توني بلير يقدم استقالته ويستعد لتسلم منصب مبعوث الرباعية للشرق الأوسط
لندن/ 14 اكتوبر/رويترز: تولى جوردون براون رسميا منصب رئيس وزراء بريطانيا أمس الأربعاء بعدما كلفته الملكة اليزابيث تشكيل حكومة.وغادر براون قصر باكنجهام إلى مقر رئيس الوزراء في 10 داونينج ستريت الذي أقام فيه على مدى عشرة أعوام توني بلير. وبات براون رئيس الوزراء الثاني والخمسين خلال تاريخ وجود هذا المنصب في بريطانيا، ويتوقع أن يعلن براون اليوم الخميس تشكيلا نهائيا لحكومته. وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قد قدم رسميا استقالته أمس الأربعاء للملكة اليزابيث الثانية في قصر باكينغهام بعد عشر سنوات أمضاها في السلطة.وبعدما وصل إلى قصر باكينغهام خرج بلير منه كمواطن عادي مع زوجته شيري بعد حوالي 25 دقيقة.وخرج مبتسما بدون الإدلاء بأي تصريح قبل أن يغادر.وقد هيمن توني بلير الذي يتمتع بالكاريزما على الساحة السياسية البريطانية على مدى عشر سنوات وكان أيضا احد اللاعبين الأساسيين على الساحة الدولية.وأصبح مستعدا لتسلم منصب المبعوث الخاص للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، وسيبقى رجل الإصلاحات والتجدد في حزب العمال لكن أيضا رئيس الوزراء الذي تأثر أداؤه السياسي بسبب حرب العراق.وتسلم هذا الخطيب المفوه السلطة في 2 مايو 1997 اثر فوز كبير في الانتخابات ليصبح في سن 43 عاما اصغر رئيس وزراء لبريطانيا منذ 1812.وقد أثار منذ ذلك الحين استياء قسم كبير من الرأي العام، لكنه ما زال مقتنعا بان ما أنجزه "جيد" لبلاده ويرى ان حركة "البليرية" ستقاوم الزمن بعد مغادرته الأربعاء منصب رئيس الوزراء.وما يحب بلير تكراره قوله "اعتقد ان الأهم الذي سيبقى في موقف حزب العمال الجديد يتمثل في تجاوز بعض الانقسامات القديمة بين اليسار واليمين والقول ان ليس عليكم الاختيار بين مجتمع أكثر عدالة ومجتمع أكثر فاعلية اقتصاديا".وحل انتوني تشارلز لينتون بلير، المحامي ذي الوجه البشوش والمفعم بالحيوية، المولود في السادس من مايو 1953 في ادنبره في عائلة بورجوازية، على رأس حزب العمال في 1994 بعد وفاة زعيمه جون سميث المفاجئة. وتولى مقعدا نيابيا في سن ثلاثين عاما.وسرعان ما قلب بلير كل شيء رأسا على عقب حتى تحول هذا الحزب اليساري المدعوم بالنقابات إلى حزب عصري من الوسط مناصر لأوروبا.وعاد حزب العمل الى السلطة عام 1997 بعد 18 سنة قضاها في المعارضة.واحتج الجناح اليساري في الحزب. لكن بلير حقق فوزا كاسحا في انتخابات 2001 ثم عام 2005 في غياب معارضة ذات مصداقية، وحكم ثلاث ولايات وهو ما لم يشهده العماليون من قبل.ويرى توني بلير، وهو برغماتي أكثر منه إيديولوجي، وسياسي يعتمد على حدسه، في العولمة فرصة ويريد تجسيد "الطريق الثالث" ويحاول التوفيق بين الليبرالية الاقتصادية وتحسين قطاع الخدمات الحكومي.استثمر في الخدمات الحكومية بكثافة وأشرك فيها القطاع الخاص مع الالتزام بإحراز نتائج. وضاعف ميزانية التربية منذ 1997 في حين زاد ميزانية الصحة ثلاثة أضعاف تقريبا، ولا يضاهي بلير احد في التحكم في وسائل الإعلام.واتسمت السنوات العشر التي قضاها في السلطة بازدهار الاقتصاد.وفرض نفسه كحليف الولايات المتحدة الوفي من جهة حتى انه اتهم بالتبعية للرئيس الأميركي جورج بوش، و"شريك قوي" للبناء الأوروبي من جهة أخرى.وباسم تلك القيم أرسل جنودا بريطانيين للقتال خمس مرات: الى العراق في 1998 وكوسوفو 1999 وسيراليون 2000 وأفغانستان 2001 ومرة أخرى إلى العراق في 2003.وبعد سنتين من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر التي غيرت نظرته الى العالم، أفقدته حرب العراق التي نبذها الرأي العام البريطاني من البداية وأسفرت عن سقوط 150 قتيلا في صفوف البريطانيين، ثقة البلاد. لكنه ما زال يرفض الاعتذار.ومما زاد من تراجع شعبية ابرع رجالات السياسة في جيله، خلافاته مع وزير المالية غوردن براون الذي ينتظر منذ سنوات ان يخلفه، والتحقيق حول تمويل مشبوه لحزب العمل.وعلى قدر ما كان يبحث عن نيل إعجاب الجمهور خلال ولايته الأولى، ثابر في التصميم على مواقفه خلال الولاية الثالثة حد التعنت.وقال الأسبوع الماضي "لقد تخليت عن فكرة نيل إعجاب كل الناس طوال الوقت. ان طموحي الآن هو نيل إعجاب البعض وفي بعض الأحيان".