بمناسبة الذكرى (29) للسابع عشر من يوليو.. وتحت شعار (29 عاما من العطاء المتجدد)
رصد ومتابعة / محبوب عبدالعزيز وزكريا السعدي تصوير / جان عبدالحميداقيمت في جامعة عدن يوم امس حلقة نقاش بمناسبة الذكرى (29) منذ تولي الأخ الرئيس علي عبدا لله صالح مقاليد الحكم في السابع عشر من يوليو 1978م .. الحلقة نظمت تحت شعار (29 عاما من العطاء المتجدد) وقدمت فيها ست اوراق عمل من المشاركين تناولت دور الرئيس في النهوض الوطني والحضاري، والرؤى السياسية التي يتمتع بها.كما استعرض المشاركون عددا من القضايا والموضوعات المهمة ذات الصلة بمحور الحلقة النقاشية،التي ترأسها الاستاذ الدكتور عبدا لوهاب راوح رئيس جامعة عدن وأدارها الأستاذ هشام باشراحيل رئيس تحرير الزميلة (الايام).وفيما يلي نسلط الضوء على أبرز ما جاء في أوراق العمل المقدمة للحلقة، والنقاشات التي دارت حولها.الدكتورة / ابتهاج الخيبة قدمت ورقة عمل تحت عنوان (دور الرئيس القائد في التنمية الاقتصادية وبناء اليمن الحديث) استعرضت فيها دور الأخ الرئيس في تحقيق التنمية المستدامة وبناء اليمن الحديث.خلال تسعة وعشرين عاما على حكم الأخ الرئيس وطنا كان ممزقا ويعيش حالة من الفرقة والتشطير.حيث جاء الى الحكم في ظروف ساخنة جدا، دولة في طور التكوين وعاجزة عن بسط سلطتها في مناطق واسعة من البلاد.كانت المهام الماثلة امام فخامة الرئيس علي عبدالله صالح كبيرة جدا واهمها وابرزها هي قضية الامن والاستقرار لتشمل كل مناحي الوطن.وكان اول امتحان صعب يواجهه هو القضاء على الانقلاب العسكري في أكتوبر 1978م حيث اوجد سياسة دفاعية حاسمة وعمل على ترتيب الاوضاع في مؤسستي الجيش والامن على نحو يتيح له الامساك بهما وضبط المؤثرات الخارجية في السياسة اليمنية وبالتالي درء اية مخاطر محتملة قد تهدد استقرار النظام.وفي عام 1979م واجه الرئيس علي عبدا لله صالح امتحانا آخر استطاع منه ان يستوعب الهجوم وان يحول الهزيمة العسكرية الى نصر سياسي عبر توقيع اتفاقية الكويت الوحدوية، وقد اتاح له ذلك التوقيع ان يتفرغ لتدعيم مواقعه الداخلية ومعاهدة خطواته الوحدوية، واثبات انه ليس فقط قادرا على البقاء بل وعلى ادارة الازمات والحروب التي تتعرض لها البلاد بحكمة ورباطة جأش.وبعد ان حقق الرئيس علي عبدا لله صالح قدرا كافيا من الامن النسبي للبلاد اصدر القرار الجمهورية لسنة 1982 رقم 19 الخاص بتأسيس المؤتمر الشعبي العام بهدف توسيع القاعدة الاجتماعية للنظام لتشمل الدائرة الوطنية كلها ولاول مرة، رغم تحرير النشاط الحزبي حيث انتجت فرص حقيقية للمشاركة السياسية لكل الاحزاب المتواجدة حيث ساهم جميعهم في صياغة الميثاق الوطني كدليل للعمل السياسي.[c1]تحديث الأولويات[/c]وكان في طليعة هموم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح منذ السنوات الاولى لتحمله امانة قيادة الشعب، العمل على احداث تنمية سياسية شاملة تسير جنبا الى جنب في خطوط متوازنة متكافئة السرعة مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية.ان التنمية كونها تشكل الحلقة المحورية في بناء الدولة اليمنية الحديثة لذا فقد اولاها اهتماما بالغا ووضعها ضمن اولوياته للخروج باليمن بواقعها المتخلف اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وقد استطاع فخامة الرئيس تحليل الواقع الاقتصادي لليمن بحيث اولى قطاع الزراعة جل اهتمامه ووضع مسألة التنمية الزراعية كأحد اهم محاور استراتيجية التنمية الشاملة.وعمل على اقامة مشاريع الوديان العملاقة.