مع كتاب : صورة مدنيتين .. عدن وصنعاء في شعر (محمد عبده غانم) (الحلقة الثانية)
ليسمح لي القارئ الكريم في الحلقة الثانية من هذا العرض لكتاب (صورة مدينتين عدن وصنعاء في شعر محمد عبده غانم) الحديث وباقتضاب عن: نادي الإصلاح العربي الإسلامي : تأسس في عام 1949م في التواهي حي الميناء بعدن وكان رئيسه محمد عبده غانم وأعضاؤه البارزون لقمان وأحمد الأصنج كما قام ناديان آخران يحملان الاسم نفسه في كل من كريتر والشيخ عثمان ، ومن أعضائهما البارزين الشيخ العبادي والشاعر علي أحمد باكثير والشيخ محمد بن سالم البيحاني رحمهم الله. نعود مرة أخرى إلى مقدمة الكتاب وحديث الدكتور شهاب غانم : وأظن أن والدي كان يظن أن السيرة الذاتية تكتب على غرار ما عمل (جاك روسو) في اعترافاته وما يفعله الأوروبيون في سيرهم الذاتية ولذلك كان يستنكف من كتابة سيرته. والحقيقة أنني وجدت بين أوراق والدي بعد وفاته بضع صفحات كانت بداية لسيرة ذاتية يبدو أنه كتبها استجابة لاقتراحي ولكنه لم يستمر طويلاً فيها مع الأسف وتلك الصفحات القليلة تؤكد رأيي حول نظرته نحو كتابة السيرة الذاتية. أما أنا فأرى أن السيرة الذاتية ينبغي أن تراعي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إذا ابتليتم فاستتروا) وأن ينظر من يكتب سيرة والده في قوله عليه الصلاة والسلام: (اذكروا محاسن موتاكم) ، في عام 1991م كتب شقيقي د. عصام سيرة مختصرة لوالدي في نحو ثلاثين صفحة ولم تتناول شعره إلا في صفحات قليلة ، وكان والدى قد أصيب بجلطة في العام 1988م نجا منها ولكنه أصبح يجد صعوبة كبيرة في استعمال يده للكتابة وكتب في ذلك الأمر قصيدة بعنوان (الأنأمل الجافة) ، ثم أصيب بنزيف دأخلي في الرأس إثر حادث سقوط عام 1995م وأجريت له عملية في صنعاء لإخراج ما تجمع من الدم ، وبت ليالي عدة معه في غرفته في مستشفى الثورة وبعد لتحسن حالته تحدثت معه عن طفولته قليلاً ولكن لم استطع أن اسجل إلا معلومات قليلة كي لايتعرض للإجهاد ، وقد نجا من ذلك الحادث ولكنه لم يعد إلى طبيعته تماماً وضعفت ذاكرته تدريجياً إلى أن توفي رحمه الله في أغسطس عام 1994م بعد الحرب الأهلية ذلك العام. قبل وفاة والدي بعامين أو ثلاثة ترك بعض ملفاته الأدبية فاقترحت عليه أن يستخلص منها ديواناً ولكنه أخبرني أنه لم يعد لديه الاهتمام بذلك وقال لي أن أفعل ذلك إذا أردت وكان رحمه الله يقضي وقته في قراءة القرآن الكريم منذ زمن طويل ولا يهتم بقراءة شيء آخر. وذات مرة حملت له كتاب صاحب السمو (الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي) عن الاحتلال البريطاني لعدن فصرف الساعات في قراءته وكانت المرة الأولى التي يهتم فيها بكتاب سوى القرآن الكريم منذ زمن طويل واستغربت والدتي الأمر كثيراً وكان من الواضح أن ذكريات عدن هي التي جعلته يهتم فجأة بذلك الكتاب ، وبعد وفاة والدي تمكنت من جمع قصائده التي لم تنشر في ديوان بمساعدة والدتي أطال الله في عمرها ، وشقيقي د. نزار ورتبتها واخترت لها عنواناً (هوز الا نأمل الجافة س) ونشرت في ديوان عام 1999م في صنعاء بمتابعة من شقيقي د. عصام كما جمعت مختارات من بحوث والدي ومقالاته ونشرتها ندوة الثقافة والعلوم بدبي في كتاب بعنوان (دراسات في الشعر واللغة س ) عام 1999م وكنت قد أرسلت قبل ذلك كلمات الأغاني التي كان والدي قد الفها إلى شقيقي د. نزار بطلب منه فأعد دراسة عنها نشرها مع النصوص تحت علوان حمينيات صدى صيرة عام 1994م، كما أرسلت لشقيقي د. عصام مسرحية والدي غير المنشورة (الثائر الأحمر) فنشرها في صنعاء عام 1999م. وكنت وعدت والدتي أن أكتب سيرة والدي أو كتابا عنه وكان اشقائي يمدونني بكل ما يقع تحت أيديهم مما يكتب عنه وخصوصاً ما ينشر في اليمن وقد كتبت عنه عبر السنين عدداً من المقالات نشرت في الصحف ثم وجد بعضها طريقه إلى بعض كتبي مثل (وقفات مع دواوين معاصرة) و(بين قصيدتين) وفي هذه الأثناء أعد د. محمد صالح الريمي أطروحة دكتوراه قيمة في جامعة الخرطوم كما أعد د. أحمد حامد حجازي أطروحة ماجستير في خمسمائة صفحة عنه في جامعة القاهرة وكنت أنا واشقائي نمدهما بما تيسر من المعلومات التي يطلبانها عن والدي ونوها بذلك مشكورين في أطروحتيها وعلى الرغم من قربي الشديد من والدي في بعض فترات حياته خصوصاً في مجال الشعر إلا أننى أعلم أن معرفة أي إنسان بشخص آخر تظل محدودة