مع الأحداث
مع تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لتصبح الهيمنة الانفرادية هي السائدة في العالم بالاعتماد على القوة وعندما شعر أصحابها بأنه لم يعد هناك من أحد يمكن له أن يقف عائقاً أمامها لكبح تطلعاتها غير المشروعة في سلب ونهب خيرات وثروات الآخرين من خلال استخدام القوة أو استعراضها ويصبح التمادي في التفكير يصل إلى حد افتعال الأزمات والبحث عن ذرائع تشرع لهم استخدام القوة ضد وفي أراضي الآخرين واحتلالها والقضاء على نظام الحكم فيها،، بل ويجد هؤلاء المتغطرسون من يسهل ويشرع لهم تلك الأعمال العدوانية التي تخالف القوانين والمواثيق الدولية ويصل بهم الأمر إلى الانجرار خلفهم بالمشاركة في العدوان العسكري المدمر على الشعب والأرض المعتدى عليهما في حالة نشوة لما تحقق لديهم.. وقد يلغ أقصى ذروته ، فانحصر التفكير في قضايا مناطق النفوذ والاستيلاء على منابع الثروة بذريعة توفير الحماية والأمن.. والسلامة للأصدقاء عند تلك المنابع المهمة والطرق والممرات. والفضائح المالية لفسادهم معلومة للجميع من قضايا النفط مقابل الغذاء وإعادة أعمار العراق الذي لايزال مدمراً.. الخ والفضائح اللا أخلاقية وانتهاك حقوق الإنسان في سجون (أبو غريب) و(جوانتنامو) .. كلها شواهد على سوء الإدارة وبلطجة القوة التي كانت على حساب قضايا الداخل الاقتصادية والمعيشية التي تحتاج إلى الاهتمام الدائم لما فيه التطوير والتحديث والنمو وتحسين وضع المواطن الأمريكي الذي أصبح يعاني الأمرين في دفع الضرائب والتي أصبحت تستخدم لتمويل الحروب الخاسرة والأمر الآخر تحويل المواطن الأمريكي إلى وقود لتلك الحروب العائد منها محمولاً على النعوش ويصبح المواطن الأمريكي الخاسر الوحيد من حروبهم العدوانية الجائرة التي يقودها الصقور من القادة والساسة الأمريكيين خارج الأراضي الأمريكية وأثبتت السنون أنها معركة خاسرة ومكلفة جداً وتأتي على حساب النمو الاقتصادي الأمريكي ودافعي الضرائب. ومع تراكم الخسائر التي تتكبدها الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية سنوات الحرب الجائرة المؤثرة سلباً على الاقتصاد الأمريكي ، تبرز بجلاء على السطح الأزمة المالية الأمريكية كرياح عاتية وقادمة ستعصف بكل مايقع في طريقها فهي كارثة حقيقية ستظهر آثارها السلبية حتماً ليس على أمريكا فحسب بل وعلى الكثير من البلدان في أنحاء العالم ، بسبب أوضاعها الترابطية للأنشطة الاقتصادية والمالية المرتبطة بالنظام المالي (الدولاري) الرأسمالي ولهذا فإن اهتزاز (عروش) العديد من الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية أمر كان متوقعاً كون الوجع (الألم) قد أصاب الرأس، فالهلع الذي سيطر على الأوساط الاقتصادية الدولية في مناطق مختلفة من دول العالم والمحاولات السريعة في اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية أنظمتها الاقتصادية والمالية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك في أن ارتداد الهزات الزلزالية الكارثية للأزمة المالية الأمريكية أحدثت وستحدث أثراً بالغاً على اقتصاديات العديد من دول العالم لأن المعالجة التي اتخذتها الحكومة الأمريكية المتمثلة في خطة الإنقاذ المالي والتي حصلت على موافقة مجلس النواب الأمريكي في جلسته ليوم الجمعة الموافق 2008/10/3م بعد أن كان المجلس قد رفضها في جلسته السابقة المنعقدة في يوم الاثنين الموافق 2008/9/29م لن تقدم حلاً للأزمة وإنما ستصبح جزءاً يزيد من الأزمة. وفي الحقيقة لا نعتقد أنها ستكون (مساعدة في حل الأزمة المالية) كما أكد على ذلك الرئيس الأمريكي الابن بوش في تصريحه بعد التوقيع على قانون إصدار الخطة والذي أكد أيضاً على أن (حل الأزمة سيستغرق وقتاً) وكون الأزمة قد تجاوزت حدود أزمة السوق المالية فظهرت على أثرها أزمات أخرى نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر فقدان 159 ألف وظيفة عمل، وتراجع في النمو الاقتصادي الأمريكي، وخروج عدد من المستثمرين من السوق الأمريكية للبحث عن أسواق أكثر أماناً.. الخ. ومما يرجح المخاوف هو عدم تمكن الخطة من تقديم المساعدة في الحل كون ما تقدمه يقع في الإطار المخالف والمتناقض مع قواعد سياسة النظام الاقتصادي الرأسمالية (سياسة السوق الحر) وقد يجعل المساعدة المرجوة من الخطة تتحول إلى أداة للتصادم مع القواعد الأساسية لطبيعة النظام والقوانين النافذة في الاقتصاد الرأسمالي فيسصبح التصادم أحد عوامل التغيير الذي ستفرضه مناخات الحل من خارج ماهو قائم في النظام الرأسمالي الحالي أو تصبح عملية استمرار الأزمة نقطة بداية انهيار حقيقي للاقتصاد الأمريكي خاصة والعالمي عموماً وبالتالي تسجل نقطة الانكسار (الهبوط) في المؤشر الذي كان يرصد صعود النظام الرأسمالي الأمريكي مما يعني أن الصعود بلغ أقصى درجات الذروة وتبدأ عملية الهبوط فتصبح الضرورة ملحة لعملية التغيير والتجديد في النظام والقوانين السائدة لمواكبة حاجات ومتطلبات مرحلة جديدة في ديناميكية الحركة الكونية والتي تحتاج لكل جديد لاستمرار الحركة والديمومة.