الرئيس يستمع من مديرة معهد الاثار الالماني الى نتائج الاستكشافات الاثرية في مارب
تمتاز محافظة مأرب وعلى وجه خاص بمواقع أثرية كثيرة لحضارة مملكة سبأ جعلها ذلك وجهة للبعثات الأثرية والمهتمين بالآثار والدراسات الأثرية وللسياح من مختلف بقاع العالم.. فمأرب تبشر كل يوم باكتشاف أثري جديد في عالم الأثار الفريد والممتع والمليء بالمفاجآت .. نقوش أثرية ومنشآت معمارية ومعابد ومدن تاريخية ومعثورات فريدة تكشف عنها البعثات الأثرية في عدد من المواقع والمعالم التاريخية في المحافظة الأمر الذي جعلنا نواصل نزولنا الميداني إلى هذه المواقع لابراز هذه الاكتشافات إلى حيز الوجود وأظهار ما تزخر به مأرب من أثار عريقة حتى يتمكن القارئ العزيز من الاطلاع على ذلك العالم الفريد والمتنوع الذي يربط الماضي العريق بالحاضر المشرق ويبشر بمستقبل واعد يحمل الخير المتدفق.وهاكم تفاصيل جولتنا الثانية التي نرحل من خلالها إلى مدينة براقش الأثرية لكشف اسرارها الغامضة من خلال تنقيبات البعثة الإيطالية والتي كشفت عن أول معابد الدولة المعينية وآثار إسلامية.. تفاصيل كاملة وشاملة عن ذلك وأيضاً عن اكتشافات جديدة للمعهد الألماني للآثار في صرواح التاريخية في سياق الاستطلاع التالي:مأرب/ استطلاع/ محمد سالم الجداسيفي البداية تحدث الينا الأخ مبخوت محسن مهتم نائب مدير عام الآثار في المحافظة حول أعمال التنقيب الأثري وأهم اكتشافات البعثة الإيطالية في مدينة براقش الأثرية حيث قال..تقع مدينة براقش إلى الشمال الغربي من مدينة مأرب وتبعد عنها حوالي 110كم وهي تقع أيضاً على وادي الخارد وعلى مقربة من جبل يام والى الجنوب الغربي من مدينة قرناو (معين) ويثل هو الأسم التاريخي لمدينة براقش والتي تعد بدورها المدينة الثانية بعد العاصمة (معين) بالنسبة للدولة المعينية وترجح الدراسات نشأة المدينة واختطاطها الى القرن السابع قبل الميلاد وأشهر معالم المدينة سورها البديع الذي لم يتعرض للسلب والنهب حتى بقي شامخاً والشاهد الرئيسي على وجود المدينة المعينية ولقد أتخذ شكل سور المدينة الشكل البيضاوي حيث يبلغ محيطه 700 متر وقد دعم السور بعدد من الأبراج بلغ عددها حوالي 57 برجاً وذلك للتقوية والدفاع عن المدينة.. والجميل في ذلك ان السور شيد من احجار الجرانيت الذي لم يبق منه سواء الواجهة الخارجية أما الجزء الداخلي من السور فمطمور تحت التراب وتذكر النقوش ان سور المدينة كان له جدارين مبنيان من الحجارة والخشب والجزء الوحيد الذي بقي بكامل ارتفاعه من السور هو البرج (11).كما تشير النقوش إلى أن بناء هذا السور الضخم للمدينة كان يتم من قبل تجار مملكة معين الذين يتكفلون ببناء أجزاء من السور بدلاً من دفع الضرائب الواجبة عليهم وفي احد النقوش يذكر ان الملك (عشتر) قد قبل ببناء أجزاء من السور بدلاً من دفع الضرائب وحالياً لازال سور مدينة براقش قائماً على شكل دائري تهدمت أجزاء قليلة منه ويحيط بالمدينة الأثرية والتي تقع فوق ربوة مرتفعة على يسار الخط الاسفلتي المتفرع من طريق مأرب والمؤدي الى مركز شترم الجوف ويمتاز نمط البناء الهندسي للسور بنظام الدخلات والخرجات والذي يحقق عدة أغراض منها تخفيف حدة قوة اندفاع الرياح على جسم السور وسهولة كشف افراد الجيوش الغازية للمدينة من خلال ابراج المراقبة أعلى السور ويمكن الدخول لمشاهدة المدينة من أحدى البوابتين وأهم محتويات الخرائب الأثرية بقايا المعابد والقصور والاعمدة والنقوش.هل ممكن ان تعطينا صورة أشمل بما تشتهر به مدينة براقش؟الحقيقة مدينة براقش أو بالاصح (يثل) الأثرية تشتهر بكثرة معابدها سواء داخل المدينة أو خارجها ومن أهمها معبد الإله (نكرح) في درب الصبي والذي يبعد حوالي 8كم إلى الغرب من المدينة وأيضاً معبد الاله عشتر داخل المدينة ومعبد الاله (ذات حميم) بالإضافة إلى معبد الاله نكرح داخل المدينة وغيرها من المعابد الأخرى.