القاعة المخصصة لهن في السوق باتت شبه خالية بعد أن كانت تعج بالحضور
الكويت/متابعات:أول ما سيدور برأسك عند مطالعة مشهد القاعة النسائية في سوق الكويت للأوراق المالية هو الدهشة، فالقاعة تبدو خالية تماما إلا من بعض النساء، امرأة أو اثنتان فقط، من المحتمل أن تتمتم في قرارة نفسك لعله يوم واحد فقط، لكنك عندما تواظب على رصد القاعة النسائية ستكتشف أن الغياب هو «الحاضر» الوحيد في هذه القاعة، وستصل إلى سؤال مهم مفاده. ألهذا الحد بلغ التأثير الكارثي للخسائر؟.قبيل أن تأكل الأزمة المالية الأخضر واليابس، وتدفع السوق إلى التراجع المستمر كانت القاعة النسائية ممتلئة عن آخرها، فبحسب أحدث الإحصائيات فإن عدد المستثمرات في السوق بلغ 30 ألفا من مختلف الشرائح الاجتماعية والمهن وربات البيوت، الأمر الذي دفع المسؤولين عن البورصة إلى توسعة قاعة التداول النسائية 3 مرات.وذكرت صحيفة «الوطن» الكويتية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 2009-2-3 أن التراجع المستمر لمؤشر البورصة وانهيار الأسهم والانخفاض الشديد للسيولة دفع المتداولات إلى الغياب عن القاعة النسائية منذ أن عصفت رياح الأزمة الاقتصادية بالسوق، وبدأت نارها في التفاقم، ملتهمة ما يملكن من أموال، مخلفة وراءها خسائر فادحة وأسهما تجردت من قيمتها، وهوت إلى الحضيض فيما يمكن بسهولة ملاحظة دموع المتداولات على خسائرهن في القاعة النسائية.وكشف عدد من المتداولات عن حجم خسائرهن التي تعدت بالنسبة لإحداهن 200 ألف دينار (الدولار يعادل 0.291 دينار)، تاركة في نفوسهن حزنا شديدا على ما آلت إليه الأحوال، وقد أثرن الإبقاء على ما تبقى لهن من أملاك انتظارا «للفرج» في المستقبل لتعويض خسائرهن.وتباينت الآراء حول ما يخبئه مستقبل السوق؛ حيث تفاءل البعض بانتعاشه وانتهاز الفرص لتعويض الخسائر مطلع عام 2010، في حين فقدت بعض المتداولات الأمل نتيجة ما يشهده السوق في الوقت الحالي من تدهور وعدم ثقة، مفضلات الانسحاب وعدم خوض التجربة مجددا.في البداية قالت إحدى المتداولات فضلت عدم ذكر اسمها إنها تكبدت خسائر بلغت 60 % من رأسمال محفظتها، ولا تملك سلاحا لمواجهة تفاقم خسائرها إلا الدموع والدعاء إلى الله، في ظل ضبابية خطة الإنقاذ الحكومية، وانتقال البورصة من سيئ إلى أسوأ في الوقت الذي تواجه فيه شركات الاستثمار أزمات تمويلية نتيجة جفاف السيولة، وعدم وجود رغبة حكومية حقيقية في إقرار خطة لإنقاذ الشركات، وإعادة الثقة للمستثمرين، الأمر الذي أثر سلبا على أداء كافة القطاعات، ودفع كافة الأسهم المدرجة لتكبد خسائر متفاوتة.وأشارت إلى أنها لا تذهب إلى قاعة التداول النسائية، فظروف السوق لا تساعد على متابعة حركة أسعار الأسهم.وقالت المتداولة سميرة العلي إن حجم محفظتها الاستثمارية يبلغ 200 ألف دينار موزعة على أسهم شركات قيادية؛ إلا أن هذا الأمر لم يحمها من الخسارة في ظل الأزمة المالية التي دفعت كافة الأسهم المدرجة في جميع القطاعات إلى التراجع العنيف، حيث بلغت حجم خسارتها مبلغا تجاوز 120 ألف دينار.وبينت أنها تتعامل في البورصة منذ سنوات طويلة كمصدر للرزق لإعالة أبنائها الأيتام؛ إلا أن الخسارة شملت منزلا كانت قد اضطرت إلى بيعه لتستثمر عائده في السوق، كذلك قامت بإنفاق معاشها التقاعدي و»تحويشة العمر» جميعها بهدف الاستثمار وزيادة الدخل؛ إلا أن النتيجة كانت عكسية، وأفقدتها كل ما تملك، وحولت ربحها إلى خسارة أوصلتها إلى أنها لم تعد قادرة على الالتزام بسداد قسط سيارة ابنها.