قراءة في «تحليل الوضع السكاني.. 15 عاماً بعد مؤتمر القاهرة الدولي للسكان» في محور الصحة
غرفة عمليات في مستشفى اليمن الدولي بتعز
عرض/بشير الحزميأكدت وزارة الصحة العامة والسكان أن النمو السكاني في بلادنا يمثل تحدياً للحكومة اليمنية،ولا يمكن للحكومة أن تحقق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية الطموحة إذا استمر معدل النمو السكاني بالارتفاع.وأوضحت في ورقة عمل عن(تحليل الوضع السكاني 15 عاماً بعد مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994م) أن الحكومة تدرك ذلك ولديها سياسة سكانية تم إعدادها بالتنسيق مع المجلس الوطني للسكان بالإضافة إلى أن لدى الحكومة خططاً طموحة للتعاطي مع النمو السكاني من خلال برنامج الصحة الإنجابية في وزارة الصحة العامة.ومع ذلك فإن درجة الالتزام بهذه السياسة اللازمة لإنجاحها في الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن وكذلك الشعور بالحاجة الملحة لإحداث تغييرات سريعة لا تزال مفقودة وبشكل كبير.وبينت ورقة عمل وزارة الصحة أن سياسة الحكومة اليمنية تلتزم بأطر العمل الدولية المتفق عليها مثل برنامج العمل الذي تبناه المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد عام 1994م واتفاقية بكين للمرأة التي تم تبنيها العام التالي وكذا أهداف التنمية الألفية التي تم تبنيها عام 2000م.وقد عقدت سلسلة من المؤتمرات السكانية الوطنية ترأسها رئيس الدولة حيث ركزت على قضية السكان.وأشارت إلى أن الدول العربية قد تبنت مفهوم الصحة الإنجابية كما صدر عن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد بالقاهرة سنة 1994م وعملت على التحرك في إطار برنامج عمله باستثناء بعض العناصر التي لا تتفق والمرجعيات التشريعية للبعض.وتبعاً لذلك وضعت السياسات والبرامج الخاصة لدعم النسيج المؤسسي والبحثي وتتالت المؤتمرات واللقاءات الإقليمية والدولية لتنفيذ ما صدر عن المؤتمر من توصيات.وذكرت أن كل الدول قد حرصت على وضع سياسات متطورة لرعاية الأمومة السليمة والنهوض بصحة الأم والطفل ووفرت لها الإمكانات وجعلتها من ضمن أولويتها الصحية،فالتعامل مع المفهوم الواسع للصحة الإنجابية كما ورد في وثائق مؤتمر القاهرة لم يكن بنفس الحماس لدى الجميع وهو ما تجلى في الفوارق الملاحظة في التعامل مع بعض مكوناته مثل تنظيم الأسرة والممارسات الضارة للفتيات (الختان) وغيرها.وبالرغم من غياب البرامج الرسمية في بعض الدول العربية،فقد لوحظ حدوث تطور للسلوك الإنجابي للأفراد والأسر في اتجاهات غير معلنة،حيث انخفضت نسبة الخصوبة في كل الدول بأنساق تختلف من بلد إلى آخر وبفوارق شاسعة أحياناً حسب مدى تبني السلطة الرسمية أو نسيج المجتمع المدني لبرامج خاصة تهدف إلى ذلك ما يتبعها من تدخلات وتظاهرات وإجراءات لتغير المواقف والسلوكيات حول الإنجاب.[c1]الوضع الحالي لخدمات الصحة الإنجابية[/c]
امرأتان مع طفليهما في احد مراكز الامومة