وبناء سلسلة من السدود والحواجز المائية كان ابرزها بناء سد مأرب العظيم وانشاء العديد من المزارع النموذجية.وقد جنت اليمن بعد ذلك ثمار هذه النهضة حيث عم الخير اليمن كما ان القرار الاستراتيجي الذي اصدره وتمثل في وقف استيراد الفواكه والتي بلغت قيمتها آنذاك (400 مليون دولار) لميزانية الدولة.وكان عائد هذا القرار الصائب ان حققت اليمن بعد سنوات قليلة اكتفاء ذاتيا في الخضروات والفواكه بمختلف انواعها بل وشرعت في الدخول في مرحلة تسويق وتصدير الفائض الى اسواق الدول المجاورة.ولاستمرار ديمومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد اولى فخامته اهتماما كبير بقطاع الخدمات لادراكه بتكامل عملية التنمية.وتم تنفيذ اعداد كبيرة من المشاريع الاستراتيجية حيث شيد في المدن والقرى عشرات الآلاف من المدارس الحديثة بمراحلها المختلفة يتلقى فيها ملايين التلاميذ العلم والمعرفة.كما انشئت في صنعاء وبعض عواصم المحافظات العديد من الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة.وتم تشييد العديد من المراكز والوحدات الصحية والمستشفيات في مختلف محافظات الجمهورية.كما اهتم بالبنية التحتية التي تعتبر احد العوامل الهامة في التسريع بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد شهدت اليمن توسعا في الطرق الاستراتيجية التي تربط مدن وقرى الجمهورية.استطاع كل ابناء اليمن بقناعة تامة وخاصة بعد عام 1994م ان يؤكدون ان للزعيم القائد علي عبدالله صالح مدرسة سياسية خاصة من الرؤى الفكرية والاستثمارية المميزة نابعة من خبرته القيادية التي تمرس فيها منذ توليه مقاليد الحكم 1978م وذلك على صعيد ادارة شؤون الدولة والمجتمع بما فيها أمور السياسة والاقتصاد حيث تفاعلت آراؤه الفكرية ومشاعره بالهم والمشكلات الاقتصادية المعقدة الى درجة جعلت منه اكثر مواكبة للتغيير الفعال وترشيد مسيرة الاصلاحات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.[c1]الاصلاحات الاقتصادية[/c]وحول تعميق الاستقرار الاقتصادي ضمنت الحكومة اليمنية اجراءات وتدابير الاصلاحات الاقتصادية خلال هذه المرحلة في إطار الخطة الخمسية الثانية 2001 – 2005م وقد تعزز التزام الحكومة اليمنية بمواصلة تنفيذ الاصلاحات عند اقرار استراتيجية التخفيف من الفقر 2003 – 2005م وقد ركزت الاهداف والسياسات العامة للخطة الخمسية الثانية واستراتيجية التخفيف من الفقر على مواصلة دعم وتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتنفيذ الاصلاحات الهيكلية وبما يهيئ البيئة المناسبة لتحفيز النمو الاقتتصادي، وبالذات في القطاعات الانتاجية والخدمية الواعدة وزيادة كفاءة ومساهمة القطاع الخاص في الانشطة الاقتصادية والخدمية المختلفة، وكذلك العمل على تحسين الوضع المالي للدولة وتنويع الهيكل الاقتصادي وزيادة مقدرته التنافسية.ولذا فان نجاح عملية الاصلاحات والعمل على النهوض بالواقع اليمني كان محل تقدير من الدول المانحة والداعمة تمثل ذلك في دعوة الدول الثمان الاقتصادية الكبرى لفخامة الرئيس للمشاركة في مؤتمرهم بالولايات المتحدة الامريكية (سين ايلاند).كما ان الدعم المقدم من الدول المانحة في مؤتمر لندن البالغ نحو 5 مليارات ساهمت في تغطية جزء من فجوة الانفاق الاستثماري الكلي للخطة الخمسية الثالثة 2006 – 2010م الذي تبلغ كلفته الاجمالية نحو 25 مليار دولار.