من الحياة
يكتبها/ إقبال علي عبدالله * هاتفي الجوال ظل خلال السبع الايام الماضية مشغولاً لا تتوقف الرنات فيه الا قرب منتصف الليل عند عودتي من الصحيفة الى المنزل واغلاقه لانام وان كان النوم لا يأتيني الا بعد صلاة الفجر ولساعات لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة .. * الخميس الفائت الموافق الثاني من مارس وعند الرابعة فجراً كانت فاجعتي الكبيرة وخسارتي التي لا تعوض في هذه الدنيا .. فاجعة رحيل شقيقي الاكبر المخرج المسرحي المشهور / فيصل علي عبدالله / رحيل مباغت لي ولكل افراد الاسرة بل واصدقائه الذين كانوا معه في جلسة سمر حتى الواحدة فجراً قبل رحيله بساعات ثلاث فقط .. فاجعة جعلتني وحتى ساعة كتابة هذه الاسطر من صباح امس ( الاربعاء ) مذهولاً ، شارد الذهن عاجزاً عن التفكير والمقاومة .. رغم ايماني الذي لا حدود له بان الذي اصابنا من مكروه برحيل شقيقي /فيصل / هو امر الله ولا مفر . * الاتصالات على هاتفي الجوال ومكتبي في الصحيفة لم تتوقف من الاهل والاصدقاء في الداخل والخارج . معزين ومواسين لي وبقية افراد الاسرة بهذا المصاب الجلل .. وهي جميعاً اتصالات اشعرتني بحجم ومقدار شقيقي رحمه الله / فيصل / لدى كل من اتصل بي مشكوراً عزاؤه .. كبير ليس فقط بما قدمه لوطنه من عطاء وهو واجب عليه بل في خلقه ووفائه وحبه لكل الناس .. فكان رحمه الله قدوة للكثيرين .. كما كان لي وسيظل حتى ياذن لي الله في اللحاق به .. * كل ما سبق ذكره شيء طبيعي غير ان -وهذا الذي دفعني للكتابة اتصال تلقيته مساء اول من امس الثلاثاء من زميلة اعتز كثيراً بها وبصداقتي معها .. انها بالنسبة لي اكبر مما قد اكتبه عنها لذلك ساترك الامر وادخل مباشرة في اتصالها .. بعد ان قدمت تعازيها سألتني معاتبة : لقد مر على رحيل شقيقك ستة ايام ولم اقرأ في الصحيفة مرثيتك عنه وانت المشهود لك بالوفاء في تقدم الاخرين في كتابة المرثيات عند رحيل أي زميل او صديق او عزيز عليك !! فكيف والحال مع شقيقك الف رحمه عليه!سؤال الزميلة اوجعني ووسع من مساحة فاجعتي .. وتمنيت حينها أي بعد سماعي السؤال لو كنت لم اجب على اتصالها .. صمت .. وادركت هي قساوة سؤالها .. وحاولت الاعتذار . فرفضت ليس اعتذارها بل جعلها تعتذر وقلت لها : " اسمعي يا اعز الزملاء القريبين الى قلبي .. ساردد لك حكاية سمعتها قبل اكثر من عقد من الزمان وتحديداً في احدى ليالي شهر رمضان المبارك والذي كنت حينها مسافراً في القاهرة العاصمة المصرية .. " . قالت : ما دخل الحكاية في سؤالي ؟! " قلت لها : " لا تتعجلي .. اسمعي اولاً وتأمليها -أي الحكاية - بعدها ستجدين رد على سؤالك !! " ... قالت : " امرك عجيب .. ولكن ها انا كلي آذان صاغية لك " .. قلت : " جاء ثلاثة الى رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام سائلين منه جواب لسؤال يحمله كل واحد منهم .. سأله الاول قائلاً : " يا رسول الله ماتت زوجتي فماذا اعمل ؟! " . اجابه الرسول : " بدل فراشك " فسأله الاخر قائلاً " يارسول الله ماتت والدتي فأنا الان يتيم !! " .. اجابه الرسول : اصبر على ما ابتلاك الله وادعوا لها بالرحمة والمغفرة وعوضك على الله " . اما الثالث وهو اخر السائلين قال : " يارسول الله مات اخي ... " صمت الرسول العظيم وادمعت عيناه وقال " لقد انكسر ضلعك " قالت زميلتي : ماذا تقصد بهذه الحكاية ؟! قلت لها : صدق رسول الله الاخ لا يعوض .. لهذا وجدت نفسي مكسوراً بعد رحيل شقيقي الذي كان لي ليس فقط اخ بل الاب والصديق والمرجع الذي اعود اليه دائماً لاتزود منه صبري في هذه الحياة .. انه كل مداد قلمي والاحرف التي تختزن في داخلي .. فماذا اكتب عنه وانا مكسور ضلعي .. ؟! قالت : صبراً علىا الله فهذا قدره .. قلت : ونعمة بالله .. وكلنا اليه راجعون ، ولكني قصدت في اجابتي على سؤالك ان اعرفك بأن الاخ اذا فقد اخاه فان خسارته لا تعوض مهما كان ذلك الاخ غير سوي الطبع مع اخوته . فادراك الخسارة عند الرحيل " .. ادمعت عيوني .. وارتفع صوت بكائي .. فقالت لي : اسكن الله اخاك / فيصل / فسيح جناته والهمك واسرتك الصبر والسلوان .. انا لله وانا اليه راجعون " .. ـــــــ[c1]سعيكم مشكور [/c]* الى كل عزيز وصديق وزميل جاء الينا او اتصل بنا معزياً برحيل شقيقي / فيصل علي عبدالله / نقول له سعيكم مشكوراً .. ولا يريكم الله مكروهاً في حياتكم " ـــــــ[c1]شكر خاص [/c]* معالي الاستاذ القدير خالد الرويشان .. المحترم وزير الثقافة الاستاذ القدير عبده بورجي .. المحترم نائب رئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر .. برقية عزاؤكم لنا برحيل شقيقي المخرج المسرحي / فيصل علي عبدالله / كانت ويشهد الله صدق قولي بلسم حاول تضميد جراحنا في الوقت الذي غاب هذا البلسم عن الكثيرين من اصدقاءه ممن هم اليوم في مواقع المسؤولية فغاب الوفاء .. وكنتم انتم الوفاء رغم عدم معرفتك الشخصية به .. لك الشكر .. "اقبال "ـــــــ[c1]ختاماً [/c]*. أخي الغالي / فيصل / .. رحمك الله بواسع رحمته واسكنك فسيح جناته .. رحيلك عني دون وداع رغم سؤالك عني قبل ساعات من الرحيل .. جعلني مكسوراً في هذه الحياة .. مكسور لانك كنت ضلعي وجدار حياتي الذي استند عليه .. وبدونك لا اعلم كيف ستكون مقاومتي .. حسبي الله ونعم الوكيل ...