شخصيات خالدة
هو ابو بكربن طفيل المولود في العقد الاول من القرن الثاني عشر في وادي آشي ، القرية الصغيرة الواقعة في الشمال الشرقي من غرناطة بالأندلس ، درس الطب والفلسفة في أشبيلية وقرطبة ثم اتصل بخليفة الموحدين أبي يعقوب يوسف الذي اشتهر برعايته للعلم وشغفه بالفلسفة . وذكرت بعض المصادر ان ابن طفيل عمل طبيباً خاصاً لأبي يعقوب ومعاوناً ومستشاراً ولكنه لم يعين وزيراً . ولما توفي الخليفة سنة 1184 م بقي ابن طفيل في البلاط خلال السنة الاولى من ولاية ابن ابي يعقوب.يُذكر ان ابن طفيل ترك عدداً من الكتب في الطب والفلسفة إلا ان مؤلفه الفلسفي الوحيد الذي وصلنا هو كتاب ( حي بن يقظان ) ، وهو رواية فلسفية رمزية ، وكان المستعرب البريطاني بوكوك هو اول من لفت الى أهمية هذا الكتاب ، وتُرجم الكتاب الى عدد من اللغات الغربية بينها الانكليزية والهولندية والالمانية والاسبانية والفرنسية .حاول ابن طفيل في هذه الرواية ان يثبت ان المتوحد ، متى ادرك الحقيقة بواسطة العقل يستطيع ان يتبين سر الاتفاق بين الفلسفة والعقيدة ، ويذكر في تمهيده للقصة ان غرضه من الرواية هو عرض ( الحكمة المشرقية ) التي يعيدها الى الصوفية .تدور احداث ( حي بن يقظان ) في جزيرة نائية تقع في المحيط الهندي ويلعب الدور الرئيس فيها الطفل " حي " الذي ولد في الجزيرة تلقائياً من غير أب وأم فتعهدته ظبية فقدت طلاها وارضعته حتى اشتد عوده واصبح قادراً على مجاراة البهائم في عدوها الا أنه ظل يكتشف بفطرته وعقله أنه ليس من هذه البهائم ولما ماتت الظبية التي تعهدته وارضعته حزن عليها حزناً عميقاً وأخذ يفكر في سر الحياة والموت وأكتشف النار ثم أدت اكتشافاته التجريبية الاخرى الى استعمال الادوات وانتقل الى البحث في التناظر العضوي بين النبات والحيوان ومن هذه الملاحظات الحسية إستطاع أن يرقى الى إكتشاف العالم الروحاني فلاحظ اولاً ان كل موجود يتركب من عنصرين : الجسمية وصورة الجسمية. وبالنسبة الى الكائنات الحية ، تبين له ان هذه الصورة عبارة عن النفس التي لا تدرك بالحس بل بالعقل . ثم تبين له عن طريق الاستدلال ان مرتبة كل طبقة من الكائنات الحية في سلم الحياة تتوقف على تعدد القوى النفسية التي تختص بها و في ختام هذه الرواية الفلسفية إنتقل ابن طفيل الى عرض قضية الوفاق بين العقل والوحي او بين الفلسفة والدين .هكذا وضع ابن طفيل اللمسات الاخيرة على مذهبه القائل بطبقة متفوقة من طلبة الحقيقة المحظوظين الذين يستحقون وحدهم نعمة الاشراق او الاصطفاء .لقد كان ابن طفيل فيلسوفاً ومفكراً وقاضياً وطبيباً وفلكياً ، و يمثل ابن طفيل الأب الروحي للنزعة الطبعية في التربية عبر كتابه (حي بن يقظان)، والذي حاول فيها التوفيق الفلسفي بين المعرفة العقلية والمعرفة الدينية.وقد توفي في 581 هـ بمراكش وحضر السلطان جنازته.