الرئيس وجه بإعدادها وتأليفها.. وأصدرتها دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة
صوناً لذاكرتنا الغنائية وإنصافاً للأغنية اليمنية وروادها وأعلامها خلال مائة عام وللأدب والتراث الفني اليمني بشكل عام, واعتزازاً بهذا الأثر العملاق ولمن تركوا بصماتهم الشعرية المتميزة في مساحة الوطن الكبير جاءت موسوعة «شعر الغناء اليمني في القرن العشرين» لتمثل سفراً جليلاً يحفظ تراثنا الغنائي الفني والأدبي الذي يعد ملكاً لليمن وللإنسانية جمعاء، وينقله في لوحات شعرية تتميز بجمال ألوانها ومتانة تشكيلها وكثافة مضمونها وتعدد لهجتها.. لوحات شعرية تعبر عن الوجد والحنين والشوق الجارف للوطن الذي يزخر بالحب والعطاء والدفء، صور شعرية رائعة وراقية محفوظة في (سلسلة من الأجزاء بلغت حتى الآن 11 جزءاً) ترصد المشهد الشعري وملامحه المعبرة عن الفن الغنائي اليمني بنصوصه المتعددة الألوان واللهجات، وتجاربه المتنوعة الإيقاعات والأمكنة خلال هذه الحقبة الحافلة بالعطاء الإبداعي والأحداث الهامة في تاريخ اليمن الحديث، ويرجع الفضل في إخراج هذا الجهد الأدبي الموسوعي الكبير بهذا المستوى الرفيع من الناحية المضمونية والفنية، ومن حيث المنهجية والدقة والإحاطة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي وجه بتنفيذه عام 2003م وتابع سير العمل فيه حتى تم انجازه بهذا الشكل الرائع والبديع والشامل.ميلاد هذا السفر الموسوعي الجليل «شعر الغناء اليمني في القرن العشرين» وما يتميز به في موضوعه ومادته ومنهجه ونتائجه نقرؤه في السطور التالية:اشتمل الجزء الأول (أ) للموسوعة التي أصدرتها دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة على إهداء وتوطئة ومقدمة، حيث أهدت دائرة التوجيه المعنوي هذا السفر الملحمي إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي تعود إليه فكرته فوجه بجمعه وتأليفه وإصداره كعمل أدبي يوثق لقسمات رائعة من وجه تاريخنا الثقافي ويبرز أهمية الأغنية في التعبير عن الضمير الحي المتفاعل مع الحياة في أرقى صنوف الإبداع شعراً وتلحيناً وأداءً وغناءً انه سفر نبض القلوب وخفق مشاعر الوجدان الشعبي والإنساني.وورد في توطئة الموسوعة «يكاد من أطلق الفكرة، أن يكون صاحب العمل.. وعندما نقف أمام فكرة لقائد كبير يتساوى مجده مع قامة وطن وحده ولم شمله. فنحن ولا شك قد تزودنا بقدر من همته وإصراره وأقدمنا على حمل أمانة ترجمة فكرة اصطادها خاطره وأراد لها ان تخرج إلى الواقع المعيشي، عملاً أدبياً معرفياً.لقد وجدنا أنفسنا أمام فكرة عظيمة وقائد كبير، وعمل أدبي ضخم هو الأول من نوعه في الوطن العربي ـ إذا ما نظرنا إلى موضوعه ومحتواه ـ أما إذا استعنا ببطاقة ندخل بها إلى عالم الشعر الأرق والأكثر تمازجاً مع الوجدان الشعبي.فلابد أن نتجه إلى شاعر عملاق كالمتنبي العظيم ـ ملأ الدنيا وشغل الناس حتى عصرنا الحالي ـ فنقتبس منه القول:[c1]على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم[/c]هذه بطاقتنا للدخول إلى (موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين) التي أطلق فكرتها ووجه بتنفيذها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح كعمل أدبي وثقافي يضاف إلى ما جري به سواقي وطن الثاني والعشرين من مايو المجيد من مكاسب وانجازات على الصعيد الإبداعي.