ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن يتحدث..لـ( ):
أجرى اللقاء/ بشير الحزمي :لعبت منظمة الصحة العالمية ومازالت تلعب دوراً مهماً في دعم وتعزيز جهود القطاع الصحي في اليمن بمختلف مكوناته، وقد ساهم هذا الدور في مساعدة القطاع الصحي على المضي قدماً في تحقيق أهدافه وغاياته المنشودة لتحسين وتطوير الوضع الصحي والوصول بخدماته إلى مختلف أنحاء الجمهورية وذلك من خلال تنفيذ مختلف الخطط والبرامج الصحية.لتسليط مزيد من الضوء على مجمل اهتمامات وأنشطة منظمة الصحة العالمية في اليمن وأوجه الدعم الذي تقدمه للقطاع الصحي في مختلف جوانبه وآفاق التعاون المستقبلية بين اليمن والمنظمة وغيرها من الجوانب الأخرى المتصلة بنشاط واهتمامات المنظمة في اليمن التقت صحيفة (14 أكتوبر) بالدكتور/ غلام رباني بوبال - ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن.. وإليكم ما دار في اللقاء :* بداية نود أن تعطونا لمحة مقتضبة عن أبرز اهتمامات وأنشطة منظمة الصحة العالمية الحالية في اليمن.. ومقدار الدعم الذي تقدمه المنظمة للقطاع الصحي بمختلف أنشطته وبرامجه ومكوناته؟- كان إنشاء مكتب لمنظمة الصحة العالمية في اليمن عام 1954م وكان هناك مجال كبير للتعاون بين المنظمة واليمن طوال هذه السنوات وحتى الآن، وطبعاً منظمة الصحة العالمية أساساً تقدم الدعم التقني للقطاع الصحي، وهي المنظمة القيادية للأمم المتحدة في مجال الصحة، ومجال الدعم الذي تقدمه المنظمة هو دعم تقني في مختلف القطاعات الصحية، وأهم الدعم التقني الذي تقدمه المنظمة هو الدعم التقني في مجال وضع الإستراتيجيات والخطط التطبيقية في كل المجالات الصحية التي تهم البلاد.وتضبط منظمة الصحة العالمية خططاً تشغيلية في كل القطاعات الصحية كي تساعد وزارة الصحة العامة والسكان على المضي قدماً في برامجها الصحية، وما نحب أن نركز عليه أن المنظمة ليس لها أي برنامج وإنما هي تدعم برامج وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن، فالمجال الذي تدعمه المنظمة هو تنمية القطاع الصحي، ووزارة الصحة هي الآن بصدد مراجعة القطاع الصحي، ويتمثل أساساً في بناء دعامات القطاع الصحي وتمويل القطاع الصحي وتنمية القدرات البشرية، إدارة القطاع الصحي، تنمية الخدمات وتمويل مراجعة القطاع وبناء دعاماته كي يوفر أفضل وأحسن الخدمات الصحية للسكان في عموم الجمهورية، وبالنسبة لتنمية القدرات البشرية فإن دعم المنظمة يتمثل في تقديم دعم مادي للمؤسسات التعليمية الصحية ودعم تقني في تنمية الإدارة، فمثلاً : في عواصم المحافظات يوجد الكثير من الأطباء لكن في المناطق النائية وفي القرى لا يوجد أطباء، وكيف تكون تنمية الإدارة توزع الأطباء والكادر الصحي بكيفية عادلة بين التجمعات السكانية.أما المجال الثاني الذي تقوم به المنظمة فهو مراقبة الأمراض والترصد وتشمل كل الأمراض المنقولة والتي منها الملاريا والإيدز واللاشمانية والبلهارسيا والسل.. وغيرها من الأمراض المنقولة والمجال الثالث الذي نعمل فيه هو تنمية قطاع دعم المرأة والصحة الإنجابية ونقصد به عموماً قطاع السكان، وكما تدعم المنظمة في هذا المجال صحة الطفل.والمجال العام لهذا التعاون هو حماية وتنمية الصحة ومن بينها دعم برنامج مكافحة التدخين وكل البرامج الصحية الأخرى بما فيها التغذية والوقاية من حوادث الطرقات وبشكل عام كل المجالات التي تمكن من تغيير أنماط سلوك المواطن إلى مستوى يضمن له مستوى صحياً أحسن وأفضل.وطبعاً منظمة الصحة العالمية ومن خلال الثنائية (2006 - 2007م) دعمت الحكومة اليمنية بمبلغ يتجاوز أربعة عشر مليون دولار، ونتوقع بأن المبلغ المخصص لثنائية التعاون (2008 - 2009م) سيتعدى هذا المبلغ.