وعن الوضع الحالي لخدمات الصحة الإنجابية في الجمهورية اليمنية أوضحت ورقة العمل أن أي تحسن في مؤشر نسبة وفيات الأمهات هو ناتج مباشر لأثر الخدمات الصحية ومنها خدمات الأمومة الآمنة،وأنه في اليمن قد حدث تطور بسيط في المؤشرات العملية التي تعود إلىخفض وفيات ومراضة الأمهات خلال عشر سنوات (-1992 2002م) فقد زادت نسبة الحصول على خدمات رعاية الحوامل على الأقل زيارة واحدة خلال فترة الحمل من 26% عام 1992م إلى 45% عام 2002م مع متوسط عدد الزيارات أثناء الحمل يبلغ 3.2% زيارة مقارنة ب1.9% عام 1979م (المعيار على الأقل أربع زيارات) وبالتالي فإن 55% لم يحصلن على هذه الخدمة إما بسبب عدم توفرها أو بعدها أو تدني نوعيتها وهناك جزء كبير لم يجدن ضرورة لذلك حيث أن من الملاحظ أن أغلب زيارات الحوامل كانت بسبب وجود أعراض مرضية وليست ضرورة وقائية كما تبين من المسح 2002م بأن 31.5% من الأمهات تلقين على الأقل جرعة واحدة من التطعيم ضد التيتانوس.الحمل والولادةأما عن نسبة الولادات في المرافق الصحية فذكرت الورقة بأنه تضاعفت من 12% إلى 23% خلال العشر السنوات الأخيرة،حيث أن كثيراً من النساء يفضلن الولادة في المنزل لأسباب أهمها سوء المعاملة وبعد الخدمة الصحية وتكلفتها الباهظة.وفيما يخص نسبة الولادات التي تمت بإشراف من الكوادر المؤهلة خلال الفترة فإنها قد زادت من 16% إلى 31%.أما الرعاية أثناء النفاس فقد ارتفعت من 4% عام 1992م إلى ٪10.8 عام 2002م.ولفتت ورقة العمل إلى أن عملية الحمل والولادة في اليمن تعد مرحلة محفوفة بالمخاطر على اعتبار أن الخدمات الصحية للأمومة كماً ونوعاً هي المؤثر الأساسي في تحسين الوضع الصحي.وبالتالي فإن الوضع الكمي والنوعي لهذه الخدمات ومدى ملاءمتها للحاجة وتغطيتها للطلب لها دورها وأهميتها.وأوضحت ورقة وزارة الصحة أن خدمات الأمومة الآمنة تقدم في 964 موقعاً من المؤسسات الصحية الحكومية وخاصة في المستشفيات (77.5 %من173مستشفى) والمراكز الصحية (65 %من 524 مركز صحياً) والوحدات الصحية (25 % من 1945 وحدة صحية) ومعظمها لا يغطي خدمات الصحة الإنجابية بصفة شاملة- أو خدمات الطوارئ التوليدية والوليدية ولا يطبق نظام الإحالة وتلك هي التي لا تقدم خدمات تعود لأسباب متعلقة بعدم توفر القوة البشرية في الغالب.وأنه قد طرأ تحسن في البنية التحتية لمواقع خدمات الصحة الإنجابية في اليمن ولكن ما زالت العديد منها دون المستوى المطلوب وتحتاج إلى ترميمات وإمدادات. وفي إطار التوسع في خدمات الصحة الإنجابية فقد وجهت الجهود إلى أعداد الكوادر المناسبة للتوسع في هذه الخدمات من خلال برنامج تدريب قابلات المجتمع والمرشدات الصحيات والمولدات الشعبيات حيث تم حتى عام 2003م تدريب أكثر من 2000 قابلة مجتمع،1980 مرشدة صحية،2013 مولدة شعبية في المحافظات بهدف تعزيز الخدمات في المراكز الصحية والوحدات الصحية وفي المجتمع.ولكن المشكلة لا تزال قائمة في جوانب التشغيل والتوصيف لهذه الكوادر وربطها بالمؤسسات الصحية لتعزيز دورها وتفعيله.