأسيسه وكانت اللقاءات الأولي تعقد في مجلة الفن التي كان يصدرها عبدالشافي القشاش، وكان طه حسين يرأس هذه الاجتماعات ثم تمكنا من استئجار جزء من شقة كانت المقر الأول للنادي في 15 ميدان التحرير، والتي ساهم في تأثيثها إحسان ومحمد صبري الذي تم تكليفه بوضع قانون للنادي، والذي كان يعقد اجتماعه الأسبوعي كل يوم أربعاء، وكان أول اجتماع له يوم 25 مارس 1953 وكان مجلس الإدارة يضم اثني عشر عضواً من المؤسسين علي رأسهم طه حسين وتوفيق الحكيم، وقد بدأ النادي بإصدار سلسلة الكتاب الذهبي أول يونيه عام 1952، والذي تولي تصميمه ورسمه شارة النادي الفنان حسن محمود حسن، وكانت الرواية الأولي "إبراهيم الكاتب" لإبراهيم عبدالقادر المزني والثانية مسرحية "وراء الستار" ليوسف السباعي، الثالثة "خان الخليلي" لمحفوظ وكان قلب الغلاف الأول يحمل صورة المؤلف وتعريف به ومؤلفاته وفي باطن الغلاف الأخير كان صبري يقوم بكتابه مقال تحت عنوان "حديث الشهر"، وكانت روز اليوسف تتحمل بداية عملية النشر وجميع الأعباء المادية، حيث كان يتم طبع نحو عشرون ألف نسخة وصلت إلي 30 ألف، حيث كانت أقوي سلسلة تصدر للقصة باللغة العربية في ذلك الوقت وعرضت القراء بكتابها الذين يحتلون الصفوف الأولي في كتابة القصة اليوم، وذات ليلة وكان صبري في طريقه إلي منزله الذي يجاوز منزل الرئيس الراحل عبدالناصر، فأرسل إليه بطاقته يطلب لقائه فأبلغه الرئيس بتكليف عبداللطيف البغدادي رئيس مجلس الخدمات بأن يعد للنادي مقراً يليق به وهو المقر الحالي الذي يشغله في 68 شارع القصر العيني، كما تولي نشر أعمال الكتاب الجدد الشركة العربية للطباعة والنشر بعد إزدادت الأعباء والخسائر المادية، التي لم تتحملها روزاليوسف، وبدأ إصدار سلسلة الكتاب الفضي في نوفمبر عام 1957 بكتاب "البحث عن جسد" لمحمد صبري السيد، الكتاب الثاني "قلوب خالية" عبدالرحمن الشرقاوي، الثالث "العش الهاديء" لتوفيق الحكيم، ثم بدأ نشاط النادي بعقد مسابقة القصة القصيرة والطويلة وعقد سلسلة من الندوات الثقافية وإصدار مجلة القصة التي كان يشرف عليها محمد عبدالحليم عبدالله.
[c1]المدرسة الحديثة[/c]ويذكر القاص والروائي محمد جبريل أن المدرسة الحديثة قد نشأت في أحضان ثورة 1919 مع موسيقي سيد درويش وتشكيليات جيل الرواد والمسرحيات، والتي ناقشت هموما مصرية حقيقية وأنها قد أفادت في الأدب الأوروبي التقنيات الحديثة وحاولوا بالإضافة إليها.ويضيف : إن المدرسة كانت تضم أشتاتا في الخلق ما بين الموظف والصحفي والطبيب والمهندس والعامل إلخ، والذين كانوا جميعا من الهواة لا المحترفين ولا يسعون إلي الكسب المادي أو الشهرة وقد تنوعت اهتماماتهم ما بين البالية والفنون التشكيلية والموسيقة السيمفونية والرقص الشعبي والحديث والعمارة وكتابة المسرحية والرواية والقصة القصيرة ومعاناتهم في مشكلة كساد صناعة الأدب وعدم وجود ناشرين للقصص والأعمال الفنية وهو سبب تأخر القصة والرواية المصرية.