[c1]نجاحات صحية كبيرة[/c]* من خلال متابعتكم لتطور الوضع الصحي في اليمن.. كيف تنظرون إلى الواقع الصحي في اليمن، والجهود التي تقوم بها الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الصحة والمرافق التابعة لها لتحسين وتطوير الوضع الصحي وتوسيع نطاق تقديم خدماته؟- ما يؤسف له أن اليمن فيه أعلى نسبة وفيات بين الأطفال والنساء والأمهات عند الوضع، كما أن عبء المرض في اليمن مرتفع نسبياً حيث أن الأمراض المنقولة مثل الملاريا والبلهارسيا والسل واللاشمانية مرتفعة نسبياً، ولكن منذ بضع سنوات تمكن القطاع الصحي في اليمن من قطع شوط مهم في مكافحة هذه الأمراض، ومن ضمنها تنمية القطاع الصحي والذي هو جار إلى حد الآن، وهدفها هو تأطير قطاع صحي أمثل لخدمة جميع المواطنين اليمنيين.وبالطبع هناك نجاحات كبيرة حققها القطاع الصحي خلال السنوات الأخيرة، لعل أبرزها وصول التغطية في التحصين إلى نسبة عالية تتعدى (87 %) على المستوى الوطني، وأيضاً فيما يخص حملات الحصبة نجحت اليمن في خفض الحالات من عشرات الآلاف سنوياً إلى سبع عشرة حالة فقط في عام 2007م، كما لم تسجل أي حالة وفاة نتيجة الحصبة خلال عام 2007م، وإن شاء الله سيتناقص هذا العدد خلال العام الجاري 2008م، أما الملاريا فقد كانت الإصابات في السنوات الماضية خلال فترة التسعينات تتراوح بين (سبعمائة ألف حالة وثمانمائة ألف حالة) ولكن في عام 2006م انخفضت إلى (ثلاثمائة ألف حالة) فقط، وقد قامت الحكومة اليمنية بمجهودات جبارة لخفض حالات العدوى بالملاريا ومن المؤكد أنها خلال 2007م و 2008م قد انخفضت بشكل كبير، أما فيما يخص البلهارسيا فهناك حوالي (ثلاثة ملايين) إصابة بمرض البلهارسيا مسجلة في اليمن وغالبيتهم من الأطفال دون سن 16 سنة وهذا حتماً سيؤدي إلى تدني المستوى التعليمي والأسس الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وقد وضعت الحكومة اليمنية خطة عامة للقضاء على داء البلهارسيا ابتداءً من عام 2007م وفي غضون خمس سنوات سيتم القضاء نهائياً على هذا الداء في اليمن.وفي نفس السياق فإنه قد سجلت تحسينات شاملة في مجال مكافحة مرض الإيدز والسل.. الخ، كما انه لم تسجل في اليمن أي حالة إصابة بشلل الأطفال منذ يوليو 2006م حتى الآن، وإن شاء الله سيتم في غضون العام القادم 2009م التصديق على أن اليمن بلاد خالية من شلل الأطفال، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير لليمن في المجال الصحي.وعموماً استطيع القول إن هناك نجاحات وإنجازات عظيمة تحققت في اليمن في القطاع الصحي وهي كما قلت زيادة التغطية بالتحصين إلى 87 % ، والحصبة تدنت إلى 17 حالة في السنة بعد أن كانت تصل إلى عشرات الآلاف، وجود خطة تهدف إلى القضاء على البلهارسيا في غضون خمس سنوات، في غضون العام القادم لن يكون هناك أي حالة شلل أطفال.. وهذه تمثل بالنسبة لنا إنجازات كبيرة وعظيمة تحققت لليمن، وتمثل اليمن تجربة رائدة ومثالاً يقتدى به في المنطقة بالنسبة لهذه الإنجازات.[c1]تحديات تواجه القطاع الصحي في اليمن[/c]* برأيكم ما هي أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي في اليمن؟