واقع تنظيم الأسرة ومتطلبات الارتقاء بخدماته وتحقيق تغطية شاملة في مختلف مناطق الجمهورية
ذكرت ورقة عمل حول ضمان تغطية شاملة لخدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة أعدها فريق عمل علمي ضم عدداً من الأكاديميين والمختصين في هذا المجال وقدمت إلى المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية 2007م أن ارتفاع معدلات الخصوبة في اليمن يرجع في الأساس إلى الانخفاض الشديد في معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة .. حيث أشارت نتائج المسح اليمني لصحة الأسرة 2003م إلى أن أقل من ربع السيدات المتزوجات في سن الإنجاب (23%) يستخدمن أي وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة بما في ذلك الوسائل التقليدية أما من يستخدمن الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة فتصل نسبتهن إلى (13%) من مجموع السيدات المتزوجات في سن الإنجاب .وأشارت ورقة العمل إلى أن أي استخدام لوسائل تنظيم الأسرة من شأنه خفض معدل وفيات الأمهات حيث انه سيساعد على الوقاية من الحمل غير المخطط له ومن ثم تجنب مخاطر الإجهاض ومضاعفات الحمل الخطر لمن هن دون العشرين وبعد سن 35 سنة ، إذ أن بعض التقديرات تشير إلى أن المباعدة بين الولادات لمدة سنتين على الأقل من شأنها أن تخفض معدلات وفيات الأمهات في الدول النامية بحوالي ( 32%) ، كما أن المباعدة بين الولادات من شأنها أن تخفض وفيات الأطفال بنسبة لا تقل عن (10%) وبحسب الورقة فإن أكثر من ثلث الولادات في اليمن ( حوالي 37%) تتم بعد فترة تباعد أقل من سنتين بين كل مولود وآخر مما يشكل خطورة على صحة الأمهات والأطفال.[c1]أسباب انخفاض استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن [/c]وحول أسباب انخفاض استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن تشير ورقة العمل إلى أن هناك سياسات عديدة وراء انخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن ، أولها رغبة الأسرة اليمنية وخاصة في الريف في إنجاب عدد كبير من الأطفال . ، وثانيها وجود بعض الموروثات الاجتماعية التي مازالت تعتبر التحكم في الإنجاب إثماً يترتب عليه العقاب من الله وذلك بسبب التأثر بالرأي الخاطئ بأن تنظيم الأسرة يتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف ،ومن الأسباب التي ذكرتها الورقة أيضا هو خوف العديد من الأسر من الآثار الجانبية لوسائل تنظيم الأسرة أو تأثيرها على الخصوبة .بالإضافة إلى الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تحول دون استخدام وسائل تنظيم الأسرة، كما أن هناك أسبابا تتعلق بتوافر وجودة خدمات تنظيم الأسرة المقدمة ، حيث أن هناك الكثير من المرافق الصحية التي يوجد فيها ضعف في مستوى خدمات تنظيم الأسرة وذلك بسبب نقص الأطباء والكوادر المدربة خاصة الإناث ، وكذا ضعف المشورة المقدمة من قبل مقدمي الخدمة، ويضاف إلى وجود نقص في بعض وسائل تنظيم الأسرة ، ونقص في المواد الإعلامية التي تساعد السيدات على معرفة مزايا وعيوب وسائل تنظيم الأسرة المختلفة وطريقة استخدام كل منها ، ومن الأسباب أيضا ضعف تردد السيدات على الوحدات الصحية للحصول على خدمات رعاية الحمل أو ما بعد الولادة وبالتالي عدم معرفتهن بوجود الخدمة .[c1]توافر الرغبة في ظل غياب الوسيلة [/c]ومما ركزت عليه الورقة هو أن الكثير من الأسر اليمنية قد اقتنعت بفكرة الأسرة الصغيرة وتتوفر لديها الرغبة في تنظيم الأسرة غير إنها في الوقت نفسه لاتستخدم وسيلة لتنظيم الأسرة ، ومعظم السيدات يعتمدن على الرضاعة الطبيعية كوسيلة لتنظيم الأسرة ولكن دون مراعاة الشروط الثلاثة التي تضمن فاعليتها كوسيلة لتنظيم الأسرة وبالتالي فإن نسبة كبيرة من حالات الحمل غير المرغوب فيه أو المخطط له تحدث من خلال السنة الأولى بعد الولادة ، وبينت الورقة أنه طبقاً لنتائج مسح الأسرة اليمنية 2003م فإن حوالي (50%) من السيدات اللاتي لا يرغبن في إنجاب طفل آخر لا يستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة، وأن (40%) من النساء في السنة الأولى بعد الولادة ينوين استخدام وسيلة لتنظيم الأسرة ولكنهن لا يقمن بذلك، وأكدت الورقة أن هذا يدل على ضرورة توافر خدمات تنظيم الأسرة لمنع حالات الحمل غير المرغوب فيه أو غير المخطط له، حيث أنه في كثير من الأحيان تلجأ الأم إلى الإجهاض ألقسري للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه مما يعرضها للكثير من المخاطر ومنها الوفاة.[c1]بعض الحلول والمعالجات المتخذة [/c]ومما اشادت به الورقة ما بدأت به وزارة الصحة العامة والسكان من خطوات تدريجية من أجل سد الفجوة في تقديم خدمات تنظيم الأسرة وذلك بتقديم خدمات تنظيم الأسرة عن طريق الفرق والعيادات المتنقلة في محاولة للوصول للمناطق النائية بالإضافة إلى أن الوزارة تنفذ حاليا مشروعاً مجتمعياً للترويج للصحة الإنجابية ، كما يشمل هذا المشروع توزيع وسائل تنظيم الأسرة مجاناً بواسطة متطوعين مجتمعيين حاصلين على تدريب مناسب ومرتبطين من ناحية الدعم والإشراف والإمداد بالمراكز الصحية القريبة .