يصعب الاتفاق أو التوافق بين الأضداد الحزبيين والسياسيين في البلد من دون حوار ومقدمات، ولكن يصعب - أيضاً - الحوار والتوافق من دون لقاءات تجمع الفرقاء حول طاولة واحدة. معادلة بسيطة ومنطقية جدا.وإلا .. كيف يعني بايتفقوا ويتحاوروا، والخطوط مقطوعة أو معطلة، والهواتف مغلقة أو خارج نطاق التغطية؟!المشكلة أن الحوار “حل” تحول إلى مشكلة عويصة في اليمن السعيدة.الجميع مع الحوار .. ويدعو إلى الحوار، ويؤكد على الحوار “كخيار” وحيد، لحل الأزمة .. ولتجاوز الأزمات .. وللوصول إلى الحلول والمعالجات .. ولوضع اليمن في سكة حديد (التوافق - الانفراج)، وإلى ما هنالك من منحوتات بلاغية وخطابية تخزي العين وتتفوق على أكبر المنظرين وفلاسفة الديمقراطية في العالم.لكن و هذا ما نود الحديث حوله كثيراً .. وتقطيع البصل بكميات كبيرة، الجميع - أيضاً - ضد التهدئة، وضد اللقاءات المشتركة، وضد التفاهمات التمهيدية، لتصفية الأجواء وفلترة الاحتقانات وتطبيب الخدوش والجراح المتبادلة وتطييب الخواطر المتبادلة - ومشاكلنا في اليمن، أغلبها إن لم تكن جميعها، هي بسبب “الخواطر” الحساسة جداً لدى جماعة من السياسيين والحزبيين وشيوخ القبائل وشيوخ المال والبزنس!!لا حوار .. إذاً، فالتقاء الفرقاء وفي مقيل واحد أو في بيت عزاء يكاد يصبح من المستحيلات المذكورة في بيت من الشعر العربي : “وعلمت أن المستحيل ثلاثة .. الغول والعنقاء والخل الوفي”، وأضيف إليها الآن اجتماع أو التقاء قادة أحزاب (المشترك ) وحزب المؤتمر في مكان واحد وزمان واحد؟! مستحيل رابع إذاً.بالتالي لم نحصل على توافقات واتفاقات، ويبقى أصحابنا كتبة بيانات وخطابات فارغة، يقولون مالا يفعلون .. ويفعلون مالا يقولون، يأمرون بالقطيعة وينهون عن المعروف، شرهم إلينا نازل .. ويأسنا منهم طالع .. صاعد .. فائض!(المشترك ) - بذكاء لا يحسد عليه - مزق اتفاق فبراير الذي وقع عليه مع المؤتمر ويلزمهما بالحوار الوطني، وذهب يتحاور مع نفسه ومع قادة فروع (المشترك ) في المحافظات، وصار هذا لديه هو ما يعنيه “الحوار الوطني” بحسب “لجنة الحوار” .. العليا!وزيادة في “الوطني” قطع كافة الخطوط مع المؤتمر وقال : “لا حوار بيننا وبينكم”، ولكنه انتدب بعثة عالية الجودة للالتقاء و”التشاور” مع صاحب “فك الارتباط” و”هاتوا دولتي” وغيره من مناضلي الفنادق والشاليهات ودعاة “الاعتصاد” الوطني والاحتراب الأهلي!يعني كانت أوروبا أقرب إلى لجنة المشترك ومندوبي ملتقى قاعة “أبولو” الشهير، من مقر اللجنة الدائمة للمؤتمر بالحصبة - صنعاء؟ تغيرت المقاييس والجغرافيا ونحن لا نعلم!وهذا كله - بالطبع وبالتأكيد وبالنضال السلمي - من أجل خاطر وعيون الحوار الوطني - كما يقسم ويحلف على ذلك شيوخ ورعية المشترك!!وفي الوقت عينه يعقد هؤلاء مؤتمراً صحافياً جماعياً ليؤكدوا ويجددوا ويشددوا - بعنف وبحماسة - على الحوار مع المؤتمر أو الحزب الحاكم بل ودعوته إلى الدخول في حوار وطني، وبعدها بقليل سيقول حسن زيد في رده على أحد الصحافيين الحاضرين.“لا عودة إلى الحوارات” العبثية مع المؤتمر الشعبي”؟! ويستمر العجين هكذا بلا توقف.المؤتمر بدوره يدعو إلى الحوار والتمسك باتفاق فبراير والنص الدستوري المعدل، وليته لم يتعدل ولم يتبدل! ولكن - أيضاً - المؤتمر لا يفعل شيئاً لاستدراج أقدام شركائه، الموقعين على وثيقة فبراير والتعديل الدستوري، إلى “حوار وطني” بمقاسات التعديل والاتفاق. أكتفي بإشهاد خلق الله على هؤلاء “الفراكين”، ولسان حال أمانته العامة : “منك يا بيت الله”! ومن ثم “يدعم” ويمضي في حال سبيله!نحن الجمهور والناخبين - لا حول لنا ولا قوة، مركونون على جنب ولن يحين دورنا أو رأينا إلا عند الحاجة - صباح يوم الاقتراع!!باسمنا يتحدثون ويتنازعون ويتآمرون ويتفاوضون، ولم يستشرنا أحد، لا في الأولى ولا في الثانية. كلهم يطلب صيداً، ونحن الفريسة والصيد.إلا أننا ونحن أكثر من عشرين مليون مواطن يمني، لا ندخل في حسابات وكشوفات المدعوين إلى “الحوار الوطني” الذي يوفد له رجال “اللجنة العليا” المنبثقة عن لجنة التشاور العليا .. المنبثقة أولاً عن “المجلس الأعلى” لأحزاب اللقاء المشترك.أعلى .. عليا .. عالٍ، كل شيء لديهم أعلى - إلا نحن (الشعب) لا حضور لنا ولا موقع ولا مكانة أو مكان، سواء أعلى أو في الهامش.ومع ذلك يقال “حوار وطني”، فكم أنت مكذوب عليك .. يا وطني؟!
الحوار الوطني المشكلة في .. الحل !!
أخبار متعلقة