والدي الحبيب..أرسل إليك هذه الرسالة وأنا أعلم أنك لا تستطيع أن تقرأها بناظريك وإنما بروحك الطاهرة في جوار ربها.. وفي مضمونها اعتراف مني بعدم مقدرتي على ان أوفيك حتى ولو جزءاً بسيطاً من حقوقك علي منذ ولادتي حتى أصبحت شاباً يافعاً ورب أسرة .. مهما كتبت عنك.فقد علمتني حروف الكلام والاعتماد على النفس ومواجهة الصعاب في الحياة العملية، علمتني الصبر والتمسك بالمبادئ والاخلاق الفاضلة في تعاملي مع الآخرين، علمتني الكثير والكثير وكنت دائماً خير مرشد وموجه لي وفي كل الأوقات.الوصية..قبل وفاتك بأيام قلائل كنت بجانبك وتحدتث معي عن بعض الأمور الأسرية والعملية وشددت علي بشأن مجلتنا (صم بم) وعلى ضرورة استمرارها ـ فهي السلطة الرابعة ـ التي سخرت جزءاً كبيراً من حياتك لأجلها، ولا أنسى توجيهك لي بأن تسخير النهج لا يكون إلا من أجل الوحدة والوطن، وكذلك اخبارك لي بأن القلم الشريف لا يمكن ان يشترى، وأن المادة هي آخر شيء يمكن للإنسان ان يفكر فيه، وان التركة الوحيدة التي تركتها لي ولأخوتي من بعدك هي (صم بم).لحظات الوداع الأخير..في يوم الخميس 12 يناير 2006م مع حوالي الساعة 45/10 مساءً تلقيت اتصالاً من الأسرة علمت من خلاله بأنك نزيل المستشفى وبحاجة ماسة إلى نقل دم، وهو الأمر الذي اقلقني ودفعني لمغادرة صنعاء والوصول إلى عدن في فجر اليوم التالي الجمعة 13 يناير، وعندما التقيتك وجلست معك في لحظات الوداع الأخير ـ وكلي أمل بأن لا تكون كذلك ـ فتحدثت معك لبعض الوقت بمشاركة شقيقاتي (منال واليادة) ووالدتي رفيقة دربك حول بعض الأمور المتعلقة بالأسرة ومجلة (صم بم) ولأنك كنت تعاني من سكرات الموت وتنتظر بصمت ان يرفع الباري روحك الطاهرة إليه فقد لمست فيك رغبة في ان يفتح باب الغرفة ليدخل إليك كل الناس في لحظات الوداع الأخير ـ ولكن شاءت إرادة الله ان تفارق الحياة ويبقى جسدك مسجى بسلام في انتظار مثواه الأخير.بعد الرحيل..أدرك تماماً بأن الموت قدرنا جميعاً ـ ولكني لم أدرك مقدار الحب والوفاء الذي تركته بعد رحيلك بين الناس إلا يوم وداعك وحمل جثمانك الطاهر في نعشه إلى مسكنه الجديد، ورغم الخسارة التي تركتها في الحياة الدنيا، إلا أن خسارتنا كانت أكبر فقد فقدنا برحيلك الأب والأخ والصديق..وفقد الوطن مناضلاً جسوراً ووحدوياً بارزاً، وفقدت الصحافة يراعاً مقداماً وفارساً شجاعاً صاحب كلمة شريفة لا تهاب أحداً، وفقد الناس قلباً رحيماً وإنساناً كريماً.. ولكن ماذا نفعل؟! فهذا قدرنا جميعاً والموت والحياة بيد الله عز وجل.والدي الغالي..لقد عاهدت نفسي بعد رحيلك بأن أحقق كل ما كنت تصبو إليه، وأني سوف أواصل المسير على دربك ونهجك بإصدار مجلتنا (صم بم) بإذن الله تعالى حتى آخر يوم في حياتي، كما أعاهدك وفي مثواك الأخير وأعاهد روحك الطاهرة بلم شمل الأسرة وأشقائي، والحفاظ عليهم ورعاية والدتي الحنونة التي لازالت حتى اليوم مكلومة برحيلك.فثق كل الثقة.. ونم قرير العين في حياتك الأبدية، وأنتظر حتى يكتب لي القدر أن يتوسد جسدي بجانبك ويرفع الله روحي إليه وأكون بقربك.. حتى أنبئك بنتائج ما كلفتني به وأمنتني وأوصيتني عليه.وإذا لم يطل بي العمر لأنجز وصيتك.. فأعذرني، وأتكل على حفيدك (عصام) الصغير في إكمالها.. لتستمر الحياة ويبقى القلم الصحفي الفارس صاحب الكلمة واليراع الشريف كما أردت ان يكون مرفوع الهامة والرأس.أخيراً لا يفوتني أن أخبرك بأنك تركت خلفك رجالاً يرفعون اسمك عالياً ويحافظون على أعمالك.. واحفاداً يواصلون مسيرتك كما عملت أنت وأشقاؤك عندما أبقيتم اسم جدنا (سعيد سالم اليافعي) خفاقاً.رحمك الله يا والدي وأسكنك فسيح جناته والهمنا وكل من أحبك وآمن بمبادئك الصبر والسلوان."إنا لله وإنا اليه راجعون" المخلص للأبد..ولدك/ أياد عصام سعيد سالم
إلى الراحل جسداً.. الباقي فينا أبداً
أخبار متعلقة