متابعة / عبد الله بخاشقرار فخامة رئيس الجمهورية بمشروع التعديلات الدستورية الخاصة بتطوير مجلس الشورى بحسب نظام الغرفتين التشريعيتين، يعد خطوة متقدمة على طريق ترسيخ النهج الديمقراطي وتوسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار، بل وإضفاء صبغة تجديدية على دوائر صنع القرار في اليمن، هذه المفاجأة الجديدة تحسب تمكيناً جديداً للرمز الوحدوي / علي عبد الله صالح الذي شهد عهده كثيراً من المفاجآت الوطنية التي عززت تمكينه وحضوره الوطني والعربي والدولي خلال مدة حكمه، لكن هذه المفاجأة تعكس حرصه على إرساء سلوك ديمقراطي حضاري تنتفي معه كل المزايدات الحزبية التي تقلل من الشأن الديمقراطي في بلادنا، وكان يمكن القول إنّها نوعاً من الدعاية الانتخابية المبكرة لفخامته لولا تأكيده في أكثر من مناسبة نيته في عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وتمسكه الشديد بذلك رغم المحاولات المتكررة لإثنائه. [c1]الحوار أولاً[/c]نام الغرفتين التشريعيتين لا يزال مجرد مشروع بحجةً إلى دراسة متأنية وتروٍ كير وإلى حوار ومناقشة سياسية واسعة _ بحسب المحللين السياسيين _ لأنّه سيترتب عليه إجراء تعديلات دستورية مهمة تستلزم هي الأخرى استفتاءً شعبياً من جميع أبناء الشعب، وهي قضية في غاية الحساسية، لأنّ البلدان عادة لا تلجأ إلى تعديل دساتيرها إلا وفق احتياجاتها، والحاجات الوطنية دائماً تحددها المكونات الرئيسة للدولة والمجتمع، بحسب رأي الباحث في الشؤون السياسية اليمنية / محمد الصبري الذي يرى أنّ نظام الغرفتين التشريعيتين هو نظام مهم ومتعارف عليه في كثير من البلدان لكنه بحاجةٍ في البدء إلى حوار واسع لتقرير المبدأ والهدف من ذلك وتساؤلات مرحلة الانتقال والأخذ بنظام الغرفتين إذ يقول / هناك اختلافات كثيرة من بلدٍ إلى آخر فيما يتعلق بالمشكلة الرئيسة التي أوجدت نظام الغرفتين والأخذ به، لكن لابد من إيجاد الحوار الواسع وإثراءه بالمناقشات لتقرير المبدأ والهدف، ومن جوهر النقاش المستند على تقرير المبدأ أو تقرير المذكرة التفسيرية للتعديل إذ يمكن أن تصبح من دون مجرد موضوع شكلي./
صخر الوجيه
وبنوعٍ من الإيضاح يتناول الصبري _ رئيس الدائرة السياسية بالوحدوي الناصري أهمية الموضوع بقوله / بالنسبة لنا نظام الغرفتين هي مهمة من زاويتين الأولى زاوية الموقف السياسي، ولكن السؤال يظل بأي اتجاه؟وما هو شكل النظام الذي اختاره اليمنيون؟والأخرى زاوية التشريعات وتطويرها، لكن ما هو الشكل الذي يعطي للمجلسين دور تحسين التشريع سواءً من ناحية ترتيب المجلس وطريقة تشكيله أو من ناحية الصلاحيات الدستورية التي يعطيها وحدودها ما بين المجلسين؟ومن ثمّ نجد أنّ الإجابة على هذه الأسئلة يمكن أن تظهر أهمية هذا النظام، ومن ثمّ لا تظهر أهمية هذا النظام وأهمية التعديلات المطلوبة ما لم يكن هناك نقاشاً عاماً يجيب على هذه التساؤلات.[c1]عن النظام ومبرراته[/c]ويعتمد عادةً نظام الغرفتين التشريعيتين على وجود غرفة للتمثيل السكاني وأخرى للتمثيل الجغرافي، ولكل منهما اختصاصات معينة ولهما أيضاً اختصاصات مشتركة.
