مازالت تحلم بتحقيق خبطات إذاعية جديدة :
[c1]* الحرية تعطي القنوات الخاصة الأفضلية [/c]القاهرة / 14اكتوبر / أيمن غازيعلى مدى قرابة النصف قرن ، وبرنامج " على الناصية " يتربع على القمة ويحتل الصدارة بين مختلف البرامج الإذاعية ، ليحصل على شهادة معتمدة من قبل الجماهير والخبراء والنقاد، وعلى مدى تلك السنوات الطويلة توارثت الأجيال الحرص على انتظار البرنامج وسماعه ، حتى أن البعض اختلط عليهم الأمر، ولم يعرف من أعطى الشهرة للآخر ، البرنامج أم الإذاعية اللامعة « آمال فهمي » ، التي تتلقى يومياً ما يزيد على 500 رسالة من الحريصين على متابعة برنامجها ··ومنذ البدء ، حرصت الإذاعية الكبيرة على أن ينطلق برنامجها من قلب الشارع ، لنقل نبض الشعب المصري وشكواه إلى المسؤولين ، فهي لا تحاور النجوم ، منحازة في ذلك للمهمشين والبسطاء وأصحاب الحقوق المهدرة ·« آمال فهمي » - التي تخرجت في قسم اللغة بكلية الآداب عام 1952 - لا تخجل من أن تذكر سنها الذي قارب السبعين ، ومازالت تسكن حي الزمالك بالقاهرة ، وهي أرملة المخرج الإذاعي الكبير « محمد علوان » وليس لديها أولاد ، وتعمل منذ تخرجها مذيعة في محطة البرنامج العام ، وتقديراً لمشوارها الإذاعي الطويل ، كان معها هذا الحوار :[c1]منذ البداية لماذا إخترت العمل الاذاعي ؟[/c]- البداية كانت أمنيتي أن أصبح صحافية ، ولكن شاء القدر أن أتقدم إلى برامج ونجحت في الامتحان ضمن دفعة لم تتعد العشرة أشخاص كان أبرزهم «جلال معوض وصلاح زكي وطاهر أبو زيد » وجاء تعييني في برنامج المرأة لأنني كنت مهتمة بقضايا المرأة منذ دراستي الجامعية ، إذ رشحت نفسي وأنا طالبة لمنصب سكرتيرة الحزب النسائي الوطني وتم انتخابي ، وكنت أول سيدة في مصر تتقدم بطلب رسمي لقيد اسمها في جداول الانتخاب·[c1]وما هي أهم العوامل التي أثرت في تكوين شخصيتك ؟[/c]- والدي·· فقد كان من الوطنيين المتحمسين لخروج المستعمر ، وقد تعرض لمشاكل سياسية كثيرة بسبب ذلك ، وهو الذي لقنني دروس الوطنية والشجاعة الأدبية وحرية الرأي ·[c1]جولة ثقافيةوما هي أهم محطاتك الإذاعية ؟[/c]- بدأت في برنامج « بريد المرأة » لمعالجة مشاكل المرأة الإنسانية ، مثل علاقاتها بزوجها وأطفالها وجيرانها، وكنت أرد على الخطابات بنفسي ، ثم جاء برنامج " حول العالم " الذي كان يأخذ المستمع في جولة ثقافية إلى البلاد المختلفة ، ثم بدأت أهتم بالجماهير ، فقدمت برنامج " في خدمتك " إذ كنت أتلقي شكاوي الناس لعرضها علىالمسؤولين ، وتم حل الكثير من المشكلات عن طريق البرنامج ، وكان الناس يهتمون به بوصفه نافذة لهم ، وبدءاً من العام 1957 أسند إلي برنامج " علي الناصية " وكانت فكرته مقتبسة من برنامج في الإذاعة البريطانية يحمل الاسم نفسه ·[c1]وبمناسبة وصول عمر برنامج على الناصية لنصف قرن ألم يتسرب إليك الملل؟