لاشك ان مجرد قبول الحاكم في أي بلد من وطننا العربي يربط بقاؤه في الحكم برضا الشعب وصندوق الاقتراع وان يتنازل عن عنفوان مهابة السلطة وعن طقوس تصل الى القداسة في النظرة الى الحاكم كل ذلك يعتبر تطورا هاما ونقلة نوعية في التفكير الديمقراطي، حيث انه مجرد قبول الحاكم بمنافس بجانبه على كرسي الرئاسة مسألة عجزت فيها كل متغيرات السياسة وتطورات الفكر ان توصل أي حاكم عربي للاخذ بها وبالتالي يعتبر فخامة الرئيس علي عبدا لله صالح اول من قبل بها واخذ بها، وكانت النتيجة عقلانية ولم تبلغ مستوى الشطحات بنسب خيالية في الفوز من خلال صناديق الاقتراع وهذا يدل دلالة واضحة على مدى خبرة وعظمة فخامته.اما المهام المستقبلية للتنمية وبناء اليمن الحديث وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة فقد حددها الرئيس في الخطة الخمسية الثالثة التي تستهدف تحقيق نمو حقيقي يبلغ 5 % في الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة 2006 – 2010م اعتمادا على نمو القطاعات الاقتصادية:ففي قطاع الزراعة تحقيق معدل نمو سنوي لايقل عن 6ر4% من خلال العديد من الاجراءات اهمها توجيه انشطة صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي لتنمية محاصيل الحبوب وتطوير الاصناف المقاومة للجفاف والتركيز على المحاصيل النقدية ذات الميزة النسبية مثل البن – القطن – العنب – المانجو – النخيل – الزيتون ودوار الشمس.[c1]وفي الثروة السمكية :[/c]تحقيق معدل نمو سنوي بمقادار 14% وزيادة الانتاج السمكي الى5502 إلف طن بحلول العام 2010م وتوفير اكثر من 14 الف فرصة عمل سنوية.[c1]وفي الصناعات التحويلية :[/c]تحقيق نمو سنوي في القيمة المضافة للصناعات التحويلية بمعدل 7% وذلك من خلال :اعداد استراتيجية وطنية للقطاع الصناعي تراعي متطلبات انضمام اليمن الى منظمة التجارة العالمية.- توفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات من 5ر6% وتهيئة المناطق الصناعية الثلاث وتزويدها بالخدمات اللازمة.[c1]وفي القطاع السياحي :[/c]- رفع نصيب السياحة من 5ر6% من الناتج المحلي الاجمالي والوصول بعدد السياح في عام 2010م الى 540 إلف سائح.اذ تعتبر السياحة في بلادنا من القطاعات الاقتصادية الواعدة جدا والمبشرة لدفعة قوية في النمو الاقتصادي.[c1]وفي قطاع النقل :[/c]- انشاء شركات للنقل البري المحلي والدولي سواء لنقل المسافرين بواسطة حافلات مخصصة لهذا العمل او نقل البضائع والمنتجات الزراعية بواسطة شاحنات كبيرة مجهزة لذلك.- انشاء خط سكة حديد حيث يعتبر هام جدا والاول من نوعه في اليمن واحد المشاريع حيث يربط بين محافظتي مأرب والجوف الى ميناء بلحاف في محافظة شبوة.- انشاء خطوط لنقل الركاب بين المدن الساحلية وكذلك بين دول الشرق العربي.- وكذا انشاء شركة للنقل الجوي الداخلي بين المحافظات حيث وقع هذا المشروع ضمن اتفاقية فعلية بين الخطوط الجوية اليمنية وشركة امريكية اضافة الى عدد من المستثمرين الخليجيين والمحليين الذين تبلغ نسبتهم 70% من رأسمال الشركة بينما تبلغ حصة شركة الخطوط الجوية اليمنية 30% كما بحث فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مع الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي اثناء زيارته لفرنسا في شهر يونيو لهذا العام امكانية شراء طائرات ايرباص ايه 350 للخطوط الجوية اليمنية.