[c1]إبداع المرأة[/c]وحول الإبداع النسوي ومدي قدرته علي الصياغة البلاغية للقصة القصيرة باعتبارها شكلا مرنا قابلاً للتداخل والتماهي مع أشكال مختلفة من التعبير الأدبي، فقد أشار الناقد السيد الوكيل إلي قدرتها علي استيعاب صياغات متعددة تبدأ من الذاتي وتعكس الفردي، وتقارب لغة اليومي المعاش ومن ثم قدرتها علي التعبير عن الموقف النسوي، سواء في البحث عن أشكال جديدة في الأداء التعبيري والتحرر من سلطات النظم والأبنية الهيراركية، أو في قدرتها علي حمل مضامين جديدة تعكس قضايا وخبرات النساء الخاصة المميزة واتجاهاتها للفصح عن كثيراً من المسكوت عنه داخل البني الثقافية المغلقة، والتي أنتجها الظرف التاريخي، فضلا عن قدرتها علي ملامسة أطياف بعيدة عن الموروث الثقافي سواء في ثوبها الرسمي أو المؤسسي أو الشعبي المحمل بكثير من التعارضات مع صورة المرأة المعاصرة.[c1]وسائل للنشر[/c]وقد ألقت الناقدة د.عزة بدر الضوء علي المجلات الأدبية المتخصصة في فن القصة ونشرها وتحليلها والعناية بنقدها وتقديم عوالم كتابها وإبداعاتهم الأولي، منها مجلة القصة الصادرة عن وزارة الثقافة والإرشاد القوي عام 1964 ورأس تحريرها محمود تيمور، والثانية مجلة نادي القصة التي صدرت عام 1968 في فترة حرجة من تاريخ مصر والعالم العربي بصفة عامة بعد نكسة 67، فجاءت تعبيراً عن أزمة المثقفين الذين شعروا بالمسئولية في الإسهام بتجاوز الأمة لهذه الهزيمة وتأكيداً لروابط العربية والمعبر المشترك من خلال إفساح المجال لكتاب البلاد العربية للمشاركة فيها وتجاوز هذه الفترة الحرجة.وقد اهتمت المجلتان بنشر القصص التي تناولت قضايا الطبقات الفقيرة وخاصة من العمال وصغار المزارعين وإبراز معاناتهم علي غرر قصة محمود تيمور "لوح ثلج".. كما أسهمت مجلتا القصة ونادي القصة في توجيه الأدباء الناشئين من خلال أبواب بريد القراءة أو البريد الأدبي، ونشر إصدارات القصة ومتابعة المنتديات، التي اهتمت بها ونقدها، وأحدث الإصدارات العربية والعالمية الخاصة بفن القصة أو نقدها وتحليلها بالإضافة إلي الأبواب التي اهتمت بعرض وتقديم أهم القصص الصادرة حديثاً في مصر أو الأدب العالمي، والتأريخ لكتاب القصة فكانت بانوراما حقيقية لنبض فن القصة القصيرة في مصر والعالم العربي ولا تزال مجلة نادي القصة، خاصة تثري الحياة الأدبية بالنقاد والكتاب المهتمين بمتابعة الحركة الأدبية المعاصرة.[c1]توصيات [/c]وجاءت توصيات المؤتمر لتحدد دور النادي في الفترة المقبلة وأهم التوصيات كانت أولاً لإقامة مؤتمر القصة في دورته الثانية خلال شهري مارس وأبريل من كل عام، ثانياً ـ مخاطبة الجهات المعنية سواء كانت أهلية كاتحاد الكتاب أو حكومية كمؤسسات وزارة الثقافة بدعم المؤتمر مادياً ومعنوياً باعتباره مؤتمراً قومياً، ثالثاً ـ ضرورة العمل علي إصدار مجلة القصة شهرياً وتوفير الدعم المالي، لذلك باعتبارها المجلة الوحيدة المتخصصة في هذا المجال في مصر، رابعاً ـ إيجاد آليات للتعاون ما بين نادي القصة والجامعات الإقليمية لتنظيم الندوات وحلقات البحث المشترك دعماً لفن القصة القصيرة وكتابها ونقادها، خامساً ـ تنظيم ورش عمل في فنون السرد القصصي وخاصة للكتاب الجدد بحد أدني مرة كل ثلاثة أشهر، سادسا ـ دعوة كتاب القصة العرب المقيمين في مصر للاشتراك في المؤتمر بأبحاث ودراسات عن أعمالهم من أجل ربط حركة القصة القصيرة في مصر والعالم العربي.