وأشارت العلي إلى أنها لا تنوي التخارج من أسهمها في الوقت الحالي، مفضلة الانتظار على أمل تحسن حال السوق مستقبلا وتعويض خسائرها، مضيفة أنها تقوم في بعض الأحيان ببيع بعض الأسهم بخسارة لمعاودة شرائها بأسعار منخفضة.وأفادت أنها لا تزال حتى هذا اليوم تقوم بادخار جزء من مالها الخاص لاستثماره في السوق، موضحة أنه بالرغم من الأزمة الاقتصادية وركود السوق، إلا أنها تحاول جاهدة الاستمرار في عمليات التداول والاستثمار، واصفة نفسها بـ»المجازفة» للإبقاء على نشاطها الاستثماري؛ إلا أن هذا الأمر لا يعني الحاجة للمواظبة على الذهاب لغرفة التداول، كما كان الحال في السابق.وحول انعكاسات الخسارة الناجمة عن الأزمة قالت العلي: إنها أصبحت تمر في ظروف صعبة حتى إنها عاجزة عن سداد بعض التزاماتها، مما أحدث لها حالة نفسية سيئة وشعورا بالاكتئاب.من جهتها قالت المتداولة ابتسام النصار إن حجم خسائرها في السوق بلغ 19 ألف دينار، وذلك مقارنة بحجم محفظتها الاستثمارية البالغة 22 ألف دينار، مشيرة إلى أنه بالرغم من خسارتها الكبيرة في السوق إلا أنها لم تؤثر بشكل كبير على طبيعة معيشتها لأنها كانت قد خصصت هذه الأموال للتداول والاستثمار.وأضافت النصار أنها أقلعت عن الذهاب إلى غرفة التداول، مشيرة إلى أنه لا حاجة للقيام بذلك من بعد الآن، كما أن الأزمة أجبرت المتداولات على الإبقاء على أسهمها دون بيع أي منها في الوقت الحالي منتظرة «الفرج» في المستقبل، على أمل انتهاء الأزمة، ومعاودة انتعاش السوق. ولم تنكر النصار مدى تأثر حالتها النفسية نتيجة خسارتها المادية والتي خسرتها دون فائدة، كاشفة أنها ستقوم بإنفاق ما تبقى معها من المبلغ 3 آلاف دينار في أعمال الخير.ووصفت النصار مشاركتها التي لم تدم طويلا في السوق بأنها تجربة غير ناجحة؛ حيث إنها اعتزمت التداول بهدف خوض مغامرة التداول والاستثمار إلا أنها الآن لا تؤيد فكرة الاستمرار بسبب انعدام الثقة في السوق والرؤية غير الواضحة لمستقبله، وهي الآن في مرحلة الانتظار للانسحاب في الوقت المناسب بشكل نهائي وعدم العودة مجددا.ومن ناحية أخرى، فضلت المتداولة هناء عبد الرحمن التحفظ عن ذكر رأس المال وحجم خسائرها التي تعرضت لها خلال مرور السوق بالأزمة المالية، واكتفت بالقول إنها خسرت ما نسبته 99% من محفظتها جراء تدهور حال السوق مؤخرا. وأشارت إلى أنها لا تؤمن بأن الأزمة الحالية خلفت فرصا استثمارية للفترة المستقبلية، وذلك لأنه لا أحد يعلم مصير السوق، خاصة وأن هناك احتمالات إفلاس لبعض الشركات الاستثمارية.وبينت أن الحضور في غرفة التداول لم يعد مجديا، كما أنها لم تتضرر جراء خسارتها، مضيفة أنها لن تقدم على بيع أسهمها وستحتفظ بما لديها إلى حين تحسن الأحوال، بالرغم من عدم تفاؤلها لما يخبئه مستقبل السوق.ومن جهتها قالت المتداولة عذاري ناصر إن خسارتها تعدت 30 ألف دينار، في حين بلغ رأس مالها المتداول 60 ألف دينار، مشيرة إلى أنها متفائلة بانتعاش السوق مطلع عام 2010، لذا كان قرارها بالإبقاء على ما تملكه من أسهم إلى أن يعاود السوق ارتفاعه الذي كان يشهده في السابق.وذكرت أنها ما زالت مستمرة في التداول، خاصة وأنها تؤمن أنه بحلول منتصف 2009، ستتوافر العديد من الفرص الاستثمارية الجيدة لجني أرباحها بحلول 2010، منوهة إلى أن الخسارة المادية كان لها تأثير على طبيعة معيشتها؛ حيث إنها من المحتمل أن تؤثر على بعض مشاريعها المستقبلية والتي كانت تخطط لإنجازها في الفترة الصيفية المقبلة.وأشارت إلى أن ذهابها إلى غرفة التداول أصبح متقطعا، نظرا إلى إن زميلاتها توقفن عن الحضور مما جعل الجو السائد «كئيبا».