[c1]فعل المعجزات[/c]وقدم الدكتور عبدالوهاب شمسان ورقة عمل تحت عنوان "التحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية القاها بالنيابة عنه د/احمد المغلس وقال فيها:انه ليس المهم وضع المفاهيم واختيارها بل المهم هو تأصيلها والبحث عنها، فقد تكون آتية من الثقافة الشائعة الوافدة، لايدركها الا قلة من المثقفين معرفتها ميزة لهم،، ويروجها الاعلام كمتطلبات للدولة الحديثة وتنظر لها الجماهير على انها قادرة على فعل المعجزات، وبالتالي تعطيها الوهم الزائف بالخلاص القريب، وقد يتمسح بها بعض ادعياء السياسة فينشئون احزابا سياسية باسمها فلا احد يشك في شرعيتها، وتفاخر السلطة بديمقراطيتها والسماح بحرية تكوين الاحزاب، وفي نفس الوقت تأمن عدم تأثيرها هذا هو حال مفهوم الديمقراطية التي اختلفت معانيها لدى العديد من المثقفين والعلماء، الا انهم اجمعوا على انها في ابسط معانيها، وهو المعنى اللغوي، انها حكم الشعب لنفسه.واضاف قائلا : ان التوغل في ثنايا الديمقراطية وخباياها بهدف معرفة جوهرها او العناصر الاساسية في اية صيغة لفكرتها يبين لنا ان الديمقراطية في جوهرها هي حوار بين الحاكم والمحكوم في قضايا تهم المجتمع، لايملك احد القطع مسبقا بنتيجة الحوار حولها، وفي الغالب تكون النتيجة عبارة عن تسوية او حلول وسطى مقبولة لفترة زمنية، ويتم الحوار عبر قنوات (مؤسسات) تضم اناسا منتخبين من اناس متساوين في الحقوق والواجبات وتستمر هذه المؤسسات في عملها هذا فترة من الوقت محددة سلفا، ثم يقرر الشعب بعد هذه الفترة، ما اذا كانت هذه المجموعة المنتخبة قد قامت بدورها في التعبير عن آماله ومتطلباته كما ينبغي ام لا، ويكون من حقه في انتخابات تالية ان يعيد انتخابها او ينتخب مجموعة اخرى.ولقد حظيت قضية الديمقراطية باهتمام كبير في الفكر الانساني فاق كل الجوانب الاخرى حيث انشغل باحثون في العلوم السياسية وعلم التاريخ وعلم الاجتماع وغيره ببحث وتحليل مقومات هذه القضية، حتى راكموا دراسات وابحاثا شاملة كشفت عن اتجاهات مهمة خاصة في مجال تحديد العوامل الرئيسية في قضايا الانتقال الديمقراطي.والتحول الديمقراطي الذي يعد انتقال من حالة مجتمعية تسودها سلطة مطلقة الى حالة مغايرة يكون الحكم فيها للشعب من خلال اختيار ممثليه عن طريق الانتخاب الحر، وتأسيس العلاقة بين المواطن والدولة على علوية القانون الذي يجب ان يرتكز على عدد من المبادئ تشكل القاعدة الاساسية والصرح المتين، تتمثل بالآتي:- سيادة الشعب .- كفالة حقوق الانسان والحريات العامة.- الفصل بين السلطات .- سيادة القانون.فانطلاقة التحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية شكلت تعبيرا موضوعيا عن طموحات التغيير عند الشعب وتجاوب القيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح معها بما يلبي مصالح الشعب والرقي بالبلاد الى الاعلى وصولا الى تحقيق الاهداف المرجوة في التقدم والازدهار وتبوء المكانة اللائقة بين شعوب العالم تجسيدا لمقولة رئيس الجمهورية "بان اليمن الموحد بات اليوم يحتل مكانة هامة على الصعيدين الاقليمي والدولي خاصة بعد ان جسد بنهج الخيار الديمقراطي التعددية السياسية على اسس حقيقية وليست مظهرية".وتأكيدا لهذا الترابط اشار الأخ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية الى جانب ما جاء في الورقة: "ان الديمقراطية هي رديف الوحدة ومرتكز انطلاقتها، وان هذا العيد كما هو عيد للوحدة.. فهو عيد للمارسة الديمقراطية .. وانتصار لمبدأ الحوار الاخوي الصادق والمسؤول، الذي اوصلنا الى انبل واقدس الغايات الوطنية، ولهذا ستظل الديمقراطية هي خيارنا الوحيد الذي لن نحيد عنه ولن نفرط فيه ابدا، واذا كان التعبير عنها يتجسد اليوم في المشاركة الشعبية الواسعة، والتعددية السياسية تكريسا لمبدأ الحوار السلمي .. فاننا نتطلع بكل الثقة والامل في ان