أنا هنا سأتطرق إلى الإنسان كانسان . والتغيير الذي يفترض أن يحصل في فكره وتفكيره وأسلوب تفكيره وقناعته وأهدافه . وليس إلى الإنسان وعلاقته بالأرض وما يحصل فيها من تغيير .فمما لاشك فيه أن الأرض كمكان من المؤكد أنها تغيرت سواء في اليمن أو غير اليمن .ومن المؤكد أن التغيير حاصل وحصل في أكثر من مكان سواء في المدن الكبرى كالعاصمة صنعاء وتعز وعدن والمكلا مثلا أو في المدن الثانوية كمأرب وعتق والغيظة وسيئون وغيرها .وأنا هنا لن أدخل في نقاش بيزنطي مع أحد يدعي أو سيدعي انه ليس هناك تغيير . فسنة الحياة أن يكون هناك تغيير وإلا ليست هناك حياة . ولكن هل هناك تغيير فعلا في الإنسان كانسان ؟ هل هناك تغيير في فكر الإنسان وتفكيره وقناعته وأهدافه يتماشى ويساير العصر الذي نعيشه أو يعيشه هذا الإنسان . ؟هذا سؤال مهم جدا فجيل الشباب الذي يعيش معنا هذه الأيام . هو غير جيلنا الماضي عندما كنا في بداية عصر الشباب .وتفكيرنا وأهدافنا وأسلوب حياتنا في ذلك الزمان طرأ عليها الكثير من التغيير الآن . فهل شبابنا يعيشون عصرهم أم مازالوا يعيشون في عصرنا وزماننا من ناحية التفكير والعقلية وأسلوب الحياة . وهم في عصر ليس بزماننا بل هو زمانهم .في السابق ( مثلا) وانأ أريد أن أتحدث عن زماننا . حيث كان الطالب عندما يحصل على الشهادة الابتدائية كانت النتائج تعلن في وسائل الإعلام المتاحة آنذاك . ويصبح حامل الشهادة الابتدائية من ذوي الكفاءة والمقام المتميز كخريجي الجامعات حاليا .أما الحاصل على الشهادة الإعدادية ( ألمتوسطة) فقد كانوا قلة قليلة يشار لهم بالصفوة من المتعلمين .وكان القلة منهم من المحظوظين استطاعوا إكمال مراحل تعليمهم لظروف أتت في صالحهم . وعلى أية حال البعض منهم أكمل تعليمه . ومن الطبيعي فان فرص خريجي المراحل الابتدائية والإعدادية في العمل شيء مفروغ منه وشيء مضمون .لذا فان الوظيفة هي التي تبحث عنه وتنتظره وليس هو الذي يبحث عنها . والعملية هنا طلب وعرض وليس عرض وطلب .ذلك كان في ذلك الزمان الماضي والذي عشناه . ولا زال يتذكره الكثير ممن عايشوه في كل مكان على وجه الأرض .والآن وفي هذا الزمن الذي نعيشه وفي هذه السنوات بالتحديد . نجد خريجي جامعات بالمئات والألوف وعشرات الألوف بل وبمئات الألوف في بعض البلدان العربية غير اليمن من دون عمل . ليس نتيجة لعدم وجود وظائف فقط . ولكن نتيجة لكثرة وتعدد الخريجين الجامعيين في اليمن وفي البلاد العربية الأخرى .لكن لو نظرنا إلى الدول الغربية الأخرى سنجد كل من يعمل سواء في الشركات أو المطاعم أو المحلات التجارية جامعيين وخريجي جامعات كخريجي جامعاتنا ويعملون في كل الوظائف التي تخطر على بالك بداية من سائق التاكسي حتى البائع .بل بعضهم يعمل بالأيام والساعات حسب الحاجة من الطرفين . وأنا هنا اسأل لماذا خريجو جامعات الغرب أو لنقل شباب الغرب والشرق يعملون في كل الوظائف وشبابنا مازالوا بعقلية التفكير القديم ( زماننا ) لا يريدون إلا أن يشتغلوا بوظائف معينة .لماذا نحن العرب نستغرب عندما نرى أن خريجا جامعيا يعمل في مطعم أو مؤسسة خدماتية؟ ليس المستغرب هو الاستغراب ؟أليس التفكير بهذه العقلية هو بحد ذاته التخلف والجمود؟ أليس من الأفضل أن نرتقي بعقليتنا ونتغير ونساير الزمن الذي نعيشه أم نظل بعقلية زمان آبائنا وأجدادنا . أليس من المنطق إن نتغير وفق تغير الزمن الذي نعيش فيه ؟هل من المعقول أن يستمر تفكير الكثير من الشباب حاملي الشهادات الجامعية أن الدولة يجب أن توفر لهم وظائف حكومية ؟قبل أكثر من سنة تعرفت وتناقشت مع بعض الشباب الجامعيين البحرينيين العاملين في وظائف كالمطاعم السريعة وشركات النقل . وقبل أشهر شاهدت شبابا سعوديين جامعيين وخريجي معاهد يعملون ( ولأول مرة) في مطاعم سريعة أيضا.وقبل أسبوعين شاهدت شباب روسيا الجامعيين يعملون في كل مجالات القطاع الخاص الصغيرة والمحدودة .وأخيرا شاءت الصدف أن التقي في تركيا قبل ثلاثة أيام وفي المطار برجل هو سائق التاكسي الذي سينقلني إلى الفندق وهو يعمل في سلك التدريس ( معلما) وفي فترة الإجازة يقبل أي عمل شريف يدر عليه أي دخل يساعده على مصاعب الحياة .كل هؤلاء تغيرت رؤاهم وقناعاتهم وأهدافهم وربما أحلامهم بتغير أحوال الزمن . وقبلوا أن يعملوا ولم يستسلموا لرغباتهم .قد يكون بعض شباب الخليج تعودوا على أن تكون بلادهم ثرية وحياتهم فيها رفاهية ولكنهم اجبروا على التغيير .فلم تعد الحياة لديهم مثل ذي قبل غنية بالخيارات وأصبحت الرفاهية شيئاً من الماضي وهذه سنة الحياة لذا فقد تغيروا بالطبع . ألم يتغير العالم كله في التفكير لانزال جامدين نطالب بنفس المطالب في الخمسينات والستينات .وهل لايزال هناك من يفكر هذه الأيام في كل البلاد العربية إن الدولة هذه أو تلك أو بعد عشرين أو خمسين سنه ستوجد لهم وظائف ؟ إن ظللنا نفكر بهذه العقلية فانه يحق لي أن أقول أن العالم كله قد تغير ونحن لم نتغير ...؟
هل العالم تغير ونحن لم نتغير ... ؟
أخبار متعلقة