قصة الميلادأما عن قصة ميلاد الموسوعة فنجد من تتبع مواقف وتجليات الرئيس علي عبدالله صالح منذ نبوغه القيادي المبكر إلى توليه قيادة البلاد ونجاحه في استعادة وحدة وطنه نجد انه لا يستطيع أن يرى اليمن إلا موحداً.. وان كل عمل ـ وان كان جميلاً ـ لا يستوعب اليمن بأكمله هو في نظره عمل ناقص يحتاج إلى ما يستوفي جماله.الوحدة حاضرة بقوة في كل شيء في حياته.. حتى وهو يتصفح كتاباً أو يستمع إلى عمل غنائي، أو يتأمل في لوحة بريشة مبدع.. كما هو الحال عندما أطلق فكرة عمل هذه الموسوعة وهو يقرأ في كتاب بعنوان شعر «الغناء الصنعاني»، ففي ساعة من الساعات التي يهبها لنفسه التي لها عليه حق، وبعد أن وضع الكتاب المشار إليه قال في هذا الكتاب مجهود طيب.. وهو لم يوثق للغناء الصنعاني كما يقول عنوانه وحسب، بل لقد أشار إلى الغناء في لحج ويافع وكوكبان وغيرها من المناطق أو الأقاليم الفنية اليمنية، فلماذا لا يكون هناك عمل موسوعي يوثق للشعر الغنائي في اليمن خلال قرن من الزمن، هو القرن العشرون؟!.. القرن الذي شهد الكثير من المتغيرات والمحطات الهامة في تاريخ اليمن الحديث وتحديداً في مجال وجود الدولة وتحديثها وقيام الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وتحقيق الوحدة، وهو القرن الذي شهد إبداعات الكثير من شعراء الشعر الغنائي الذي لم توثق أعمالهم بالشكل المطلوب.هكذا أطلق الفكرة.. وبعد أن أثراها بملاحظاته وأرائه كلف الأخوين العميد الركن علي حسن الشاطر مدير دائرة التوجيه المعنوي، وعباس علي الديلمي رئيس قطاع إذاعة صنعاء بوضع التصور المطلوب لتنفيذها وتحديد من تتم الاستعانة بهم.[c1]شمولية ومنهجية[/c]وجاء في قصة ميلاد هذا السفر الجليل في شعر الغناء اليمني، أن من أدرك كبد الحقيقة لحفظ هذا الأثر العملاق والتراث القيم هو من أكد على شمولية العمل ومنهجيته، حيث وجه فخامة الرئيس القائمين على انجاز الموسوعة بعدم إغفال أي عمل أو نص غنائي يعبر عن مرحلة معينة أو يتناقض مع مستجدات اليوم، لأن العمل التوثيقي الموسوعي لا يستبعد عملاً بدوافع سياسية، وان يتم التعامل مع قصيدة وجدت طريقها إلى حناجر المطربين بمعيار واحد سواء أكانت للرئيس علي عبدالله صالح أو الرئيس عبدالفتاح إسماعيل أو الإمام احمد حميد الدين أو الأمير الحسن بن علي أو الأمير احمد فضل القمندان..الخ.ولا يميز بين أغنية كتبت للمؤتمر الشعبي العام أو الحزب الاشتراكي أو في مدح الإمام.. أو السلال..الخ.وهكذا لم يجسد إيمانه بالوحدة اليمنية فحسب، بل تمسكه بالديمقراطية والثقة بالنفس وحرصه على عملية ومنهجية العمل الذي وجه به.وورد في مقدمة الجزء الأول أن الأصل في (الموسوعة) أنها كتاب يجمع معلومات في كل ميادين المعرفة، أو في ميدان منها، مرتبة ترتيباً هجائياً فهي على ذلك دائرة معارف مختلفة الأشكال والألوان والروائع والعلوم.. يستوعب في ذلك ان تشتمل على اتجاهات شتى متعددة متنوعة من المعارف والعلوم، أو تنحر في اتجاه بعينه فتلم بكل تفاصيله وجزئياته وتحيط بها علماً.