- أعتقد أن التحدي الكبير الذي يواجه اليمن هو ارتفاع نسبة النمو السكاني وهي من أعلى النسب في العالم، وهذا هام من الناحية الصحية، حيث أن له انعكاسات على مستوى التعليم وعلى مستوى الازدهار الاقتصادي والاجتماعي ويؤدي إلى ارتفاع نسبة وفيات الأطفال والنساء، والتحدي الثاني : هو أن اليمن فيه نسبة عالية من وفيات الأمهات عند الوضع وكل الجهود لابد أن تركز لمراقبة هذا الوضع، أما التحدي الثالث : فهو ظاهرة تعاطي القات الذي من شأنه التأثير على المستوى الصحي والمستوى الاقتصادي للعائلات ومستوى الازدهار الاقتصادي للبلاد بشكل عام، والتحدي الرابع هو نقص الموارد المائية الكافية لتغطية احتياجات السكان، ومن التحديات أيضاً ما ذكرته سابقاً وهو تنمية القطاع الصحي التي هي بصدد التنفيذ.[c1]مستقبل علاقة التعاون[/c]* في ضوء الوضع الصحي الحالي في اليمن وما حققه القطاع الصحي اليمني من نجاحات وإنجازات خلال السنوات الأخيرة كما ذكرتم.. كيف تنظرون إلى مستقبل علاقة التعاون والشراكة بين اليمن والمنظمة؟- كما قلنا فإن التعاون بين منظمة الصحة العالمية واليمن يعود إلى تاريخ قديم وهو لا يزال في نمو متزايد مع مر السنين، ونحن نعتقد أن هذا التعاون سوف يزدهر وينمو في السنوات القادمة لمواجهة التحديات التي سبق أن أشرنا إليها.[c1]مكافحة الفقر وتنمية المرأة[/c]* أين يقع دور المنظمة في دعم جهود اليمن لمواجهة ومكافحة الفقر وتنمية المرأة؟- بالنسبة للفقر فإن المستوى الصحي والحالة الصحية الحسنة هي أحسن وسيلة لمحاربة الفقر، فمثلاً طفل في حالة صحية حسنة سيكون متقبلاً أكثر لأن يكون له مستوى تعليمي أمثل، ومثال آخر عامل في حالة صحية حسنة تكون له قدرة أكثر لأن يوفر دخلاً أحسن لعائلته، فأي فرد أو عائلة تنعم بصحة جيدة فلن يكون مضطراً إلى صرف قسط من دخله لقاء شراء الأدوية.. وإنما سيستغل دخله لضمان مستوى أجود في التغذية والتعليم والتنمية بصفة عامة.. وطبعاً أنا أحببت أن أقدم الأمثلة هذه وذلك للتركيز على أن أفضل وسيلة لمحاربة الفقر هي الصحة ولهذا فإن كل المجهودات التي تقوم بها المنظمة لدعم السكان هي بدورها مجهودات تهدف إلى محاربة الفقر.أما بالنسبة لتنمية المرأة، فإن دعم المرأة هو من البرامج ذات الأولوية لدى الحكومة اليمنية ونحن كجهة نقدم الدعم الفني فإننا بالطبع ندعم هذا الجانب، وكل البرامج التي تدعمها منظمة الصحة العالمية موجهة أساساً لضمان الحقوق الكلية للمرأة والمعادلة بينها وبين الرجل، وفي هذا المجال نعطي مثالاً بسيطاً وهو برنامج تنمية الاحتياجات الأساسية الأولية الذي تقوم المنظمة بدعمه والذي تمثل تنمية المرأة أحدى ركائزه الأساسية وهو برنامج مجتمعي يمتد على مستوى عشر محافظات وثلاث وعشرين قرية، فإننا نجد جمعيات نسائية وبرامج لتعليم القراءة ومشاريع صغيرة مختلفة توفر دخلاً مثل الخياطة والتطريز وتربية الماشية وبعض الصناعات اليدوية الخفيفة وغيرها من المشاريع الصغيرة المدرة للدخل والتي تدار من قبل نساء، كما أننا نجد نساء متطوعات وبرامج الصحة الإنجابية التي تهتم بالمرأة من الحمل إلى ما بعد الوضع، وطبعاً مجمل البرامج التي تدعمها المنظمة تعتبر ركيزة من الركائز الأساسية للمساواة ما بين الرجل والمرأة وتقوية وتنمية عنصر المرأة، وما برنامج تنمية الاحتياجات الأساسية الأولية إلا مثال يوضح هذه الفكرة بصورة واضحة جداً، وبإمكانكم النزول إلى المناطق والقرى التي يستهدفها هذا البرنامج لتتأكدوا من دور المرأة فيها بالرغم من كونهم يعيشون في مجتمعات نائية إلا أن المرأة قد أصبح لها دور أساسي في تنمية اقتصاديات أسرهن.كما أن المنظمة تقدم قروضاً لهذه الجمعيات النسائية يتم استغلالها في برامج اقتصادية تخص المرأة مثل مشاغل الخياطة والتطريز وغيرها من المشاريع المدرة للدخل والتي تدار من قبل المرأة في المجتمعات الريفية والنائية.