مع الأحداث
مضت أربع سنوات منذ طبعت على جبينك الطاهر قبلة الوداع والدموع تنهمر من مقلتي كفيضان مازلت اغرق فيه بعد طول السنين التي لم تمحو من ذاكرتي عبق العشرة الطويلة والطفولة التي عشتها بكل ما فيها من حلو ومر وقسوة الحياة في زمن الفقر المدقع والبؤس وكثر الإحتياجات المعيشية في زمن ولى من الفوضى والخوف والقلق والكفاح العنيد من أجل الحياة الكريمة في زحمة الهموم اليومية التي كانت جاثمة فوق صدرها كالجبال و هي تقف في وجه المصاعب و المتاعب شامخة كالطود لاتنحني أو تلين تمسكها بالأمل والصبر تحبس في داخلها آهاتها و أوجاعها وقلة حيلتها بصمت المؤمن الجسور تفتح أمامي أبواب السعادة وتزيدني تمسكا بالمضي قدما نحو السير الآمن في الطرق الوعرة تمسح عن صدري الأنين وغبار المراحل التي أحترقت فيها الكثير من الوجوه وذبلت فيها الأماني في بستان الحياة الذي كان يحتاج إلى مزيد من الجهد والعطاء والصدق و إزالة الشطحات التي جعلت حياتنا جحيما ومكانا فاقدا للرحمة ونحن نصحو وقت ذاك على مواسم الخراب . وعلى الرغم من مرور السنوات الأربع من وداعك الحزين مازلت أتذكر وجه حبيبتي ومازال يسكن مهجتي ومخيلتي ملامحها وهي تحمل شقاء السنوات الطويلة وهي تنحت في جدار الزمن ملامح الإصرار بعزيمة الحبيبة الصلبة التي لم تألوا جهدا في سبيل مسح الأحزان عن وجهي في أحلك الظروف ،كانت يدا حنونة دافئة تزيح عني الأعباء وتحرص على إسعادي و تخفيف معاناتي وما لحق بي من ظلم وقهر وغبن تحتمل أكثر مما يحتمل دون كلل أو ملل .. تسهر الليالي دون خوف أو فزع تواجه نوائب الزمن دون والخشية بادية على محياها لئلا يطالني شيئ من ظروف الحاجة وهوان الحياة .. تحرص على راحتي وصحتي واستقراري وفد بلغت من العمر عقودا وطلى الشيب رأسي كأنني مولود لأول مرة تفرح لفرحي وتأسى على حزني يالها من مخلوق كريم حنون مثل شلال حب وينابيع عطف زكية . أفتش عنك سيدتي وسط الصخب المعاش و ظلمات حياتي الحالكة أتخيلك تتحدثين معي في كل زوايا البيت الذي يفتقدك بكل مافيه من صغار و كبار .. الكل يحن إليك سيدتي مترحمين و دامعين ينتابهم الشعور الدائم بوقع الفراق .. تكبر في النفوس الأشواق و لوعة الحنين لم تكسرهم السنون أو تنسيهم أحلى وأجمل وأرق سنوات العيش معك والى جانبك و جوارك وبين أحضانك الدافئة تكبرين وتشمخين وتعطفين وتعلين على العذابات والمرارات و المواجع .. تحز في النفوس انكسارات وضني البعاد والدموع الحراء لم تزل تتدفق من المقل ولم تجف لأنك حبيبتي كل شئ نفيس نفتقده من الزمن الجميل قلما يجود لنا الزمان بمثله أحتاج إليه في زمن عز فيه الأحبة وغابت نجمته المتوهجة عن حياتي التي خيم عليها البؤس والحزن وقلبي الذي كنت وما زلت سيدته الأولى دون منازع . كيف لي حبيبتي وسيدتي وتاج رأسي أن أنساك وأنت الخير كله والبركة والسعد الذي يظلني .. تحملتي الشئ الكثير من أجلي و أنت تصرخين في وجه الظلام الذي كان يهدد حياتي في الماضي كمدافع عن القيم النبيلة التي تعلمتها منك و صمدتي فوق القهر وعانيتي المتاعب وقاومتي الأحزان والآلام بشجاعة وإيمان أضافت إلى ماكنت تعانيه من الم متاعب كثيرة لم يستطع قلبك الوديع المثقل بالمعاناة والهموم تحملها وأنت تخفين الدموع وتحسبين الآهات بين صدرك الحنون وهو يهتز من الألم والوجع . اليوم وبعد السنين الأربع من الفراق الحزين مازلت تبدين و تظهرين أمامي مشرقة كالشمس ساطعة كالنور أنادي عليك في غفلة من نفسي وذاكرتي .. أتحسس وجودك معي وإلى جانبي .. أتحدث معك من القلب إلى القلب حديث وجداني جميل من عبق الخيال والذاكرة التي لايمكن أن تمحيك من أحاسيسي ومشاعري مهما تقادمت السنين تظلين مؤنستي ورفيقتي و ملهمتي التي لاتنسى و لاتطوى ذكراها العطرة مهما عذبتني حياتي المليئة بالتعب والهموم تظلين خير حبيب أتحسسه يواسيني ويهدئ من ألمي وروعي .أحتاج إليك سيدتي هذه الأيام العصيبة وأنا أقاوم بصمت رهيب الآلام و الأحزان والمواجع التي تسكن داخلي وتتربص بي المحن ونوائب الزمن القاسية ولمن غيرك كنت أشكو الأنين والعذاب وقد لاح التعب على وجهي وأثقلت الظروف كاهلي وبديت وكأنني هائما بالسراب مثقلا بالمتاعب وقد كنت في الأيام الخوالي التي أفتقدها بكل حرقة ومرارة تتألمين لألمي وتتضرعين لله تعالى بالدعوات الصالحات لرفع البلاء عني تحسين بأنيني و همومي تشاركيني في السراء والضراء تمنحيني الأمان والإطمئنان والحنان والحب الذي لاينضب .أفتقدك حبيبتي بعد أربع سنوات من الوداع الحزين واللقاء الأخير و مازال الدمع لم يبرح المقل كلما لاح طيفك أمامي يذكرني بك وأنتي تطلين كالنسمة الدافئة أخالك في كل أعماقي وجوارحي تسكنين مهجتي وضلوعي وفؤادي الذي أضناه الفراق ولوعة الأشواق والحنين لايمكن للأنواء ومرور السنين أن تمحيك من ذاكرتي لأنك كنت خير حبيبة وسيدة ملكت مشاعري وأقامت لها في صدري وطن . إليك حبيبتي في ذكراك الأربع من اللقاء الأخير والوداع الحزين صادق دعواتي لك بالرحمة والمغفرة من العلي القدير وثقي مهما تمضي سنين الفراق يزداد حنيني واشتياقي إليك يا ست الحبايب يا أمي .