في الذكرى الـ (22) لرحيله
الفنان علي عبدالله السمة / واحد من أهم الفنانين اليمنيين الذين تميزوا بإبداعاتهم وفنهم منذ الوهلة والإطلالة الأولى بتفرد وبراعة صوتاً صافياً رقراقاً وعزفاً متمكناً مبهراً ولحناً عذباً رقيقاً خرج به عن كل ماكان مألوفاًً وسائداً في تلك الفترة التي جاء وظهر فيها, فهو فنان مجتهد ومثابر خلاق يجيد اختيار الكلمة المغناه شكلاًُ ومضموناً لذلك نجد نتاجاته الإبداعية التي قدمها سواءفي تعامله مع الثرات اليمني والأصالة أو ماقدمه من الحان مبتكرة جديدة رائعة محببة مقربة للذائقة اليمنية وللأذن المتلقية في أنحاء الوطن اليمني دون استثناء, الأمر الذي يؤكد دأبه الحثيث في اشتغالا ته الغنائية والموسيقية.من أهم الصفات والملامح الفنية الغنائية والموسيقية في تجربة الفنان المبدع علي عبدالله السمة مايلي:* أولا: استطاع أن يوظف حنجرته وصوته العذب الدافئ في (تقديم أغاني الثرات اليمني بشكل مختلف مغاير عن سابقيه) معتمداً بأسلوبه في الغناء والعزف بريشته الرشيقة على منهاج (الأداء الهادئ الرصين المصحوب والممزوج بالتطريب بنبرات الصوت وكثافة وغزارة الإحساس) وفي قوة ووضوح سلامة الألفاظ والمعاني في قصائده وغنائياته ومن وجهة نظري المتواضعة فان الفنان المبدع علي السمة والفنان الكبير علي الأنسي كانا ولازالا (الاستثناء الأجمل والأروع) عن كل من قدم أغاني الثرات الموشح اليمني (أمانة وإبداعاً وصدقاً وحرفيةً) في (صنعاء) سابقاً وحالياً (دون منازع).فقد قدم الاثنان مدرسة جديدة ومنهاجاً مغايراً في أسلوب وطرائق فن تقديم الصوت النقي الواضح والسليم في الموشح اليمني وفي أدائه المتقن الجميل المتمكن من الإيقاع والمقام وسرعة ورشاقة الريشة, ولم يكتفيا بذلك فقد نجحا بتقديم أعمالاً غنائية موسيقية جديدة لاتقل في جودتها ومستواها الجمالي والفني عن كل ما سمعناه وقدم من (التراث اليمني) بل ونستطيع القول إنها أصبحت (لروعتها ونجاحها المبهر) كلمات والحاناً تراثاً غنائياً موسيقياً يمنياً نفخر ونعتز به كثيراً.* ثانياً: نجح الفنان المتميز والمتفرد علي السمة بتقديم أعماله الغنائية الجديدة بشكل رائع لافت مع (الفرق الموسيقية) واستطاع ان يتجاوز بعطائه وبفنه ذاته إبداعاً وتألقاً (بكسره حاجز)القاعدة المعروفة والمشهورة للأغنية اليمنية في ذلك الوقت (العود والإيقاع فقط) فأبدع من دونهما مع الفرق الموسيقية التي تعامل معها في (مدينة عدن) في تلك الفترة وحقق نجاحات فنية متلاحقة بتقديمه مجموعة من الأعمال الجميلة نتذكر منها على سبيل المثال: ياقافلة /البالة/لاتعذبني بأشواقي إليك/مسافرين/نظرة منك/ ياحبيبة يايمن/تعيش أنتا وتبقى/ياريم وادي بنا يخجم/ صادفت الغزالة/كن جميلاً/ياصبايا صبر، وغيرها وتجدر الإشارة هنا أن أعماله وألحانه كانت في مجملها تتسم بالجدية وبالموضوعية في طرح كثير من القضايا ومعالجتها في سياق نغمي إبداعي خلاق.* ثالثاً: تمكن الفنان علي السمة من التألق والنجاح في الحالتين الإبداعيتين التي تعامل معها في حياته ومشواره الفني, تقديم الأصالة والتراث اليمني بالإضافة إلى ناجحه اللافت بتقديم نتاجات جديدة أحبها الجمهور وعشقها الأمر الذي عجز عن تحقيقه كثير من زملائه الفنانين الذي جايلوه ومن جاءوا بعده حتى يومنا هذا!!! عدا الفنان علي بن علي الآنسي الذي حقق نجاحاً وحضوراً يحسب لرصيده الغنائي والفني.تميزت أعمال (الفنان علي السمة) الغنائية التي قدمها مع الفرق الموسيقية بتعدد الكوبليهات وتنويع المقامات الموسيقية.التحق الفنان الكبير علي السمة بالقوات المسلحة في شمال الوطن وشارك بمعية زملائه المبدعين الأساتذة علي الآنسي/إبراهيم طاهر/مطهر الارياني وآخرين بأدوار نضالية . قام باستخدام العديد من المقامات الموسيقية الشرقية لعل أبرزها الرصد/البيات/الهزام/ الحجاز.عُرف بملكته المتفوقة في كتابة الشعر في بعض أعماله الغنائية وبتلحين القصائد الفصحى لكبار الشعراء العرب واليمنيين.كان رحمه الله (ملحناً بارعاً مقتدراً من الطراز الأول). واستطاع أن يقدم روائع الألحان اليمنية الراسخة في ذاكرة الوطن الغنائية الفنية.للأستاذ القدير الفنان علي السمة العديد من الأعمال الغنائية العاطفية والوطنية الموثقة والمسجلة في أجهزة الإعلام (تلفزيون وإذاعة عدن) بالإضافة إلى القناة الفضائية اليمنية وإذاعة صنعاء وجميعها تؤكد الدور (الإنساني والنضالي) الذي قام به في حياته إلى أن توفاه الله.عشق الفنان المبدع علي السمة مدينة(تعز الحالمة) تأثر بجمالها وطبيعتها الخلابة سهولها ووديانها وجبالها فترجم عشقه إبداعاً أسر به القلوب بعزفه البديع المثقن وريشته المتميزة الرائعة وفي غنائه العذب الساحر. [c1]كلمة لابد منها [/c]توفي الفنان (الجميل الرقيق) علي عبدالله السمة في ظروف غامضة لم تفك طلاسمها حتى هذه اللحظة...المؤلم والأصعب في الأمر أننا لم نسمع أي جهة رسمية أو غيرها قامت بتكريمه أو إنصافه فنياً ومعنوياً رغم تاريخه المشرف الحافل بالوهج والعطاء المتميز, لكننا ماذا نقول؟!! هذا هو حال مبدعينا العظماء أمثاله يعيشون غرباء ويموتون غرباء.. وكلما كان رصيدهم الفني الإبداعي (متألقاً) كان نصيبهم وحظهم (الجحود والنكران) وفقيدنا أكثر المبدعين تجاهلاُ ونسياناً من الجهات المعنية.من هذا المنبر وبهذه المناسبة أتوجه وأهيب بالجهات الرسمية ذات العلاقة الإسراع بتكريم هذا الفنان الذي أضاء سماءنا فناًوغناءً مبهجاً بما يليق ويستحقه من الوفاء والعرفان احتراماً وتقديراً لدوره البارز والهام في حياتنا الغنائية كقنديل اخضر زين بفنونه وعطائه فضاءات وسماوات الوطن.فهل نأمل بذلك وإصلاح ما أفسده الدهر؟!!