*من بؤس “الحراك الجنوبي” محاولة طمس الهوية اليمنية للمحافظات التي كانت ضمن دولة “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” ثم “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، حيث يسمونها اليوم في أحاديثهم ومواقعهم الإخبارية “الجنوب العربي” ويقولون نريد استعادة دولة “الجنوب العربي” لأن هذا الجنوب لم يكن له علاقة باليمن ذات يوم ، وإنما سماه القوميون ورجال الاستقلال “جمهورية اليمن الجنوبية...” عن طريق أخطاء وملابسات حدثت بعد الاستقلال عن بريطانيا .. والعجيب أنهم يصرون على ذلك في الوقت الذي يؤمنون في قرارة أنفسهم إن هذا منطق المخادعين الذي لا يستقيم مع حقائق التاريخ والجغرافيا والحقائق الاجتماعية الأخرى .. * لن نخوض في التاريخ البعيد لأن ذلك أكبر من أن تستوعبه هذه المساحة ، وسنقتصر فقط على الإشارة إلى بعض الحقائق من التاريخ اليمني الحديث والمعاصر .. ومنها على سبيل المثال وبالإيجاز الذي توجبه هذه المساحة مايلي:* الجنوب العربي تاريخياً يطلق على اليمن وعمان الواقعتين جنوب جزيرة العرب .. والاستعمار البريطاني لم يطلق على جنوب اليمن أسم الجنوب العربي بل “عدن ومحمياتها الشرقية والغربية” .. وقد كان يدرك أن “الجنوب العربي » يطلق على اليمن الطبيعية، وقد تخلى عن مشروع إقامة “الجنوب العربي” المفصول عن الهوية اليمنية بعد أن وجد أن مثل هذا المشروع غير واقعي وبعد أن أسقطه المناضلون .. وعندما فاوضت بريطانيا ممثلي الجبهة القومية حول الاستقلال وقعت على اتفاقية جنيف حول الاستقلال في نوفمبر 1967م، وتنص الاتفاقية على أن تقوم “دولة مستقلة تعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” .. أي أن بريطانيا تدرك أن هوية الجنوب يمنية .* لم توجد أي جماعة أو فصيل من فصائل حركة التحرر الوطني في الجنوب لم تدخل قضية التخلف والاستبداد في الشمال ضمن برامجها الكفاحية، وكذلك بالنسبة للأحرار والثوار في الشمال وإن كان بدرجة أقل.. الكتيبة اليمنية الأولى التي شكلت في الثلاثينات بالعاصمة المصرية، هي منظمة تعنى بالشمال وقد شارك في تأسيسها محمد محمود الزبيري ومحمد علي الجفري ورشيد الحريري ومحمد المسمري وسالم عمر الصافي وآخرون.. وهم من شمال اليمن وجنوبه.. ومعروف أن كثيراً من ثوار وشهداء حرب التحرير في الجنوب كانوا من الشمال وكثير من المدافعين عن النظام الجمهوري في الشمال كانوا جنوبيون.. بعد ثورة 26 سبتمبر كان في صنعاء مسئولون جنوبيون، وبعد الاستقلال في الجنوب كان هناك وزراء منحدرون من الشمال، واستمر وجودهم هنا وهناك في المراحل التالية وإلى عام 1990م وإلى اليوم .* رابطة أبناء الجنوب أسسها عام 1951م جنوبيون وبينهم شماليون وكانت الرابطة تتبنى قضية الجنوب العربي بوصفه اليمن الطبيعي جنوباً وشمالاً، حتى إنه عندما ركزت الرابطة على الجنوب اليمني وحده فيما بعد تخلى عنها قحطان الشعبي وآخرون وبرروا خروجهم منها والتحول إلى القومية بأنها تراجعت إلى المناطقية.. ولاحظوا أيضا أن الشمال كان يؤوي مناضلي الجنوب والجنوب يقوم بالدور ذاته.* راجعوا أدبيات الحركة الوطنية في الشمال والجنوب.. الأحرار.. الرابطة.. حزب الشعب الديمقراطي .. البعث.. القوميين.. حزب عبدالله باذيب.. وصولاً إلى الحزب الاشتراكي.. لن تجدوا سوى نظرة واحدة وهي أن اليمن الذي كان مجزءاً إلى جنوب وشمال هو يمن واحد.. سعى الجميع إلى توحيده وقد فعلوا .