مع الأحداث
كثيرون من المتحدثين يخلطون بين لفظتي “التعصب” و”التحيز”.. فيقعون في خطأ فادح لما يترتب عليه من اختلاف في المعنى.. فيغلط السامع ويحمل الأحوال على غير ما هي عليه وأكثر الذين يقعون في مثل هذا الخطأ هم من ضعفاء البصائر فحينما نقول مثلاً تعصب فلان فذلك يعني أنه شد العصابة وأتى بالعصبية واقتنع بالشيء ورضي به كأن اعتصب بعد وحينما نقول انحاز فلان عنه فنعني به أنه عدل عنه وكذلك إذا ما قلنا القوم انحازوا أي أنهم تركوا مركزهم وتحولوا إلى مركز آخر وتحاور الفريقان أي انحاز كل فريق عن الآخر.ويميز “وبسترwebester” بين اصطلاحي التعصب والتحيز فيقول عن الأخير:” بأنه انحراف مزاجي “انفعالي” يأتي بعد اختبار للحقائق الواضحة والتي هي في متناول اليد بعد أن تتاح الفرصة المباشرة والصالحة للتعلم لصنف من الموضوعات هي في المستوى الانفعالي والإدراكي ومع ذلك فإن الشخص يفضل موضوعاً فيقال عن ذلك الشخص أنه متحيز كذلك فإن الشخص المتحيز يمكن أن يكون شعوره قوياً حول موضوع معين ولكنه يمتلك الرغبة لدراسة الموضوع من وجهات النظر المختلفة بينما الشخص المتعصب لا يماثله في ذلك إذ لا يسمح لنفسه أو لا تسمح له نفسه بالتطلع إلى الموقف بصورة موضوعية ليكتشف البرهان الذي يمكن أن يصل إلى مؤهلاته الحسية فكل الناس لا مفر لهم من أن يكونوا متحيزين ولكن التعصب موضوع استهلاكي لما يفترضه المتعصب من معلومات أما التحيز فبمكن أن يكون عملاً وظيفياً معرفياً فعلى سبيل المثال أن سنوات الدراسة للموسيقى يمكن أن تدفع وتحث على التفضيل أو التحيز لأنواع معينة من الموسيقى وعدم القدرة على تحمل الأخرى وعندما يخفض التعصب أو يقضى عليه بواسطة التجارب المتعلمة المناسبة إلى الجهاز العصبي المركزي فإنه قابل للنزع لأن أسس التعصب في الأغلب شاذة إذا ما قارناها بالقيم الكلية وأسس المعرفة للفرد بينما نجد التحيز يمكن أن يدعم بنظام الفرد ومواقفه ومعرفته فالإنسان الذي إذا ما تعصب ضد عضو من جماعة خارجية على أساس ادعاء الضيم فإذا كان يواجه الحقائق التي تمارس هذا الزعم وفق أسس عقلية فإنه يميل إلى إدراك التنافر والذي يبدو في مواقفه ومعتقداته ولا شك أن هذا التمييز يمكن أن يمهد الطريق للتخلي عن المعتقدات غير العلمية ومن ثم التخلي عن التعصب وقد حدد العالم المشهور “جوردن البورت” التعصب بقوله: “ إنه موقف التجنب أو المعاداة لشخص يعود إلى جماعة ولذلك فإنه يفترض امتلاك الرفض الكيفي الذي يعزوه أو ينسبه إلى تلك الجماعة وبهذا التحديد المبسط فإن التعصب لم يعد فكرة غامضة بل موقف يتكون لدى الشخص دونما معرفة مناسبة للحقائق وإنه إصرار قبل الحكم أو إنه حكم مفاجئ وعلى كل فإن التعصب غالباً ما يكون ناتجاً من العمليات الحضارية التي تثبتها وجهات مقبولة تصل إلى حد الإفراط المشوه للناس الذين ليس لديهم إلا القليل جداً من الاختلاط مع الجماعة التي كونوا حولها هذا الرأي لذلك نجد أن المتعصب يتصف بالصفات الآتية:ـ العوز في التبصر.ـ السلوك الانفعالي المتغلب على السلوك المعقول.ـ التعصب الأساسي للإرضاء بالنسبة للحالة أو الوضع الاجتماعي.ـ التمسك بالخصائص السلوكية المرعبة بالرغم من تنافر هذه الخصائص مع المواقف السرية.أما بالنسبة لأهم أسباب التعصب فهي تتحدد بالآتي:الجهل والطمع واختلاف الديانات وعدم فهم الدين على حقيقته وكذلك الطوائف وضحالة الثقافة وسوء التربية الاجتماعية حسب التقاليد والأعراف والعادات وعدم السيطرة على الدوافع، ثم كراهية الأقلية للأكثرية “الشعوبية”.كذلك فإن من أهم المشكلات الناجمة من التعصب تتجسد بالتالي:توقف تقدم المجتمع مما يقوده إلى التفرقة والتخلف، والصدام البشري مما يضع العالم على حافة الحروب ودائماً إلى الفتن والاضطرابات الداخلية ثم الفساد والتحلل الخلقي وعدم الأمن والاستقرار وفقدان الثقة بالآخرين والأخذ بالثأر وأخيراً قتل للقابليات والإبداع.وأما مقترحات العلاج فأهمها:التسامح والانفتاح والتعليم الإلزامي ونشر الثقافة والتمسك بالمثل الأخلاقية والمساواة بين القوميات إضافة إلى التخلص من الطائفية والعشائرية وأخيراً ضرورة إدخال برامج ومناهج مدرسية تعالج التخلص من التعصب وهو نفس الدور الذي يجب أن تلعبه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.