الزكاة تطهير للنفس وتزكية لها من الشح وفتح لأبواب الرزق
الحديدة / الوريث: تتجلى عظمة شهر رمضان الكريم فيما وضعه ، الخالق سبحانه من عبادات يتقرب بها العباد الى الخالق سبحانه وتعالى والتي منها الزكاة التي تمثل الركن الثالث في الإسلام .. حيث قرنها ،الخالق سبحانه في القرآن الكريم مع الصلاة في 82 موضعاً.ولا يستقيم إسلام المسلم إلا بأدائها لمالها من دور في التقريب بين أغنياء المسلمين وفقرائهم, وخلق روح التعاطف والمحبة بين ابناء المجتمع , وتحقيق التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم وتأمين حاجة المعدمين وأبناء السبيل والأيتام والأرامل وكفاية الفقراء عن الحاجة والسؤال.في هذا الحوار يتحدث فضيلة العلامة عبدالرحمن مكرم عبد الله مكرم إمام وخطيب الجامع الكبير في الحديدة عن الزكاة والحكمة من مشروعيتها ومنزلتها في الإسلام, ووجوبها وحكم من ينكر وجوبها ولمن تؤدى وحكم من يمتنع عن إدائها, كما يتناول أنواع الأموال ونصابها ومصارفها.[c1]لنبدأ حديثنا مع فضيلتكم عن الحكمة من فرض الزكاة ومنزلتها في الإسلام ؟[/c]ـ بين الخالق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم الحكمة من فرض الزكاة للزكاة على أغنياء المسلمين فقال سبحانه : ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)) وتبدو الحكمة واضحة في سياق الآية المذكورة وهي تطهير نفس الغني صاحب المال, فاخذ جزء من مال الغني بأمر من الواهب له هذا المال وهو الله سبحانه وتعالى الذي أراد بذلك أن يطهر نفسه من الإمساك وان يحرره من سيطرة حب المال الحب الممقوت الذي يرفع صاحبه إلى عدم الإنفاق مما استخلفه الله عليه فجاء الأمر من الله ملزما كي لا يحصل التردد في تنفيذه, وحكمة أخرى تظهر أيضا في السياق للآية وهي التزكية (تزكيهم بها) والتزكية معناها في اللغة الزيادة والنماء بمعني أن المزكي تطهرنفسه من الشح والبخل ويزكو ماله أى ينمو ويزداد وتحل البركة فيه لان في أدائه للزكاة شكرا لله على نعمة المال والله تعالي يقول (ولئن شكرتم لأزيدنكم).وأما عن منزلتها في الإسلام فيكفيها شرفا وفضلا أن الله تعالى فرضها بنفسه وجعلها على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم احد دعائم الإسلام الخمسة فقال الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الصحيح “ بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا”.وقد اجمع علماء الإسلام سلفا وخلفا على انه لا يتم إسلام المرء إلا بأداء الزكاة, فمن أنكر وجوبها فهو كافر ومن امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها تؤخذ منة قهرا وعنوة كما فعل الخليفة الصديق أبو بكرالصديق رضي الله تعالى عنه مع الذين امتنعوا عن أداء الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.ولمكانتها في الإسلام وفضلها ذكرها الله كثيراً في القرآن الكريم وغالباً ما تذكر مقترنة بالصلاة التي هي عمود الدين.[c1] ماذا عن دور الزكاة في طهارة النفس ونماء المال؟[/c]- لتأدية الزكاة دور عظيم في طهارة النفس .. فالنفس مجبولة على حب التملك وعلى التمسك بما تملك والظّن به ( أي البخل والشح به) عالج الله هذه الرذيلة في نفس الإنسان لاسيما الغني بالمال بأن انتزع منه حقاً أو نصيباً مفروضاً لأخيه الفقير كي تتطهر نفسه من تلك الرذيلة ويدفعه ذلك إلى البر والسخاء والعطاء مما أعطاه الله فيبارك الله له في نفسه وفي ماله وفي أولاده وعلى وجه الخصوص يزداد ماله وكما ورد في الأثر (لا ينقص مال من صدقة)، ثم إنه بتأدية ما فرض الله عليه يزكى إيمانه ويكون شاكراً لله نعمته فيعيش مطمئن النفس هادئ البال لا تقلقه عواقب مخالفة أوامر الله تعالى وبسبب ذلك تفتح عليه أبواب الرزق وسبل استثمار ماله فيضل في ازدياد ونماء.[c1]ماهي الأموال والممتلكات التي تجب فيها الزكاة؟[/c]- تجب الزكاة في المال والمقصود به النقدان الذهب والفضة وما يقابلهما من العملة الورقية وكذلك تجب في عروض التجارة أي البضائع والسلع وفي الزروع الثمار وفي العقارات والسوائم ( البهائم والأنعام ) وذلك متى ما بلغت نصاباً شرعياً وحال عليها الحول إلا في النقدين الذهب والفضة إذا اتخذ للمرأة ( للزينة) فقط - مهما بلغا .[c1] ماهو دور الزكاة في تعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي؟ [/c]- للزكاة دور كبير في تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم .. والله سبحانه وتعالى حينما يشرع أمراً لعباده لا يكون ذلك إلا في مصلحتهم لأنه سبحانه هو خالقهم فهو أخبر بهم وبما يصلحهم ويصلح حياتهم ( وكفى بربك بعباده خبيراً بصيراً ) فحينما خلق الله العباد خلقهم، وقسم بينهم الأرزاق وحسب مشيئته سبحانه وتعالى جعل منهم الغني والفقير ولم يتركهم هكذا الغني يزداد على غناه والفقير يموت جوعاً وفاقة، ففرض على الأغنياء حقاً معلوماً ونصيباً مفروضاً يؤخذ منهم ويرد على الفقراء ليحصلوا بذلك على حق العيش الحر الكريم فلا يستطيع الغني أن يمن على الفقير بما أعطاه لآن ذلك حقاً فرضه الله عليه للفقير ولا يشعر الفقير أنه استجدى الغني فيما أعطاه لأنه يعلم أن هذا حقاً فرضه الله له واستحقه جزاء رضاه بما قسمه الله له من الرزق.[c1]ماذا عن فضل الزكاة وماهي عقوبة تاركها ؟[/c]- كما أسلفنا أن فضل الزكاة عظيم ، ولها أهميتها في حياة المجتمع ، الإسلامي وهي أحد أركان الإسلام ولا يكمل إسلام المرء الذي تجب عليه إلا بأدائها ، وقد أجمعت الأمة سلفاً وخلفاً على وجوب أدائها طوعاً أو كرهاً ، لذا فإن استقرار المجتمع مرهون بأدائها ، وقد توعد الله سبحانه وتعالى مانعها فقال تعالى : “ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون” وقال تعالى :” ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله ، هو خير لهم بل هو شرٌّ لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة “ ، ويقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :” من أتاه الله مالاً فلم يؤدِ زكاته ، مُثّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان، يأخذ بشدقيه فيقول أنا مالك أنا كنزك أنا مالك أنا كنزك “ والشجاع الأقرع هو الحية العظيمة أقرع يعني ليس على رأسه شعر من كثرة السم والعياذ بالله (له زبيبتان) يعني غدتان مثل الزبيبة الواحدة مثل الزبيبة مملوءتان سماً والعياذ بالله.. فأي ترهيب بعد هذا الترهيب ، وأي وعيد بعد هذا الوعيد ، فليتقِ الله مانع الزكاة وليتب إلى ربه فإنه يقبل توبة التائبين.[c1] ماذا عن مصارف الزكاة في الإسلام ؟[/c]- حدد الله تعالى في كتابه الكريم مصارف الزكاة ، أي الذين يجب أن تصرف لهم الزكاة.. فقال تعالى “ إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ، فريضة من الله والله عليم حكيم)) .وهذه الأصناف الثمانية التي حددتها الآية الكريمة هم المستحقون للزكاة ،ولا يجوز أن تصرف لغيرهم عملاً بكتاب الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن في ذلك تجاوزاً لما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .[c1] كيف يكون التعامل مع زكاة البنوك والشركات والمهن الحرة والزروع والثمار والعقارات والأنعام؟ [/c]- البنوك والشركات هم أناس متضامنون بأسهم مجتمعة فينطبق عليهم في إخراج زكاة المال ما ينطبق على غيرهم وإذا كانوا يملكون عروض تجارة كالبضاعة والسلع والعقارات فتثمن بالقيمة و تخرج عنها الزكاة وأما أصحاب المهن الحرة إذا اجتمع لديهم الربح الذي يكسبونه وبلغ نصابا وحال عليه الحول فتخرج عنه بالمقدار المحدد وهو ربع العشر .وأما زكاة الزروع والثمار التي تجب فيها الزكاة فتخرج عينا بالمقدار المحدد لها .وأما العقار المتخذ للتجارة فيقوم على انه عروض تجاره وتخرج منها الزكاة بالمقدار المحدد لها وهو ربع العشر .وأما الزكاة في الحيوان فتخرج عينا حسبما هو موضح في أنصبة كل نوع من أنواع الحيوان التي تجب فيه الزكاة .[c1] يخلط البعض بين الزكاة والصدقة فما الفرق بينهما .. وما حكم تسليمها للدولة ولماذا ؟[/c]- الزكاة اسم لما يخرجه الإنسان من حق الله تعالى وجوباً عليه، وسميت زكاة لما فيها من رجاء البركة وتزكية وتطهير لنفس المزكي ، فإنها مأخوذة من الزكاة وهو النماء والطهارة والبركة ، قال تعالى : “ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها “ ويطلق عليها الصدقة الواجبة ، وأما صدقة التطوع فهي إعطاء الشخص على سبيل الهبة تطوعاً دون إلزام ، وتسمّى صدقة التطوع ، فالأولى واجبة والثانية مستحبة ومرغّب فيها .. أما تسليم الزكاة إلى الدولة فإن المنصوص عليه والمعتمد أنه إذا طلبها ولي الأمر وجب تسليمها إليه فوراً، وتبرئ ذمة المزكي منها ، ولأن الدولة مسئولة عن جميع فئات الشعب ولابد ان تتوفر لديها كل الوسائل المحققة لمطالب الأمة ومن أهم هذه الوسائل استحصال الزكاة بواسطتها ..والله الهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.