ماذا بشأن التنقيبات الأثرية للبعثة الإيطالية وأهم المعثورات والاكتشافات الأثرية الجديدة؟اولاً احب ان أؤكد بان مدينة براقش من أهم المدن في مملكة المعينيين بعد العاصمة قرناو وقد ذكرت في النقوش اليمنية بأنها يثل قديماً ومنذ البداية والانظار تتجه نحو مدينة يثل المعينية والتي كانت تتبع مملكة معين حيث احتلت مدينة براقش أهمية كبيرة لدى الباحثين والمؤرخين حيث دخلت ضمن نطاق المشروع الإيطالي للابحاث وذلك ما بين عامي 1992م و1993م قام المركز الإيطالي ومركز الدراسات اليمنية باجراء التنقيبات الأثرية في معبد نكرح والذي يعني الإله الحامي او الشافي في مدينة براقش وقد توقفت الاعمال الأثرية في المدينة حتى العام 2003م حيث ركز المشروع خلال الموسم الأثري أعماله لتنفيذ أعمال الترميم وتدعيم الأعمدة والأجزاء المعمارية داخل المدينة وبالاخص معبد نكرح، أما الموسم الأثري لعامي 2004 ـ 2005م يعتبر الموسم الأثري الأول في المعبد الثاني داخل المدينة وهو من أهم المعابد الدينية الرئيسية في المدينة وحتى الان لم يحدد الأسم لهذا المعبد وانما من خلال الاشارات البسيطة وبعض النقوش التي تم العثور عليها يفترض ان يكون للاله عشتر أونحوه، وضمن هذا المشروع الأثري للبعثة الايطالية هناك العديد من المعثورات والاكتشافات واللقي الأثرية والى فترات ما وكما تعرف مدينة براقش رضخت للاستيطان الإسلامي طوال وقت وهناك ثلاث فترات من الفترات الاسلامية متعاصرة اقدمها تعود إلأى 800 في عهد الإمام عبدالله الحمزة وقد تعاقب الاستيطان الإسلامي أيضاً حتى الموروث الحاضر، ولكن أزيلت كل هذه الأشياء واكتشفنا أهم الفترات بداية بالمعينية وتجدر الإشارة إلى أنه قد تكون هناك حقبة سبئية اقدم وهذا يعكس النظرية السابقة التي تقول ان المعينين اقدم من السبئيين.. في براقش سوف يثبت العكس ولدينا العديد من المؤشرات التي تثبت بان هناك حقبة سبئية أقدم من الحقبة المعينية وهذا ما سوف تثبته المواسم الأثرية القادمة للبعثة الإيطالية في مدينة براقش والتي تأتي ضمن الأنشطة الأثرية الواسعة في محافظة مأرب والتي تنفذها العديد من البعثات الأثرية ومنها البعثة الأثرية الإيطالية والبعثة الألمانية التي بدأت موسمها الاثري في معبد المقة في مديرية صرواح والذي يأتي ضمن المشروع التعاوني المشترك ما بين المنظمات الألمانية والمعهد الألماني للآثار في اليمن والذي يقوم بالتنقيبات الأثرية في صرواح منذ العام 1991م حيث يتواصل هذا العمل وهناك جهود مكثفة ونتائج طيبة وأعمال تدعيم وترميم وتنقيب وهناك نتائج تشير الى أهمية المدينة والتي قد تلقي الضوء على أهم الأنشطة التي كانت تقام في مدينة صرواح أيضاً من أهم الأنشطة الأثرية في مأرب وخاصة في مجال ترميم وصيانة الآثار هناك تعاون ومحادثات تجري من قبل المؤسسة الامريكية لدراسة الإنسان والمعهد الإيطالي بخصوص ترميم معبد آوام صالة المدخل وهناك فريق إيطالي سوف يقوم باعمال الترميم وتجري الآن المشاورات والتنسيقات حول هذا الموضوع وقريباً ربما في بداية شهر مارس القادم سوف يتم تنفيذ ذلك.كما التقينا في موقع العمل بالسيد هولجر هتجن المدير الحقلي للتنقيبات في المعبد نائب مدير المعهد الألماني للآثار في صنعاء حيث أكد بان الموسم الأثري الماضي لعام 2005م أشتمل على أعمال تنقيب وحفريات وصيانة في معبد المقة بمشاركة عالم واخصائي آثار.