ونوهت الورقة إلى وجود ضعف إداري للمرافق الصحية وعدم الاستغلال الأمثل للموارد والمشاركة في الكلفة لتحسين نوعية الخدمة الخاصة لأقسام التوليد،وارتفاع كلفة الخدمات وخاصة النساء و الفقراء،وضعف نظام الإشراف والمتابعة ونظم المعلومات والتدريب المستمر لمقدمي الخدمة،وعدم تفعيل البروتوكولات والمعايير الخاصة في خدمات الصحة الإنجابية والطوارئ التوليدية وعدم الالتزام بتنفيذ السياسات تحت غياب المواجهة من الوزارة.[c1]الوضع في القطاع الصحي الخاص[/c]أما عن الوضع في القطاع الخاص فأشارت الورقة إلى أنه لا توجد معلومات عن نوع أو حجم الخدمات المقدمة ولا تنسيق أو رقابة عليه برغم الترخيص لـ 600 مرفق صحي خاص ووجود ما يربو على 2500 مخزن وصيدلية.وأشارت إلى أن مساهمة منظمات المجتمع المدني مهمة ولا تزال في بدايتها مثل جمعية رعاية الأسرة،وجمعية الإصلاح الخيرية.وكشفت وزارة الصحة في ورقة العمل عن وجود فجوة بين الريف والحضر وتباين في الأوضاع الصحية الخاصة بخدمات الأمومة الآمنة برغم أن الريف يشكل %75 من السكان في اليمن حيث يتضح من خلال مقارنة المؤشرات الصحية بين الريف والحضر أن 94 % من وفيات الأمهات بين النساء تقع في الريف وأن 28 ٪من الأمهات في الريف يعانين من سوء التغذية مقابل 16 % في الحضر، وتبلغ الخصوبة في الريف 7 مواليد لكل امرأة مقابل 5 في الحضر وأن الاستخدام والاستفادة من الخدمات الصحية في الريف منخفضة حيث أن هناك 31% فقط في الريف يحصلن على رعاية في أثناء الحمل مقابل 62% في الحضر ونسبة من يلدن تحت إشراف كوادر ماهرة في الحضر ثلاثة أضعاف النسبة في الريف.أما تطعيم النساء ضد الكزاز فهي في الحضر ضعف الريف.وأما استخدام وسائل منع الحمل الحديثة فنجد أن نسبته 9 % في الريف مقابل 27% في الحضر.[c1]المراهقون والشباب[/c]وعن المراهقين والشباب (الفئة العمرية من 10 - 24نسة) أوضحت وزارة الصحة في ورقتها أن هذه الفئة تمثل ثلث إجمالي السكان في اليمن تقريباً،وهم في زيارة مستمرة وترى بأن المراهقين يعتبرون مورد رئيسياً للصحة والتنمية في اليمن الحاضر المستقبل.وأشارت إلى أن الحكومة اليمنية تدعم حق الشباب الصغار في الحصول على المعلومة والخدمات الضرورية لحماية أنفسهم من الأمراض الإنجابية مثل الأمراض المنقولة جنسياً بما في ذلك (الإيدز)،الحمل المبكر،والنتائج السيئة المترتبة على ذلك.. دعم الصحة الإنجابية لفئة المراهقين يساعد في تنمية السلوكيات الصحية التي لها أثر كبير طوال المرحلة الحياتية.[c1]الزواج والخصوبة[/c]وحول موضوع الزواج في اليمن أعتبرت الوزارة الزواج في اليمن أمراً مهماً من الناحية الاجتماعية وذكرت أن إثبات الخصوبة عامل محوري للأزواج في السنة الأولى من زواجهم,.وأشارت إلى أن الكثير من النساء يتزوجن وهن في سن المراهقة ولديهن فقط معلومات غامضة عن الصحة الإنجابية كون معلومات وخدمات الصحة الإنجابية لاتزال تعتبر أمراً يخص المرأة المتزوجة فقط،وفي الغالب النساء في سن المراهقة (الشابات) لا يحصلن على خدمات تنظيم الأسرة حتى ينجبن المولود الأول.[c1]الولادات في سن المراهقة[/c]وذكرت الوزارة في ورقتها أن عدد الولادات بين الفتيات في سن المراهقة سيصبح أكثر من الضعف من خلال 20 سنة فقط من 302.000ولادة إلى 630.000ولادة،ومع ذلك فإن هذه الفئة العمرية- حتى مؤخراً- لم تحصل على الاهتمام الكافي في السياسات كخطوة هامة تجاه الاعتراف باحتياجات هذه الفئة من السكان.