[c1]أجزاء متعددة[/c]وموسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين كتاب متعدد الأجزاء يحتوي على أغلب ما تغنى به المغنون ورددته الشفاه من شعر الغناء اليمني في القرن العشرين، وتأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة المبادرات من الزعيم القائد المناضل الرئيس علي عبدالله صالح.. التي يستهدف بها توفير شروط وآليات بناء النهضة الحديثة وذلك بتدوين وحفظ النتاج الشعري الغنائي إذ أدرك بألمعيته ومتابعته وإحساسه المرهف أن كثيراً من هذا التراث الفني والنتاج الإنساني يتعرض للضياع وفي أحسن الأحوال التشويه والتداخل، بحيث يصعب على المتابع تحديد الأصول ناهيك عما تتعرض له من التحوير والتبديل وغياب أسماء منتجيها وصعوبة معرفة سيرهم الذاتية، وقدراتهم ومكانتهم الفنية والأدبية، وحقوقهم المشروعة، حيث لم يحفظ الناس من التراث الغنائي المعروف بالحميني الذي تزخر به اليمن واشتهرت به على مر العصور سوى بضعة أسماء.. مثل (شرف الدين والآنسي وإسحاق والشرفي وفايع) وذلك لدى قلة من المهتمين، وفي الوقت نفسه لا يعرفون من هو (الغويدي ولا ابن جعدان أو ابن سنبل أو المطري.. ومحسن شداد الشميري ومحمد برداد الصبري وغيرهم) ـ الذين عاشوا في القرون التي سبقت القرن الذي تؤرخ له الموسوعة ـ لأن المدونات الأهلية المعروفة بالسفن أو السفائن غالباً ما تثبت النصوص ولا تهتم بقائليها ونادراً ما تثبت أسماء قائليها من دون الاهتمام بسيرهم الذاتية، وفي أي عصر وجدوا، وما هي المناسبات كجزء من التاريخ اليمني العام مع العلم أن اليمن بجمالها الطبيعي وموروثها الإنساني زاخرة ببواعث ومسببات الفنون والآداب، ولهذا لم تنس ألمعيته أن يتدارك هذا الخلل فيمنح الشعراء والفنانين والشعب اليمني بعامة جانباً جمالياً مهماً من اهتماماته الكبيرة والكثيرة، تأكيداً لقول الشاعر العربي المهجري اللبناني إيليا أبو ماضي في قصيدته المعنونة بـ (فلسفة الحياة):[c1]والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الوجود شيئاً جميلا[/c]وكذلك مقولة الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ وهو معلم التربية الإسلامية إذ قال: «من لم يطربه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره فهو معتل المزاج محتاج إلى علاج».[c1]الغاية والجدوى[/c]أما الغاية من تأليف هذه الموسوعة في جمع أشعار الأغاني التي صدح بها المغنون اليمنيون خاصة، وسواهم من المغنين العرب في القرن العشرين الذين تأتي لهم أن يترنموا ببعض تلك الأشعار فهو كما ورد في تقديم الموسوعة الجزء الأول إيماناً بحقيقة أن الغناء هو موسيقى الحياة وإيقاعها فللزهرة إيقاع وللطير إيقاع وللفراشة إيقاع ولخرير الماء إيقاع، فالذي ليس لديه إيقاع هو العدم.كما أن الجدوى من هذا العمل وفوائده انه لم مفترق أنماط الغناء اليمني من صنعاني وحضرمي، من عدني وتعزي، من لحجي ويافعي، من تهامي وأبيني.. في إطار واحد موحد لم يحظ به شعر الغناء اليمني من قبل، ومنها خدمة الباحث في شعر الغناء اليمني في الوقوف على «مادة» وفيرة تمكنه من البحث في أنماطه وطرائق تشكيله وتقدير خصائصه الأسلوبية، ومكوناته الإيقاعية، وتمثل هويته الإبداعية ومنها إمكان متذوقي الغناء اليمني من استيعاب نصوص الأغاني من خلال مطالعتها مدونة في صفحات كتاب يجمع بين متعة النظر ولذة الاستماع فتزداد معاني الأشعار رسوخاً في ذهنه، وتجد قرارها في أعماق وجدانه وأضف إلى ذلك منح (المغنين) فرصة الحصول على النص الشعري المغنى من أية بقعة من اليمن.