وقال نحن سعداء جداً بالعمل في محافظة مأرب حيث نواصل العمل في الموقع الرئيسي لمعبد المقة في صرواح والذي يعمل فيه المعهد الألماني للآثار خلال هذا الموسم وفي الاعوام القادمة حيث تشمل مراحل العمل تنقيبات ومسوحات أثرية ومن ثم تبداء مرحلة الترميم والصيانة للمعبد وعملنا يشمل مديرية صرواح بالكامل إلا أننا ركزنا في عملنا بشكل أساسي داخل المعبد والمنشآت المعمارية المحيطة بالمعبد حيث ان هذه المدينة مهمة جداً والعمل فيها مهم خاصة وانه لا توجد مدينة سبئية او مكان أخرى لها اسوار مثل مدينة صرواح ونحن نتوقع من خلال هذا العمل الكبير ان نخرج بنتائج علمية مهمة للغاية وهناك نشاط مكثف بالتعاون مع معهد التنمية الألماني والهيئة العامة للآثار في اليمن لانجاز هذا المشروع الأثري في صرواح.ما هي أهم الاكتشافات الأثرية الجديدة التي أسفرت عنها أعمال التنقيبات في معبد المقة بصرواح؟من خلال أعمال الموسم الأثري الماضي والذي انتهى في نهاية عام 2005م وبداية 2006م وخاصة في موقع التنقيب بجوار المذبح داخل المعبد تمكنا من الكشف عن مجموعة من النقوش الأثرية من أهمها نقشين مهمين جداً النقش الأول يتحدث عن الغزوات التي تمت بين الدولة السبئية ودولة حمير والنقش الآخر يتحدث عن القرابين التي تم تقديمها كهبة للاله ومنها الخيول ومجموعة من النقوش ذات أهمية تاريخية بالإضافة إلى لوحات وافاريز لعدد من الوعول والمعثورات واللقي الأثرية التي تم العثور عليها خلال النصف الأول من الموسم الأثري، وسيتم الكشف عن المزيد من المعثورات الأثرية الجديدةأكتشافات المواسم الماضية؟بالنسبة لنتائج المواسم الأثرية السابقة والتي نفذت داخل المعبد فقد أسفرت عن اكتشافات كثيرة ومهمة جداً من ضمنها معمل خاص بالصناعات البرونزية تم العثور عليه بالاضافة الى عدد من القطع الأثرية الهامة والتي من الممكن ان تعيد كتابة تاريخ الدولة السبئية بتفاصيل أكثر دقة كما عثرنا على مجموعة كبيرة من الاحجار والاعمدة واللوحات التي تحتوي على أكثر من 200 رأس من رؤوس الاوعال ومجموعة من قطع الفخار والنقوش الأثرية الأخرى وعملنا أيضاً يشمل صيانة وترميم وتوثيق للقطع الأثرية المكتشفة كما تم عمل حماية لنقش النصر العظيم الذي يقع في المدخل الرئيسي للمعبد وهو يحتوي على 43 سطراً يحكي تاريخ الغزوات والحروب في دولة سبأ والصولات والجولات لملوك سبأ كما أننا قمنا ايضاً بإنشاء مخزن للآثار في المديرية لخزن القطع المكتشفة وجمع المعثورات الى هذا المخزن للحفاظ عليها.وفي السياق نفسه تحدثت الينا الدكتورة سارة يب اخصائية في مجال تحليل الفخار وتعمل في المبنى رقم 2 في المعبد حيث قالت..هذا المكان يسمى المبنى الحكومي أ, الإداري وهو من أهم المباني ويحتل أهمية كبيرة حيث يمثل نفس النمط لمبنى آخر في تمنع في محافظة شبوة وهو عبارة عن فنا مكشوف في الوسط بالإضافة إلى أروقة جانبية تتكون من عنصرين معماريين حيث توجد فيها مداخل يتم الدخول منها بالإضافة إلى احتمال وجود مقر خاص في الوسط قد يكون خاص بالملك بالإضافة إلى ذلك تم العثور على عدد من النقوش في هذا المكان والذي يمثل الأساسات لهذا المبنى والذي تم تهديمه في فترات سابقة وهذا المبنى يعود تاريخه من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي وهذا المكان يعتبر من أهم المباني المرتبطة بالمدينة قد يكون ليس مبنى إداري قد يكون مقر رئيسي للحاكم.وفي موقع المبنى رقم 3 تحدث الينا السيد مايك اخصائي في دراسة اسوار المدن التاريخية.. حيث قال.. نحن في هذه المدينة نقوم بعملية التنقيب عن سور هذه المنطقة وعلى الابراج الموجودة فيه بالإضافة إلى الواجهات الداخلية للمدينة والمحتوى الداخل للأبراج وهذا يبين لنا مدى اختلاف وتعدد العناصر المعمارية بالنسبة للاحجار وتشذيباتها ومن ثم استخدام هذه الانواع من الاحجار والشيق ان المدينة لم تبنى مرة واحدة حيث الواجهة مختلفة الابنية جميعها مختلفة وهذا يؤكد بان مجموعة من الناس الاغنياء هم من قاموا ببناء هذه المدينة وهذا من الممكن فعلاً ومدينة صرواح من أهم المدن التاريخية بما تحتويه من معالم أثرية ومنشآت معمارية وأسوار قديمة تميزها عن غيرها من المدن السبئية القديمة الأخرى.