القاهرة / 14اكتوبر : مشيرة عكاشة:عقدت ساقية عبدالمنعم الصاوي في القاهرة ندوة ثقافية ناقش فيها النقاد ما جاء في كتاب د· مصطفي عبدالغني رئيس القسم الأدبي بجريدة “الأهرام” القاهرية بعنوان”قبل الخروج” الصادر في جزئين عن “دار الهلال” عام 2007، والمصنف ضمن مؤلفات السيرة الذاتية الذي حاول المؤلف خلاله الإجابة عن عدد كبير من الأسئلة الشائكة والمرتبطة بالفقر والخوف والنكسة والنكبة، وعلاقة المثقفين بالسلطة·وأكد د· حسام عقل بكلية التربية جامعة عين شمس أن السيرة الذاتية نوع أدبي مظلوم علي مستوي التناول النقدي، وأنه لدى المكتبة العربية تراكم هائل من السير الذاتية منذ عام 1876، زاعماً أن التناول النقدي لهذه المؤلفات شديد الشحوب وهذا الصنف الأدبي، تطور إلى أن تم بلورته في خمس اتجاهات، فهناك لوحات السيرة الذاتية، وهي الاتجاه الشائع والعام والسيرة الذاتية الوقائعية، التي تعتمد علي الحدث مثل كتاب “الأيام” لطه حسين، واتجاه آخر هو السيرة الذاتية الروحية، التي تتناول التجربة الروحية والوصول من الشك إلي الإيمان أو من الشك لليقين، وأيضاً الاتجاه الفكري، مثل: كتابي زكي نجيب محمود وأدونيس، اللذين تناولا التجربة الفكرية فقط، وهناك نوع آخر غامض من السيرة الذاتية البعض قال: إنه تخيل وآخرون قالوا إنه سيرة ولكن بشكل تجريبي·[c1]اقتباس من القرآن[/c]وأضاف د· عقل : يندرج كتابه “قبل الخروج” تحت اتجاه السيرة الذاتية الوقائعية والسيرة الذاتية الفكرية، فهناك بعدين أحدهما بعد يتحدث عن الوقائع والأحداث، وبعد آخر تتجسد فيه المبادىء والفلسفات والأفكار، حيث يبدأ الجزء الأول من هذا الكتاب باقتباس من القرآن الكريم، ليوضح الرسالة المراد إرسالها، وهي الرسالة الإصلاحية في حقل الصحافة، وهناك أجزاء أخري فيها حس وجداني متدفق، فكأنه يطرح القلم وهو يجفف دموعه ثم يعاود الكتابة، ونجد في الجزء الأول نوعاً من التوطئة، فالمقدمة تتكون من 39 صفحة كنوع من التمهيد، ولكنها لا تخرج عن حدود النص، فهي ملتحمة بالنص والدليل علي ذلك عنوان المقدمة:”مشاهد أولية”·وأشار إلى أن الكاتب اعتمد علي أمرين في كتابة السيرة الذاتية، هما استرجاع الذاكرة أي استرجاع الأحداث الماضية والاعتماد علي الوثائق والمستندات، وتتميز كتاباته بالتواضع والمصالحة مع النفس، فهو يتحدث في الجزء الأول عن نشأته وعن تاريخ الأسرة منذ القرن 19، ويتحدث عن جده علامة الذي أسس السيرة الذاتية الأولى، ويتحدث عن مراحل تعليمه من التعليم في الكُتاب إلى تعلم اللغات الأجنبية الفرنسية والإنجليزية بدون عقد أو مركبات نقص·وأوضح أن د· عبدالغني في الجزء الأول من كتابه استخدم ضمير المتكلم، ثم تحول وتكلم بصيغة “الغائب”، ثم تحدث مرة أخرى عن ضمير المتكلم، والسبب في ذلك هو تصغير المسافة التي تفصله عن بطل السيرة، فهو يرغب في مراقبة البطل من الخارج·[c1]الجزء الثاني[/c]وعن الجزء الثاني من الكتاب، تحدث د· محسن خضر بكلية التربية جامعة عين شمس قائلاً: الجزء الثاني تحدث فيه الكاتب عن التجربة الفكرية، التي يزيد فيها المصارحة والاشتباك مع الواقع في أبعاده الصحفية والسياسية والفكرية، فهو جسد علاقة المثقف بالسلطة، فهل المثقف الذي يستثير السلطة أم العكس، وهو بذلك يستعيد تجربة طه حسين، وهو في ذلك يسعى وراء إصلاح أخطاء ثورة 23 يوليو فيما يتعلق بالصحافة والحياة الليبرالية في مصر، وكان ذلك سبباً في عزله من منصبه·وأشار إلى أنه في هذا الإطار تبدو سمة التصارع بين التراث والجديد، فإما نحن نتجه إلي القديم، وإما نتجه إلي الجديد بمنظوره الغربي، فهو يرى أننا في حاجة إلي توازن، موضحاً أنه كان شاهد علي كتابة بعض أجزاء هذه السيرة، وأنه تقاسم معه جائزة أفضل باحث عربي في وزارة الدفاع السعودية، ثم شاركه في إعداد بحثه عن العدل الذي تبخر في مصر اليوم، والحرية التي ضاعت، والأمة العربية المستعمرة من كل مكان·[c1]تداخل![/c]وشدد د· خضر علي أن هناك أمراً واضحاً في كتابات د· عبدالغني وهو أن لديه تداخل بين الخاص والعام، فلايمكن الفصل بين الذات والخاص والفصل بين المجتمع العربي المعاصر من نكبة 48 إلى النكسة 67 إلى الدهشة في 2003 نتيجة سقوط بغداد بوابة العروبة الشرقية، فهو ربط بين الخاص والعام والذاتي والموضوعي والشخصي والقومي، وأيضا يتداخل لديه العقل والرومانسية·وخلص إلى أن د· عبدالغني تأثر بشكل بين بكتابات سقراط في كتابه” سيرته الذاتية”، فحياته من البداية هي عبارة عن سؤال مطروح، فمات سقراط من أجل أن يعرف، وخروج السيرة هو نوع من المعرفة الذات والعام في وقت واحد، وشخصية هذا المؤلف أيضاً تغلب عليها الحزن النبيل، الذي فيه يبحث المثقف عن القلق الوجودي الخلاق، والتمرد عنده يجعله يصنع أموراً رائعة، في اللحظات القاطعة في تاريخ الأمم التي تكون نابعة من التمرد·