تكون التعددية السياسية من اجل الوطن وتقدمه وازدهاره. وان تكون تعبيرا صادقا عن واقع جديد، ومرحلة متميزة من التفكير والممارسة، وان تكون مجالا للمنافسة الشريفة والمسؤولة بين كل الاحزاب والتنظيمات السياسية من خلال البرامج، وان تنطلق في ذلك من ولائها المطلق لله والوطن والثورة والجمهورية وحرصها على الوحدة الوطنية، فالديمقراطية هي خيار بناء ونهضة .. لاوسيلة هدم وتخريب ولهذا فالمسؤولية الوطنية تفرض على الجميع ضرورة ان لاتكون مجالا للاساءة الى الآخرين او الحاق الضرر بالوطن، وان علينا جميعا ان نحرص ان تكون الديمقراطية هي الخيار لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان المشاركة المتكافئة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .. في ظل الالتزام الدقيق من قبل الجميع في السلطة وخارجها بمبادئ الشرعية الدستورية، وان يكون المعيار الحقيقي لتقديم أي حزب او تنظيم سياسي هو ولاؤه للوطن والثورة والجمهورية، وثقة الجماهير فيه من خلال صناديق الاقتراع.واريد هنا ان اسلط الضوء على ضرورة تأكيد مفهوم الدولة في الجمهورية اليمنية فقد ظهرت ممارسات خلال السنوات القليلة الماضية تقزم معنى ومفهوم الدولة، ليصبح مفهومها محسوبا وممارسا من خلال مصالح ضيقة سواء كانت شخصية او عشائرية او جهوية، والتعامل مع الدولة من هذا المفهوم البدائي والزاوية الضيقة يؤدي باستمرار الى شرذمة المجتمع والى اضعاف الجهد الوطني بشكل عام والى تشتت الجهد، ويجعل المواطن عرضة للخوف والشك وعدم الاستقرار، وهذا هو حالنا اليوم، وسيكون بامكان اعداء اليمن النفاذ من نقطة الضعف هذه في الوقت المناسب، اذا ارادوا الاضرار بنا واذا ما بقينا على حالنا، ومعياري في قياس مدى الانتماء للوطن ينطلق من هذه النقطة بالذات (مدى فهم والتزام المسؤول والمواطن لمفهوم الدولة الحقيقي).ومن خلال ما تم استعراضه آنفا نجد انه لزاما علينا الاشارة هنا الى ان ذلك ليس نهاية المطاف وان الامور اصبحت مستتبة والطرق الوعرة صارت سالكة لحل كافة مشاكلنا، لان الافراط بالاعتقاد ان الديمقراطية تقدم حلولا لكافة المشاكل الاقتصادية هو نوع من الاندفاع المتعجل، فالديمقراطية آلية حكم لاتعتمد مخرجاتها ونتائجها على كفاءة الاستخدام فحسب بل على نوعية المدخلالت ايضا، من قرارات جيدة وخطط مدروسة وبرامج عملية فضلا عن ان الفساد ليس مشكلة سياسية واقتصادية فحسب، بل انه في الصميم مشكلة اخلاقية.وعلى الرغم من ذلك لن اكون متشائما بل على العكس فانني اجد نفسي اميل الى الواقعية، ففي الوقت الذي لااريد ان ازعم ان اليمن يعد انموذجا في التحول الديقمراطي بين دول المنطقة فحسب، اقولها وبمل ء الفم انها تجربة مثلى تستحق الدراسة والتحليل، لانها حققت بعض من لب الديمقراطية (المصنعة محليا) الذي يكمن بل وينعكس في مبدأ المشاركة الشعبية في ادارة الدولة وشؤونها، باعتبار ان الديمقراطية هي مشروع على درجة عالية من العقلانية والسلاح الافضل والافعل في مواجهة تحديات العصر، وهو ما انعكس في تجربة المحليات او المجالس المحلية والانتخابات البرلمانية والرئاسية في الجمهورية اليمنية التي شكلت في حد ذاتها وممارستها مسيرة انسانية ذات طابع حضاري بخصوصية يمنية شملت كافة فئات المجتمع واطيافه السياسية مشكلة بذلك تفردا خاصا للمجتمع اليمني يضعه في مصاف الشعوب المتطورة والمتحضرة والتواقة دوما الى التقدم والازدهار.