علي عبدالله السلال
والغرفة التي تخص التمثيل الجغرافي المزمع إنشاؤها في بلادنا بموجب التعديلات الدستورية المقترحة ستكون معنية _ بحسب رأي الأستاذ/ محمد جغمان _ رئيس مركز (رؤى) للدراسات الانتخابية _ بمناقشة القضايا المرتبطة بالتنمية والسيادة وتنظيم الحكم المحلي وبالقضايا ذات الأبعاد الاجتماعية والتنموية والسياسية في الجانب الجغرافي.ويضيف جغمان قائلاً : إنّ التمثيل الجغرافي يكون عادةً متساوٍ بين كل المحافظات أو الأقاليم أو الولايات بحسب نوع التسمية المعتمدة في الدولة التي تعتمد نظام الغرفتين.وعن المبررات الملحة للأخذ بنظام الغرفتين في بلادنا يحدد رئيس مركز الدراسات الانتخابية لذلك ثلاثة أسباب هي اتساع النطاق الجغرافي للبلاد بعد قيام الجمهورية اليمنية والثاني اتساع نطاق التفاعلات السياسية على مستوى الجمهورية، كالتعددية السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني، والثالث اتساع رقعة العمليات التنموي باتساع الوطن، وقال باعتقادي أرى أنّه من المستحسن إضافة غرفة تشريعية أخرى تهتم بشؤون التنمية وشؤون السلطة المحلية وكل ما يخص تحديث متطلبات الوطن على امتداد الساحة اليمنية، لكن بالمقابل أتمنى أن تدرس دراسة علمية وموضوعية لا أن تؤخذ كقضية سياسية
محمد الصبري
وكانتفاع وراء تحقيق مطالب لتيارات سياسية موجودة على الساحة على حساب دراسته للأسس والنصوص والأحكام التي ستنشئ بموجبها هذه الغرفة.[c1]مسئولية الأحزاب [/c]وفي هذا الصدد يعتقد الأخ/ صخر الوجيه _ عضو كتلة المؤتمر الشعبي العام بالبرلمان أنّ اليمن ليست بحاجةٍ إلى غرفتين تشريعيتين ويقول : لا أستطيع فهم المبررات الضرورية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى ؟ ولا ما هو المقصد من تحويل مجلس الشورى إلى سلطة تشريعية بجانب مجلس النواب، طالما كان في الأساس وبحسب الدستور مكوّن من مكونات السلطة التنفيذية يقدم الآراء الاستشارية للسلطة التنفيذية وتساءل الوجيه إذا كان القصد إيجاد غرفتين تشريعيتين فهذا عادة يتم في البلدان الاتحادية، أما في بلد متجانس لا توجد فيها لا أقليات ولا عرقيات ولا أثنيات مختلفة ولا ولايات أو مقاطعات متحدة مع بعضها البعض كاتحاد فيدرالي فما هو المبرر إذن؟ وأعتقد أنّ غرفة تشريعية واحدة تكفي ... ويتابع قائلاً / أما إذا كان المقصود حسب ما سمعنا _ هو انتخاب نصف الأعضاء وتعيين النصف الآخر من أجل إيجاد غرفة تشريعية ثانية تكون آلية اتخاذها ليست مثل آلية اتخاذ مجلس النواب (بالاقتراع السري) فاعتقد أنّ هذه خطوة لا تعزز مسار تطوير العمل الديمقراطي بل تسبب في إعاقته.وحذر النائب المؤتمري /صخر الوجيه/ مما أسماه بالمثلبة الخطيرة في حق الديمقراطية الناشئة باليمن إذ جرى انتخاب النصف المنتخب من أعضاء مجلس الشورى من قبل أعضاء المجالس المحلية في المحافظات _ بحسب المعلومات الأولية التي وصفها (بالمعلومات غير المؤكدة) _ مبرراً ذلك بأنّ أعضاء المجالس المحلية مهمتهم (محلية تنفيذية) وليسوا مؤكلين بانتخاب ممثلين تشريعيين بالنيابة عن المواطنين.لكنه في الوقت ذاته دعا لاعتماد آلية انتخاب ديمقراطي حر ونزيه لكافة أعضاء مجلس الشورى وفق شروط محددة ومشددة ومن دون أية استثناءات.وقال : إذا كانوا يريدون الحصول على غرفة تشريعية ذات مواصفات معينة بحيث تكون مطعمة بالخبرات والكفاءات فبإمكانهم إيجاد آلية لانتخاب مجلس شورى بكامل أعضائه وفق شروط مشددة من ناحية السن والمؤهل والخبرة والكفاءة، ومن ثمّ فلن يتقدم للترشيح إلا من تنطبق عليه الشروط، ومحافظات بلادنا لا تخلو من وجود هؤلاء فيها.وأضاف الوجيه _ وهو من أقوى الأصوات المؤتمرية في مجلس النواب .. متسائلاً بقوله :لماذا يحتجون اليوم بأنّ مجلس النواب أداؤه غير فاعل ومخرجات الانتخابات النيابية ليست بمستوى الكفاءة والفعالية، بينما الأحزاب هي التي اختارت هؤلاء الأعضاء؟