إنجازاتوعن أهم الإنجازات التي تحققت منذ مؤتمر القاهرة 1994م أوضحت الوزارة في ورقتها أنه منذ أن برز مفهوم الصحة الإنجابية إلى الوجود واعتمده المؤتمر العالمي للسكان عام 1994م التزمت الجمهورية اليمنية بذلك واعتبرت الصحة الإنجابية أحد المرتكزات الأساسية في مجال الصحة العامة وذلك لأن المعاناة والمضاعفات المتعلقة بعملية الإنجاب واسعة التأثير في صحة المجتمع بكل فئاته،وبادرت وزارة الصحة العامة بإنشاء إدارة لصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة واستضافت صنعاء مؤتمر الأمومة الآمنة الإقليمي عام 1998م وأعتبر إعلان صنعاء الذي ينتج عن ذلك المؤتمر أحد العوامل البارزة في دعم الصحة الإنجابية.وأشارت إلى أن إنشاء المجلس الوطني للسكان عام 1992م ولاحقا المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في نفس العام ثم اللجنة الوطنية للمرأة عام 1996م كان استجابة من الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات السكانية والتنمية لإنشاء هذه الأطر المؤسسية للقيام بعملية التخطيط والتنفيذ والتنسيق والمتابعة والتقييم وتمارس هذه الهيئات مهامها على المستوى المركزي ولها لجان ونقاط ارتكاز في الوزارات والمحافظات ،وعلى المستوى التشريعي شكلت لجان دائمة للمراقبة والتشريع وكسب التأييد وأهم هذه اللجان لجنة الصحة والسكان والبيئة في كل من مجلسي النواب والشورى.وتتكون الأطر الوطنية للسياسات والإستراتيجيات والبرامج المفيدة للسكان والتنمية.[c1]أهداف وأنشطة رئيسية[/c]وأفادت بأن السياسات الوطنية للسكان قد استهدفت معدل وفيات الأمهات إلى 75 حالة وفاة لكل 100.000ولادة حية بحلول عام 2025م،والسعي إلى تحقيق خفض وفيات ومراضعة الأمهات إلى أقل من ٪25 من وضعها الحالي من خلال إيصال رعاية الحوامل،وأن لا تقل نسبة الولادة بإشراف كادر طبي مؤهل عن ٪40 من الولادات وأن تصل رعاية ما بعد الولادة للأم والمولود إلى 15 % وتوفير خدمات الطوارئ التوليدية الضرورية الأساسية في أربعة مراكز صحية وخدمات الطوارئ التوليدية الضرورية الشاملة في مستشفى واحد لكل 500.000 من السكان.ونوهت بأن تنفيذ هذه الأهداف يتطلب القيام بالعديد من الأنشطة الرئيسية والتي من أهمها: توسيع وتعميم خدمات الأمومة الآمنة من خلال التدريب مع التركيز على فئات الأطباء لأمراض النساء والتوليد والقابلات والمرشدات الصحيات وتعزيز نظام الإحالة والإشراف،تقوية وتطوير أنظمة الطوارئ التوليدية،تقديم المشورة الصحية والإرشاد الغذائي السليم للأمهات والنساء في سن الإنجاب،التطعيم ضد الكزاز بنسبة تغطية 60 % من النساء في سن الإنجاب والحوامل،رفع مستوى الوعي الصحي في المجتمع بالمخاطر أثناء الحمل وبعد الولادة،إدخال الطوارئ التوليدية الأساسية في المراكز الصحية والمستشفيات الريفية بالخدمات الشاملة وتعزيزه بنظام الإحالة،رفد المرافق الصحية بالمعدات الطبية وسيارات الإسعاف.