[/c]- أعتقد لا لأن البرنامج يمثل لي حالة داخلية متجددة، وهو كذلك مثل دم الإنسان متجدد دائماً، والقضايا المطروحة تجدد دائماً من خلال طريقة عرض أداء البرنامج خاصة أن القضايا تختلف عن بعضها البعض ولا تتشابه، وأعتقد أنه لا يوجد علي مدار نصف قرن قضايا تم تكرارها، خاصة وأن أغلبها تم حله، وهذا أيضاً لا ينفي أن هناك بعض القضايا التي فشلت في حلها، ولكن الحمد لله على مدار ما يقرب من نصف قرن يمكنني أن أقول بأن نسبة نجاح البرنامج وصلت إلى 75% وهو ما يشجعني باستمرار على تطوير العمل بالبرنامج بشكل جيد، ودعني أقول لك أنني يومياً أتناول فيتامين الحياة من خلال كلمات التقدير والإعجاب من المواطنين، ومن أصحاب المشاكل التي تم حلها، وهذا أيضاً ما يجعلني أحاول دائماً الثبات على المستوى العام لأدائي طوال الفترة الماضية لأنه من السهل أن ينجح الإنسان ولكن من الصعب أنه يحافظ على النجاح·[c1]في ظل سطوة الإعلام المرئي ·· هل يمكننا القول بسحب البساط من تحت أقدام الإذاعة؟[/c]- صحيح أن التليفزيون سحب البساط من الإذاعة ولكني أعتقد أن هناك برامجاً مازالت تحتفظ بقوتها في الإذاعة حتى الآن، وبرنامج علي الناصية واحد من هذه البرامج التي وصلت إلي أوروبا وكندا وأمريكا وهناك تواصل جماهيري مع الجاليات العربية هناك، ودعني أقول لك أن هناك رسائل عديدة وصلتني علي أداء البرنامج، والقضايا التي تطرح من خلاله، وهذا ما يؤكد تواصل البرنامج فعلاً مع الجاليات العربية في الخارج·[c1]الحرية لها حدود هل تم توجيه إنذار مباشر لك بأنك انتهكت هذه الحدود؟[/c]- نعم وصلني أكثر من إنذار خلال السنوات الأخيرة من المسؤولين في الإذاعة بأن هناك سقفاً للحرية ولا يجب أن أتعداها وإلا ··· وهذا الإنذار كان بسبب قصيدة شعر لفاروق جويدة سجلتها في البرنامج تحمل عنوان (يا عرب ما عاد يكفينا الغضب) لأن القصيدة تفضح الحقائق وتعري الواقع الذي يعيشه العرب الآن، في ظل تردي أحوالهم وتخاذلهم وتم حذف القصيدة، وتلقيت تهديداً بوقف البرنامج، ولكن هذا لا يعني أن نتوقف عن العمل كلما واجهنا مثل هذه الأزمات، بل علينا الاجتهاد·[c1]المطعم العائمعملك الإذاعي وانحيازك للمهمشين والبسطاء هل تسبب لك في أزمات وصلت لتهديد حياتك الشخصية؟[/c]- الأمور لم تصل بعد إلى تهديدي في حياتي الشخصية ولكن يمكنني أن أقول لك أن الغاضبين بالعشرات خاصة إذا ما أثيرت قضية أو مشكلة كبري··ودعني أقول لك أن هناك الكثير من القضايا التي أثرتها وكانت تمس رجال أعمال لهم ثقلهم الاقتصادي في الدولة، ومنها على سبيل المثال قضية المطعم العائم بأحد الأماكن الفاخرة بالقاهرة،وذلك عندما قدت حملة إذاعية ضد وجود هذا المطعم الذي يحجر على حق المواطن في العيش وسط نيل القاهرة بهدوء، وتم إزالته، وكذلك مشكلة خريجي التعليم المفتوح، وعدم اعتراف الدولة بهم، فقمت بحملة استمرت شهرين حتى اعترفت بهم الدولة كخريجين للتعليم المفتوح·[c1]ما هو شعورك إذا اتخذ قرار