فضلاً عما سيحقق هذا العمل الموسوعي من فرص الاطلاع على أصناف هذا الإنتاج في مختلف المناطق اليمنية بصفته أدب الطبقة الوطنية (الصفوة المثقفة) إذا مثل بجدارة موقعه المتوسط بين الفصحى والعامية، بين الملحون والمعرب، بالإضافة إلى كونه قاموساً للأمثال والقيم الأدبية والحياتية.[c1]مراحل الإعداد[/c]جرى العمل في «موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين» على مراحل بدأت بحصر أسماء الشعراء في قوائم طويلة تزداد بعدد مرات مراجعة الأسماء وتذكر من غاب اسمه في حين سابق ليضم إلى أصحابه من شعراء الأغنية ثم انتقل العمل إلى جمع أشعار الأغاني من مناطق شتى.أما المصادر التي تم الاعتماد عليها لانجاز هذا السفر الشعري العظيم فهي كثيرة ومنها الاتصال المباشر بالشعراء في مختلف مناطقهم وعلى ما في المكتبات من دواوين طبعت وعلى محفوظات المهتمين بهذا اللون من ألوان الأدب اليمني، والاستعانة بالعارفين بالشعر والشعراء والملحنين ثم المغنيين وان عز منال شعر الأغنية من الشاعر مباشرة، وكذلك مخزونات إذاعتي صنعاء وعدن وعلى ما لدى دائرة التوجيه المعنوي من أشرطة وعلى ما تم شراؤها من السوق وقد تم تفريغها بجهد القائمين بذلك مشكورين، وغيرها من المصادر التي تعني بتوثيق الأغاني شعراً ولحناً وأداءً.وقد أفردت في صفحات الموسوعة مساحة حواشي للأشعار غايتها التعريف بمعاني المفردات، وتحديد دلالتها ليستقيم معنى البيت ودلالة القصيدة، إضافة إلى التعريف بأسماء المناطق اليمنية وما إلى ذلك.أما تصنيف الشعر والشعراء في هذه الموسوعة فقد تم وفق الترتيب الأبجدي دون سواه، لما يتسم به هذا الخيار من تجرد وموضوعية، كما تجلى الحرص على إخراج الموسوعة في مظهر يليق بها ليس فقط بوضع صورة لكل شاعر بل برسم ملامح الشعراء بريشة فنان ذي يد ماهرة بدلاً من التصوير الفوتوغرافي.كما تم في الطبعة الثانية للموسوعة تدارك الأخطاء أو أي نقص إن وجد في الطبعة الأولى، وهناك موسوعة ثانية سيتم إصدارها وتتعلق بالدراسات والتحليل لما ورد في (موسوعة شعراء الغناء اليمني في القرن العشرين) وستتضمن تسجيل الحان الأغاني بالنوتة الموسيقية، كما أن هناك تفكير لانجاز موسوعة ثالثة غايتها التعريف بحياة جميع شعراء الأغاني في اليمن في القرن العشرين.وخلاصة القول أن انجاز هذا العمل الكبير هو خدمة للتراث اليمني والارتقاء به إلى مراقي العناية والاهتمام وهو هدية الزعيم الرمز فخامة الرئيس علي عبدالله صالح للشعب اليمني كله ليترف بها حسه الجمالي وذوقه الفني، ولتستفيد الأجيال في الحاضر والمستقبل مما حواه من أعمال شعرية غنائية تمثل مختلف المناطق اليمنية ويستفيد كذلك الدارسون والباحثون والنقاد مما تحويه صفحات ومجلدات الموسوعة.وتتكون «موسوعة شعراء الغناء اليمني في القرن العشرين» من (11 جزءاً) في طبعتها الأولى و(7 أجزاء) في طبعتها الثانية وصدرت جميعها كما سبق عن دائرة التوجيه المعنوي ـ تحت إشراف العميد الركن علي حسن الشاطر مدير الدائرة رئيس تحرير صحيفة «26 سبتمبر».وقد جاءت النسخة الأولى من الموسوعة «الجزء الأول» في 449 صفحة من القطع الكبير وطبعت بصورة راقية ونقية جامعة أسماء الفنانين والملحنين والحواشي وبيان شروحها.كما خصصت طبعة منفردة للفهرس جاءت 329 صفحة من القطع الكبير، وتضمن الفهرس باباً خاصاً بالأعلام وباباً خاصاً بفهرس الأماكن وباباً رابعاً خصص لفهرس القصائد وخاتمة.