لم يكن رحيله متوقعاً بمثل هده المفاجأة .. صحيح أن الأعمار بيد الله، ولا اعتراض على مشيئته عزوجل ، وأن الأقدار تأخذ من تشاء ، كيفما تشاء، حيثما تريد وفي أي وقت ( ولا تدري نفس ماذا تكسب غداً ولا تدري نفس بأي أرض تموت) ، لكن رحيل الصديق العزيز علي محمد فضل الاثنين الماضي في أحد مستشفيات الأردن إثر عملية جراحية شكل فاجعة بكل المقاييس.عصر الاثنين كان جمع من الأصدقاء يتناقلون خبر خضوعه لعملية جراحية، وفيما كانت أنفاسه الأخيرة تحتبس في العاصمة عمان كانت أنفاسنا في أبين وعدن والوضيع وغيرها تحتبس. وأخذت ألسنتتا عبر الهواتف النقالة تتبادل رقم هاتفه هناك، وكان كل منا يفكر في طريقة السبق للاتصال به والاطمئنان عليه فور خروجه من غرفة العمليات ، لكن النبأ الأليم مثل النار في الهشيم انتشر من هناك قبل أن تكتمل حلقة تواصلنا في الإيعاز إلى بعضنا بالاتصال به لتشجيعه على الاستقواء على الألم .. واشد من وقع الصاعقة حط خبر ملاقاة روحه لباريها على نفوسنا بين مكذب للخبر وغير مستوعب له. لقد كان أبو محمد وهو يقود أكبر مرفق حكومي حيوي على مستوى محافظة أبين ( مكتب التربية والتعليم بالمحافظة ) ملء السمع والبصر، وخلال نحو عقد من الزمان استطاع بتوثب الشباب المتحمس لإحداث التغيير، إن يدير العمل باقتدار وطموح لاحدود له .. ومثلماً رضي كثيرون وسرهم طريقة عمله وتعامله في أداء مهامه ، فقد اختلف معه البعض واعترضه آخرون ، وهذه سنة الحياة ، لكن أحداً من معارضيه قبل مؤيديه قد يضغنه عليه، فقد كسب حب واحترام الجميع بأسلوبه ودماثة خلقه وطريقة تعامله وعمله ، وفيما كان يفصل بين الأمور الشخصية وقضايا العمل، ويؤكد أن علاقات الود والاحترام بين الناس يجب أن لا تغيبها إشكاليات أو اختلافات العمل ، فقد كان دوماً على ذلك يصر. ولم يشهد أحد قط بأن رآه متجهماً في وجه أحد من مرؤوسيه وقد بلغ تعدادهم نحو ثلاثة آلاف معلم وموظف أو مرتادي مكتبه من الطلاب وأولياء أمورهم ولم يقل أحد قط أنه سمع صوت مدير عام مكتب التربية والتعليم مرتفعاً حاداً تجاه شكوى أو طلب أو تقصير أحدهم مهما كان .. إذ كانت ابتسامته واشراقة وجهه تسبق لسانه. الله .. ماذانتقول اليوم وقد فقدنا عزيزاً غالياً، نحن بأمس الحاجة إليه ليقوم بدوره وواجبه في ضوء ما تعيشه البلاد من ظروف استثنائية غاية في الخطورة وتحديات جمة محدقة بنا تتطلب رجالاً أوفياء مخلصين. رحم الله علي .. وصبرا لنا .. وحنانيك إيتها الأقدار .. إنا لله وأنا إليه راجعون.
حنانيك أيتها الأقدار
أخبار متعلقة