وقال معلقاً على ذلك/ لو أنّ الأحزاب أرادت _ حقيقةً _ أن وجود مجلساً لنوابٍ فاعلٍ لاختارت منذ البدء مرشحيها ممن تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة!!مشيراً إلى أنّ الأحزاب عادةً تختار من ينصاع لها، وينحاز لولائه الحزبي على حساب هم الوطن ومصلحته.[c1]شروط وضوابط[/c]إلى ذلك حدد مشروع التعديلات المقترحة لتطوير مجلس الشورى مجموعة من الشروط والضوابط المطلوب توافرها في عضو مجلس الشورى حتى لا يكون هناك تكراراً لشكل العضوية في مجلس النواب، بحسب مصادر مطلعة في مجلس الشورى ومنها ألا يقل عمره عن أربعين عاماً وألا يقل مستواه التعليمي عن البكالوريوس وأن يكونوا ممن قضوا على الأقل (15) عاماً في مراكز قيادية وتتوافر فيهم الكفاءة والخبرة.وأوضح الأستاذ/ علي عبد الله السلال عضو مجلس الشورى بأنّ العضوية في مجلس الشورى والوظيفة تختلف تماماً عن وظيفة مجلس النواب لأنّ الشورى هو الحكم لما بعد، وذلك عندما يحصل الخلاف بين الحكومة والنواب.وقال نحن حريصون على أن يكون الشورى منتخباً وأن يكون أعضاؤه في مستوى المجلس نفسه الذي وصفه الرئيس بمجلس حكماء اليمن.مشيراً إلى أنّ صيغة مشروع التعديلات المقترحة كانت تنص على انتخاب عضو الشورى من قبل المجالس المحلية ومديروا المديريات لكنها لاقت اعتراضاً شديداً من قبل أعضاء المجلس وجرى التأكيد على أن يكون الانتخاب حراً ومباشراً من قبل الشعب أسوىً بعضو مجلس النواب، ويمكن للمجالس المحلية ومديروا المديريات المساهمة في ترشيحهم.وفسر مسألة تعيين نصف أعضاء مجلس الشورى من قبل الرئيس دون انتخابهم، بإتاحة الفرصة لرئيس الجمهورية لتطعيم المجلس بالتخصصات العلمية والخبرات التي يحتاجها المجلس نظراً لجمعه بين الوظيفيتين (التنفيذية والاستشارية)، وقال السلال / لا يمكن تجاهل دور المجلس في مناقشة القضايا المهمة في مختلف المجالات كالعلوم والزراعة والمياه والحريات والحقوق الإنسانية، وغيرها من القضايا الحساسة التي هي بحاجةٍ إلى أشخاصٍ متخصصين (تكنوقراطيين).مشيراً إلى أنّ المجلس قد ساهم في تقديم المشورة للأخ/ الرئيس وفي تقديم الرؤى والتوصيات الخاصة بمعظم القضايا المهمة.[c1]الخلاصة [/c]وعن توسيع صلاحيات الشورى واعتبار بعضهم بأنّها تأتي على حساب صلاحيات النواب أشار العميد / علي السلال _ عضو مجلس الشورى إلى وجود تجارب كثيرة مماثلة في عددٍ من البلدان مثل فرنسا والأردن حيث يملك مجلس الشورى الصلاحيات نفسها التي يملكها مجلس النواب ربما باستثناء مسألة الرقابة على الحكومة فقط، نافياً وجود أية خلافات أو إشكاليات بهذا الشأن مع الأشقاء في النواب وقال : لا اعتقد أننا سنختلف في المستقبل لأنّ كلانا حريص على مصلحة البلد وليس على مصلحته الخاصة.ونوه العميد السلال إلى أنّ الخلاف أو الجدل الموجود حالياً هو بشأن الصلاحيات، هل سيكون مجلس الشورى بالصلاحيات نفسها التي يتمتع بها مجلس النواب طالما وأنّه جاء من انتخابات مباشرة؟ أم أنّه سيكون بالصلاحيات نفسها المخولة له بنص الدستور وتعديلاته، مقللاً من شأن الخلاف بقوله : الخلاف ليس كبيراً حتى أنّ مجلس النواب عندما سيحال عليه مشروع التعديلات لمسنا الترحيب بها من كثيرٍ من الزملاء في مجلس النواب.وقالوا لنا / ليس عندنا أي مانع أبداً/ لأنّ الخلاصة في الأخير تقول : (إذا كنت تريد مصلحة البلد فيجب ألا تعترض على منح المزيد من الهامش الديمقراطي وأخيراً يبقى القول إنّ مشروع التعديلات الدستورية لتطوير مجلس الشورى في كل الحسابات هو محل إجماع بأنّه خطوة في طريق تعزيز النهج الديمقراطي في بلادنا إلا أنّ توقيت هذا المشروع قد يعد رداً قاسياً على مزاعم بعض القوى التي تتهم الديمقراطية اليمنية بالتراجع، لكن علينا في كل الأحوال مثلما نؤمل في هذا المشروع إضفاء نوع من التأني والتروي والحكمة على قراراتنا في المستقبل فإنّ من الحكمة أيضاً أن نعطي هذا الموضوع وقتاً كافياً من لبحث والدراسة والحوار الموضوعي البناء بحيث يستهدف مصلحة الوطن وتحقيق الحكمة اليمنية أولاً وأخيراً.