التوجه نحو حل المشاكل مع الجماعات الاثني عشرية في صعدة وإنهاء القتال معها توجه صائب - دون شك - ليس لأن هذه الفتنة أصبحت مصدر إهدار لطاقات البلاد وإمكاناتها، بل ولأن هؤلاء هم أيضاً جزء من أبناء هذا الوطن الغالي، مثلما أن صعدة الطيبة هي أيضاً جزء من هذا الوطن.ومع ذلك، فنحن لسنا مع مصالحات يكون الوطن ذبيحتها، أو تكون أمواله قرابينها؛ كما حصل في المرات السابقة، ويكفي الوطن قسمة ظالمة، لأن استمرار ما حصل سيجعلنا بالفعل نحيا دوامة لا مخرج منها.هذا شيء، أما الشيء الأهم، فإننا بحق لا نحتاج إلى مهدئات، بل إلى علاج ناجع، مجرب، موصوف.. نحتاج إلى مصالحة وطنية شاملة.. مصالحة تنطلق من قاعدة الوطن.. وعلى قاعدة الوطن.. وتصنع في اليمن، من أهل اليمن، وبعقول يمنية صافية.نحتاج إلى مصالحة.. تكتسب صفة الدوام.. وتمتلك مقومات الدوام.. يجمعها قاسم مشترك.. هو الوطن والثورة والوحدة.. مصالحة لا دخل فيها للعنصرية، والمذهبية.. مصالحة لا مكان فيها للدعوات التشطيرية والانفصالية والعنف والإرهاب.نريد مصالحة تعيد التوازن إلى العلاقات بين الفئات والأحزاب والقبائل والمناطق.. والمحافظات.. تحقق المصالح للجميع.. وتوزع الثروة للجميع.. والوظيفة للجميع.. تحل مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.. ترفع وتيرة التنمية.. تزج بالجميع في سيمفونية العمل والإبداع والحركة النافعة.هذه هي المصالحة المطلوبة.. المعقولة.. المقبولة منطقياً.. أما غيرها فلا معنى له سوى أن نظل نلهث وراء سراب.. ونجري وراء خراب.. أما غيرها فلا نتيجة له سوى أن نحصد اليباب.. ونمسي على سيل جارف لا يبقي.. ولا يذر.ولذلك، فإننا ننصح بأن ترتفع الأصوات المخلصة.. وأن تجتمع الرؤى الطيبة.. النظيفة؛ لتقول نعم للمصالحة.. للحوار.. للقاء الذي لا افتراق بعده.. للتآخي.. للتكافؤ.. نعم لنبذ الغطرسة.. العنصرية.. المذهبية.. نعم لليمن.. لدولة يتعزز فيها النظام والقانون بحق.. لدولة تتعزز فيها مكانة الجوهريات الرائعة.. وتحترم فيها حقوق الإنسان.. دولة تنظر لمواطنيها بمنظار واحد.. وتقيسهم بمعيار واحد.. تقيم فيهم ميزان العدل.. حتى لا يكون ثمة مظلوم.. ولا يبقى هنالك مهضوم.هذا هو السبيل الممهد.. والطريق الأوحد.. لصنع المحبة.. وإعادة اللحمة.. وإزالة الشقاق.. ذلك أن مشكلتنا الكبرى لا تكمن في مسائل الإمامة ولا التشطير.. وإنما تكمن في الاقتصاد.. في سوء المعيشة.. والبطالة الشديدة.. واختلال ميزان العدالة، ومعيار الحق والعدل..إنها نصيحة ناصح.. ومسعى صالح.. والأمل كبير في أن تجد آذاناً سامعة، وعقولاً.. همها أن تفهم.. وشأنها أن تعلم.
المصالحة التي نريد
أخبار متعلقة