[c1]الطب البديل[/c]* فيما يتعلق بطب الأعشاب أو ما يسمى بالطب البديل.. ترى ما موقف المنظمة منه.. وخصوصاً أن هناك الكثيرين ممن يمارسونه بشكل خاطئ ويسيئون استخدامه وبما قد يتسبب في إلحاق الضرر بصحة وحياة الكثير من الناس؟- كل ما نقوله في هذا الموضوع هو أن منظمة الصحة العالمية تشجع وتدعم الطب البديل، وأكبر دليل على ذلك أن لها برنامجاً على مستوى الإقليم الذي يضم 22 دولة اسمه (الطب البديل) وتقوم بدعمه في كل الثنائيات وتخصص له مخصصات مالية لتنميته ودعمه فنياً، أما أولئك الدخلاء على هذا النوع من الطب فالمنظمة توكل مهمة تنظيم هذا القطاع للحكومة التي لابد لها من تحديد غطاء قانوني لتنظيم هذه المهنة وحماية الناس من الدخلاء عليها.[c1]مكافحة التدخين[/c]* كلنا يعلم أن للمنظمة جهوداً كبيرة في مكافحة التدخين والحد من آثاره على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.. وبما أن اليمن قد نجحت في إصدار قانون لمكافحة التدخين في عام 2005م غير انه لم يطبق حتى الآن ولم تصدر له لائحة تنفيذية مما يعني وجود عوائق وعراقيل تحول دون تطبيق هذا القانون.. فكيف تنظرون في المنظمة إلى هذا الجانب وما هو دوركم في دعم جهود اليمن لتتمكن من تطبيقه؟- أولاً نحن مسرورون أنه في السنة الماضية قامت الحكومة اليمنية بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لمكافحة التدخين وقد وقعت هذه الاتفاقية من طرف رئيس الجمهورية، كما تم قبل ذلك الموافقة من طرف البرلمان اليمني على قانون مكافحة التدخين غير أن هذا القانون تم تنفيذه جزئياً، وأمثلة على ذلك أنه تم الامتناع عن التدخين في بعض الأماكن العمومية كالمطار وبعض المرافق الحكومية وغيرها، وأعتقد أن الأشياء المطلوبة الآن هي أولاً: رفع الضريبـــة على منتجات التبغ وأن يتم توصيف المبالغ الني سيتم الحصول عليها في مجال معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين، والأمر الثاني المطلوب هو محاربة التهريب، الأمر الثالث هو تحديد الإطار القانوني لبيع مواد التبغ لغير البالغين، وهذه رؤية المنظمة في الدور الذي يمكن أن ننمي به تطبيق قانون مكافحة التدخين.[c1]المعرفة ونظام المعلومات[/c]* من المعروف أن المنظمة كانت رائدة في نقل المعرفة والتزويد بأدواتها ووسائلها الراقية للسيطرة على معدل الوفيات، وقامت بتسهيل نقل المعرفة والمصادر التي تم استخدامها لخفض معدلات الوفاة.. ترى أين تضع المنظمة هذا الجانب في اهتماماتها الحالية؟- منظمة الصحة تدعم وزارة الصحة في الحصول على براهين لكن يتم تنمية كل القطاعات الصحية وفي هذا السياق فإننا في المنظمة ندعم وزارة الصحة لتركيز نظام معلومات أمثل يمكن من الحصول على معلومات دورية وصحية لتتمكن من معرفة المستوى الصحي بشكل عام والتمكين من اتخاذ القرارات الصحيحة بخصوص تحديد أولويات القطاعات وفي نفس السياق يساعد نظام المعلومات في تنبيه الوزارة إلى أي تفشٍ في مرض خطير وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهته وفي المستوى الإقليمي والعالمي لدى المنظمة نظام لتوزيع المعلومات للمستجدات الحديثة في جميع المجالات وكذلك للتنبيه إلى الأمراض المتفشية.[c1]كلمة أخيرة[/c]* هل من كلمة أخيرة تودون قولها في ختام هذا اللقاء؟- نشكركم للتفضل بزيارتنا والتحدث عن المواضيع التي تهم الصحة ولدى الصحافة مهمة عظمى في تبليغ المعلومات إلى كافة الأفراد في المجتمع وتبليغهم بالمعلومات الصحية الصحيحة لكل مستويات السكان ومع كل التحديات التي سبق وذكرتها، وأنا مسرور لكون هناك الكثير من التقدم في المجالات الصحية والجهود المبذولة لتنمية المستوى الصحي في اليمن.