بعدم بث برنامجك نهائياً في الإذاعة المصرية؟![/c]- سأتقبل القرار لأنني سبق لي وأن عشت هذه التجربة مرتين الأولى استمرت عشر سنوات توقف فيها البرنامج بسبب هجومه على نائب رئيس الدولة آنذاك «علي صبري» وكان ذلك في الفترة من العام 1967 حتي العام 1977، والثانية كانت بسبب بعض الخلافات الداخلية في الإذاعة واستمرت ثلاث سنوات من العام 1980 حتى 1983، وعليك أن تعلم أن هذا الأمر ربما يأتي لأنني أؤمن بمقولة الإمام علي بن أبي طالب«: لم يدع لي قول الحق صديقاً فالحق دائماً له أعداء " ·[c1]ما رأيك في خصخصة المحطات الإذاعية والمرئية؟[/c]- أرى أن القنوات الخاصة أفضل بكثير في إدارتها من القطاع العام، وذلك نظراً لحجم الحرية التي تتمتع بها وعلى سبيل المثال هناك بعض القضايا تطرح علي القنوات الخاصة، لا يمكن للإعلام الرسمي أن يطرحها وكذلك الإذاعات، وإن كانت التجربة غائبة في هذه المحطات والقنوات·[c1]توجد حالة من فقدان الثقة بين المواطن والمؤسسة الإعلامية للدولة فما رأيك؟[/c]- هذا الكلام غير صحيح لأن الإعلام يطرح كل ما يهم المواطن، ليس فقط على القنوات الرسمية ولكن علىالقنوات الفضائية، بل أصبح من حق المواطن الآن أن يشاهد أي قناة ويتابع أي أخبار يريدها هو وليس عن طريق فرض خبر أو موضوع أو قضية بعينها عليه·[c1]ما هي أسباب عدم ظهور جيل ثان من الإذاعيين والإعلاميين في الإعلام المصري؟[/c]- ربما تعود هذه القضية إلى أن الخبرات الإعلامية تتحقق بالتراكم، بمعني أن الجيل الأول على سبيل المثال الذي كان يضم جلال معوض، وطاهر أبو زيد وغيرهم كان بعدهم جيل ثان، ولكنه أخذ وقتاً حتى تكونت لديه الخبرة القوية أمثال ثناء منصور، وإيناس جوهر واليوم هناك جيل قوي من الشباب ولكن ربما يكون أمامه وقت طويل قد يصل إلى عشر سنوات حتى ينضج ويتعرف عليه الجمهور ويثق فيه·[c1]قوة حقيقةلماذا لا توجد إذاعة عربية قوية ومؤثرة دولياً علي غرار إذاعة الـB.B.C؟![/c]- لدينا إذاعة البرنامج العام التي اعتبرها قوة حقيقية في محيط الإذاعات العربية ولها تواجد في أوروبا والعديد من البلدان الأخري ولها أيضاً تأثيرها القوي وذلك من خلال القضايا التي تطرحها·[c1]من المسؤول عن قراءة الكم الكبير من الخطابات التي تصلك ؟[/c]- برنامج « علي الناصية » هو أكثر برنامج تصله خطابات حيث تلقى ما يقارب 500 خطاب يومياً ، وأنا حريصة على قراءة الرسائل بنفسي، وأعتبر نفسي مثل التلميذ الذي يخصص لنفسه وقتاً محدداً للمذاكرة، ولذلك أخصص أربع ساعات يومياً على الأقل لقراءة الخطابات ، كما أحرص على فتحها بنفسي ، لأنها غالباً تحمل داخلي شيكات وحوالات مالية وتبرعات للمرضي والمحتاجين ، كما أن هذه الخطابات أمانة بكل ما تحمله من شكاوي ومشاكل خاصة أو عامة ·[c1]وهل هناك خطاب معين تنتظرين وصوله ولم يصل بعد ؟ [/c]- مازلت أنتظر خطاباً يحمل كلمة شكر أو تحية أو تهنئة من المسؤولين ·