[c1]أنشطة لرفع الوعي .. ولكنها غير كافية [/c]وثمنت الورقة جهود المجلس الوطني للسكان ووزارة الصحة لما قاما به خلال السنوات العشر الماضية من أنشطة كثيرة من أجل رفع الوعي بالمشكلة السكانية وأهمية المباعدة بين الولادات ،وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة وتوزيع المطويات والكتيبات التعريفية على المراكز الصحية وكذا من خلال الندوات واللقاءات الجماهيرية إلا أن هذه المجهودات لم تكن مكثفة بصورة كافية كما أن الرسالة الإعلامية بخصوص استخدام وسائل تنظيم الأسرة لم تكن محدودة بصورة كافية .[c1]نتائج مستخلصة من الواقع [/c]ومما توصلت إليه الورقة أن خفض معدلات الخصوبة عن طريق رفع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة هو نتيجة مباشرة لضعف استخدام وسائل تنظيم الأسرة يتطلب مجهودات مكثفة على جانبي العرض والطلب بحيث تكون خدمات تنظيم الأسرة عالية الجودة متاحة لجميع فئات المجتمع بصرف النظر عن قدرتهم المادية أو موقعهم الجغرافي مع وجود أنشطة إعلامية مواكبة توضح مزايا تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات لصحة الأم والأطفال والأسرة بأكملها وتعريف عموم الناس بوسائل تنظيم الأسرة التي يمكن استخدامها وأماكن الحصول عليها وان توضح أيضا رأي الدين الإسلامي في استخدام وسائل تنظيم الأسرة [c1]توصيات المشاركين في المؤتمر الرابع للسياسية السكانية [/c]وكان المشاركون في المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية 2007م قد خرجوا في ختام أعمال المؤتمر بعدد من التوصيات الهامة حول موضوع ورقة العمل هذه وورد فيها معلومات وأرقام وملاحظات وتوصيات قيمة والتي كانت من أهمها ما يلي:- تفعيل خدمات تنظيم الأسرة في كل وحدات الرعاية الصحة الأولية من خلال توفير جميع وسائل تنظيم الأسرة في الوحدات الصحية وتفعيل خدمات المشورة عن تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات واستغلال الفرص الضائعة مثل أيام تحصينات الأطفال وزيارات رعاية الحمل لتقديم التثقيف الصحي والمشورة عن تنظيم الأسرة .- تقديم خدمات رعاية الحمل وما بعد الولادة بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة في جميع وحدات الرعاية الصحية الأولية، وتشجيع الأمهات على استخدام تلك الخدمات وتعريفهن بالاستخدام الصحيح للرضاعة الطبيعية كوسيلة لتنظيم الأسرة.- تقديم خدمات تنظيم الأسرة ( مشورة + وسائل ) لحالات الولادة في المستشفيات وحالات ما بعد الإجهاض.- التوسع في نظام قابلة المجتمع وخاصة في المناطق النائية وربطها بالوحدة الصحية والإشراف عليها، ومراجعة التوصيف القانوني والوظيفي لها، بحيث تكون قادرة على تقديم خدمات تنظيم الأسرة بما في ذلك تركيب اللولب .- تنفيذ تثقيف صحي وتوعية إشراك الذكور في تنظيم الأسرة.- توفير المواد الإعلامية بالوحدات الصحية لمساعدة مقدمي الخدمة على تقديم المشورة للسيدات .- التوسع في نظام العيادات المتنقلة لتقديم خدمات تنظيم الأسرة للمناطق النائية .- المتابعة والإشراف المستمر لضمان جودة الخدمات والالتزام بالقرار الوزاري الخاص بمجانية الخدمات .- تفعيل قرارات مجانية الولادات وتنظيم الأسرة في الوحدات الصحية المختلفة .- رفع مستوى خدمات الطوارئ التوليدية في المراكز ( الخدمات الأساسية) والمستشفيات( الشاملة) بما في ذلك نقل الدم والتعامل مع الحالات الحرجة- التوسع في تدريب قابلات المجتمع على تقديم خدمات رعاية الحمل والتوليد والعناية بالأم والمولود بعد الولادة.- تأهيل القابلات لتقديم رعاية الأم والوليد وتنظيم الأسرة في المنزل والمرفق الصحي .- تقديم خدمات الصحة الإنجابية للشباب والمراهقين من خلال عيادات صديقة للشباب .- تقديم خدمات مشورة ما قبل الزواج والفحص الطبي للشباب المقبلين على الزواج وتشجيع الشباب على تأجيل الحمل الأول وتعريفهم بوسائل تنظيم الأسرة المناسبة التي يمكن استخدامها لتأجيل الحمل الأول والمباعدة بين الولادات.- رفع الوعي المجتمعي من خلال وسائل الإعلام المختلفة بأهمية تقديم خدمات الصحة الإنجابية للشباب وبمخاطر الزواج المبكر والحمل المبكر وبالنسبة للإناث بكيفية الوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً.- توسيع نطاق منهجية التسويق الاجتماعي للتغطية بخدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة في المناطق الريفية.- سن تشريع للأمومة تحدد فيه السن الأدنى للزواج بسن (18) سنة وتحريم عملية ختان الإناث .- التنسيق بين الجهات المختلفة التي تعمل في مجال السكان والصحة الإنجابية وتحديد دور كل جهة بوضوح وخاصة التنسيق بين وزارة الصحة العامة والسكان والمجلس الوطني للسكان.- وضع السياسات التي من شأنها تشجيع القطاع الأهلي والقطاع الخاص على تقديم خدمات الصحة الإنجابية وخاصة في المناطق النائية.