[c1]أخلاق القائد[/c]كما شارك الدكتور علوي عبدا لله طاهر بورقة عمل جاءت بعنوان "الخصائص القيادية في الرئيس القائد"شرح فيها ماهية الخصائص التي يتحلى بها القائد لتمكنه من القيادة قائلا:ان المعنى الدقيق لمفهوم القيادة هي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين لحملهم على القيام باعمال معينة بغية تحقيق الاهداف المتفق عليها، او هي القدرة على معاملة الطبيعة البشرية، او على التأثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة ما نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم، اذ بدون القيادة لاتتستطيع اية جماعة من تعيين او تحديد اتجاهات سلوكها وجهودها.وتعتمد عملية القيادة على ثلاثة اركان رئيسية هي :- القائد-الاتباع- الموقف الاجتماعي الذي يتفاعلون فيه. ولابد لنجاح عملية القيادة ان يحدث توافق بين هذه الاركان الثلاثة أي لابد ان يتوافق القائد مع الاتباع ومع الموقف الاجتماعي الذي يتفاعلون فيه ويقوم هذا التوافق على مبدأ جماعية القيادة، أي مشاركة الجماعة في اتخاذ القرارات مما يحول دون انفراد القائد بالقرارات الهامة.ومن تتبع مسيرة حياة علي عبدا لله صالح منذ توليه مهام قيادة البلاد عام 1978 يمكنه ان يقرر – دون مبالغة – ان قيادته تتميز بجملة من الخصائص التي يمكن ايجازها في الآتي:الخاصية الاولى : امتلاكه منظومة اخلاقية تجسدت في شخصه، مكنته من اكتساب ثقة مرؤوسيه وقد عرف عنها الوفاء.الخاصية الثانية : ما تميز به من نشاط عال، وترفعه عن توافه الامور وانغماسه في القضايا الجليلة وقدرته على التمييز بين المهم والمثير من القضايا، وما ليس مهماً ولامثيرا.الخاصية الثالثة : قدرته على انجاز الاولويات، فانجاز الاولويات كان دوما موضع اهتمامه، وعندما يكون انجاز الاولويات موضع اهتمام القائد فان ذلك من شأنه ان يحقق الاستقرار.الخاصية الرابعة : امتلاكه الشجاعة في التعاطي مع المسائل المصيرية، فقد عرف بقوة المواجهة وعدم التهاون مع كل من يريد المساس بأمن الوطن او الاضرار بوحدته، او تخريب اقتصاده.الخاصية الخامسة : عمله بجد وتفان واخلاص في اداء الواجب فعلى الرغم من كثرة انشغالاته، وتعدد مهامه، وزيادة ارتباطه الا انه كان حاضرا دوما في اوساط الجماهير، وموجودا بشخصه مع الناس لتلمس مشكلاتهم.الخاصية السادسة : قدرته في تحديد الاهداف، والتي على اساسها يتم اتخاذ القرارات الصعبة، والقيام بالتحركات السريعة لمعالجة الازمات، الداخلية والخارجية، وتقديم المبادرات لحل المشكلات.الخاصية السابعة : اقدامه على العمل بدافع الابداع، فهو بعد ما يقرب من ثلاثين عاما قضاها في الحكم، والتي حقق خلالها جملة من الانجازات العظيمة التي يكفي واحدة منها لتخليده ضمن قائمة العظماء، يأتي على رأسها منجز تحقيق وحدة الوطن.الخاصية الثامنة : امتلاكه حماسا ملهما، فهو دوما كالشعلة المتقدة والتي لاتنطفئ ابدا فتراه على الدوام، يشع حماسا، ويضيئ بحماسه المتقد الامكنة التي يوجد فيها.الخاصية التاسعة : امتلاكه مستوى رفيعا من الحنكة بحيث يستطيع ببراعته المعهودة تنظيم المواقف الفوضوية بلحظات، فهو قادر على التأثير في مرؤوسيه على نحو يجعلهم جميعا يتسابقون في الانجاز لارضائه.الخاصية العاشرة : رغبته في مساعدة الاخرين على النمو والنجاح وهي رغبة متأصلة في شخصه، وميزة تميز بها، فهو لم يسع لتطوير ذاته فحسب، بل عمل على خلق قيادات جديدة في القوات المسلحة والامن، وفي الحكومة، وعمل على تشجيع كثيرين من القيادات الدنيا والوسطية حتى وصلت الى مواقع قيادية رفيعة وما كان لها ان تصل لولا وقوفه معها والعمل على دعمها، واتاحة الفرص امامها.[c1]يتبع غدآ[/c]