أقواس
الذاكرة الإنسانية المتعلقة بالأحداث المؤلمة والمفرحة مازالت تتعامل مع الآلام وتخزنها فترة أطول من تخزينها للأحداث المفرحة، وما زالت ذاكرتي تحتفظ بموقف إنساني لكفيف مبدع أحب الفن وبالذات الغناء والموسيقى، ولكنه لم يجد الإعلام الكافي لتشجيعه كي يستمر في مشواره الفني، رغم وجود ندوات فنية وموسيقية تقام في السنة مرة واحدة، وهو اليوم العالمي للكفيف. ولكنني أدعو أن تكون كل أيام السنة مناسبات لدعم الكفيف مادياً ومعنوياً، وحسب معلوماتي كانت في أوائل التسعينات فرقة موسيقية وفرقة مسرحية تضم بعض المكفوفين من أصحاب المواهب الفنية المسرحية التي نالت إعجاب الجمهور، ثم اختفت رغم وجود هؤلاء الفنانين الذين يتمنون إعادة نشاط الفرقة وتقديم الأعمال التي تبرز قدرة وموهبة الكفيف في المسرح والغناء، ويجب على الجهات المختصة عدم تجاهل الفرق الفنية المكونة من المبدعين المكفوفين وإتاحة الفرص لهم لممارسة عملهم الإبداعي الواعي.وتشجيع كتاب الدراما، لكتابة النصوص المناسبة لهم حتى يتمكن الكفيف الموهوب من تقديم عمله الفني في أية مناسبة وطنية أو أي برنامج تلفزيوني أو إذاعي. حتى يقدم إبداعه الفني أو الثقافي وهذا العمل يحسن من مستوى معيشته..ومن غير الإنساني أن نجعل الكفيف مهملاً في زاوية من المجتمع وكأنه إنسان عديم النفع، إن الجمهور اليمني، جمهور واع ومشجع لكل عمل فني جيد يقدمه فنان كفيف أو فنان سليم، وعندنا إمكانيات مسرحية نادرة ولكن أمامها عقبات يجب معالجتها لإتاحة الفرص للمواهب الفنية للعمل وجمهور المسرح الجاد ومازال موجوداً ينتظر أعمالهم الفنية القيمة.وإذا تأملنا عطاءات المبدعين بشكل عام، سنجد دوماً فيها شيئاً سلبياً وشيئاً إيجابياً، إنه شرط من شروط التألق الفكري عندما يتعامل الإنسان بصدق مع رؤيته ومع إحساساته، أما أن تتوزع تلك الاهتمامات لرعاية هذه الأفكار الإبداعية وخاصة إبداعات الكفيف التي تحمل العديد من الأفكار الخيالية الرائعة التي يتحسسها الكفيف المبدع.. وخير مثال تلك التي قدمها الشاعر الكبير عبدالله البردوني حيث ربط الحكم بالواقع، وتميز الشاعر البردوني بالسخرية اللاذعة والحكمة، وتميزت كلماته إلى طرق خاصة بالعيش قد لا تكون مفهومة تماماً عند إنساننا البعيد عن الأجواء الوطنية المشتعلة بالحماس ولكنها تحمل المعاني الإنسانية والمعاناة لكل إنسان بسيط فلاح أو عامل أو طفل أو امرأة، ونجد في شعر البردوني كونه مبدعاً كفيفاً متميزاً بإيقاعات لطيفة جميلة ممزوجة بالحزن وبالموضوعات الرومانسية على الرغم من أن معظم كلماته الشعرية تميزت بالوطنية، وجميعها تحتوي على أشعار تعالج قضية التخلف والجهل اللذين مزقا وحدة الشعب اليمني وتدعو إلى توطيد وحدة الشعب وقد عالج ذلك بصدق وأمانة وحملت كلماته مشاعر الأمل الصادقة.[c1]د. زينب حزام[/c]